المقال
تساؤلات لبرلمانيات الشورى
304 |
19-08-2014
بسم الله الرحمن الرحيم
في يوم الأحد الموافق 27 شوال لعام 1432هـ أعلن خادم الحرمين الشريفين أحقية المرأة في الترشح للانتخابات البلدية، والسماح لها بعضوية مجلس الشورى. وفي صباح الجمعة 29 صفر 1434هـ، أُعلنت أسماء 30 سيدة سعودية كعضوات في مجلس الشورى، واحتاط هذا التعيين بتساؤلات تطرحها المرأة لأختها المرأة التي ستمثلها وللمرة الأولى في البرلمان:
لعل أولها الفرحة الغامرة من بعض العضوات، وإظهار الانتصار بنيل المرأة حقوقها السياسية بعد غياب طويل، وتسنمها المناصب السياسية، ودخولها في معترك السياسية واختلافاتها، ما يجعل المرأة السعودية تتخوف من هذه المشاعر التي تنبؤ عن غياب ثقافة أمانة المنصب، فعضوية مجلس الشورى مغرم لا مغنم، وحمل وتبعة تجعل المرء مسؤولاً أمام الله عن وطن بأكمله، لا منصباً يحصد المرء من خلاله المكاسب الشخصية، (إنها أمانة ويوم القيامة خزي وندامة)، يفقه هذا النص من وقف مع معانيه لا من توقف مع حرفه، لأن الشورى حق للمستشار عنه لا للمستشار فحسب، وإلا فلن يمثل إلا نفسه.
- ثانيها من تقلدت هذه المسؤولية العظيمة، هل ستطالب بمطالب المرأة الحقيقية، مطالب المطلقة التي تكافح من أجل معيشة أبنائها في حين تخلي أباهم من المسؤولية، ومطالب المعلقات اللاتي يكتوين بظلم رجل لم يسرح السراح الجميل، ومطالب المعلمة التي تقاسي مئات الكيلومترات يومياً، ومطالب الأم التي ترى ابنها يموت ولا تجد له سريراً، ومطالب الأم التي تقاسي بطالة شاب ترتقبه أباً، ومطالب الفتاة التي تحمل درجات علمية ولم تجد لها وظيفة إلا بثمن بخس وساعات طوالاً، ومطالب كثيرة تغيب لصعوبة وصول صوت صاحباتها إلى الجهات المختصة، في حين تبرز مطالب الأقلية، والتي تواجه برفض الغالبية من السيدات في المجتمع السعودي، وليتذكر الأعــضاء ما تزيّن به موقع مجلس الشورى الإلكتروني في الجواب عن ماهية المجلس؟(.... ويحرص أعضاء المجلس على خدمة الصالح العام، والحفاظ على وحدة الجماعة، وكيان الدولة، ومصالح الأمة).
- ثالثها: كيف ستفهم بعض العضوات الحجاب الشرعي الذي أكد عليه الأمر الملكي، وبدت صور بعضهن و ظهر معظم شعر الرأس الذي لم يختلف العلماء على وجوب تغطيته، وعلت الوجه أنواع الأصباغ والزينة خارج المجلس وبعد إعلان التعيين، فهل سيكون هذا الحجاب داخل المجلس أيضاً، والويل والثبور لمن يبدي وجهة نظره، فهو متخلف رجعي والدين للجميع تأويلاً وتفسيراً لا تطبيقاً. أتمنى من العضوات حتى لو لم تكن ملتزمة بالحجاب الشرعي أن تلتزم به على فهم السلف الصالح لا الخلف الطالح، وتكون على قدر الثقة الملكية التي نالتها.
- المتابع لوسائل الإعلام الحديث يقف على رغبة شعبية في انتخاب أعضاء مجلس الشورى كما هو الحال في بعض دول الجوار والدول المتقدمة، ولماذا يخشى بعض محاربي الديموقراطية من الانتخابات، هل لأنها تظهرهم دوماً على أنهم فئة غير قادرة في المجتمع السعودي، ولولا إبراز الإعلام التقليدي لهم فلن يسمع لهم حساً.
- تمنى الكثير ألا يغيب التخصص الشرعي في المعينات اللاتي يمثلن صوت الأغلبية من النساء السعوديات.
تساؤلات كثيرة وتحفظات يطلقها المواطن الصادق الذي يريد أن يحافظ على مجتمعه، لأنه يفقه الانفتاح المنضبط ولا يغره تصفيق الجهات الخارجية وإشادتها، وكلنا أمل أن نرى إسهامات المرأة في مجلس الشورى الذي عجز فيه الرجال عن تحقيق آمال المواطن، فاستفادوا من ميزاته أكثر من إفادة المواطن منه.
* داعية وأكاديمية سعودية.