المادة
هل السترة تكون في صلاة الجماعة
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السترة في صلاة الجماعة بالنسبة للإمام كما هي في صلاة المنفرد، أما بالنسبة للمأموم فإنه لا يشرع للمأموم أن يتخذ سترة؛ لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في الناس بمنى إلى غير جدار فأرسلت الأتان ترتع، فمرت (أو قال: فمررت) بين يدي بعض الصف"، وهذا دليل على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه وأنه إذا مر أحد يقطع الصلاة بين يدي المأمومين فإن صلاتهم لا تنقطع؛ لأن سترة الإمام سترة لهم
وقد ظن بعض الناس أن قول ابن عباس: "ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى غير جدار". أن الحرم أي ما كان داخل الأميال لا تشرع فيه السترة، وقالوا: "إن قوله: "إلى غير جدار" يدل على أن الحرم لا تتخذ فيه السترة يعني ما كان داخل الأميال"، ولكن من تأمل الحديث وجد أنه يدل على خلاف ذلك؛ لأن قول ابن عباس: "إلى غير جدار"، غير صفة ولا تقع غير إلا صفة لموصوف، فعليه يكون تقدير الكلام إلى شيء غير جدار، والمعروف أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصلي فتركز له العنزة كما في حديث أبي جحيفة وهو ثابت في الصحيحين أنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالاً أخذ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، فمن أصاب منه شيئاً تمسح منه، ومن لم يصب منه شيئاً أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالاً أخذ عنزة وركزها، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء مشمراً صلى بالناس ركعتين، ورأيت الناس يمرون بين يدي العنزة"
وهذا نص صريح في أن السترة تتخذ حتى فيما كان داخل الأميال؛ لأن الأبطح أقرب إلى الكعبة من منى، ومع ذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتخذ فيه السترة