المادة
هذه الخواطر التي تؤذي كلها من الشيطان
السؤال:
قضيت شبابي في طلب العلم في الجوامع والمدارس الدينية، وأخذت من كل علم من العلوم الإسلامية والعربية بنصيب، ولكن المشكلة التي أواجهها والتي تقض مضجعي وتعكر صفو حياتي وتجعلني أشعر بالقلق والخوف أن أوهاماًَ ووساوس وخواطر تسيطر عليَّ، ومنها ما تكون كفراً ولكني لم أتفوه بها، وحاولت جهد الإمكان أن أعالجها بكثرة الذكر واللجوء إلى الله والتضرع إليه تعالى أن ينقذني من هذه الخواطر دون جدوى، وإني أشكو من قسوة شديدة في قلبي، ومن ضجر وملل وكسل في أداء الفرائض، وإني أشعر كان قلبي صحراء قاحلة وظلام دامس، وجميع آفات القلب مسيطرة عليَّ من كبرياء ورياء وحقد وحب للمدح وبغض للذم إلى آخره، فهل أنا مؤاخذ على هذه الخواطر؟ وكيف أستطيع معالجة نفسي الأمارة بالسوء؟
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد..
أيها السائل ينبغي أن تعلم أن هذه الخواطر وهذه الأوهام وهذه الأشياء التي تؤذيك كلها من عدو الله الشيطان، لما رأى ما لديك من الحرص على الخير وطلب العلم والاستفادة والاجتهاد، وأراد أن يشوش عليك حياتك، وأن ينغصها عليك بهذه الأوهام وهذه الشكوك وهذه الأشياء التي تقض مضجعك، فينبغي لك أن تحاربها بذكر الله عزَّ وجلَّ والاستعداد للقائه سبحانه وتعالى، وأن تعلم أنها من الشيطان فينبغي تركها والحذر منها، والإقبال على قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى والاشتغال بما ينفعك من خير الدنيا والآخرة، فيكون لك مكسب ويكون لك عمل يشغلك عن بعض هذه الوساوس، مع الإقبال على الله والاستكثار من تلاوة كتابه الكريم، والضراعة إليه أن يعافيك من شر هذا العدو ومن أوهامه ومما يلقيه عليك من الوساوس، وربك جل وعلا جواد كريم، فهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، فاسأله جل وعلا واضرع إليه حتى يخلصك من هذه الوساوس، وهذه الأوهام، وهذه المكائد التي يكيد بها عدو الله، وقد وقع هذا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه صلى الله عليه وسلم، قالوا: «يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يخر من السماء أحب إليه من أن ينطق به، فقال عليه الصلاة والسلام: هي الوسوسة»، وفي لفظ: «الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسه» (رواه أحمد برقم (2098)، وأبو داود: كتاب: الأدب، باب: في رد الوسوسة، رقم (5112))، وفي لفظ: «ذاك محض الإيمان» (رواه مسلم: كتاب: الإيمان، باب: بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، رقم (133))، يعني صريح الإيمان وخالصه، أي أن ما يقع في القلوب من كراهة هذا الشيء وإنكاره واستعظامه هذا من الإيمان، ومن صريح الإيمان.
فاحمد ربك فقد أصابك ما أصاب غيرك من الأخيار الأولين، فجاهد نفسك في هذا الأمر، وأبشر بالخير والعافية، ومتى صدقت مع الله كفاك شر هذه الوساوس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أتاه الشيطان فقال له: هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته» (رواه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده رقم (3276)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان رقم (134))، فإذا وجدت هذه الوساوس فقل: "آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، وانته ودع السير مع هذه الوساوس واللين معها، وابتعد عنها واحذرها ولا تلن ولا تسترخ معها؛ فإن ذلك مما يوقعه الشيطان، ولكن دعها وحاربها واشتغل بشيء آخر من ذكر الله وقراءة القرآن، وغير هذا من المشاغل التي تشغلك عنها من أمور الدين والدنيا جميعاً، وهذا هو العلاج فيما نعتقد، والله سبحانه وتعالى هو الموفق.
جديد المواد
روابط ذات صلة
المادة السابق
| المواد المتشابهة | المادة التالي
|
تصميم وتطويركنون