المادة
حكم الفطر لمن خاف على نفسه الهلاك أو المرض
كنت راع مع إبل في الصحراء، ومقبل على شهر رمضان، ونويت في الأول أن أصوم هذا الشهر، صمت اليوم الأول، وقابلتني فيه مشقة كبيرة، وأنا واقف في الشمس كما تعلمون- طول اليوم، وليس عندي ظلال، والذي أعمل عنده قال لي: أفطر!! وأنا رفضت ذلك وقلت له: لا بد أن أقضي هذا اليوم كله، وفي اليوم الثاني نويت أن أفطر بقية الأيام كلها، هل علي أن صوم شهرين متتابعين، أو أطعم ستين مسكيناً، أو أن أصوم الشهر وأطعم كل يوم مسكينا، وإذا لم أكن قادراً على الصيام وعلى صيام الشهرين المتتابعين أعمل شنو؟! لقد صمت عامين قبل ذلك، وأريد أن أؤدي هذه الفريضة، لكن ظروفي كما تعلمون؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: الله جل وعلا في كتابه الكريم يقول سبحانه: ..وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) سورة النساء، ويقول عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.. (16) سورة التغابن. فإذا كنت مضطراً لهذا العمل وليس لك قدرة على تركه ولا يوحد هناك عمل آخر تستطيع معه الصوم وأنت مضطر إليه فلك أن تفطر وتقضي، إذا كنت تخشى على نفسك الهلاك أو المرض، أما إن استطعت أن تجد عملا آخر أو تستريح لأن عندك ما يقوتك فاسترح وصم، والحمد لله، أو تجد عملاً آخر فيه ظل فاترك هذا العمل، وعليك القضاء، لكن الشهر إذا أفطرته فعليك القضاء فقط، وإن كنت لم تقض حتى جاء رمضان آخر فعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، إذا كنت أجلت القضاء بغير عذر شرعي من المرض والسفر فعليك القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم، وهو نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما، كيلو ونصف تقريباً، ولا حرج عليك، والحمد لله، لكن عليك أن تتقي الله وأن تحذر الإفطار إلا بعذر شرعي كالمرض أو السفر أو الضرورة التي لا تستطيع سواها، كأن تكون راعياً في الشمس، وليس لك ما يغنيك عن ذلك من مال ولا عمل آخر ولا تستطيع البقاء في الشمس. هنا علاج آخر وهو يمكن أن يكون معك خيمة بين الغنم أو ابن خيمة أو شراعاً إن استطعت ذلك، توجد ذلك بين الغنم وتجلس فيه حتى تسلم من الشمس وتستطيع الصوم. يقول المعلق: كأن يشدها على إحدى الإبل مثلاً؟ ج/ ممكن يعمل ما يستطيع، فاتقوا الله ما استطعتم. يقول المعلق أيضاً: وهذا الحكم له ولأمثاله من إخواننا الرعاة؟ ج/ نعم له ولأمثاله، الحكم واحد.
عناصر المادة