المقال

الرقية الشرعية وتميزها عن الخرافة

111 | 05-12-2016

الحمد الله أحمده وأستعينه وأستغفره وأتوب إليه، وأعوذ بالله من سيئات عملي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وفي ربوبيته، وفي كمال ذاته وصفاته، شهادة أرجو بها لقاء وجهه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله إمام المتقين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد.
فلقد خلق الله الإنسان بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه الزكية، وجعله روحا وجسدا، وجعل الروح جوهر الحياة، وضمن لها البقاء، وجعل الجسد وعاء حافظا لها إلى أجل، مقيدا قدرتها على الانطلاق والتحليق في آفاق الكون.

الإنسان بطبعه معرض للأمراض والآفات

وقد اختص الله تعالى بالكمال المطلق، وكتب على خلقه النقص في المال والنفس والثمر، لحكم أرادها وأسرار اقتضتها حكمته وخبرته وكمال علمه، والإنسان فرد من أفراد خلق الله مكون من روح وجسد ويعتري كلا منهما النقص في الخلق والخلق، والشعور والإحساس معرض للنقص والقصور، وتعتريها الأمراض النفسية من قلق واكتئاب واضطراب وهبوط وتذبذب في الشعور والإدراك، ووسوسة تفرز التردد والشكوك والانهيار النفسي والإحباط عن الاتجاه عن السوي، كما أن الروح معرضه للأمراض النفسية من سحر وآثار حسد، والجسد كائن حي مادامت الروح كامنة فيه يعتريه من الأمراض الحسيه المختلفة، ما يعتريه في سمعه وبصره وقواه المتعددة في الظاهر الباطن.
ونظرا إلى أن الله تعالى قد ميز الإنسان في خلقه وفضله على كثير من خلقه بعقل يدرك الخير من الشر والهدى من الضلال، وبقلب يعي ويبصر، وبمدارك تهدي إلى ما تقتضيه فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومن ذلك القدرة على التدرج في آفاق العلم واختراق حجب الكون لمعرفة خصائصه وعجائبه وغرائبه، ثم الإفادة من هذه الخصائص بما هيأ للإنسان حياة حضارية خدمته في كثير من شؤون حياته، من حيث حمايته والحفاظ على حقوقه والأخذ بأسباب سلامته من الأمراض، وتمكينه من عمارة الأرض والقيام بخلافتها، كما ضمنت الحياة الحضارية للإنسان كرامته وفضله وتميزه على كثير من مخلوقات الله، فضلا عن عناية الله تعالى بالإنسان في تيسير أمر استقامته وصلاحه وهداه، وذلك بإرسال الله رسله وأنبياءه وبإنزاله تعالى كتبه لخلقه تبيانا لكل شيء وهدى وموعظة وبشرى للمهتدين.
فاجتمع للإنسان من أسباب السعادة والطمأنينة والتميز التحصيل العلمي من وحي السماء ونتاج العقل ما جعله يقود الكون البشري في الحياة الدنيا إلى ما وصلت إليه الآن من العلوم المختلفة في شؤون الروح والجسد والحياة، علوم في حكمة الوجود وحق الموجد، وعلوم في فلسفة الكون، وعلوم في خصائص المجتمعات وشرائحها ومكامن وجودها ووسائل نهوضها وتدينها، وعلوم في طب الإنسان والحيوان والنبات وعلوم في خصائص الكون والحياة والسعادة .

الطب الروحي أو النفسي

ويهمنا في هذه المناسبة من العلوم طب الإنسان المكون من الروح والجسد، فللروح طب خاص بها اصطلح على تسميته بالطب النفسي، وللجسد طب هو الطب العام ولكل من الطيبين رجاله المختصون به وأدويته المختصة به.
ونظرا إلى أن الروح كائن حي أمره إلى الله، وسره مما أختص الله تعالى بعلمه، فإن الروح يعتريها من الأمراض ما يجعلها تتعثر في توفير السعادة لوعائها وهو الجسد، وتحقيقا للإرادة الإلهية: ”ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله”، وإدراكا للكثير من أمراض الروح وأن فيها ما يعالج بالعقاقير الطبية، ومنها ما يعالج عن طريق اختراق حجب المواقع النفسية، ومنها ما يعالج عن طريق الرقى والأدعية الشرعية، فقد تعددت العيادات النفسية وظهر لكل أهلها والمختصون بها.
وموضوع بحثنا العيادة النفسية المختصة بأمراض الروح ووخزات الشيطان وهي أمراض حقيقية، ذات شبه بالروح من حيث الوجود وانتفاء الظهور للسمع والبصر واللمس.

غلاة عباد العقل ينكرون مثل هذه الأمراض

وقد وجد من غلاة عباد العقل والحس من ينكر مثل هذه الأمراض، وينكر أدويتها بحجة سلامة الجسد من المرض، وإنكار أمراض لا يكون الجسد مكانها، وإرجاع ذلك إلى الوهم والخيال.
وهذا في الواقع راجع إلى قصور الإدراك وإنكار الوجود ونقص الإيمان وتحكيم العقل وجودا وعدما والاقتصار على ما يتحقق بالمشاهدة فقط، والصحيح الذي تؤيده الوقائع أن الوجود ليس محصورا في الحي الملموس المشاهد، فالكهرباء وهو كائن حي كامن في أسلاكه قوة تستخدم لأغراض مختلفة، وهى قوة مدمرة، هذه القوه لا يميزها من يقدم له سلكان أحدها مشحون بالقوة الكهربائية والآخر خال منها، وكذلك الأمر بالرياح والأعاصير فهي قوى تدمر كل شيء بأمر ربها، ويرسلها الله تعالى لواقح وبشرى بين يدي رحمته، ومع ذلك لا يبصرها ولا يلمسها اللامس، وأرواح بني الإنسان والجان والملائكة والحيوان والنبات أرواح موجودة حقيقية لا يمارى في وجودها عاقل ولا مجال لمشاهدتها ولا لمسها، هذا القول يعطينا القناعة والتسليم بإمكان وجود آثار لأسباب بتعذر الإحساس بها من حيث السمع والبصر واللمس.

الرقى الشرعية طب نفسي

ونظرا إلى أن هذه الحقيقة الكونية محل إيمان وتسليم من قبل أهل الديانات السماوية، والأخص أمة الإسلام، فقد وجد من أدعياء العلم والمعرفة من حشر نفسه في زمرة علماء أمراض الروح والنفس، لا سيما فيما يتعلق بالرقى والتمائم والأدعية، وذلك بالدخول في مجالات الشعوذة والدجل واستخدام مردة الشياطين والجن والأخذ بالطلاسم والرموز، فأعطوا الطب الشرعي فيما يتعلق بالروح والجسد تعتيما وتلبيسا وتضليلاً، وخلطا بين الحق والباطل.

يجب على المسلمين التحذير من الدجل والشعوذة

فيتعين على أهل الفضل والعلم ذوي الاعتقاد السليم والإيمان الصادق أن ينيروا للمسلمين طريق الرشاد، وأن يتابعوا التحذير من محترفي الدجل والخرافة عبدة الجان والشياطين، فيحذرونهم من أعمالهم الشركية والتضليلية ومن أعمالهم الانتهازية للسلب والتسلط على الأعراض وإفساد النفوس والقلوب وإيضاح الفروق بين الرقى والأدعية الشرعية وبين ما يقدمه أولئك المشعوذون الدجاجلة من خبث وسوء وضلال وإضلال، فالرقى الشرعية والأدعية المشروعة طب نفسي، ولا يصل الشك إلى التردد في قبوله واعتباره لاسيما من المسلمين الذين يشهدون بربوبية الله وألوهيته، وأنه الشافي المعافي لا حول ولا قوة إلا به تعالى، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

نصوص القرآن والسنة على الرقية وفائدتها

فلقد تضافرت النصوص الشرعية من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في اعتبار القرآن هدى وشفاء، قال تعالى ”قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء”وقال تعالى ”وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمه للمؤمنين” وقال تعالى ”وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم” وقال تعالى ”وإذا مرضت فهو يشفين”. ومن السنة ما في صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل قال: بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد ، ومن كل ذي عين” وروى أبو سعيد الخدري رضى الله عنه أن جبريل رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا ، وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسح بيده ثم قال : أذهب البأس رب الناس وأشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ”، فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل أخذت بيده لأصنع به نحو ما كان صنع، فانتزع يده من يدي ثم قال اللهم اغفر لي واجعلني مع الرفيق الأعلى” وعنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات به جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي. وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا –ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها – باسم الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرها أن تسترقي من العين .

الرقى جائزة ما لم تكن شركا

وفى صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين والحمه والنملة. قال النووي: النملة جروح تخرج في الجنب، والحمه كل ذات سم. وفى صحيح مسلم عن عوف الأشجعي قال رسول الله صلى عليه وسلم: اعرضوا عليّ رقاكم لابأس بالرقى مالم تكن شركا. وفيه عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم . فقالوا لهم فيكم راق?؟ فان سيد الحي لدغ أو مصاب، فقال رجل منهم نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ الرجل فأعطي قطيعا من غنم فأبى أن يقبلها وقال حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له فقال يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسم وقال وما أدراك أنها رقيه، ثم قال خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم . وفى رواية فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع ريقه ثم يتفل فبرأ الرجل.
هذه النصوص الشرعية من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبين لنا أن الرقية مشروعه، ولاشك أن شرع الله حق وصدق في حقيقته ووجوب الإيمان به فالرقية الشرعية علاج لأمراض الروح والنفس والبدن قال صلى الله عليه وسلم: لابأس بالرقى مالم تكن شركا.

شروط اعتبار الرقية شرعية

ونظرا لوجود أدعياء على الرقية شوهوا أمرها، فقد أتجه مجموعه من أهل العلم ومحققيهم إلى وضع شروط لاعتبار الرقية شرعية ومنها ما يلي:
1. أن تكون من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من الأدعية المباحة المشتملة على التعلق بالله وحده لا شريك له في جلب الخير ودفع الشر وعلى الوحدانية في الشفاء قال تعالى ”وإذا مرضت فهو يشفين”
2. ألا تشمل على صيغ مجهولة من طلاسم ورموز ونحو ذلك .
3. أن تكون باللغة العربية خشية أن تكون في اللغات الأخرى من الخلل والزلل في الدعاء والتعلق ما لا يجوز ويجهله أهلها.
4. ألا يعتقد فيها ومنها الشفاء المباشر، بل هي سبب والشافي هو الله وحده حيث جعل الله الرقية سببا للشفاء والشفاء خاص به تعالى.
5. أن يكون المسترقي من أهل الإيمان بالله ربا وإلها واختصاصا بالحول والقوة، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى ”وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ” .
6. ألا يكون الراقي من أهل الضلال والانحراف والتعلق بغير الله والتقرب إلى من يتعلق به من الشياطين ومردة الجان بوسائل العبادة والخضوع، كأن يطلب ممن يسترقيه شيئا من أثوابه أو أظفاره أو شعوره أو معلومات عن أسرته أو نحو ذلك مما هو مسلك الدجاجلة والمشعوذين وعبدة الشياطين. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط تحولت الرقية إلى ضرب من الدجل والوهم والشعوذة وقد يصل الأمر إلى الشرك بالله، واتجه إليها الاستثناء من الإباحة في قوله صلى الله عليه وسلم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا .

سلامة الروح سبب سلامة الجسد

وخلاصة البحث أن الإنسان مكون من روح ومادة, وأن سلامة الإنسان وقدرته على ممارسة الحياة يعتمد في الغالب على سلامة روحه وجسده، فالجسد هو وعاء الروح لا تكون الروح في ارتياح وانشراح وصفاء إلا بسلامة الجسد من الأمراض، ولا يكون الجسد في سلامة وصحة وانطلاق إلا بسلامة الروح من أمراضها. وأمراض الروح غير أمراض الجسد وأمراض الجسد غير أمراض الروح وهذا يفسر ما يقوله الأطباء لمرضاهم حينما يكون المرض نفسيا فيقولون ليس فيك مرض وإنما هو وهم. ويقولون هذا لجهلهم بأمراض الروح.

الأمراض النفسية سبب لحصول الأمراض المادية

ولا شك أن للأمراض النفسية آثار على حصول الأمراض المادية على الجسد، فحينما يكون المريض نفسيا في حال من الضيق والاكتئاب والضجر والتبرم يحصل من ذلك ضعف الدورة الدموية وضعف المناعة في الجسد، ومن ثم دفع الفيروس في الجسد فتحصل بذلك الأمراض الجسدية. فالإنسان ممزوج في خلقه بين الروح والجسد فلا حياة له بدون الروح ولاوجود للروح مكلفة بدون الجسد، ولكل من هذين العنصرين خصائص يختص بها في الكيان والاتجاه والأمراض، وقد أدرك هذا خبراء الطب والاجتماع والفلسفة فقاموا بإيجاد ما يسمى بالطب النفسي، ووجد له علماء مختصون به وبخصائصه وأدواته وأدويته حتى صار الطب النفسي قرين طب الأجساد من حيث الأهمية والاعتبار والاختصاص والتخصص، فأنشئت المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية، وقامت الدراسات المتابعة في شكل مؤتمرات وندوات وحلقات علميه بتتبع أحوال النفس وما يعتريها من أوهام وساوس وخلجات وانتكاسات في التفكير والتركيز والنظر، بل أوجدت كليات وأقسام في الجامعات العالمية ومراكز علمية تختص بالنظر في علوم النفس وما يكون سببا في نشاطها أو انتكاسها وفى أدوائها وأدويتها. وهذا يعنى التسليم بالروح, إنه كائن حي يعتريه ما يعتري الأجساد من أمراض وأسقام وأعراض. إلا أن حقيقة هذا الكائن العجيب وتصور كنهه وحقيقته مما اختص الله تعالى بعلمه، قال تعالى” ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً” ومن المسلم به لدى عقلاء البشر وعلمائهم أن الروح جوهر الحياة وأن لأمراضها أحوال غالبا أمور معنوية قد لا يعترف الماديون بآثارها في الشفاء، ولكن الواقع يصدمهم ويجعلهم في حيره بالغة، وهم يرون الروح المريضة تشفى بإذن الله ثم بأسباب معنوية ليس للأدوية نصيب منها. لا شك أن العلاج الروحي له من التأثير ما للعلاج المادي من الشفاء بإذن الله – كما أن له من الوقاية من أمراض النفس ماللأدوية المضادة ولا يرد على هذا القول إنكار ما لم يكن له وجود حسي مادي.

العين والسحر حق ونحن مأمورون بالاستعاذة منهما

فالعين حق وقد أمرنا الله تعالى بالاستعاذة منها فقال :”قل أعوذ برب الفلق – إلى قوله – ومن شر حاسد إذا حسد” .وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضى الله عنهما: العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين،وإذا استغسلتم فاغسلوا. والسحر حق وقد أمرنا الله تعالى بالاستعاذة من الساحرات والنفاثات في العقد لسحرهن. والله سبحانه وتعالى لا يأمرنا إلا بما هو حقيقة ومحتمل الوقوع، قال تعالى ”ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت– إلى قوله- فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله”.

العين والسحر لا يدركان بالمشاهدة

وليس للمشاهدة الحسية نصيب للإحساس بفعل العين أو السحر. ومع هذا فهما حقيقتان وآثارهما محسوسة مشاهدة فدواء هذين المرضين دواء غير محسوس بالمشاهدة، وإنكار لما هو أمر معنوي له أثره في الوقاية والعلاج كحال هذين المرضين من حيث انتفاء مشاهدتها الحسيه .فالعين إشعاع خبيث من عين الظعائن، ليس للمشاهدة نصيب في إدراكه، وكذلك علاجها رقيه مبنية على القراءة والنفث وآثارها مختلفة، ليس للمشاهدة نصيب في إدراكه، وكذلك الأمر بالنسبة للسحر داء دواء . كذلك الأمر بالنسبة للروح وما يعتريها من أمراض غير السحر والعين فإن هذه الأمراض وأدويتها الغالب فيها لا يكون للمشاهدة نصيب في إدراكها.

اللجوء إلى الله عصمة من الأمراض النفسية

أرجو أن أكون بما قدمته من ورقة بحث قد أسهمت في تمييز الطب الشرعي عن طب الخرافة والدجل، وأثبت ما للروح من أحوال تعتريها فتؤثر فيها صحة، وأن عصمتها من الأمراض النفسية في اللجوء إلى الله تعالى ”أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء”، وقال تعالى ”وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون” وقال تعالى ”وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فأستعذ بالله أنه هو السميع العليم”، وقال تعالى ”قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد” والالتزام بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق .وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.

تصميم وتطويركنون