المادة
من شبهات أصحاب التوسل الممنوع - الشبهة الرابعة
الشبهة الرابعة : قوله تعالى : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)
وجه الدلالة : قالوا في هذه الآية وعد للمصدقين وهم الأولياء بأن لهـم ما يشاءون عند ربهم ، فيدخل في ما يشاءونه من الله تلبية من توسل بهم من العباد .
يقول محمد الفقي : ( وكيف لا يستعان بمن هذه صفتهم ولا يطلب العون ممن هذا حالهم ، وقد قال تعالى : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) .
الجواب : يقال لهم : أولا : لنقرأ الآية التي قبلها والتي بعدها ، وماذا قيل فيها ؟
يقول سبحانه وتعالى : (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)
قيل : الآية خاصة (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ) : قيل هو جبريل ، وقيل محمد ، والذي صدق به : قيل محمد صلى الله عليه وسلم وقيل أبو بكر ، وقيل المؤمنون ، وقال النخعي : (الذي جاء بالصدق وصدق به هم المؤمنون الذي يجيئون بالقرآن يوم القيامة)
وقيل : هـي عامة عني بها كل من دعا إلى توحيد الله وتصديق رسوله والعمل بما ابتعث به رسوله صلى الله عليه وسلم وهو ما اختاره كثير من المفسرين ، كابن جرير ، وابن سعدي والشوكاني .
فيكـون المراد من الآية أن كل من آمن بالله وعمل صالحا فله ما يشـاء عند ربه ، وعليه فهي ليست خاصة سماعة بعينهم ، كما يزعمون .
ثانيا : المراد بقوله : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ) في الآخرة لا في الدنيا .
بدليل قوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) .
يقول ابن جرير : ( لهم عند ربهم يوم القيامة ) ، وبدليل قوله تعالى : (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) .
وعليه فإن تلبية من توسل بهم لا تدخل في ما يشاءونه ؛ لأنها من أمور الدنيا .
ثالثا : على فرض دخول الأمور الدنيوية في ما يشاءونه فإن هؤلاء المحسنين كانوا يدعون إلى توحيد الله والعمل بما يرضيه ، ولذلـك وصفهم بالمتقين ، وهم الذين اتقوا الله بتوحيده والبراءة من الأوثان والأنداد وأداء الفرائض واجتناب المعاصـي ومن كان كذلك فلن يشاء الشرك أو شيئا من وسائله ، وبذلك يتضح بطلان استدلالهم بالآية .