المادة
الإيمان بالملائكة
عناصر المادة
جديد المواد
روابط ذات صلة
|
خلق الله تعالى أنواعًا كثيرة من المخلوقات والكائنات، منها ما نراه ومنها ما لا نراه. فنحن نستطيع أن نرى الشمس والقمر والجبال والأنهار والأشجار والحيوانات والطيور والأسماك، حتَّى الكائنات الدَّقِيقةِ التي لا نستطيع رؤيتها بأعيننا مثل: الجراثيم والبكتريا والميكروبات، أو الذَّرَّات الدقيقة للمادة يمكننا مشاهدتها والتعرف عليها عن طريق أجهزة خاصة، تقوم بتكبيرها مئات المرات. لكن هناك كائنات أخرى خلقها الله، لا نستطيع رؤيتها أو إدراكها بحواسنا، ومن هذه الكائنات: الجِنُّ والملائكة.
والإيمان بالملائكة من أركان الإيمان الستة، وهو أحد أسس العقيدة الإسلامية.
قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا}.سورة "النساء": الآية [136].
وجاء في الحديث حين سئل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".
· لماذا لا نرى الملائكة؟..
نحن لا نستطيع أن نرى الملائكة أو نسمعهم، فهم مخلوقون من نورٍ، كما إنهم مخلوقون بكيفية خاصة، لكننا نؤمن بوجودهم، وأن الله خلقهم واختصَّهم بصفاتٍ خاصة، فهم لا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينامون، وليسوا ذكرًا وأنثى مثل البشر، وإنَّما هم عالمٌ آخر مختلفٌ تمامًا عن عالم البشر.
· الملائكة لا يعصون الله تعالى:
والملائكة ـ عليهم السلام ـ عصمهم الله من المعصية وحفظهم من الذنوب.
قال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. سورة"التحريم":الآية[6].
فهم يسبحون الله ليلاً ونهارًا، ولا يتعبون ولا يملون من عبادة ربهم، ولا يفعلون شيئًا إلا بعد أن يأذن الله تعالى لهم في ذلك أو يأمرهم به.
· وصف هيئة الملائكة:
خلق الله الملائكة في أبهى صورة، وجعلهم غاية في الجمال والبهاء والقوة، وجعل لهم أجنحة، فمنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة، ومنهم من له أكثر من ذلك، كُلٌّ حسب وظيفته التي خلقه الله من أجلها.
وهذه الأجنحة لا نستطيع أن نتصور شكلها على وجه الحقيقة، فهي ليست كأجنحة الطيور التي نراها، ولا يجوز تشبيهها بها، فهذا التشابه في الأسماء لا في الحقيقة.
قال تعالى:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. سورة "فاطر": الآية [1].
· الملائكة تتشكل في صورة بشر:
ظهر بعض الملائكة في صورة بشرية لنبي الله "إبراهيم" ـ عليه السلام ـ وزوجه "سارة"، ونزلوا ضيوفًا عليه، وبشَّروا امرأته أنها ستلد غُلامًا، وكانت عجوزًا عاقِرًا لا تلد.
قال تعالى:
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ* فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ}. سورة "الذاريات": الآيات [24 ـ 28].
كما ظهر "جبريل" ـ عليه السلام ـ في صورة بشرية للسيدة "مريم"، وبشَّرها أنها ستلد "المسيح" من غير أبٍ ليكون معجزة للعالمين.
قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}. سورة "مريم": الآيات [16 ـ 19].
وكان "جبريل" ـ عليه السلام ـ يأتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة رجل أعرابي حسن المنظر غير معلوم لدى الناس، كما كان يأتيه في صورة الصحابي "دحية الكلبي" وكان جميل الصورة وحسن الهيئة.
· أعداد الملائكة عليهم السلام:
خلق الله عددًا كبيرًا من الملائكة لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ، فهم لا يحصون لكثرتهم.
قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ}. سورة "المدثر": الآية [31].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطت السماء، وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع".
· من أسماء الملائكة:
ـ "جبريل" ( ملك الوحي ): وهو أفضل الملائكة، وكان ينزل بالوحي من الله تعالى على الأنبياء، وهو الذي بشر السيدة "مريم" بميلاد "المسيح" ـ عليه السلام ـ من غير أبٍ.
وقد نزل بالقرآن الكريم على النبي "محمد" ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأول مرة في غار "حراء".
ـ "ميكائيل" ( ملك المطر ): وهو الملك الموكل بالسحب لتسييرها إلى حيث أمر الله، ومعه ملائكة يقومون بهذا الأمر معه.
ـ "إسرافيل" ( مللك النفخ في الصور ): وهو الذي يقوم بالنفخ في الصور "يوم القيامة" بأمر الله، فيصعق جميع من في السماوات والأرض، ثم ينفخ النفخة الثانية فيُبْعَثُونَ بإذن الله.
ـ "مالك" ( خازن النار ): وهو الملك المكلف بأمر النار "يوم القيامة"، يحشر إليها الكافرون والعصاة والمجرمون.
· وظائف الملائكة:
الملائكة أصناف كثيرة، ولهم وظائف عديدة كلَّفهم الله بها، وهم يطيعون الله فيما أمرهم به، ولا يقصرون فيما كلفهم به، ومن هؤلاء الملائكة:
* الملائكة حملة العرش: هم الذين يحملون عرش الله تعالى، وهم في حمدٍ وتسبيحٍ دائمٍ لله، ويستغفرون للمؤمنين الطائعين.
* ملائكة الوحي: وهم الذين ينزلون بالوحي من الله تعالى على رسله وأنبيائه، الذين اختارهم الله من البشر، واختصهم بالرسالة والنبوة.
* ملائكة الجنة: وهم الذين يستقبلون المؤمنين من أصحاب الجنة، ويمتعونهم بما هيأه الله لهم من نعيم وخيراتٍ كثيرةٍ.
* خزنة النار: وهم ملائكة شداد غلاظ جعلهم الله لإنزال العقاب على المجرمين الذين أشاعوا الفساد والفتنة في الأرض.
* الملائكة الكاتبون: ولكل إنسان ملكان موكلان به، يكتبان كلَّ ما يقوم به من خيرٍ أو شرٍّ، ( وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين )
* ملائكة قبض الأرواح: وهم الذين جعلهم الله لقبض الأرواح، فإذا كان العبد مؤمنًا جاءته ملائكة بيض الوجوه معهم كفن من الجنة، أما إذا كان كافرًا فتأتيه ملائكة سود الوجوه، معهم كفن من النار، فتقبض روحه.
* ملائكة سؤال القبر: ويتولى السؤال في القبر ملكان هما: "منكر" و"نكير"، فإذا ما وُضِعَ الإنسان في قبره، وانصرف الناس عنه، جاءه الملكان؛ فيقعدانه، ثُمَّ يسألانه عن ربِّه ودينه ونبيِّه.
* ملائكة الجبال: وهم الموكلون بأمر تدبير الجبال.
* ملائكة السحب: وهم الملائكة الموكلون بالسحب، يسوقونها إلى حيث أمرهم الله تعالى، تحمل إلى الناس الخير والرحمة؛ فتسقط المطر، وتروي الأرض، أو تحمل إليهم العقاب والدمار، فتنهمر سيولاً تدمر كُلَّ شيء في طريقها.
* الملائكة الموكلون بتصوير النطفة وتطويرها ونفخ الأرواح في الأجنة
*الملائكة الموكلون بحفظ الإنسان: وكل الله تعالى بابن آدم ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار يرافقونه ولا يفارقونه في كلِّ أحواله، يحفظونه بأمر الله تعالى من المضار والمهلكات.
· بيوت تدخلها الملائكة:
* بيت الله ( المسجد ): الملائكة تحب المساجد، وتشهد صلاة المسلمين فيها، وتدعو الله وتستغفره للمصلين.
* بيت يقرأ فيه القرآن: الملائكة تشهد مجالس الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وتظلُّ تدعو للمؤمن وتستغفر له وهو يقرأ القرآن.
* مجالس العلم: الملائكة تحب مجالس العلم، سواء كانت في المساجد أو المدارس أو المعاهد أو البيوت، وتحف طلاب العلم ، وتحيطهم بالحب والرعاية.
· الملائكة تشهد أعمال البشر:
* تشهد صلاة الجمعة: تستقبل الملائكة المصلين في يوم الجمعة، وتكتب لهم من الحسنات والدرجات حسب تبكيرهم إلى الصلاة، حتى إذا صعد الخطيب المنبر، جلست تستمع إليه.
* تشهد أهل المساجد: الملائكة تحب المترددين على المساجد، وتتفقدهم، وتكتب لهم بكُلِّ خطوةٍ إلى المسجد حسنة وتمحو بها سيئةٍ.
* تشهد مجالس الذكر وتلاوة القرآن: فما من مجلس يُقرأ فيه القرآن، أو يُذكر فيه اسم الله، إلا تحضره الملائكة، وتستغفر لأهل الذكر وتلاوة القرآن.
* تشهد مجالس العلم: تحبُّ الملائكة مجالس العلم وتحضرها، وتضع أجنحتها احترامًا وتقديرًا لطلاب العلم.
* تشهد المستغفرين والتائبين: خلق الله ملائكة يجوبون الأرض، يبحثون عن التائبين والمستغفرين، والذين يدعون الله تعالى في حبٍّ وخشوعٍ.
* تشهد الجنائز: تحضر الملائكة وفاة المسلم، وتستغفر له، وتؤمن على دعاء الحاضرين، كما تشهد جنازته، ويعطي الله من يشيع الجنازة من الثواب مثل "جبل أحد".
· الجن والملائكة:
الجن نوع من مخلوقات الله التي لا نراها، وهم مختلفون عن الملائكة، فالملائكة مخلوقون من نورٍ، أما الجن فقد خلقهم الله من نار.
وللجن بعض الصفات التي تتفق مع صفات البشر، فهم ينقسمون إلى ذكرٍ وأنثى ـ مثل البشر ـ وهم أيضًا يتناسلون ويتكاثرون، ويولدون ويموتون، ويأكلون ويشربون، ويعيش "الجن" في الخرائب، والأماكن المهجورة، ويأكلون الروث والعظام.
والجن ـ كالبشر ـ منهم المؤمن ومنهم الكافر، ويطلق على الكفرة من الجنِّ "الشياطين"، وأكثرهم كفرًا وطغيانًا هم "المَرَدَة"، وأشهرهم "إبليس" اللعين، الذي رفض السجود لآدم ـ عليه السلام ـ حينما أمر الله الملائكة بالسجود له، فكان جزاؤه أن طرده الله من الجنة.
وقد توعد "إبليس" البشر بالغواية والضلال، وهو يسعى دائمًا إلى فتنتهم وإبعادهم عن طاعة الله، لكن الله حذرنا من غواية "إبليس" وأعوانه، وأمرنا بمخالفته، وعدم الخضوع له.