المادة
من شبهات أصحاب التوسل الممنوع - الشبهة الخامسة
الشبهة الخامسة : استدلوا بقوله تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ)
وقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) قالوا : الآيتان تفيدان أن الأولياء أحياء بعد قتلهم وما داموا كذلك فيجوز نداؤهم والتوسل بهم كالأحياء في الدنيا
يقول محمد الفقي : (وحيث ثبتت حياة المتوفى في البرزخ بما أوردناه وبقوله تعالى : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) جاز طلب العون منهم )
الجواب : يقال لهم هاتان الآيتان نزلتا في حق الشهداء :
فالآية الأولى : توجيه للمؤمنين أن لا يقولـوا لمـن يقتل في سبيل الله هو ميت ، فإن الميت من سلب حياته وأعد حواسه فلا يلتذ لـذة ولا يدرك نعيما ، أما من قتل في سبيل الله فإنهم في حياة ونعيم فرحين بما آتاهم الله من فضله .
والآية الثانية : إخـبار من الله تعالى عن الشهداء بأنهم وإن قتلوا في هذه الدار فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار كما جاء في صحيح مسلم عن مسروق قال : (سألنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل). . . . " الحديـث وعليه فالآيتان إنما تفيدان أن الشهداء أحياء بعد قتلهم حياة بـرزخية لا يعلم كنهها إلا الله سبحانه لا تقاس بالحياة الدنيا ولا تعطى أحكامها .
بل إن فيما زعمتم مصادمة لكتاب الله ؛ لأن الله يقول (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فلم يجعلهما الله سواء بل فرق بين الأحياء والأموات وإذا لم يكونوا سواء فإنه يبطل قياس حياة الأموات على حياه الأحياء ، وعليه فتبطل هذه الشبهة .