المادة

من شبهات أصحاب التوسل الممنوع - الشبهة الثامنة

211 | 27-05-2015

ما روي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا قـال : من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : " (اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعـة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك) وقد استدل به أحمد دحلان ، والزهاوي ومن وافقهما على جواز التوسل بكل عبد مؤمن .
يقول أحمد دحلان - بعد أن ساق الحديث- : ( فانظر قوله : (بحق السائلين عليك) فإن فيه التوسل بكل عبد مؤمن) .
ويقول الزهاوي بعد أن ساق الحديث : ( فقد توسل النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : "إني أسألك بحق السائلين عليك" بكل عبد مؤمن وأمر أصحابه أن يدعوا بهذا الدعاء فيتوسلوا مثل توسله ) .
الجواب : يقال لهم :
أولا : الحديث شديد الضعف فـلا يحتج به ؛ لأنه من طريق فضيل بن مرزوق عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري ، وفضيل وعطية كلاهما ضعيف .
فأما فضيل فقد ضعفه أبو حاتم والنسائي والحاكم ، وقال ابن حبان : (يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات) ، وقال الرازي : لا يحتج به .
وأما عطية بن سعد فقال ابن تيمية والذهبي مجمـع على ضعفه ، وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكـين وقال ابن حجر كان شيعيا مدلسا .
وقال ابـن حبان : (سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي فإذا قال الكلبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفـظ ذلك ورواه عنه وكناه أبا سعيد فيظن أنه أراد (الخدري) وإنما أراد ( الكلبي ) لا يحل كتب حديثه : إلا على التعجب) .
والكلـبي : هو محمد بن السائب أحد المعروفين بالكذب في الحديث .
وعلى هـذا فعطية شيعي مدلس مجمع على ضعفه فلا يحتج بروايته .
وقد روي من طريق آخـر مع اختلاف يسير في اللفظ ، أخرجه أبو بكر بن السني في عمل اليوم والليلة برقم 84 من طريق الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عـن بـلال رضي الله عنه ، وهو حديث ضعيف أيضا كما قـال النووي وابن تيمية ؛ ذلـك أن في سنده الوازع وهو ضعيف الحديـث جـدا ليس بشيء كما قال أبو حاتم وأبو زرعة ، بل قـال الحـاكم : روى أحـاديث موضوعة ، وكـذا قال غيره وقال ابن عدي : عامة ما يرويه الوازع غير محفوظ .
وقال النووي والهيثمي متفق على ضعفه ، وقال أحمد وابن معين ليس بثقة
وعليه فلا يحتج بالحديث على كلا الروايتين .
ثانيا : على فرض صحة الحديث فإنه لا يؤيد مدعاهم ، ذلك أنه توسل بحق السائلين وبحق ممشاه إلى المسجد وهو حق العابدين وحق السائلين أن يجيبهم ، وحق العابدين أن يثيبهم ، وهما مما جعله على نفسه حقا تكرما وفضلا ، قال تعالى : (
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)
وفي الصحيح من حديث معاذ : حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحقهم على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم فيكون السائل- هنا- قد توسل بالإجابة ، والإثابة التي هي من صفات الله الفعلية والتوسل بأسماء الله وصفاته مشروع قال تعالى : (
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)
قال ابن تيمية : (وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد وهو ضعيف بإجماع أهل العلم وقد روي من طريق آخر ، وهو ضعيف أيضا ولفظه لا حجـة فيه فإن حق السائلين عليه أن يجيبهم وحق العابدين أن يثيبهم وهو حق أحقه الله تعالى على نفسه الكريمة بوعده الصادق باتفاق أهل العلم)

تصميم وتطويركنون