المادة
بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية
بولس الذي عمد إلى تغيير المسيحية
من هو بولس ؟
"هو شاول بن كيساي ، من سبط بنيامين ، كان يعمل في صناعة الخيام في مدينة طرسوس (التابعة لسوريا الآن) ، وفي هذه المدينة ولد (شاول) والذي سمي باسم (بولس) فيما بعد"(307)
وكان أبواه يهوديين (فيريسيين) وهي فرقة شديدة العنف مع المسيح ، وأشتهر بولس بعنفه في خصومته وعدائه الشديد لأتباع المسيح ، فلما رأى أن التنكيل لا يجدي معهم ؛ اتخذ أسلوباً آخر وهو محاولة هدم تعاليم المسيحية من أصلها ، وذلك بالتحريف والتبديل فيها من الداخل فأعلن بولس فجأة تحوله إلى النصرانية وأعلن أنه آمن بالمسيح وأنه صار من أخلص أنصاره وأنه يريد أن ينشر دعوته .وهكذا قبله أتباع المسيح ؛ فتمكن بمكره ودهائه أن يحول المسيحية بالنخر فيها حتى انقلبت رأساً على عقب ، وبهذا أفسد على النصارى دينهم إلى يومنا هذا .
قصة تحول بولس المفاجئة إلى المسيحية
يروي لوقا قصة تحول بولس قائلاً : " أما شاؤول فكان لم يزل ينفث تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات حتى إذا وجد أناساً من الطريق رجالاً و نساءاً يسوقهم موثقين إلى أورشليم ،وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق وبغتة أبرق حوله نور من السماء ، فسقط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له : "شاؤول شاؤول لماذا تضطهدني ؟ فقال : من أنت يا سيد ؟ فقال الرب : أنا يسوع الذي تضطهده ، صعب عليك أن ترفس مناخس ، فقال وهو مرتعد ومتحير : يا رب ماذا تريد أن أفعل؟ فقال الرب : قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل .
وأما الرجال المسافرون معه فوقفوا صامتين يسمعون الصوت ولا ينظرون أحداً"(308).
إن هذه القصة لا دليل عليها ولا شاهد إلا دعواه ، ولأن الكذب لا ينتظم عقده نجد هذه القصة ترد في سفر أعمال الرسل على لسانه شخصياً فيقول: "حدث لي و أنا ذاهب إلى دمشق حولي من السماء نور عظيم ، فسقطت على الأرض وسمعت صوتاً قائلاً لي : " شاول شاول لماذا تضطهدني ؟ فأجبت : " من أنت يا سيدي ؟ فقال : أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده . والذين كانوا معي نظروا النور وارتعبوا ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني"(309) .
" ومن ذلك نتبين أن المسافرين سمعوا الصوت ولم ينظروا النور حسب قول الإصحاح (9) بينما ذكر الإصحاح (22) عكس ذلك تماماً نظروا النور ولم يسمعوا الصوت " (310)هكذا يناقض الكذب نفسه ؛ هذا من ناحية ثم من ناحية أخرى نجد هناك الكثير ممن تحولوا من أعداء للدين إلى دعاة مناصرين ومجاهدين من أجل الدين ، ولكن بولس قد شذ عن القاعدة التي يتبعها جميع الناس عند اعتناقهم لأي دين أو أ ي نظام فبدلاً من أن يلتزم بتعاليم النصرانية ويكرس نفسه في الدعوة إليها قام بتحريفها وتبديلها ثم طفق يجول ويصوب البلاد بتعاليم باطلة عيسى منها براء .ولم يقبل الموحدون تلك التعاليم باعتراف بولس نفسه فقد صرح في (رسالته الثانية إلى تيموثاوس) " أن جميع الذين في آسيا ارتدوا عني "(311) ، وهذا هو المتوقع من الذين عرفوا المسيح وسمعوا منه ، ولكن بولس استطاع أن ينشر دعوته بين الوثنيين بعد أن " استمد صلاحيته من الله (أي عيسى عليه السلام) بعد موته وكان هذا ادعاءاً بارعاً ؛ حيث نصب نفسه فوق أي سلطة زمنية دون أن يتيح لأحد محاسبته"(312) ؛ فهو الناطق الوحيد بلسان عيسى وليس محتاجاً لسلطة الحواريين لأن سلطته تأتي من السماء مباشرة ، ولذلك صال وجال في التبديل والتغيير كيف شاء وبدأ دعوته كما يريد.وبولس لم يلتقِ بالحواريين الذين كانوا المرجع في كل ما يتعلق بالمسيحية والدعوة إليها (313) مع انه لم يلتقِ بالمسيح ولا مرة واحدة ، فلم يشاهده ولم يسمع منه.ولكنه بعد هروبه من دمشق إلى أورشليم (أي القدس ) قابل (برنابا) أحد تلاميذ المسيح المخلصين والمقربين إليه فروى له روايته وأنه صار مؤمناً بالمسيح فأخذه برنابا وقدمه إلى باقي التلاميذ ...ولكن بولس اختلف مع كل من برنابا وبطرس وبقية التلاميذ بسبب ما كان يقوله بولس من أن المسيح ابن الله وقد أرسله للناس لكي يفدي البشرية عن خطيئة آدم ، وأنه قدم نفسه طواعية واختياراً لليهود كي يصلبوه حتى يتحقق الفداء"(314)إن هذه التعاليم التي دعا إليها بولس كانت منتشرة ومستساغة لدى معاصريه فلم يكن هناك أي صعوبة في قبول وتصديق الأساطير مما سهل مهمة بولس إلى حد كبير "(315) فتوفر له الجو الثقافي الناضج لقبول مبادئ عقيدته ؛ لأن فكرة المنقذين والآلهة المتجسدة كانت منتشرة عند الرومان واليونان والمصريين والفرس والهند والصين ...إلخ فنتج عن ذلك أن اتبع بولس أناس كثيرون بسبب سهولة تقبل دعوته المشابهة لعقائدهم ، وبهذا خدم بولس أطماعه التوسعية " وهكذا نجد بولس قد عرض المسيحية على أصحاب العقائد المختلفة بالصورة التي ترضي كلاً منهم وترتب على ذلك أنهم دخلوا الديانة الجديدة بعقائدهم وأفكارهم القديمة "(316) ، وهكذا دخلت الوثنية إلى المسيحية وتم القبول بعيسى تدريجياً ضمن مصاف الآلهة حتى كان العام 325م عندما عقد الإمبراطور (قسطنطين) مؤتمر نيقية وصدر القرار الإمبراطوري باعتماد ألوهية المسيح رسمياً ، وهكذا اكتسبت مسيحية بولس شكلها القانوني المعتمد من خلال قرارات نيقية ثم من قرارات المجمعات المسكونية المتتابعة بعدها التي جمعت - نظرياً على الأقل - رجال الدين المسيحي من كافة أنحاء المسكونة ومنها اشتقت التسمية "(317).وهكذا تحولت نصرانية عيسى وهي ما زالت في مهدها إلى مسيحية بولس!
أهم تحريفات بولس
وكانت أهم التحريفات التي دعى إليها بولس هي:
-
المسيح ابن الله (318).
-
المسيحية دين عالمي ليس خاصاً ببني إسرائيل ، وهذا خلاف ما جاء على لسان المسيح عليه السلام أنه مرسل لخراف بني إسرائيل الضالة(319)
-
عيسى صلب تكفيراً لخطايا البشر(320)
-
قيامة عيسى عليه السلام من الأموات وأنه صعد وجلس عن يمين الله (321).
أن جميع أحكام التوراة باتت منسوخة لأنها كانت لعنة خلصنا منها (322).
وقال أيضاً " شريعة موسى كالمؤدب ، تعد الناس لمجيء السيد المسيح ، كان بالناس حاجة إليها لتورطهم بالخطيئة ، أما وقد جاء المسيح فلا حاجة إلى المؤدب ولذلك بطلت الشريعة وزالت "(323) ، مع أن المسيح نفسه يقول : " لا تظنوا أني جئت لأبطل الشريعة أو الأنبياء ما جئت لأبطل بل لأكمل "(324)، وهكذا تكونت مسيحية بولس الوثنية ، يقول ديورانت : " إن المسيحية كانت أخر شيء عظيم ابتدعه العالم الوثني القديم ، وأن المسيحية لم تقض على الوثنية بل تبنتها"(325).
(307) النصرانية تاريخاً وعقيدة .د /مصطفى شاهين . ص(143)
(308) لوقا .في (أعمال الرسل 9/ 1- 7)
(309) أعمال الرسل (22/6 - 9)
(310) مناظرة بين الإسلام والنصرانية . ص (152)
(311) رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس (1/15)
(312) المسيحية والإسلام والاستشراق . محمد فاروق الزين .ص(87)
(313) المناظرة بين الإسلام والنصرانية .ص(153)
(314) النصرانية تاريخاً وعقيدة . د/مصطفى شاهين .ص (144) .بتصرف
(315) المسيحية والإسلام والاستشراق .محمد فاروق الزين.ص(90) (316)المناظرة بين الإسلام والنصرانية . ص(154 - 155)
(317) المسيحية والاستشراق . محمد فاروق الزين. ص(93)
(318) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف .ص(256)
(319) متّى (15/24)
(320) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف .ص(256)
(321) دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية .د/سعود الخلف .ص(256)
(322) رسالته إلى غلاطيه (3/13)
(323) رسالته إلى غلاطيه(1/19)
(324) متّى (5/17)
(325) قصة الحضارة .ج11. ص(269) عن الإسلام والمسيحية في الميزان . شريف محمد هاشم.ص(225)
: موقع الحقيقة