المادة
بعض أصحاب موسى وأصحاب رسول الله لم يكفروا مع شناعة طلبهم
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):
(وَلَكِنْ لِلمُشْرِكِينَ شُبْهَةٌ أخرى يُدْلُونَ بِهَا عِنْدَ هَذِهِ القِصَّةِ، وَهِيَ أَنَّهُمُ يَقُولُونَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يكْفُرُوا بِذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ الَّذِينَ قَالوا لِلنَبِيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسَلَّمَ اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ؛ لم يكفروا.
فَالجَوَابُ أنْ تَقُولَ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائيِلَ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَفْعَلُوا وَلاَ خِلاَفَ في أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَكَفَرُوا.
وَكَذَلِكَ لاَ خِلاَفَ في أَنَّ الَّذِينَ نَهَاهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وعَلَى آلِه وسلم لَوْ لَمْ يُطِيعُوهُ، وَاتَّخَذُوا ذَاتَ أَنْوَاطٍ بَعْدَ نَهْيِهِ لَكَفَرُوا، وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوب .
وَلَكِنْ هَذِهِ الْقِصَّةُ تُفِيدُ: أَنَّ الْمُسْلِمَ - بَل الْعَالِمَ - قَدْ يَقَعُ فِي أَنْوَاعِ مِنْ الشِّرْكِ وهُوَ لاَ يَدْرِي عَنْهَا.
فَتُفِيدُ لُزُومَ التَّعْلَّمِ وَالتَّحَرُّزَ، وَمَعْرِفَةَ أَنَّ قَوْلَ الْجَاهِلِ: (التَّوْحِيدُ فَهِمْنَاهُ) أَنَّ هَذَا مِنْ أكْبَرِ الْجَهْلِ، وَمكَايدِ الشَّيْطَانِ.
وَتُفِيدُ - أَيْضاً - أنَّ الْمُسْلِمَ الْمُجْتَهِدَ الَّذِي إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلاَمِ كْفرٍ - وَهُوَ لاَ يَدْرِي - فَنُبِّهَ عَلَى ذَلِكَ؛ فَتَابَ مِنْ سَاعَتِهِ أَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ كَمَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَالَّذِينَ سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وعَلَى آلِه وسلم.
وَتُفِيدُ - أَيْضاً -: أنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْفُرْ؛ فَإِنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِ الْكَلاَمُ تَغْلِيظاً شَدِيدًا كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعَلَى آلِه وسلم.)