المادة
السيارة
اختراع العجلة : يعد اختراع العجلة من أعظم الاختراعات في مجال النقل والمواصلات ، غير أنه لا يعرف على وجه الدقة من قام باختراعها ، أو متى كان ذلك ، وعلى أية حال فهناك رسوم وصور منحوتة على جدران آثار بلاد ما بين النهرين، تصور عربات ذات عجلات، عبارة عن قرص من الصلب، يقوم بتثبيت عدد من القطع الخشبية معًا، ويرجع تاريخ هذه الرسومات إلى (3000) سنة ق.م على الأقل ، لكن من المحتمل أن يكون اختراع العجلة كان قبل ذلك بوقت طويل ، وإذا كانت العربات التي تسير على عجلات لم تظهر في "مصر" إلا بعد أن احتلها "الهكسوس" في أواخر القرن (18 ق.م)، إلا أن المصريين هم الذين قاموا بتطوير تلك العجلات ، وأدخلوا عليها تحسينات جوهرية ، فأصبحت سهلة الحركة ، ضعيفة الوزن ، شديدة المقاومة ، وقد نقلها عنهم "الإغريق" و"الرومان" فيما بعد، وأدخلوا عليها تحسينات أخرى جديدة . الجد الأول للسيارة : ظل حلم ابتكار وسيلة ميكانيكية، تنقل الناس من مكان إلى آخر، يراود الإنسان زمنًا طويلاً ، وذلك بدلاً من العربة التي تجرها الخيول أو الحيوانات الأخرى ، والتي ظلت الوسيلة الرئيسية التي تقوم بهذا الدور آلاف السنين، إلى أن تحقق ذلك الحلم عام (1769 م) تقريبًا ، عندما قام الفرنسي "نيقولا كونيو" باختراع أول سيارة تعمل بالبخار ، والتي تعد الجد الأول للسيارة ، وكانت عبارة عن سيارة ضخمة ، ثقيلة الوزن ، لها ثلاث عجلات ، وغلاية ضخمة في مقدمتها؛ لتوليد البخار اللازم لحركة الموتور ، وكانت تسير بسرعة بطيئة من (5:3) كيلو مترات فقط في الساعة الواحدة، وكانت تتوقف كل (15) دقيقة ليعاد ملؤها بالماء . وقد أوقعت هذه السيارة مخترعها في أول حادث سيارة في العالم، عندما اصطدمت بحائط ، وقد توقف استخدام هذا الطراز من السيارات بعد فترة قصيرة جدًًّا من اختراعه . محرك السيارة : استمرت المحاولات المضنية لتطوير السيارة البخارية على مدار مائة عام تقريبًا ، لكن لم تظهر خلال هذه المدة سيارة سريعة الحركة سهلة الاستخدام ، في متناول الناس، إلى أن ظهر أول المحركات ذا الاحتراق الداخلي ، والتي سرعان ما حلت محل المحركات التي تدور بالبخار ، ويعود اختراع هذا المحرك إلى عدد من الفنيين في مجال "الميكانيكا" ، مثل : "رينوار" الفرنسي ، و"أوتو" ، و"لانجن" الألمانيين ، و"بارسانتى" ، و"ماتوتشى" الإيطاليين. ويعد الألمانيان "كارل بنز" ، و"جوتليب ديملر" الأبوين الحقيقيين للسيارة الحديثة ؛ فقد صنعا أولى العربات بمحرك يعمل بالبنزين، بفارق زمني بينهما لا يتعدى بضعة أشهر (1885- 1886 م) . ففي سنة (1883 م) صنع "ديملر" أول المحركات الخفيفة الوزن التي تعمل بالبنزين ، وتدور بسرعة كبيرة ، وركبه على دراجة خشبية سنة (1885 م) . وفى السنة التالية صنع أولى سياراته ، وكانت تسير على أربع عجلات ،وبطريقة مستقلة قام "بنز"بصنع سيارته الأولى ذات العجلات الثلاثة ومحرك يركب بالعرض في مؤخرة السيارة . ثم ظهرت الإطارات المصنوعة من المطاط المنفوخ بالهواء عام (1888 م) ، على يد مبتكرها الإنجليزي "جون دانلوب" ، وكان لهذه الإطارات دور كبير في زيادة سرعة السيارة وسهولة حركتها .. سيارة للجميع : ولعل من أهم الأمور التي أدت إلى انتشار السيارة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، هو ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية سنة (1908 م) ، عندما صمم الأمريكي "هنري فورد" أول سيارة شعبية رخيصة الثمن ، سهلة القيادة، جميلة المنظر تسير بسرعة عالية ،وقد أطلق على سيارته اسم "تى فورد" . وقد راجت هذه السيارة رواجًا كبيرًا، حتى إنه بيع منها أكثر من (15) مليون سيارة تقريبًا ، وذلك قبل توقف صنعها سنة (1927 م) ، وبذلك تعد سيارة "فورد" هي أول سيارة للجميع . قيادة أكثر راحة : وكان معظم السيارات عند بداية تصنيعها بدون غطاء يحمى من يركبها ، ثم صارت لها أغطية قوية ، وهيكل معدني قوى انسيابي الشكل ، كما زودت بمستودع لحفظ الحقائب ، وأصبحت السيارة أكثر قوة ومتانة وسرعة ، وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945 م) ظهرت سيارات، يمكنها السير على الأراضي الوعرة ، ثم ظهرت بعد الحرب نماذج أخرى من سيارات، يمكنها السير في الصحارى ووسط الغابات، أو على شواطئ البحار أو في الماء ، وهى ما تعرف باسم السيارة البرمائية التي ظهرت في الستينيات . ثم أجريت بعد ذلك تعديلات شتى، جعلت من التنقل بالسيارة متعة كبيرة ، فأصبحت مكيفة الهواء ، مزودة بوسائل الاتصال والإعلام المختلفة، كالتليفون والراديو والتليفزيون .. وغيرها، كما أصبحت السيارة أكثر سرعة ، وأقل ضوضاء ، واهتمت معظم بلاد العالم بإنشاء شبكات من الطرق المتسعة الممهدة، والمجهزة خصيصًا لسير السيارات والحافلات، وغيرها من وسائل النقل والمواصلات ، كما تم إنشاء العديد من مراكز الصيانة والإصلاح ومحطات تزويد السيارات بالوقود . واهتمت الدول بإصدار قوانين وتشريعات، تحكم حركة سير السيارات والمشاة ، وهو ما يعرف بقوانين المرور ، وهى مجموعة من الأوامر والإشارات والعلامات المرورية المتفق عليها عالميًّا ، والتي يجب أن يلتزم بها قائدو السيارات والمشاة مما يحفظ سلامتهما معًا . السيارة والتلوث : في إحدى الإحصائيات الحديثة قُدِّر عدد السيارات والشاحنات فقط في العالم، إلى ما يزيد على نحو (500) مليون سيارة وشاحنة !! ولو أن هذا الكم الهائل من السيارات وقف على خط واحد لدار حول كوكب الأرض نحو (50) مرة !!! مع العلم أن عدد السيارات في تزايد مستمر وفظيع كل يوم !!وينبعث من هذا الكم الهائل من السيارات والشاحنات نفايات غازية تسمى أدخنة ، وتخرج هذه الأدخنة من أنابيب العادم الخاص بالسيارات ، وهى أدخنة سامة تسبب تلوثًا بيئيًّا خطيرًا إذ أن هذه النفايات الغازية يمكنها أن تحول المطر إلى مطر حمضي يسمم النباتات والبحيرات ، كما أن هذا الكم الهائل من الأدخنة المنبعثة من السيارات إلى جو الأرض يحبس حرارة الشمس ، وهو ما يسمى بظاهرة التسخين العالمي ، أو ارتفاع درجة حرارة الأرض ، وهذا التسخين قد يصهر مساحات من المناطق الجليدية؛ مما قد يؤدى إلى فيضانات تغرق الأرض ، وقد تسبب في جفاف أجزاء من العالم ، هذا إذا ما وضع في الحسبان عنصر الرصاص، الذي يضاف إلى وقود السيارة (البنزين) ليجعل المحركات تدور بشكل أفضل ، وهذا الرصاص يتسبب في إنتاج عوادم ضارة جدًّا على التنفس، بل وعلى البيئة كلها أيضًا . سيارة المستقبل : نجح العلماء في الآونة الأخيرة في ابتكار سيارات تعمل بوقود بديل عن زيت البترول الضار بالبيئة ، فظهرت "السيارة الكهربائية" ، وهى سيارة تدار بواسطة بطاريات تولد الطاقة الكهربائية بصورة مستمرة ، وتستخدم هذه السيارة الآن في أداء بعض المهام، التي لا تتطلب السير لمسافات طويلة جدًّا، خاصة أنها تفقد ما بها من طاقة كهربائية في وقت قصير ، ويحاول العلماء صنع بطاريات أفضل، تجعل السيارة الكهربائية في متناول الجميع ، كما تمكن العلماء من إنتاج سيارة تدار بواسطة الطاقة الشمسية المستمدة من الشمس إلى كهرباء ، ولهذه السيارات لوحات خاصة (خلايا شمسية) تقوم بتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء تدير محرك السيارة ، وإن كانت هذه السيارة- أيضًا- ليست بالكفاءة العالية، التي تمكنها من أن تكون بديلاً للسيارة التي تعمل بالوقود بعد ، وما يدرينا لعل ذلك يكون قريبًا جدًّا. |
المادة السابق
| المواد المتشابهة | المادة التالي
|