المقال
إلى كل إمرأة
بسم الله الرحمن الرحيم
السبيل المختصرة إلى قلب زوجك! هذا نداء إلى كل إمرأة من حيث كونها إمرأة. إلى كل إمرأة صغيرة كانت أم كبيرة، كبيرة حتى جدة، وصغيرة حتى طفلة.
سؤال: أتدرين لماذا خلقك الله؟ لماذا خلقك الله أنثى؟ وأعطاك الله هذه المواهب والقدرات؟ هل تعلمين لماذا خلقك الله على هذا الوجه؟ على هذه الكيفية؟ بهذه الصورة؟ هل تعلمين لماذا أعطاك الله الجمال؟ ولماذا أعطاك الله الرقة والدلال؟ ولماذا أعطاك الله الحنو والعطف والهدوء والعاطفة؟
لاشك أن كل امرأة أوجه إليها هذا السؤال ستتفاوت الإجابة وقد تقول بوجهها أو بيديها أو بلفظ آخر: "لا أدري!"، "إنما أنا إمرأة وانتهت القضية عند هذا الحد".
وأنا أجيبك: دعيني أجيبك الإجابة. نعم ندائي إلى كل إمرأة وإن كانت غير مسلمة! توقفي لحظة لنعرف سوياَ: لماذا خلقك الله عزوجل على هذا الوجه؟
لقد خلق الله الخلق، وهوالحكيم العليم، وهوالعليم الخبير، قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]. خلق الله الخلق سبحانه وتعالى قسمين، قال جل جلاله: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۖ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [الذاريات: 49-51]. لقد خلق الله جل جلاله الخلق من كل شيء زوجين اثنين، وتفرد هو جل جلاله بالوحدانية، خلق الله عز وجل الخلق مثنى مثنى، ذكرا وأنثى.
عرفت الآن لماذا خلقك الله عز وجل أنثى؟ ليكتمل بك الخلق. فكل مخلوق ذكر يحتاج إلى مخلوقة مثله من جنسه أنثى. الله خلق الخلق على هذا، فأنت خلقتِ لتكملي الشق الآخر، خلقتِ على هذه الصورة إكمالاً.
يخدعونك، يكذبونك، حين يقولون لك: أنتِ مستقلة! حين يقولون لك أنتِ حرة! حين يقولون لك أنتِ تستطيعين أن تقومي بذاتك! يكذبونك، يخدعونك.
الله الذي خلقك، يخبرك لماذا خلقك؟ قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
الله سبحانه وتعالى أخبرنا لماذا خلق الأم الأولى حواء، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]. الشاهد: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} أعرفت؟!
إعلمي أن الله خلقك على هذه الكيفية، بهذه الطريقة، الله خلقك بهذا الجسم، وبهذا الضعف، وبهذه العواطف الجياشة، وبهذا القلب، ليسكن إليك الرجل، لتكملي حياته؛
فهو بدونك: في شتات، وبدونك: في ضياع.
أختاه! لست أقلل من شأنك، إنما أردك إلى حقيقتك. فالذين يخدعونك إنما يخدعونك لمصلحتهم
يخدعونك لأهوائهم، يخدعونك لشهواتهم وآرائهم ومصالحهم. أرأيتِ كيف يستغلونك، يستغلون جمالك ودلالك ليبيعوك رخيصة، ليجعلوك سيئة السمعة، ليجعلوك متبذلة.
أما الله الكريم الخالق العظيم حين وضع مكانك في شريعة الإسلام. وضعك أما موقرة، وزوجة هي شطر الرجل، تعينه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الآخر.
أختاه انتبهي! فإن هذا الطفل الذي في حجرك، إن هذا الطفل الذي بين يديك، قد يكون هو الذي يترقب العالم كبره وينتظر بلوغه! لعل هناك كرسيا ينتظر جلوسه!لعل هناك جيوشا تنتظر قيادته وإمامته!
أختاه! ستقولين كيف السبيل؟ كيف السبيل إلى هذا الذي تقول؟ أن أكون فعلا أما لقائد؟ كل أم تشتهي أن يكون ولدها أفضل ولد على ظهر الأرض، أن يكون ولدها سيد العالم!! وبحق، كيف تكونين أمه؟ كيف تصنعينه؟.
والجواب لابد من تربيتك قبل تربيته، و إعدادك قبل إعداده، فانتبهي لذلك. فإن قلتِ أتربى على ماذا؟ وأُعَدُّ لماذا؟ فالجواب بمنتهى الوضوح والتحديد: كوني أمة لله وحده؛ تكوني سيدة العالم. أمة لله ولله وحده، لا "للمكياج" ولا "لفساتين السهرة"، ولا "للموضة" الجديدة، ولا "للكوافير"، ولا "للشقة"، ولا "للأثاث" ولا "للصالونات"... إنما أنت أمة لله الواحد القهار. بهذا تعتزين، ولهذا تعملين، ولهذا تعيشين.
حجابك حجابك؛ لكون الله أمرك بذلك. صلاتك صلاتك؛ لكون الله دعاك إلى ذلك. ذكرك لله دوما لا تغفلي. و رحم الله زوجة أحد السلف حين قدمت إليه الطعام وهي تقول له: "كُل فوالله ما نضج إلا بالتسبيح والتقديس". نعم لا بأس وأنت تقفين في المطبخ، تعدين طعامك، أو تنظفين بيتك، أو تتابعين عملك، ترضعين طفلك... لماذا لا يعمل لسانك؟ لماذا لا يعمل قلبك؟ القرآن القرآن: كلام الله تعالى غذاؤك ودواؤك، القرآن شفاء، القرآن دواء، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
وهكذا كوني أمة تكوني سيدة العالم. كوني أمة لله وحده ولا لشيء آخر، لا للعادات، ولا للتقاليد، ولا للأعراف، ولا للظروف. لستِ أمة إلا لله وحده. حينها ستكون كل أعمالك تتسم بعبودية لله. فطاعتك لزوجك، وحسن تبعلك له إنما ينبع من كونك ترضين الله فيه فقط. فأنت تطيعينه إرضاءً لله. فيقذف الله حبك في قلبه، فيحبك كأشد ما يحب الرجال النساء.
أرأيتِ هذه السبيل المختصرة إلى قلب زوجك؟! فقلوب الخلق بين إصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء.
ثم أنتِ حين تكونين أمة لله حقاَ ستعيشين لله. فتربين طفلك لا ليقال ابن فلانة، ربته فلانة. إنك لن تفتخري به في المجالس؛ إبني معه كذا حصل كذا يعمل كذا. إنك حين ذاك ستربينه لله
ليرضى الله عنكِ. فيربي الله لك ولدك.
نسأل الله أن يربي لنا أولادنا، وأن يصلح نساءنا، وأن يملأ بيوت المسلمين خيرا وبركة.
الشيخ محمد حسين يعقوب نقلا عن موقعه الرسمي