الإيمان بالملائكة

· الله خلق الملائكة:

خلق الله تعالى أنواعًا كثيرة من المخلوقات والكائنات، منها ما نراه ومنها ما لا نراه. فنحن نستطيع أن نرى الشمس والقمر والجبال والأنهار والأشجار والحيوانات والطيور والأسماك، حتَّى الكائنات الدَّقِيقةِ التي لا نستطيع رؤيتها بأعيننا مثل: الجراثيم والبكتريا والميكروبات، أو الذَّرَّات الدقيقة للمادة يمكننا مشاهدتها والتعرف عليها عن طريق أجهزة خاصة، تقوم بتكبيرها مئات المرات. لكن هناك كائنات أخرى خلقها الله، لا نستطيع رؤيتها أو إدراكها بحواسنا، ومن هذه الكائنات: الجِنُّ والملائكة.

والإيمان بالملائكة من أركان الإيمان الستة، وهو أحد أسس العقيدة الإسلامية.

قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا}.سورة "النساء": الآية [136].

وجاء في الحديث حين سئل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".


· لماذا لا نرى الملائكة؟‍..

نحن لا نستطيع أن نرى الملائكة أو نسمعهم، فهم مخلوقون من نورٍ، كما إنهم مخلوقون بكيفية خاصة، لكننا نؤمن بوجودهم، وأن الله خلقهم واختصَّهم بصفاتٍ خاصة، فهم لا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينامون، وليسوا ذكرًا وأنثى مثل البشر، وإنَّما هم عالمٌ آخر مختلفٌ تمامًا عن عالم البشر.

· الملائكة لا يعصون الله تعالى:

والملائكة ـ عليهم السلام ـ عصمهم الله من المعصية وحفظهم من الذنوب.

قال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. سورة"التحريم":الآية[6].

فهم يسبحون الله ليلاً ونهارًا، ولا يتعبون ولا يملون من عبادة ربهم، ولا يفعلون شيئًا إلا بعد أن يأذن الله تعالى لهم في ذلك أو يأمرهم به.


· وصف هيئة الملائكة:

خلق الله الملائكة في أبهى صورة، وجعلهم غاية في الجمال والبهاء والقوة، وجعل لهم أجنحة، فمنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة، ومنهم من له أكثر من ذلك، كُلٌّ حسب وظيفته التي خلقه الله من أجلها.

وهذه الأجنحة لا نستطيع أن نتصور شكلها على وجه الحقيقة، فهي ليست كأجنحة الطيور التي نراها، ولا يجوز تشبيهها بها، فهذا التشابه في الأسماء لا في الحقيقة.

قال تعالى:

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. سورة "فاطر": الآية [1].

· الملائكة تتشكل في صورة بشر:

ظهر بعض الملائكة في صورة بشرية لنبي الله "إبراهيم" ـ عليه السلام ـ وزوجه "سارة"، ونزلوا ضيوفًا عليه، وبشَّروا امرأته أنها ستلد غُلامًا، وكانت عجوزًا عاقِرًا لا تلد.

قال تعالى:

{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ* فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ}. سورة "الذاريات": الآيات [24 ـ 28].

كما ظهر "جبريل" ـ عليه السلام ـ في صورة بشرية للسيدة "مريم"، وبشَّرها أنها ستلد "المسيح" من غير أبٍ ليكون معجزة للعالمين.

قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}. سورة "مريم": الآيات [16 ـ 19].

وكان "جبريل" ـ عليه السلام ـ يأتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صورة رجل أعرابي حسن المنظر غير معلوم لدى الناس، كما كان يأتيه في صورة الصحابي "دحية الكلبي" وكان جميل الصورة وحسن الهيئة.

· أعداد الملائكة عليهم السلام:

خلق الله عددًا كبيرًا من الملائكة لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ، فهم لا يحصون لكثرتهم.

قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ}. سورة "المدثر": الآية [31].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطت السماء، وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع".

· من أسماء الملائكة:

ـ "جبريل" ( ملك الوحي ): وهو أفضل الملائكة، وكان ينزل بالوحي من الله تعالى على الأنبياء، وهو الذي بشر السيدة "مريم" بميلاد "المسيح" ـ عليه السلام ـ من غير أبٍ.

وقد نزل بالقرآن الكريم على النبي "محمد" ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأول مرة في غار "حراء".

ـ "ميكائيل" ( ملك المطر ): وهو الملك الموكل بالسحب لتسييرها إلى حيث أمر الله، ومعه ملائكة يقومون بهذا الأمر معه.

ـ "إسرافيل" ( مللك النفخ في الصور ): وهو الذي يقوم بالنفخ في الصور "يوم القيامة" بأمر الله، فيصعق جميع من في السماوات والأرض، ثم ينفخ النفخة الثانية فيُبْعَثُونَ بإذن الله.

ـ "مالك" ( خازن النار ): وهو الملك المكلف بأمر النار "يوم القيامة"، يحشر إليها الكافرون والعصاة والمجرمون.


· وظائف الملائكة:

الملائكة أصناف كثيرة، ولهم وظائف عديدة كلَّفهم الله بها، وهم يطيعون الله فيما أمرهم به، ولا يقصرون فيما كلفهم به، ومن هؤلاء الملائكة:

* الملائكة حملة العرش: هم الذين يحملون عرش الله تعالى، وهم في حمدٍ وتسبيحٍ دائمٍ لله، ويستغفرون للمؤمنين الطائعين.

* ملائكة الوحي: وهم الذين ينزلون بالوحي من الله تعالى على رسله وأنبيائه، الذين اختارهم الله من البشر، واختصهم بالرسالة والنبوة.

* ملائكة الجنة: وهم الذين يستقبلون المؤمنين من أصحاب الجنة، ويمتعونهم بما هيأه الله لهم من نعيم وخيراتٍ كثيرةٍ.

* خزنة النار: وهم ملائكة شداد غلاظ جعلهم الله لإنزال العقاب على المجرمين الذين أشاعوا الفساد والفتنة في الأرض.

* الملائكة الكاتبون: ولكل إنسان ملكان موكلان به، يكتبان كلَّ ما يقوم به من خيرٍ أو شرٍّ، ( وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين )

* ملائكة قبض الأرواح: وهم الذين جعلهم الله لقبض الأرواح، فإذا كان العبد مؤمنًا جاءته ملائكة بيض الوجوه معهم كفن من الجنة، أما إذا كان كافرًا فتأتيه ملائكة سود الوجوه، معهم كفن من النار، فتقبض روحه.

* ملائكة سؤال القبر: ويتولى السؤال في القبر ملكان هما: "منكر" و"نكير"، فإذا ما وُضِعَ الإنسان في قبره، وانصرف الناس عنه، جاءه الملكان؛ فيقعدانه، ثُمَّ يسألانه عن ربِّه ودينه ونبيِّه.

* ملائكة الجبال: وهم الموكلون بأمر تدبير الجبال.

* ملائكة السحب: وهم الملائكة الموكلون بالسحب، يسوقونها إلى حيث أمرهم الله تعالى، تحمل إلى الناس الخير والرحمة؛ فتسقط المطر، وتروي الأرض، أو تحمل إليهم العقاب والدمار، فتنهمر سيولاً تدمر كُلَّ شيء في طريقها.

* الملائكة الموكلون بتصوير النطفة وتطويرها ونفخ الأرواح في الأجنة

*الملائكة الموكلون بحفظ الإنسان: وكل الله تعالى بابن آدم ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار يرافقونه ولا يفارقونه في كلِّ أحواله، يحفظونه بأمر الله تعالى من المضار والمهلكات.

· بيوت تدخلها الملائكة:

* بيت الله ( المسجد ): الملائكة تحب المساجد، وتشهد صلاة المسلمين فيها، وتدعو الله وتستغفره للمصلين.

* بيت يقرأ فيه القرآن: الملائكة تشهد مجالس الذكر وتلاوة القرآن الكريم، وتظلُّ تدعو للمؤمن وتستغفر له وهو يقرأ القرآن.

* مجالس العلم: الملائكة تحب مجالس العلم، سواء كانت في المساجد أو المدارس أو المعاهد أو البيوت، وتحف طلاب العلم ، وتحيطهم بالحب والرعاية.

· الملائكة تشهد أعمال البشر:
* تشهد صلاة الجمعة: تستقبل الملائكة المصلين في يوم الجمعة، وتكتب لهم من الحسنات والدرجات حسب تبكيرهم إلى الصلاة، حتى إذا صعد الخطيب المنبر، جلست تستمع إليه.

* تشهد أهل المساجد: الملائكة تحب المترددين على المساجد، وتتفقدهم، وتكتب لهم بكُلِّ خطوةٍ إلى المسجد حسنة وتمحو بها سيئةٍ.

* تشهد مجالس الذكر وتلاوة القرآن: فما من مجلس يُقرأ فيه القرآن، أو يُذكر فيه اسم الله، إلا تحضره الملائكة، وتستغفر لأهل الذكر وتلاوة القرآن.

* تشهد مجالس العلم: تحبُّ الملائكة مجالس العلم وتحضرها، وتضع أجنحتها احترامًا وتقديرًا لطلاب العلم.

* تشهد المستغفرين والتائبين: خلق الله ملائكة يجوبون الأرض، يبحثون عن التائبين والمستغفرين، والذين يدعون الله تعالى في حبٍّ وخشوعٍ.

* تشهد الجنائز: تحضر الملائكة وفاة المسلم، وتستغفر له، وتؤمن على دعاء الحاضرين، كما تشهد جنازته، ويعطي الله من يشيع الجنازة من الثواب مثل "جبل أحد".


· الجن والملائكة:

الجن نوع من مخلوقات الله التي لا نراها، وهم مختلفون عن الملائكة، فالملائكة مخلوقون من نورٍ، أما الجن فقد خلقهم الله من نار.

وللجن بعض الصفات التي تتفق مع صفات البشر، فهم ينقسمون إلى ذكرٍ وأنثى ـ مثل البشر ـ وهم أيضًا يتناسلون ويتكاثرون، ويولدون ويموتون، ويأكلون ويشربون، ويعيش "الجن" في الخرائب، والأماكن المهجورة، ويأكلون الروث والعظام.

والجن ـ كالبشر ـ منهم المؤمن ومنهم الكافر، ويطلق على الكفرة من الجنِّ "الشياطين"، وأكثرهم كفرًا وطغيانًا هم "المَرَدَة"، وأشهرهم "إبليس" اللعين، الذي رفض السجود لآدم ـ عليه السلام ـ حينما أمر الله الملائكة بالسجود له، فكان جزاؤه أن طرده الله من الجنة.

وقد توعد "إبليس" البشر بالغواية والضلال، وهو يسعى دائمًا إلى فتنتهم وإبعادهم عن طاعة الله، لكن الله حذرنا من غواية "إبليس" وأعوانه، وأمرنا بمخالفته، وعدم الخضوع له.

14-02-2014 | 386
 

الإيمان بالله

الإيمان بالله أول أركان الإيمان الستة، والتي تشمل أيضًا: الإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالأنبياء، والإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، والإيمان بالقدر خيره وشره.
والإيمان بالله – تعالى- يعني أن المؤمن يعتقد أن لهذا الكون إلهًا واحدًا، هو الله- تعالى- خالق كلِّ هذا الكون العظيم، بما فيه من أنهار وبحار، وجبال وأشجار، وحيوانات وأطيار، ونحن نؤمن بالله- تعالى- ونحبه، لأنه هو الذي خلقنا، وخلق لنا كُلَّ هذا الوجود من حولنا .

وإننا نستطيع أن نرى مخلوقات الله لكننا لا نراه في هذه الدنيا ، وكل ما في هذا الكون من مخلوقات دليل على وجود الله وقدرته وعظمته، فنحن ننتفع بالكثير من الأشياء التي لا نراها، ولكننا نرى أثرها في أشياء أخرى من حولها، فالهواء لا نراه، لكننا نشعر به حينما يتحرك، فيهزُّ أوراق الشجر، والكهرباء لا نراها، ولكننا نرى أثرها في المصباح الذي نضيئه، أو الآلة التي نُشَغِّلُهَا، ومثل هذه الأمور ندركها بعقولنا، دون أن تراها عيوننا.

قال تعالى: " لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " (الأنعام 103)

والله تعالى واحد، ليس له شريك في ملكه، والكون يسير وفق نظام محكم دقيق، يدل على وحدانية الخالق العظيم.

قال تعالى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)اللَّهُ الصَّمَدُ (2)لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)" (الإخلاص 1-4)


فلو كان للكون أكثر من إله لتنازعوا بينهم، كُلًُ منهم يريد السيادة على الآخر، فيختل نظام هذا الكون، وتفسد الحياة فيه.

قال تعالى:" مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ" (المؤمنون 91)


فالإيمان بالله شعور فطري في نفس كل مخلوق، يشعر به في أعماقه، ويلهمه إليه ضميره ووجدانه، وحينما تواجهه إحدى الشدائد؛ فإنه يهرع إلى الله الخالق العظيم يلتمس منه العون، ويرجو منه تفريج همه وكربه.

فكل ما في الكون من الموجودات يدل على وجود الله الخالق العظيم، فالإنسان يشعر بوجود الله، ويؤمن به إيمانًا فطريًّا عميقًا. قال تعالى :

" فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) " (الروم 30)
وهذه فطرة لا تنطمس في النفس الإنسانية إلا من عادى هذه الفطرة استكبارًا وتجبرًا، فالعقل يؤمن بوجود الله الخالق سبحانه، لكنه يعجز عن تصور ذات الله سبحانه.

أين الله؟‍!!
الأرض التي نعيش عليها تشبه الكرة ، وكُلُّ ما يحيط بالأرض من فضاء هو سماء ممتدة بلا حدود، وهذه الكرة الأرضية التي تَسَعُ ملايين البشر، وتحمل فوقها الجبال والأنهار والأشجار والطيور والحيوانات، تبدو كنقطة صغيرة في الفضاء المتسع الكبير.

ونحن إذا أردنا أن ندعو الله –تعالى-، فإننا نرفع أيدينا إلى السماء، وإذا سألت أي إنسان: أين الله؟! أجابك على الفور: في السماء.

لقد جعل الله ذلك في فطرة الإنسان ووعيه وعقله، فالله – تعالى- في السماء، لكن علمه في كُلِّ مكانٍ، وهو -تعالى- ليس كمثله شيء.

و في عصر النبي - صلى الله عليه و سلم كان هناك رجل يمتلك قطيعا من الأغنام ، و كانت عنده جارية تقوم برعيها ، و ذات يوم خطف الذئب شاه منها ، فغضب صاحب الأغنام و ضرب الجارية على وجهها بعنف ، لكنه ندم على ما فعل ، و أسرع إلى النبي فأخبره بما صنع ، فقال له النبي : ائتني بها . فلما آتاه بها، سألها النبي : أين الله ؟

قالت الجارية : في السماء .

فسألها النبي -صلى الله عليه و سلم- : من أنا ؟

قالت: أنت رسول الله .

فالتفت النبي إلى الرجل ، و قال له : "أعتقها فإنها مؤمنة". (رواه مسلم)

الله يرانا

الله تعالى - يرانا في كل وقت ، و هو معنا أينما كنا ، يسمع كل ما نقوله ، و يعلم كل ما نفعله ، و ما أخفينا في قلوبنا و عقولنا من مشاعر و أفكار ، و لذلك فإننا نفعل دائما كل ما يحبه الله ، فحينما نقول الصدق نفعل ذلك ، لأن الله يرانا و يسمعنا.

نحب الله ونطيعه :

خلق الله- تعالى- البشر جميعًا من أبٍ واحدٍ، وأُمٍّ واحدةٍ، هما "آدم" و"حواء"، وخلق الله لهم كُلَّ ما في الكون من مخلوقات ، لخدمتهم وإسعادهم.

فالناس جميعًا ـ على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ـ أصلهم واحدٌ وربهم واحدٌ، وعليهم أن يشكروا الله- تعالى- على ما منحهم من النعم الكثيرة، وأن يطيعوه في كُلِّ ما يأمرهم به، فالله تعالى يحبُّ لهم الخير؛ لأنه هو الذي خلقهم، فلا يأمرهم إلا بما فيه الخير لهم، ولا ينهاهم إلا عما فيه ضرر عليهم.

فحينما نتقن في عملنا ونخلص في كُلِّ ما نؤديه؛ نفعل ذلك لأن الله- تعالى- مُطَّلِعٌ علينا، ويشهد أعمالنا، فنحن نحبُّ أن يرى الله أعمالنا الحسنة التي نعملها طاعةً له وتقرُّبًا إليه.

عن عائشة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". (أخرجه البيهقي)

الله الخالق :

خلق الله هذا الكون العظيم وفق تخطيطٍ محكمٍ ونظامٍ دقيقٍ، فهذا التوافق والانسجام بين عناصر الكون ومخلوقاته، إنَّما يدلُّ على حكمةٍ بالغةٍ وقدرةٍ عظيمةٍ لله الخالق مبدع الكون والحياة، فالشمس تدور في نظامٍ دقيقٍ، والليل والنهار يتتابعان منذ الأزل في دقَّةٍ ونظامٍ.


وهذه الأرض التي نعيش عليها تموج بالحركة، وتمتلئ بالأحياء من مختلف الأشكال والألوان، من نباتاتٍ وحيواناتٍ وطيورٍ، سواء في أعماق البحار والمحيطات، أو في أعالي الجبال والأشجار.

والله- تعالى – هو خالق الخلق ومدبر أمورهم ، ومعطيهم ومانعهم

الله القادر:

قدرة الله الخالق العظيم تظهر في بديع خلقه، وعظيم صنعه، والحياة من حولنا تمتلئ بالعديد من الدلائل والمظاهر التي توضح قدرة الله في خلقه، فتلك الجبال العالية تثبت الأرض وتحفظها أثناء دورانها ، والشمس البعيدة تبعث إلينا بالضوء والدفء، والزهرة بألوانها الزاهية نشم منها العطر الجميل، والنباتات والأشجار التي نراها حولنا، تنبت في أرض واحدة، وتسقى بماء واحد، لكنها تخرج الثمار المختلفة في طعمها ورائحتها، وأشكالها وألوانها.

الله الرَّازق :

الله تعالى يرزق جميع مخلوقاته، من إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ ونباتٍ، حتَّى أضعف الكائنات وأصغرها، هيَّأ الله لها سبل الرزق، وعناصر الحياة، التي تكفل لها الوجود والاستمرار.
الله رحيم بمخلوقاته :

الله تعالى رحيم بجميع مخلوقاته، وقد وسعت رحمته جميع الكائنات، حتى أصغر المخلوقات وأضعفها، فهو الذي خلقها، وهو الذي يرعاها.

رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: "جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ". [ أخرجه: البخاري ومسلم ].

فمن رحمة الله التي أنزلها في قلوب مخلوقاته، أن ترحم الأم وليدها، وتعتني به صغيرًا، فتسهر الليالي ترعاه، وتهتم به حتَّى يكبر.

ومن رحمة الله أن يتراحم الخلق فيما بينهم، فيعطف الكبير على الصغير ، ويساعد القوي الضعيف، ويعين القادر المحتاج، ويتعاون الخلق فيما بينهم.

أسماء الله الحسنى :

تعالى- أسماء وصفات كثيرة تليق بعظمته، ونحن نذكر الله بهذه الأسماء، ونتعبَّد بها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضى الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ:

"لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا، لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ". [ أخرجه البخاري و مسلم ].
وأسماء الله الحسنى هى :

الله ، الأحد ، الأعلى ، الأكرم ، الإله ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الباريء ، البر، البصير ، التواب ، الجبار ، الحافظ ، الحسيب ، الحفيظ ، الحفي ، الحق ، المبين ، الحكيم ، الحليم ، الحميد ، الحي ، القيوم ، الخبير ، الخالق ، الخلاق ، الرؤوف ، الرحمن ، الرحيم ، الرزاق ، الرقيب ، السلام ، السميع ، الشاكر ، الشكور ، الشهيد ، الصمد ، العالم ، العزيز ، العظيم ، العفو ، العليم ، العلي ، الغفار ، الغفور ، الغني ، الفتاح ، القادر ، القاهر ، القدوس ، القدير ، القريب ، القوي ، القهار ، الكبير ، الكريم ، اللطيف ، المؤمن ، المتعالي ، المتكبر ، المتين ، المجيب ، المجيد ، المحيط ، المصور ، المقتدر ، المقيت ، الملك ، المليك، المولى ، المهيمن ، النصير ، الواحد ، الوارث ، الواسع ، الودود ، الوكيل ، الولي ، الوهاب ، الجميل ، الجواد ، الحكم ، الحي ، الرب ، الفريق ، السبوح ، السيد ، الشافي ، الطيب ، القابض ، الباسط ، المقدم ، المؤخر ، المحسن ، المعطي ، المنان ، الوتر .

ويتم النفع بأسماء الله- تعالى- إذا فَهِمَ العبد معانى أسمائه- تعالى- ، بحيث يدركها ويستشعرها في قلبه ووجدانه، ويبحث عن أثرها في حياته وسلوكه، وحظ نفسه من التأسي بها، وتعظيمها حتى تحدث في قلب المؤمن خشية لله ومراقبة له في السر والعلن، ويسعى في اكتساب ما يليق بالإنسان من تلك الأسماء والصفات، والتخلق بها والتحلي بمحاسنها كالرحمة والعدل، حتى يصبح المؤمن عبدًا ربانيًّا.

14-02-2014 | 342
 

الحج

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فرضه الله - تعالى - على المسلمين مرة واحدة فى العمر، وتؤدى هذه الفريضة فى شهر ذى الحجة.

بناء الكعبة وتطهيرها :

أمر الله سبحانه- وتعالى- نبيه "إبراهيم" – عليه السلام- بإعادة بناء الكعبة فقام ببنائها هو وابنه "إسماعيل" – عليه السلام – لتكون مكانًا يأوى إليه الموحدون لله- تعالى، فيجدون فيه الأمن والسلام، كما أمر الله "إبراهيم" - عليه السلام- بتطهير بيت الله الحرام من كل رجس، وأن لا يبقى فيه مكان لصنم، ولا أثر لبدع أو ضلالات، حتى يظل طاهرًا نظيفًا خالصًا للمؤمنين.

الأذان بالحج :

وبعد اكتمال بناء الكعبة وتطهيرها أمر الله- تعالى- "إبراهيم" – عليه السلام – أن ينادى فى الناس بالحج، ويدعوهم إلى زيارة بيت الله الحرام، فامتثل "إبراهيم" لربه، ونادى فى الناس بالحج، قال تعالى :

"وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)" (الحج:27)

وقد جعل الله المؤمنين يستجيبون لنداء "إبراهيم" - عليه السلام- ملبين: "لبيك اللهم لبيك"، فيأتون إلى بيت الله الحرام مشيًا على أقدامهم، أو ركوبًا على الإبل الضامرة من طول السفر وبعد المسافة، ولا يزالون إلى يومنا هذا يفدون إلى "مكة" لأداء فريضة الحج بمختلف وسائل النقل .

وقد فرض الله- تعالى- الحج على المستطيع من المسلمين .

قال تعالى :
" وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (97)" (آل عمران:97)

وفى موسم الحج يجتمع المسلمون من كل أنحاء العالم فى وقت واحد، وفى مكان واحد، يؤدون مناسك الحج، ويدعون الله، ويستغفرونه من ذنوبهم، كما يتعارفون ويتآلفون، حيث تذوب فوارق الغنى والفقر، والجنس واللون واللغة .

والحج المبرور له ثواب عظيم ، يقول الرسول -صلى الله عليه و سلم- : "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" . (أخرجه أحمد)

منافع الحج :

وقد جعل الله- تعالى- فى الحج منافع دينية ودنيوية يشهدها المسلمون :

أما المنافع الدينية، فأداء مناسك الحج علي الوجه الأكمل طاعة لله وحبا له سبحانه و تعالى، كما أن الحج يطهر الحجاج من الذنوب , وأما المنافع الدنيوية، فيعد موسم الحج لقاء سنويًّا للمسلمين من شتى أقطار الأرض، يجتمعون فيه ليتشاوروا فيما بينهم ويتعاونوا علي البر والتقوى.

الحج المبرور :

الحج من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه؛ لأن الله- تعالى- يغفر به الذنوب، وقد سئل النبى -صلى الله عليه و سلم- أى العمل أفضل ؟ قال : "إيمان بالله ورسوله" .

قيل : ثم ماذا ؟

قال : "الجهاد فى سبيل الله " .

قيل : ثم ماذا ؟

قال : "حج مبرور" . (أخرجه البخارى)

فالحج هو ثالث هذه الأعمال التى فضلها رسول الله -صلى الله عليه و سلم-، والحج المبرور هو نوع من الجهاد، يتحمل فيه المسلم المشقة والتعب، والبعد عن الأهل والمال والولد؛ طلبًا لما عند الله من ثواب، وسعيًا للفوز بجنته ورضاه .

والحج المبرور هو الحج الخالص لله – تعالى – الذى لا يراد به سمعة ولا رياء، والذى يخلو من الفحش فى القول والعمل، ومن الجدال فى الباطل، والذى تؤدى فيه أعمال الحج كما أمر الله ورسوله -صلى الله عليه و سلم- .
مناسك الحج

· الإحرام والنية :
عندما يريد المسلم أداء فريضة الحج يختار لذلك مالاً حلالاً، ويجدد التوبة من ذنوبه، ويختار رفقة طيبة، ثم يسافر إلى بيت الله الحرام .

وينبغى للحاج أن يتعلم ما شرعه الله من أعمال الحج .

فإذا وصل الحاج إلى الميقات، وهو المكان الذي لا يجوز أن يتجاوزه الحاج إلا وهو محرم؛ اغتسل وتطيب، ولبس إزارًا على وسطه ورداء على كتفيه .

أما المرأة فتلبس ملابسها الشرعية .

ثم يدخل الحاج في النسك ، ويبدأ بالتلبية قائلا : " لبيك اللهم حجًّا "، ثم يلبى بتلبية النبي -صلى الله عليه و سلم- : "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك" ويكثر من التلبية .


مما يحرم على المحرم أو المحرمة :

1- يحرم أن يأخذ شيئًا من شعره أو أظفاره .

2- يحرم قتل صيد البر .

3- يحرم عقد الزواج .

4- يحرم التطيب

5- يحرم على المرأة لبس النقاب أو القفازين ، لكن لها أن تستر وجهها بغطاء إذا مر بها الرجال .

6- يحرم على الرجل دون المرأة لبس المخيط كالقميص أو السراويل ونحوهما، أو لبس الجوربين أو نحوهما ، كما يحرم عليه تغطية الرأس بغطاء ملاصق له .

· طواف القدوم :

إذا وصل الحاج إلى "مكة" توجه للطواف حول الكعبة، بادئًا بالحجر الأسود جاعلاً الكعبة عن يساره، ويطوف سبعة أشواط .

ومن السنة تقبيل الحجر الأسود دون مزاحمة، فإن لم يتمكن الحاج لمسه بيده اكتفى بالتكبير عند محاذاته . وللحاج أن يدعو بما شاء في أثناء الطواف.


وبعد الانتهاء من الطواف يصلى الحاج ركعتين خلف مقام "إبراهيم"، أو في أي مكان يتيسر له.

ويستحب للحاج أن يشرب من ماء زمزم .

· السعي بين "الصفا" و"المروة" :
بعد الطواف يذهب الحاج إلى المسعى، فيصعد إلى "الصفا"، ويتجه إلى الكعبة، ويكبر ويدعو، ثم يذهب متجهًا إلى "المروة" فيصعد إليها،

ويكبر ويدعو، ثم يشرع فى الشوط الثانى، فيتجه من "المروة" إلى "الصفا" وهكذا حتى يكمل سبعة أشواط ينتهى آخرها عند "المروة" .


· الذهاب إلى "منى" :

في صباح اليوم الثامن من ذي الحجة المعروف بيوم التروية، يتوجه الحاج إلى "منى" للمبيت بها، فيصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهو فجر يوم عرفة.

· الوقوف بعرفة :
الوقوف بعرفه ركن من أركان الحج، لا يصح الحج إلا به، وعلى الحاج أن يتوجه إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذى الحجة، ويستحب له أن يصل عرفة قبل الزوال؛ ليتمكن من أداء صلاتى الظهر والعصر جمعًا فى وقت الظهر مع جماعة المسلمين. ويستحب للحاج أن يكثر من الدعاء أثناء الوقوف بعرفة، (والمقصود بالوقوف البقاء بعرفة سواء أكان واقفًا أم جالسًا) .كما يكثر من التلبية والذكر والتسبيح والصلاة على خاتم النبيين .

ويتفضل الله فى يوم عرفة على عباده الذين سعوا فى مرضاته، ويشهد ملائكته أنه قد غفر لمن شهد عرفة .


· النزول بمزدلفة والمبيت فيها :

بعد غروب شمس يوم التاسع من ذى الحجة يتوجه الحاج إلى مزدلفة، فيصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير (في وقت العشاء) ، ويبيت بمزدلفة تلك الليلة .

· رمى جمرة العقبة :

وبعد صلاة فجر يوم العاشر من ذى الحجة يستحب للحاج المبادرة بالسير إلى "منى"، فإذا وصلها توجه إلى جمرة العقبة الكبرى فرماها بسبع حصيات، كما يستحب له أن يكبر الله عند رمي كل حصاة.

· الحلق:

وعلى الحاج أن يحلق شعره بعد الرمي ، أو يقصره، والحلق أفضل.

أما المرأة فعليها أن تقص من شعرها بمقدار قليل من أطرافه .

· طواف الإفاضة :

يعود الحاج إلى "مكة" فيطوف طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج، يفعل فيه ما فعله في الطواف الأول ، وبه يحصل التحلل الأكبر، فيجوز للحاج بعده كل ما كان حلالاً له قبل الإحرام.

· العودة إلى "منى" :

يعود الحاج إلى "منى" ليقيم فيها أيام الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذى الحجة، ويرمي في كل يوم الجمرات الثلاث، بسبع حصيات لكل جمرة، يبدأ بالجمرة الصغرى التي بجوار مسجد الخيف، ثم الوسطى ثم الكبرى التي بجوار العقبة.

ويجوز لمن لا يستطيع الرمي أن ينيب عنه غيره في ذلك ، كما يجوز أن يقيم الحاج في منى يومي الحادي عشر والثاني عشر فقط .

· طواف الوداع :

فإذا فرغ الحاج من كل أعمال الحج، وأراد مغادرة "مكة" يجب عليه أن يطوف بالبيت سبعة أشواط طواف الوداع، ثم يصلى ركعتى الطواف ويشرب من ماء زمزم ، داعيًا الله بالقبول والغفران، وبذلك تتم كل أعمال الحج .

العمرة:

ليس هناك وقت محدد لأداء العمرة مثل الحج، وإنما هى جائزة طوال العام، ويُحرِم من يريد العمرة من الأماكن المخصصة للإحرام .

وأركان العمرة ثلاثة :

1- الإحرام.

2- الطواف حول البيت.

3- السعي بين "الصفا" و"المروة" سبعة أشواط .

وبعد أن ينتهى المعتمر من السعى بين "الصفا" و"المروة" يحلق شعر رأسه، أو يقصره.

14-02-2014 | 370
 

الصوم

شهر رمضان الذي يصومه المسلمون كل عام هو خير الشهور كلها عند الله تعالى، ففيه نزلت الكتب السماوية على "إبراهيم" و"موسى" و"عيسى"- عليهم السلام، كما نزل فيه القرآن الكريم على سيدنا "محمد"- صلى الله عليه وسلم- في ليلة القدر، وهى إحدى ليالي شهر رمضان المعظم .

وفى هذا الشهر أعز الله المسلمين بانتصارات كثيرة، فوقعت فيه غزوة "بدر" الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، وكان فيه فتح "مكة" في السنة الثامنة من الهجرة، وبعد هذا الفتح العظيم دخل الناس في دين الله أفواجًا .

· صوم رمضان :
صيام شهر رمضان فريضة شرعية، وركن من أركان الإسلام الخمسة، فرضه الله – تعالى- على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة .

قال تعالى :

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)" (البقرة 183)


وفى هذا الشهر الكريم يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب، بدءًا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، امتثالاً لقوله تعالى :

" وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ (187)" (البقرة 187)

· هلال رمضان :

قال تعالى :

"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ (185)" (البقرة 185)

ويبدأ شهر رمضان بثبوت رؤية الهلال بعد غروب اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإذا لم يظهر الهلال أتممنا شهر شعبان ثلاثين يومًا .


وينتهى شهر رمضان بثبوت رؤية هلال شهر شوال .

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :

"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا" .(أخرجه مسلم)

· على من يجب الصوم ؟

يجب الصوم على :

- المسلم، فلا يجب على الكافر .

- العاقل، فلا يجب على المجنون .

- البالغ، فلا يجب على الصبي، ولكنه يدرب على الصيام .

- المقيم، فلا يجب على المسافر .

- القادرعلى الصيام، فلا يجب على المريض الذي يشق عليه الصوم .

** يستحب للصبي الصغير أن يصوم شهر رمضان أو أيامًا منه، ليعتاد الصوم منذ الصغر، ما دام قادرًا على ذلك .

· من مبطلات الصوم :

- الأكل أو الشرب عمدًا في نهار رمضان

- القيء عمدًا

· ما يباح للصائم :

- الاستحمام .

- المضمضة والاستنشاق مع عدم المبالغة .

- وضع القطرة في العين .
من سنن الصوم وآدابه :

- السحور، ووقته قبل طلوع الفجر، وهو يقوي الصائم وينشطه، ويهون عليه مشقة الصوم، قال- صلى الله عليه وسلم- "تسحروا فإن في السحور بركة" (أخرجه البخارى) , ويستحب تأخير السحور .

- الدعاء عند الفطر بالأدعية المأثورة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- مثل قوله- صلى الله عليه وسلم- : "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت" . (أخرجه أبو داود)

- الإكثار من تلاوة القرآن والذكر والدعاء، وإخراج الصدقات، وغيرها .

- صلة الأرحام، وتكون بزيارة الأقارب والإحسان إليهم .

- التصدق على الفقراء .

- الابتعاد عن الغيبة والنميمة والكذب والكلام السيئ .

- تعجيل طعام الفطر، ويستحب للصائم تعجيل الفطر متى تحقق غروب الشمس، قال- صلى الله عليه وسلم- : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". (أخرجه البخارى)

- أن يبتعد المسلم عما يغضب الله من الأقوال والأفعال التي تتنافى مع آداب الصيام، فلا يسب أو يشتم أو يخاصم.

· من يباح لهم الفطر ؟

- المريض .

- المسافر .

- كبير السن الذي لا يقوى على الصوم .

- الحامل أو المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها .

- الحائض والنفساء (المرأة عقب الولادة) .

· حكم المفطرين فى رمضان :

- من أفطر في رمضان بعذر، كالمرض والسفر والحمل والرضاعة – عليه أن يصوم بعد زوال عذره عن كل يوم أفطره يومًا آخر، وهذا ما يسمى "القضاء" .

- أما إذا كان لا يستطيع الصوم عن الأيام التي أفطر فيها في رمضان، كالشيخ العجوز أو المريض مرضًا شديدًا لا يرجى شفاؤه، هؤلاء عليهم أن يطعموا عن كل يوم أفطروه مسكينًا، من الطعام المعتاد الذي يتناولونه .

· فضل الصوم :

للصوم فضائل كثيرة منها :

- تفتح في شهر رمضان أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران .

- من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه .

- دعاء الصائم مستجاب، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "ثلاثة لاترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر ... " .(أخرجه الترمذى)

· فوائد الصيام :

- يعلم الصبر .

- يقوي الجسم، ويشفى من بعض الأمراض .

- يريح المعدة .

- يعلم الرحمة والعطف على الفقراء .

- يعود النظام في الطعام والشراب .

- يزيد الحسنات .

· صلاة التراويح :

هي صلاة تؤدى في كل ليلة من ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء، وهى إحدى عشرة ركعة أو أكثر.

وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- يرغب في أدائها، ويقول : "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" . (أخرجه البخارى)

ويمتد وقتها من بعد صلاة العشاء إلى ما قبل طلوع الفجر .

وتؤدى صلاة التراويح ركعتين ركعتين، يقرأ في كل ركعة بالفاتحة وما تيسر من القرآن ، وتصلى جماعة في المسجد، كما يجوز أن يصليها المسلم منفردًا .

· زكاة الفطر:

هي زكاة واجبة على كل مسلم صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، قادر على أدائها عن نفسه، وعن كل من تلزمه نفقته .

وتخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد ، فإن أخرجت بعد صلاة العيد تكون صدقة لا زكاة .

· لمن تعطى زكاة الفطر ؟

تعطى للفقراء والمساكين لإدخال السعادة عليهم في يوم العيد، وإشاعة روح المحبة والتعاطف بينهم .

· ليلة القدر :
هي ليلة من الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان،وهذه الليلة هي أفضل ليالي

السنة، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأواخر من رمضان اجتهد في إحياء تلك الليالي بالعبادة والذكر.

قال تعالى :

"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)" (القدر)


ويستحب إحياء ليلة القدر بالصلاة والذكر والاجتهاد في العبادة، والإكثار من الاستغفار والدعاء، وقد رغب النبي- صلى الله عليه وسلم- في قيامها بقوله :

" من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه " . (أخرجه مسلم)

14-02-2014 | 305
 

الزكاة

الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، ولأهميتها اقترنت بالصلاة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، ففي معظم المواضع التي ورد فيها الأمر بالصلاة اقترن به الأمر بالزكاة، قال تعالى :

"وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)" (البقرة:110)

وقد فرض الله – تعالى – الزكاة على الأغنياء، لتعطى إلى الفقراء وغيرهم، فمن أخرجها بحق، كان طائعًا لله، ينال الأجر والثواب، ومن لم يخرجها كان مخالفًا عاصيًا لله – تعالى – يستحق العقاب فى الدنيا والآخرة .

وقد فرض الله الزكاة لتطهير نفس المزكى من البخل، وتعويدها على البذل والإنفاق فى سبيل الله – تعالى- كما أن الزكاة تطهر نفس الفقير من الحسد والحقد على الأغنياء .

والزكاة- أيضًا- تقوى روابط الأخوة الإسلامية، فتوجد المحبة بين الفقراء والأغنياء، وتجعل المجتمع متكافلاً متضامنًا .

و يبارك الله – تعالى – للمزكى فى ماله فى الدنيا، ويوفقه إلى زيادته ونمائه، ويدخر الله – تعالى – للمزكى أعظم الثواب يوم القيامة .

· الأموال التى يجب فيها الزكاة :

الذهب، والفضة، والبضائع التجارية، والأنعام وهى: الإبل والبقر والغنم، والزروع والثمار .

· شروط وجوب الزكاة:

تجب الزكاة على المسلم فى أنواع الأموال المختلفة إذا توافرت شروط، منها :

1- أن يكون المال مملوكًا لصاحبه ملكًا تامًّا يتصرف فيه باختياره .

2- أن يبلغ المال مقدارًا معينًا حددته الشريعة لكل نوع من أنواع المال يسمى (النصاب)، فالمال القليل الذى لا يبلغ نصابًا لا زكاة فيه .

3- أن تمضى سنة هجرية على امتلاك المال الذى تجب فيه الزكاة، ما عدا الزروع والثمار، حيث يجب إخراج زكاتها يوم حصادها .

· زكاة النقود :

أصبحت العملات الورقية والمعدنية أساس التعامل بين الناس، وحلت محل العملات الذهبية والفضية؛ تيسيرًا للتعامل .

وقد حدد الفقهاء نصاب زكاة النقود بنصاب الذهب، ووضعوا شروطًا توجب إخراجها .

فإذا بلغت قيمة النقود ما يساوى (85) جرامًا من الذهب، وحال عليها الحول – كان مقدار زكاتها هو ربع العشر، أي (2.5%) .

· زكاة أموال التجارة :

مال التجارة هو ما يعد للربح والكسب عن طريق البيع والشراء، وليس كل ما يشتريه الإنسان من أشياء وأمتعة يكون مال تجارة، فقد يشترى الإنسان ثيابًا ليلبسها ، أو أثاثًا لبيته، أو سيارة ليركبها، وكل هذا لا يسمى مال تجارة، لأنه للاقتناء والاستعمال الشخصي .

أما إذا اشترى أشياء بقصد بيعها، والتربح من ورائها، فإن ذلك يعد مال تجارة، وتجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، وهو ما يعادل (85) جرامًا من الذهب، ومر عليها سنة هجرية .

· زكاة الحيوان :

فرض الإسلام الزكاة على أنواع معينة من الحيوانات التي ينتفع من ورائها، وهى الإبل والبقر والجاموس والغنم والماعز، بشروط خاصة، هي :

1- أن تبلغ النصاب، فنصاب الإبل خمس، وليس فيما دونها زكاة، ونصاب البقر والجاموس ثلاثون، والغنم أربعون، وما كان أقل من ذلك العدد فليس فيه زكاة .

2- أن يحول عليها الحول .

3- أن تكون مستخدمة في الدر والنسل

4- أن تكون سائمة طوال العام أو أكثر العام ، وهى أن ترعى في مراع مباحة، ولا يقوم صاحبها بعلفها .

· مصارف الزكاة :

مصارف الزكاة هي الأوجه التي تنفق فيها أموال الزكاة التي تجمع من أغنياء المسلمين، وقد حدد الإسلام لها ثمانية مصارف، جمعتها الآية الكريمة:

" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" (التوبة:60)

والمصارف الثمانية هي :

1- الفقراء :

وهم الذين لا يملكون مالاً، مع عدم قدرتهم على الكسب، أو من معهم مال قليل لا يكفى حاجاتهم الضرورية .

2- المساكين :

وهم أحسن حالاً من الفقراء، لكنهم لا يملكون ما يكفى حاجاتهم الضرورية .


3- العاملون عليها :

وهم الموظفون الذين يقومون بجمع الزكاة وحفظها وتوزيعها .

4- المؤلفة قلوبهم :

وهم فئة من الناس يرى الحاكم أو ولى الأمر أن هناك مصلحة في إعطائهم جزءًا من الزكاة؛ لتأليف قلوبهم على الإسلام، ومساعدتهم على التمسك به.

5- في الرقاب :

أي إعتاق العبيد بشرائهم ثم تحريرهم من العبودية، ويتضح من هذا أن الإسلام سبق كل الأنظمة في تصفية نظام الرق وإلغائه، ويصح أن يستخدم هذا السهم في عصرنا الحالي في فداء الأسرى .

6- الغارمون :

وهم من كان عليهم دين، ولا يملكون أموالاً تكفى سداد تلك الديون .

7- في سبيل الله :

والمراد به مصاريف الجهاد والعزو ، والمجاهدين والعتاد ونحو ذلك .

8- ابن السبيل :

وهو المسافر الغريب الذي ليس له مال .

14-02-2014 | 321
 

الصلاة

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وهي فرض على كل مسلم ومسلمة, فهي صلة بين العبد و ربه ، وهى تعودنا النظام والمحافظة على المواعيد، كما أنها ترضى الله- تعالى- لأنه أمرنا بها، قال تعالى:
" فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)" (النساء:103)

وقبل الدخول في الصلاة يجب أن يكون المسلم متوضئًا، ونظيف الثوب والبدن، وأن تكون الصلاة في مكان طاهر .

· الصلاة تقربنا من الله :

كل الفروض والأوامر في الإسلام تلقاها الرسول -صلى الله عليه و سلم- من الله- سبحانه وتعالى- عن طريق أمين الوحي "جبريل"- عليه السلام- ما عدا الصلاة ، فهي العبادة الوحيدة التي فرضها الله- سبحانه وتعالى- وأبلغها لرسوله الكريم مباشرة بغير واسطة في ليلة الإسراء والمعراج؛ وذلك لأن الصلاة عمل جليل رفيع الشأن في حياة المسلم .

فبالصلاة يعبر المؤمن حدود الدنيا إلى رحمة الله، إلى حيث يكون أقرب ما يكون إلى ربه .

قال تعالى:
"وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)" (العلق:19)
والرسول -صلى الله عليه و سلم- يقول : " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء " . (أخرجه مسلم)

وقال -صلى الله عليه و سلم- : " سبعة يظلهم الله- تعالى- في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل قلبه معلق بالمساجد .. " (أخرجه البخارى)


وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله .
· الصلاة الركن الوحيد الذي يؤديه المسلم في كل أحواله :

الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين , فهي الركن الوحيد من أركان الإسلام الذي لابد أن يؤديه المسلم، الذي يشهد أن لا إله إلا الله، وأن "محمدًا" رسول الله :

- فقد لا يكون عند المسلم مال، فلا يدفع الزكاة .

- و قد يكون مريضًا، فلا يصوم .

- و قد لا يقدر على الحج، فلا يحج .

* أما الصلاة فهي الركن الذي يجب أداؤه في كل الأحوال :

- فالمريض الذي لا يستطيع القيام، يصلى قاعدًا .

- والذي لا يستطيع القعود، يصلى على جنبه .

- والذي لا يستطيع أن يقف ليصلى، لأن وراءه عدوًّا أو حيوانًا مفترسًا، ويخاف أن يلحق به، فإنه يصلى وهو راكب على حصانه أو دابته، وفى أي اتجاه يكون فيه ويحرك رأسه بدلاً من الركوع والسجود .

- وأثناء المعارك، والحرب دائرة وجهًا لوجه مع الأعداء يجب على المسلمين أن يصلوا، كل واحد حسب استطاعته، وفى أي مكان يكون فيه، وفى أي اتجاه، ويكفى أن يحرك رأسه قليلاً بدلاً من الركوع والسجود .

· الصلوات المفروضة :

المسلم يصلى خمس صلوات في اليوم والليلة، وعدد ركعاتها (17) ركعة، هي :

الصبح : ركعتان .

الظهر : أربع ركعات .

العصر : أربع ركعات .

المغرب : ثلاث ركعات .

العشاء : أربع ركعات .


· فضل الصلوات الخمس :
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله، -صلى الله عليه و سلم- ، يقول : " أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شىء ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء . قال : " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " . (أخرجه البخاري)

فيدعو الحديث الشريف المسلمين إلى المحافظة على أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها، لتطهرهم من الذنوب والخطايا، طالبين بذلك رضوان الله- تعالى- وثوابه.

· الصلوات الجهرية والسرية :

- الصلوات الجهرية هي الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، وهى :

صلاة الفجر والمغرب والعشاء .

- الصلوات السرية هي الصلوات التي لا يجهر فيها بالقراءة، وهى :

صلاة الظهر والعصر .

· صلاة الجماعة :

صلاة الجماعة حث عليها النبي- صلى الله عليه وسلم - ، فإذا جاء وقت الصلاة أذن المؤذن للصلاة، فيحضر المصلون من كل مكان، وتقام الصلاة، ويتقدم الإمام، ويقف المصلون خلفه في صفوف منتظمة، ويكبر الإمام تكبيرة الإحرام (يقول: الله أكبر) للدخول في الصلاة، ويكبر المصلون مثله في السر، ثم يتبعه المصلون في كل ما يفعل، وتفضل صلاة الجماعة صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة .

· صلاة الجمعة :

هي صلاة تؤدى يوم الجمعة في وقت الظهر، وهى ركعتان، يقرأ فيها الإمام بصوت مرتفع بعد أن يخطب خطبتين بينهما استراحة قصيرة، وهى فرض على الرجال المقيمين الأصحاء، ولا تجب على كل من النساء والمرضى والمسافرين، فهؤلاء يصلونها ظهرًا .

· من فوائد المحافظة على الصلوات :

المحافظة على الصلوات الخمس تعود على المسلم بالخير الكثير، في الدنيا والآخرة، ومن ذلك :

- التحلي بالأخلاق الحسنة، مثل الصدق والأمانة وطاعة الوالدين, فالصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر .

- الطاعة والنظام .

- المحافظة على نظافة الجسم وحسن المنظر .

- إخلاص العمل لله- تعالى- وإتقانه في مواعيد محددة .

- الصبر على الشدائد، وتحمل مشاق الحياة .

· شروط صحة الصلاة :

لا تصح صلاة المسلم إلا إذا توفرت فيه شروط ، منها :

1- أن يكون طاهر الجسم والثوب والمكان .

2- أن يكون متوضئًا .

3- أن يكون ساترًا لعورته .

4- أن يكون مستقبلاً القبلة .

· كيف نصلي ؟
شرع الله- تعالى- الصلاة، وعلمنا رسول الله، -صلى الله عليه و سلم- كيفية أدائها، وقال : " صلوا كما رأيتموني أصلى " . (أخرجه البخاري)

فإذا أردت أن تصلى فافعل ما يلي :

- قف قائمًا مستقبلاً القبلة .

- انو الصلاة في نفسك، وكبر قائلاً : "الله أكبر" رافعًا يديك حذو أذنيك مع التكبير.

- ضع كفك اليمنى فوق اليسرى على صدرك، واقرأ دعاء الاستفتاح .

- اقرأ الفاتحة في كل ركعة، واقرأ ما يتيسر لك من القرآن الكريم في الركعتين الأوليين .

· فروض الصلاة :

- النية وتكبيرة الإحرام .

- القيام في الصلاة للقادر عليه .

- قراءة الفاتحة .

- الركوع مرة واحدة في كل ركعة، والاعتدال منه مع الطمأنينة فيها .

- السجود مرتان في كل ركعة، والجلوس بينهما مع الطمأنينة فيهما .

- الجلوس الأخير لقراءة التشهد ، والصلاة على النبي -صلى الله عليه و سلم- .

- التسليم عن اليمين مع نية الخروج من الصلاة .

· التشهد :

التشهد من فروض الصلاة، يقرؤه المصلى إذا جلس بعد الركعة الثانية من كل صلاة ويقرؤه- أيضا- في الجلوس الأخير من الصلاة وهو :

" التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله " .

وفي الركعة الأخيرة وبعد أن يفرغ المصلى من التشهد ، فإنه يصلى على النبي -صلى الله عليه و سلم- فيقول : " اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .

14-02-2014 | 431
 

الشهادتان

" شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله "

الشهادتان هما أول ركن من أركان الإسلام .. والإيمان بالشهادتين والنطق بهما هما الطريق إلى الإسلام وبهما يكون الإنسان مسلمًا موحدًا لله .

وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :

"بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان" (رواه البخاري)


وقد ظل النبي – صلى الله عليه وسلم- مدة بعثته يدعو الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده وترك الشرك وعبادة الأوثان، وإلى الإيمان بأنه رسول الله ، وأن الله قد بعثه إلى الناس جميعًا لهدايتهم وإرشادهم إلى الطريق المستقيم .

وكان النطق بالشهادتين هو المفتاح الذي أدخل الصحابة جميعًا إلى الإسلام، فعل ذلك "أبو بكر الصديق"، و"عمر بن الخطاب"، و"عثمان بن عفان"، و"علي بن أبى طالب"، و"خديجة بنت خويلد"، وغيرهم من الصحابة الكرام، وسيفعله كل من يريد أن يدخل إلى الإسلام من البشر جميعًا ممن ليسوا على ملة الإسلام .

وأصل الشهادة أن تؤمن بأنه لا معبود بحق إلا الله تعالى ، وأنه مطاع في كل ما يأمرنا به وينهانا عنه، وهذه هي الغاية التي بعث الله من أجلها الرسل ، ولذلك يدعو القرآن إلى حقيقة لا إله إلا الله في أكثر من موضع , قال تعالى :

"إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا " (طه: 98)

وقال تعالى:

"هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" (الحشر 22)

· الإيمان بوجود الله :

يشهد الكون الفسيح بما فيه من إنسان وحيوان وطير ونبات، وأنهار وبحار ومحيطات، وجبال وسهول وهضاب، ونجوم وكواكب، يشهد بأن وراء كل ذلك إلهًا قادرًا مدبرًا هو لله .

وقد دعانا الله إلى النظر في الكون الهائل ، قال تعالى:


"إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5)" (الجاثية:3- 5)

وقال تعالى:

"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)" (البقرة:164)

وذات يوم سأل أحد الملاحدة الإمام "الشافعي" أن يأتي له بدليل على وجود الله , فقال له: ورقة التوت , لا يختلف طعمها ولونها وريحها في ورقة عن ورقة أخرى ، لكن تأكلها دودة القز فتخرج الحرير, وتأكلها الشاة فتربي اللحم وتخرج اللبن , وتأكلها الظباء فتغذيها وتكِّون بداخلها المسك , فمن الذي جعل هذه الأشياء متنوعة الإفرازات , والغذاء واحد ؟ إنه الله سبحانه وتعالى.

· الله واحد :

وما دام لهذا الكون إله خالق مدبر، فلا بد أن يكون إلهًا واحدًا، ولا يمكن أن يكون لهذا الكون إلهان أو آلهة متعددة ..ويتضح ذلك من التناسق البديع الموجود في الكون، والنظام الدقيق الذي يحكم حركة الكون منذ ملايين السنين ، والأدلة على وحدانية الله كثيرة، منها :

- خلق السموات والأرض: بأبعادها الهائلة , وآفاقها الواسعة , وعوالمها المختلفة وكواكبها التي تسير في مدارات ثابتة لا تتغير.

- شروق الشمس من الشرق، وغروبها من الغرب , وتحركها المنضبط في المدار المحدد لها ، فلا تقترب من الأرض فتهلك بحرارتها ما على الأرض من حياة ، ولا تبتعد عنها فيعم البرد والصقيع، فتتجمد الكائنات الحية من إنسان وحيوان وطير وزروع، وبذلك تنتهي الحياة على سطح الأرض .

- اختلاف الليل والنهار في الطول والقصر , والنور والظلمة وتعاقبهما المنضبط والمستمر .

فالنظام المنضبط الذي يسير عليه هذا الكون العظيم يشهد بأن خالق هذا الكون إله واحد لا شريك له، ويستحيل أن يكون هذا الكون قد خلق نفسه، أو أوجده شريكان أو أكثر، ولو كان كذلك لاختلف الشريكان، وتحطم الكون واختل نظامه .

قال تعالى :

"مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)" (المؤمنون 91)

· الله قادر على كل شيء :

ويتضمن معنى الشهادة الإيمان بأن الله قادر على كل شيء، وليس عنده شيء صعب وشيء سهل، وإنما إذا أراد شيئًا فإنه يقول له كن فيكون .

والله تعالى هو الذي يدبر أمورنا ويصرف شؤوننا ، ويحي ويميت، ويعطي ويمنع، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، لأنه القادر على كل شيء فلا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه شيء، والمسلم لا يستعين إلا بالله، لأنه هو القادر على أن يعينه، قال تعالى :

"لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)" (المائدة 120)

· الله هو الرازق :

ويترتب على الإيمان بالله الواحد الإيمان بأنه هو الرازق، فقد تكفل الله برزق الكائنات جميعًا، وضمن لهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب، والإيمان بأن الله يعطى الناس من فضله ويرزقهم حسب مشيئته، ولا يمنع رزقه عن أحد، سواء كان مؤمنا أو كافرا.

والمسلم يؤمن بأن طاعة الله وعبادته والقيام بالأعمال الصالحة تزيد في الرزق، وفي الوقت نفسه عليه ألا يغضب إذا قل رزقه بل يصبر ويدعو الله أن يوسع عليه، قال تعالى :
"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37)" (الروم:37)

· الله يعلم كل شيء :

ومن معاني الشهادة الإيمان بأن الله تعالى عليم خبير ، يعلم كل ما يحدث في الكون، سواء الأشياء التي نسمعها ونراها أو الأشياء التي لا نسمعها ولا نراها، ويعلم ما تخفيه الصدور، وما تفكر فيه العقول.

والله- تعالى - يعلم عدد النجوم في السماء، وعدد حبات الرمال في الصحراء، وقطرات الماء في البحار والمحيطات، وأعداد الكائنات جميعًا من إنس وجن وحيوانات وطيور وأشجار ونباتات .. يعلم الله ما مضي منهم، وما سيأتي، قال تعالى :
"وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59)" (الأنعام 59)

· الله يسمع كل شيء و يراه :

والله سبحانه- تعالى - سميع بصير، يسمع كل الأصوات، البعيدة والقريبة، القوية والضعيفة، وما يتلفظ به الإنسان جهرا وما يخفيه في نفسه سرًا ، فالله يعلم سرنا وجهرنا , ظاهرنا وباطننا , وكما يسمعنا الله فهو يسمع الحيوانات والطيور والحشرات، وكل ما نعرفه من الكائنات وما لا نعرفه .

والله- تعالى - بصير يرى كل الأشياء الكبيرة والصغيرة، الظاهرة والمختفية، ما نراه بعيوننا وما لا نراه، ويرى الله كل شيء سواء في الضوء أو في الظلام، على سطح الأرض ، أو في قاع البحار .

وإذا ترسخت هذه المعاني في نفس المسلم فإنه لن يفعل ما يغضب الله، لأنه- تعالي- مطلع عليه, يسمع كل شيء، ويبصر كل شيء، ولا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء .

· شهادة أن "محمدًا" رسول الله :
شهادة أن "محمدًا" رسول الله هي الجزء الثانى من الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا الله، ولا يقبل إسلام أي شخص دون إتمام الشهادتين .

والمسلم يؤمن بأن "محمدًا" – صلى الله عليه وسلم- رسول الله إلى الناس جميعًا، وقد بعثه الله إلى كل الأمم والشعوب، وليس إلى قومه خاصة مثل غيره من الرسل، وأنه آخر الأنبياء والمرسلين، فلا رسول بعده، ولا نبي يأتي خلفه، قال تعالى :

"مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)" (الأحزاب 40)

وقد أنزل الله الوحي على نبيه "محمد" – صلى الله عليه وسلم- وهو في الأربعين من عمره، وكان منذ صباه معروفًا بالصادق الأمين .

وظل النبي- صلى الله عليه وسلم- في "مكة" ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى التوحيد وعبادة الله الواحد، فآمن بدعوته عدد قليل تحملوا معه إيذاء قريش وعنادهم، ثم هاجر إلى "المدينة" واستقر بها عشر سنوات، انتشرت خلالها دعوته، واستقرت دولته، وازداد عدد المسلمين، ودخل الناس في دين الله أفواجًا حتى بلغ عدد المسلمين الذين كانوا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة أكثر من مائة ألف مسلم.

ورسالة النبي- صلى الله عليه وسلم- عامة إلى جميع الناس من كل جنس ولون، على اختلاف أوطانهم وتعدد لغاتهم، سواء من كان منهم معاصرًا للنبي- صلى الله عليه وسلم- أو من جاء بعد وفاته حتى تقوم الساعة، فرسالته عامة إلى الناس إلى يوم القيامة؛ لأن فيها ما يصلح حياتهم ومعيشتهم، وينظم أمور دينهم ودنياهم من صلاة وصوم وزكاة وحج ومعاملات مالية، وآداب وسلوك . وقد أشار القرآن إلى عموم رسالة النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فقال :

"قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)" (الأعراف 158)
وقد أنزل الله القرآن على رسوله "محمد"- صلى الله عليه وسلم- عن طريق ملك الوحى "جبريل"- عليه السلام، وهو آخر الكتب السماوية، اشتمل على الأحكام والتشريعات التي تسعد الناس فى حياتهم، وترشدهم إلى الفلاح فى الدنيا والآخرة، وقد تكفل الله بحماية كتابه الكريم من التحريف والتبديل إلى يوم الدين، قال تعالى:

"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)" (الحجر 9)

ولذلك فهو الكتاب الوحيد المنزل من عند الله الذي لم يتبدل ولن يتبدل أو يتغير .

14-02-2014 | 327
 

الإسلام

الإسلام يعني الاستسلام لله- تعالى- والخضوع له والانقياد لأوامره، وإخلاص العبادة لله وحده، واتباع شريعته .

وقد أرسل الله "محمدًا" - صلى الله عليه وسلم - بدين الإسلام ، وكانت رسالته خاتمة لجميع الرسالات، وهى رسالة موجهة لكل البشر، فى كل زمان ومكان، وقد تكفل الله بحفظها وحمايتها من التحريف والتبديل والتشويه، وعماد هذه الرسالة الخاتمة القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى :
"هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه"ِ (الصف : 9)

وقال أيضًا : "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (سبأ 28)


وقد اشتمل الإسلام على ما يصلح حياة الناس وما يضمن عيشهم في حب وسلام ومودة ورحمة وعدل وإنصاف وتعاون وتكافل، وكان هذا هدفًا من أهداف الإسلام العظيمة وقد عبر عن هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .

· الحاجة إلى الإسلام :
كان العالم في الوقت الذي ظهر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما يكون إلى الإسلام، فالعالم آنذاك تتقاسمه قوتان رئيستان هما "فارس" و"الروم"، وبينهما حروب طاحنة عانت الشعوب الخاضعة لهما من ويلاتها، كما عانت أشد المعاناة من الظلم والاستبداد .

وفى الوقت نفسه كان يسود العالم مفاهيم ومعتقدات دينية خاطئة، انحرفت عن وحي السماء، وعمت الأديان الخرافة والأباطيل .

ولم تكن الحياة الاجتماعية في هذه الفترة بأفضل حال من غيرها ، فقد ساد الاستبداد والظلم والقهر والطغيان وسفك الدماء وإهدار كرامة الإنسان ، وانحراف الأخلاق .

وفى وسط هذا الجو المظلم جاءت رسالة الإسلام لتصحح مسيرة البشرية، وتردها إلى الصلاح، وتربطها بوحي السماء المعصوم، وتجعلها تستهدى بنور الله تعالى، وتأخذ بيدها إلى الخير والسعادة .


· الإسلام دين الحرية :
وكان أول شيء قام به الإسلام هو تحرير الإنسان من العبودية لغير الله تعالى وتخليصه من الظلم الواقع عليه، فهو ينادى بأن الناس جميعًا أمة واحدة من أب واحد وأم واحدة، فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ولا فضل لأبيض على أسود إلا بمقدار التزامه بشرع الله .

ولذلك دخل في الإسلام الضعفاء والمساكين والعبيد ووجدوا فيه خلاصهم، فرفعهم الإسلام، وساوى بينهم وبين غيرهم من السادة والرؤساء، وفتح لهم مجال النبوغ والتفوق كل حسب قدراته، فكان منهم بلال الحبشي مؤذن الرسول، وسلمان الفارسي، وصهيب الرومي .

· الإسلام دين العدل :

ونشر الإسلام العدل بين الناس، فهم سواسية كأسنان المشط، ولم يعط لأحد امتيازات ويحرم منها غيره، وطبق الرسول -صلى الله عليه وسلم - الأحكام على الناس جميعًا، فحين سرقت امرأة من قبيلة بنى مخزوم القرشية وهى قبيلة كبيرة، طبق الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليها حد السرقة، وغضب من الذين توسطوا عنده لإسقاط العقوبة عنها، وقال قولته المشهورة : لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها .

· الإسلام دين الرحمة :

والإسلام دين الرحمة فقد عمل على نشرها بين الناس، وقد وصف الله نفسه في مواضع كثيرة بالرحمن والرحيم، وجعل هاتين الصفتين متلازمتين في كل موقف يبدأ فيه المسلم بالبسملة فيقول : "بسم الله الرحمن الرحيم" سواء في الصلاة أو في غيرها .

ومدح الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى :

"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران : 159)

وامتدح المؤمنين بهذه الصفة، فقال تعالى :

"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا" (الفتح : 29 )

ولم تقتصر رحمة الإسلام على الإنسان بل امتدت إلى الحيوان، فنهى عن تعذيب الحيوان أو تجويعه، وجاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل ما تلقاه في الأرض، وأن رجلاً دخل الجنة لرحمته بكلب عطشان، سقاه في نعله، لأنه لا يستطيع الشرب من البئر.

· الإسلام دين التكافل :

ودعا الإسلام إلى التكافل بين جميع أفراد المجتمع المسلم وحرص على أن يكون المجتمع قويًا ومترابطًا، لا يشيع فيه الحسد والحقد، ففرض الزكاة على الأغنياء والقادرين، لينفق منها على الفقراء والمحتاجين، ولتسد حاجاتهم، وتقضى مصالحهم.

· مزايا الإسلام :

ولما جاء الإسلام أحدث تغيرًا في العالم نحو الخير والصلاح، وأسس مدينة عادلة، وحضارة زاهرة، ومجتمعًا مستقيمًا، وكان ذلك بفضل خصائص وسمات تميز بها الإسلام، أعطته القدرة على تغيير واقع العالم المضطرب إلى الأفضل والأحسن وأكسبته مقومات البقاء، والانتصار على الديانات المحرفة .

فالإسلام أنزله الله تعالى على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يصنعه بشر ولم يضعه مخلوق، وإنما مصدره الأوحد هو وحي الله الذي تكفل بحفظه ، فقال تعالى :

"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" (الحجر : 9)


· الإسلام دين الله :

فعقائد الإسلام، وعباداته، وآدابه، وأخلاقه، وشرائعه، ونظمه كلها من عند الله تعالى، فالمسلمون لا يعبدون إلا الله تعالى، ولا يتعبدون إلا بما شرعه الله لهم من صلاة وصوم وزكاة وحج .

· الإسلام دين لكل البشر :

والإسلام دين شامل للناس جميعًا، لا يخص أمة دون غيرها، ولا جنسا دون سواه، ولا يرتبط بزمان معين أو مكان محدد، فهو للناس جميعًا، وصالح لكل زمان ومكان، ومن مظاهر شموله أنه جاء بعقيدة واضحة قائمة على التوحيد، وعبادات تربط الإنسان بخالقه، وأخلاق تقوى الصلة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وتشريعات تنظم المجتمع وتقيمه على أساس من العدل والإحسان .

· الإسلام دين الوسط :

والإسلام دين الاعتدال والوسط، فهو يحقق للإنسان خير الدنيا وسعادة الآخرة، فهو يعتني بالروح كما يعتني بالجسد، ويهتم بالفرد كما يهتم بالجماعة، ويبيح للناس الطيبات النافعة، ويحرم عليهم الخبائث الضارة .

· الإسلام دين واضح :

يتميز الإسلام بأن أصوله وقواعده في العقائد والشعائر والأخلاق والآداب واضحة لا غموض فيها، فالقرآن الكريم ميسر للذكر، وقريب من نفس المسلم يلجأ إليه في كل وقت يستمد منه الهداية والإصلاح، والسنة النبوية تشرح القرآن وتفصل أحكامه، وتمثل النموذج العملي لأحكام الإسلام، وأهداف الإسلام واضحة في تكوين الفرد الصالح والأسرة الصالحة، والأمة الصالحة، وإشاعة قيم الحق بين الناس .

· الإسلام كرم المرأة :

وقد كرم الإسلام المرأة بعد أن عانت من الظلم والاضطهاد وكانت المجتمعات في المشرق والمغرب تنظر إلى المرأة نظرة دونية وتسلبها حقوقها وإنسانيتها فجاء الإسلام فرفع شأن المرأة، وحافظ على كرامتها ووضع من التشريعات ما يحفظ حقوقها وساوى بينها وبين الرجل في الواجبات والتكليفات، في الصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات، وجعل لها ذمة مالية خاصة بها تتصرف في أموالها حسبما تشاء، وحافظ على اسمها فهي تنسب إلى أسرتها لا أسرة زوجها، وجعلها راعية لزوجها ولأولادها .

· جبريل يعلمنا ديننا :
يقوم الإسلام على أركان خمسة هي الشهادتين ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت .

وتقوم العقيدة الإسلامية على أركان ستة، وهى المعروفة بأركان الإيمان، وهى تشمل الإيمان بالله، والإيمان بالملائكة الذين خلقهم الله من نور، وليسوا ذكورًا ولا إناثًا ولا يأكلون ولا يشربون .


والإيمان بالكتب المنزلة من السماء كالتوراة والإنجيل والإيمان بالرسل والأنبياء، والإيمان باليوم الأخر، يوم البعث والجزاء والإيمان بالقدر الذي يسير عليه نظام الكون .

فعن عمر بن الخطاب – رضى الله عنه قال : "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد . حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد ! أخبرني عن الإسلام فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال : صدقت قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال : فأخبرني عن الإيمان قال : "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر . وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال : صدقت قال : فأخبرني عن الإحسان قال : "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" قال : فأخبرني عن الساعة، قال : "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" قال : فأخبرني عن أماراتها . قال : "أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة، العالة، رعاء الشاء، يتطاولون في البنيان" قال : ثم انطلق فلبثت مليًا ثم قال : لي "يا عمر! أتدرى من السائل ؟" قلت الله ورسوله أعلم قال : "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" .

· انتشار الإسلام :

قامت دعوة الإسلام منذ البداية على أنها للناس كافة، وقد عمل المسلمون على تبليغ تلك الدعوة وتوصيلها إلى أرجاء الأرض بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يكد يمر نصف قرن حتى استقرت للإسلام دولة قوية، وأقبل الناس على الدخول في الإسلام طوعًا ودون إكراه، بعد أن رأوا ما فيه من رحمة وعدل وأخوة ومساواة، ولمسوا فيه ما يحقق نفعهم وسعادتهم، وينظم شئون حياتهم، وقد انتشر الإسلام في المشرق والمغرب، فوصل إلى حدود الصين شرقًا والمحيط الأطلسي غربًا، ووصل إلى جنوب أوربا ووسط أفريقيا، ولا توجد الآن منطقة في العالم إلا وبها مسلمون، ولا يزال الإسلام- على الرغم مما يتعرض له من حرب شرسة- أكثر الأديان انتشارًا في العالم، وتتزايد أعداد الداخلين فيه يومًا بعد يوم .

14-02-2014 | 302
 

المواد

تصميم وتطويركنون