المادة

هل يكفر فاعل الكبيرة ؟

 

الشيخ أبي إسحاق الحويني

 

هذه المسألة لها قصة حكيتها قديمًا لأبين لمن يتهمني بأنني أكفر فاعل الكبيرة وأنا ما خطر ببالي قط في يوم من الأيام منذ عرفت يميني من شمالي أن أكفر فاعل الكبيرة وأنا أعلم أيضًا من كلام أهل العلم وهو مستقي من نصوص القرءان والسنة أن تكرير الذنب لا يدل على الإصرار فبمجرد أن يفعل الإنسان الذنب ثم يكرره ثم يندم ويعزم علي أن لا يعود ثم يغلبه هواه فيكرره وهكذا دواليك هذا التكرير للذنب لا يعد إصرارًا ، الإصرار هذا عمل قلبي .

القصة أن رجلاً أرسل لي رسالة فلما وصلتني قرأتها سريعًا وذكرت الخلاصة والوارد بالرسالة أن واحد يقول أننا جلسنا مع رجل يتعامل بالربا وحاورناه وقلنا له أن الربا حرام وهو من الكبائر ولا يجوز لك أن تأكل الربا فقال لهم أنا أعلم أنا الربا حرام وأن الله أنزل تحريمه في القرءان وأن السنة حرمت الربا بس أنا سوف أكل الربا وهذا هو السؤال الذي وجه لي فأنا قلت الآتي إن مات هذا الرجل مصرًا علي ذلك فهو كافر بلا شك .

فبعض الذين يصطادون في الماء العكر قال مات مصرًا فهو كافر فقال إذاً أنه يكفر المصر ، فهذا الكلام حتى وإن كان فيه إجمال فمن الذي يفك هذا الإجمال ؟ أليس القائل ؟ فكان المفترض كما هو عادة أهل العلم أن يرسل رسالة أو يتكلم في الهاتف ويقول أن كلامك هذا كلام مجمل وموهِم ويمكن أن يُفهم منه أنك أنت تكفر المصر فبين ووضح للناس حتى لا يقعوا في الخطأ وقد فعل هذا أحد الشيوخ الأفاضل من خلص إخواني فقال لي أنا أعرف عقيدتك معرفة صحيحة وكلامك قد يفهم خطأ وبعض الناس قد يصطادون ذلك بل وأرسل لي عشر ورقات عن كلام العلماء في المصر وكلام العلماء في المستحل وقال أنا أعلم أنني لن أضيف لك شيئًا جديدًا ولكن بدل ما أنت تبحث قد تحتاج إلى البحث فأنا أوفر عليك الجهد وأرسل إليك بحث جاهز من عندي أن تقرأه فشكرت له ذلك ، فكان الشيء الطبيعي أن أي إنسان وقع في هذا الإجمال أن يقول أذهب للمتكلم واسأله ما مقصوده من هذا الكلام ؟ هل هو يكفر المصر فعلاً ولا لا يكفر المصر وما وجه الكلام وهذا هو مقتضى النصح .

فلما وجدت أنهم يريدون أن يشوهوا فقط ويبينون أنك مخالف لأهل السنة والجماعة وأنك رجل تنتمي للتكفير وغير ذلك ولا يريد أن يسمع وبعض الذين جاءوني بخصوص هذه المسألة من عند من أشاع هذه الفرية عني وأنا لا أعلم وسألني عدة أسئلة فأجبت عنه بما أعتقد فقال أن كنت عند فلان وسألته قبل أن أحضر إليك وسألته هذه الأسئلة وأجاب بنفس جوابك ؟فقلت له ماذا أنت فاعل ؟ قال سأذهب وأقول له ، فقال لي أنا ذهبت إلى هذا المتكلم وقلت له لماذا تتكلم في فلان وعقيدته هي عقيدتك ، الأسئلة التي وجهتها لك وأنت أجبت عنها هي نفس الأسئلة التي وجهتها إليه وأجاب عنها بنفس جوابك فلما تتكلم ، فكانت الإجابة قال له تقيا أنه يتقي فالمسألة صارت واضحة ولقد بينت ما عندي ولا ينفع الكلام بعد ذلك إنما يصلح الكلام لرفع الإشكال وأنت مهما تكلمت حتى الصباح فهو مصر على هذا الاتهام والحمد لله رب العالمين لا أكفر أبدًا فاعل الكبيرة وعندنا أحاديث البطاقة وآيات الوعد{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا }[الزمر:53] إلى أحاديث أخري وآيات كثيرة تدل على ذلك ، لكن الذي بان لي وظهر لي من خطاب من أرسل إلى أن الرجل مستحل للربا وليس مجرد واحد يقال له الربا حرام فيقول أنا أعلم أن الربا حرام ولكن ماذا أفعل ؟ الحالة غلاء وأين أضع فلوسي فقد أعطيتها للشركات فأكلوها فأنا مضطر أن أضع الفلوس في البنك الله يغفر لي .

فهل هذا يستوي وهو يعلم أن الربا حرام ويأكل الحرام لكنه يتكئ علي أي عذر غير مقبول لكن يظهر من كلامه إنه رجل غير مستحل بخلاف رجل يقول أنا عارف أن الله حرم الربا في القرءان وأن الرسول حرم الربا لكنى أكل الربا فما بالك أنت ، فأنا لا أعتقد في الدنيا إنسانًا يسمع هذا الكلام ويتوقف في تكفير هذا المرء فهذا مستحل والمستحل كافر بالإجماع وهذا ليس مجرد واحد مصر على أكل الحرام إنما هو مستحل أي انتقل إلى شريحة أخري وأنا أرجئ المسألة كما كان يقول الحسن البصري الله الموعد .

تصميم وتطويركنون