المادة
من شبهات أصحاب التوسل الممنوع - الشبهة الرابعة عشر
يقـول أحمد دحـلان : ( ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضي الله عنه التي رواها الطبراني في الكـبير ، وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي فيها التوسل ولم ينكر عليه . ومنها قوله .
وأشـــــــهد أن اللـــــــه لا رب غــــــيره وأنـــك مــــأمون علــــى كــــل غــــائب
وأنــــك أدنــــى المرســــلين وســــيلة إلـى اللــه يــا ابــن الأكــرمين الأطــايب
فمرنـــا بمـــا يـــأتيك يـــا خــير مرســل وإن كـــان فيمـــا فيــه شــيب الــذوائب
وكــن لــي شــفيعا يــوم لا ذو شــفاعة ســواك بمغــن عــن ســواد بــن قــارب
فلم ينكر عليه رسـول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( أدنى المرسلين وسيلة ) ولا قوله : ( وكن لي شفيعا )
الجواب : يقال لهم :
أولا : أن الروايات التي ورد فيها الحديث كلها ضعيفة واهية ، وفي المتن : اضطراب ، وإذا كان كذلك لم تقم به حجة .
يقول ابن حجر الهيثمي : بعد أن أورد الحديث بروايتين : (وكلا الإسنادين ضعيف) ، وقال محمد بشير بعد أن ذكر كلام الهيثمي : ( قد ثبت منه أن كلا الإسنادين ضعيف ، وفي المتن اضطراب فتنبه ) ، وقال الرفاعي : ( كما ثبت أن كافة طرقه وروياته التي ورد فيها ضعيفة واهية ) .
ثانيا : على فرض صحة الحديث فإنه لا يدل على جواز التوسل بالذات ، إذ ليس في الأبيات التي وردت في الحديث أي معنى من معاني التوسل بالذات كما زعم ابن دحلان ، بل كل ما تدل عليه أن أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم هي أعظم أعمال المرسلين فصار بذلـك أدناهم وأقربهم إلى الله تعالى كما في البيت الثاني كما تدل على أن سواد بن قارب يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم ويرجوه أن يدعو الله تعالى أن يكون له شفيعا يوم القيامة كما في البيت الرابع ، وهذا الخطاب في حياته وطلب الشفاعة منه حال حياته جائز ؛ لأنه طلب لدعائه صلى الله عليه وسلم أن يكون سواد في جملة من يشفعه الله بهم يوم القيامة وهي من التوسل بدعاء الصالح الحي .
قـال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ : ( وقول سواد بن قارب هذا من جنس طلب دعائه صلى الله عليه وسلم في حياته ) ، وبذلك يتضح بطلان استدلالهم بهذا الحديث على التوسل بالذات أو غيره من التوسل الممنوع . والله أعلم .