المقال

( 15).. قصة تربوية مهمة لأبنائنا

209 | 29-11-2014

بسم الله الرحمن الرحيم

عندما نستمع للقصة فإننا نكون في أقصى حالات التركيز والتفاعل مع أحداثها وكلنا شوق لمعرفة نهايتها، ولهذا فإن أثر القصة في النفس والذاكرة أقوى من أثر المعلومة المجردة، ومن يتأمل القرآن الكريم يجد أن ثلثه قصص، لأن القصة مادة تربوية مهمة تؤثر في سلوك الإنسان ومعتقده، وخاصة إذا كان فيها عنصر إثارة أو موقف فكاهي أو أنها تخاطب خيال المستمع وعقله اللاواعي، ولو طلبت من القارئ الآن أن يذكر لنا قصة تأثر بها وهو صغير وما زال يتذكر تفاصيلها لذكر لنا قصصا كثيرة، ولهذا قال علماؤنا (الحكايات جند من جنود الرحمن يثبت بها من يشاء)، لأن في القصص عبرا وحكما تتسلل لعقل السامع ونفسه فيتأثر بها ويشرب أفكارها من حيث لا يدري، كما يحدث في الأفلام والمسلسلات من غرس للقيم لدى المشاهد فتتحول هذه القيم لعقله ويترجمها سلوكه، ولو حللنا أي فيلم أو مسلسل لوجدنا أن أساسه قصة كتبت ثم تحولت لمادة اعلامية. ولهذا أحببت في هذا المقال أن أقترح على الوالدين مجموعة من القصص نستثمرها في توصيل قيم وأخلاق مهمة لأطفالنا، وهي (15) قصة اخترتها بعناية ودراسة بعد تجربتها على أبنائنا ورؤية نتائجها الإيجابية، علما بأن هذه القصص من القرآن والسنة وهما أهم مرجعين تربويين لتزكية النفس وتربيتها..

فالطفل في مراحله الأولى من ولادته وحتى عمر تسع سنوات يحب الحيوانات كثيرا، سواء بالنظر إليها أو باللعب والحديث معها أو بالاستماع لقصصها، فيسبح خياله الواسع مع تفاصيل القصة التي يسمعها ويعيش أحداثها وكأنه أحد أبطالها، وهناك ثلاث قصص تربوية مهمة لهذه المرحلة العمرية وهي (قصة يونس والحوت) و(قصة موسى والحية) و(قصة سليمان والهدهد)، وفيها قيم مهمة يكتسبها الطفل مع الاستمتاع أثناء رواية القصة له. ففي قصة يونس عليه السلام التركيز على قيمة فعل الخير وأن الله هو المخلص للإنسان من كل مشكلة، وقصة موسى عليه السلام فيها أن الصادق يغلب الكاذب حتى لو كان مع الكاذب قوة وسلطة، وقصة سليمان عليه السلام تركز على انقاذ الناس الذين لا يعبدون الله ودعوتهم لعبادة الله وحده، وهو أساس الإيمان والهدف من خلق الإنسان.

أما لو كان الطفل أكبر من تسع سنوات ففي هذه المرحلة العمرية يزداد فيها نضجه العقلي، ويكون الطفل محبا للحوار والجدل، كما يكون مقبلا على مرحلة البلوغ، ونقترح في هذه المرحلة العمرية أن نركز على قصص تعلمه أدب الحوار وتساعده على عفة نفسه وضبط شهوته، والقصص التي تناسب هذه المرحلة العمرية ثلاث وهي (قصة إبراهيم مع أبيه) و(قصة يوسف وامرأة العزيز) و(قصة ذي القرنين)، فقصة ابراهيم عليه السلام تركز على قيمة الأدب والاحترام بالحوار مع الكبار أو مع الوالدين، وقصة يوسف عليه السلام تركز على أن الناجي والفائز في الحياة هو الصابر على الفتن، كما أن العفيف الذي لا ينزلق وراء الشهوات يحبه الله ويرفع مقامه، أما قصة ذي القرنين ففيها تقدير لقيمة العمل والإنتاج والابتعاد عن الكسل وتشجيع للعمل الجماعي من خلال مشروع بناء السد.

فهذه ست قصص من القرآن الكريم نقترحها على الوالدين على أن يتم تكرار القصة لأكثر من مرة، فالطفل يحب التكرار ولا يمل منه ولهذا نلاحظه يشاهد الفيلم الكارتوني أكثر من مرة، لأنه في كل مرة يركز على جزئية مختلفة.

أما القصص التي من السنة النبوية والتي نقترحها على الوالدين فللأطفال الصغار إلى سن تسع سنوات نقترح لهم ثلاث قصص مهمة وهي (قصة خشبة المقترض) و(قصة الثلاثة الذين أغلقت عليهم الصخرة بالغار) و(قصة الأعمى والأبرص والأقرع)، ففي القصة الأولى قيمة حسن التوكل على الله ورد الأمانة والصدق في التعامل مع الناس، وفي الثانية التركيز على قيمة الإخلاص في العمل وأن الله ينجي من يلجأ إليه وبركة بر الوالدين، وأما الثالثة ففيها قيمة أن الله يزيد الشاكر لنعمه ويحرم الجاحد،

أما الأطفال الأكبر من تسع سنوات فنقترح لهم ثلاث قصص من السنة النبوية وهي الأولى (قصة أبو هريرة والشيطان) والثانية (قصة جرة الذهب) والثالثة (قصة قاتل 99).. وفي هذه القصص قيم تتناسب مع أعمارهم، ففي قصة أبوهريرة رضي الله عنه قيمة أن الله يحفظ المؤمن من الشيطان وحبائله، والثانية فيها قيمة الصدق والأمانة والورع، والثالثة فيها أن باب التوبة مفتوح وأن رحمة الله واسعة.

فهذه اثنتا عشرة قصة تعتبر منهجا تربويا قيما وهي مجربة عندنا بمكتبة عالمي الممتع للأطفال، وقد رأينا أثرها العظيم عليهم وكيف أنهم تأثروا بالقيم التي فيها، وبقي لنا أن نقترح قصتين لمرحلة البلوغ لتكتمل الباقة وتصبح خمس عشرة قصة تربوية، وهما قصة (حادثة الإفك) و(الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك) وقد ذكرتا بتفاصيلهما في القرآن والسنة والسيرة، وهما من القصص المهمة وفيهما قيم عظيمة، منها احترام الصحابة رضي الله عنهم وحسن الظن بالآخرين وأن الصدق منجاة في الحياة والآخرة، فالتربية بالقصة من أهم الأساليب التربوية، وقد قال أبوحنيفة رحمه الله (الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه لأنها آداب القوم) فلنبدأ بالتربية بالقصة من الآن وفي حالة عدم معرفتكم بالقصص فيمكنكم البحث في (قوقل) وقراءتها على أبنائكم.

تصميم وتطويركنون