المادة

الإخلاص في العمل الدعوي

 

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

 


السؤال: فضيلة الشيخ ماذا عن الإخلاص في العمل الدعوي؟
الإجابة:

مسألة الإخلاص في العبادات كلها سواء كانت عبادات بدنية أو مالية عملية من عمل الجوارح أو من عمل اللسان أو من أعمال القلوب من شرط قبوله الإخلاص لله تعالى، كل عمل مما يبتغى به وجه الله ويوصل إلى مرضاته وجنته لابد فيه من الإخلاص والمتابعة، وعلى هذا لابد أن يستحضر الإنسان ما ورد في هذا الباب من ربط الأعمال بنياتها وأن العمل إذا لم يكن خالصاً صواباً غير مقبول إذا كان شرعياً يبتغى به وجه الله.

نعم، قد يعرض للإنسان ما يعوقه عن تحصيل هذا المقصد الشرعي من نظر إلى مادح أو نظر إلى مستقبل أو نظر إلى أسرة أو ما أشبه ذلك، بعض طلاب العلم يقول: نحن ننظر هذا المادح له أثر في قلوبنا، القادح أيضاً له أثر في نفوسنا، المستقبل والعمل الوظيفي له أثر أيضاً، نقول: على الإنسان أن يجاهد نفسه ويسعى جاهداً أن يجاهد نفسه في هذا الباب، وإذا علم الله منه صدق النية أعانه، ويستحضر أن الناس مهما مدحوه وهو لا يستحق المدح عند الله تعالى أن مدحهم هباء لا قيمة له، أو ذموه و الرجل محمود عند الله تعالى لا يضر ذمه، ولذا يقول ابن القيم في الفوائد (1): "إذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص، فإن قلت: وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟ قلت: أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره، ولا يؤتي العبد منها شيئاً سواه، وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله وحده، كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: إن مدحي زين وذمي شين! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاك الله تعالى" (2)، فازهد في مدح من لا يزينك مدحه، وفي ذم من لا يشنيك ذمه، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه، ولن يقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين، فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب".أ.هـ.

والناس هم مجرد آلات مسخرون مدبرون إن اتجهت إلى زيد وسألته فأعطاك فالمعطي في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى على يد هذا الرجل، وإن منعك زيد ولم يعطك فالمانع هو الله سبحانه وتعالى فالله سبحانه أولاً وآخراً هو المعطي وهو المانع وهو النافع وهو الضار، والله المستعان.

_____________________
(1) ص (149).
(2) أخرجه الترمذي (3267)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وأحمد (3/488) من حديث الأقرع بن حابس رضي الله عنه، ولفظه: إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاك الله".

تصميم وتطويركنون