المقال
أبناؤنا تربية دعوية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن دخول الطفل المسلم حقل الدعوة منذ الصغر لخليق بأن يصنع جبلا رائدا يقود ولا يقاد, يرى الحق ولا يرى له ,وإن من الأخطاء الفادحة التى تقع فيها الأسرة هى إخراج الطفل من الحجرة بمجرد دخول الضيف إليها, وعلى العكس فإن حضور الطفل لحوارات الكبار وسماع القضايا العامة يثير فى حسه روح التفكير والتفاعل مع الواقع بما يكسبه شخصية تختلف عن غيره من الاطفال .إن هذا الطفل قد مر عليه من المشكلات عرضا وحلا ما يجعله قادرا على اتخاذ قرار مبنيا على الخبرة واالحكمة كما انه قابل عدد من الشخصيات والنفوس البشرية المختلفة ما يجعله قادرا على التمييز بين الصالح وغيره , ولا أحسب سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه عاتب ابنه عندما لم يجب عن سؤال الرسول فى حديث النخلة قائلا له لو قلت لكان أحب إلى من كذا وكذا لا احسبه رضى الله عنه أراد التباهى بابنه وإنما اراد لابنه التفاعل مع الكبار فترنو نفسه ان يصبح مثلهم.
كما ان مشاركة الطفل والأخذ برايه فى معالى الأمور يكسبه ثقة بالنفس تؤهله لتحمل تكاليف الدعوة فيما بعد.فلقد تعود منذ صغره ان يقول ما يراه صوابا فإذا ما سمع التكليف بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر كانت الاستجابة أسهل وأسرع فلا نراه يخاف فى الله لومة لائم
كما ان مشاركة الطفل والاخذ برأيه فى معالى الامور بنشئ بداخله روح الريادة بما يحميه فيما بعد من اتباع كل ناعق, او أن يكون إمعة إن أحسن الناس احسن وإن أساءوا أساء
وحماية لهذا الطفل من خطر الغرور والكبر أو حتى الثقة الزائدة بالنفس التى قد تطرأ عليه نتيجة لهذه المعاملة لزم على المربى ان بوجه إمكانات الطفل العقلية والبدنية إلى خدمة المسلمين وقضاء مصالحهم ,وأن يزرع فى نفسه أن قيمته ومكانته مرهونة بما يقدمه للاسلام والمسلمين فهذا أخ مريض وجب علينا زيارته , وهؤلاء ابناء معتقل ينتظرون زيارتنا والاخر يوم زفافه فلنشاركه فرحته وهناك أرملة بحاجة إلى قضاء حوائجها, وهكذا يجد الطفل نفسه بين ابناء المجتمع المسلم يعيش لهم وبعيشون بوده لهم فإن أحبه الناس فلما يقدمه من عطاء وإلا فأنه كأى فرد فى المجتمع لا يزيد عن من حوله شئ.فإذا كانت حياة الطفل على هذا النحو من الانغماس فى أحوال المسلمين ثم تليت عليه آيات التكليف بالولاء لله وللرسول والذين آمنوا كانت الاستجابة أسهل وأسرع إذ أنه عاش منذ صغره فى خدمة من أمر بالولاء لهم ,ولا نجد شخصا اكثر تأثرا بحديث الرسول( فكو العانى) أى الأسير من شخص عاش فى طفولته يتفقد ابناء هذا الاسير , حتى أن توزيع الطفل بنفسه للصدقات على فقراء المسلمين يجعل منه شخصا عطاءا كريما فإذا ما سمع الامر بالتكليف بالصدقة كانت الاستجابة اسهل وأسرع إذ انه تعود منذ صغره غلى العطاء
على اننا يجب ألا ننسى اننا نتحدث اولا وآخرا عن طفل .بمعنى انه يجب ان يعيش طفولته بكل ما تحمله الكلمة من معنى . فلا يتعارض ما قلنا مع ان يلهو الطفل ويلعب مع غيره من الاطفال أى أن اشعاره بالمسئولية مجرد تدريب وتأهيل لمرحلة التكليف وليس العبء النفسى والضغط الذي يحمله مالا يطيق وإلا انقلب الامر وتحول إلى نفور.وكيف يدخل السعادة على قلب غيره ولم يذق هو طعمها ؟.ولا يتعلل المربى بالانشغال عن هذه الامور فما داعب النبى صلى الله عليه وسلم أبا عمير وسأله عن عصفوره إلا وهو راجع من قتال فالمقصود هو بناء شخصية سوية تحمل بين جوانحها امالا تمكنها بإذن الله من الإصلاح
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين