المادة
يصوم رمضان لكنه لا يصلي هل يحكم بإسلامه؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الصلاة أمرها عظيم وشأنها كبير، وهي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين بإجماع أهل العلم، وورد الوعيد الشديد في إضاعتها في الكتاب والسنة، ولا أظن أن أحداً يؤمن بفرضيتها وتأكدها والوعيد على إضاعتها ثم يتركها مع أنها عمل يسير سهل موزع في اليوم والليلة ولا يتركها إلا أحد رجلين
- إمّا شاك في فرضيتها
- أو معاند أعظم عناد لله ورسوله
ومن زعم أنه مقر بوجوبها، أو قال إنه مقر بوجوبها ولكنه لم يصل فهو كافر وإن كان يصوم ويحج ويزكي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" (رواه مسلم)، وقال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" (رواه الخمسة)، وقال عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة" (رواه الترمذي)، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، يعني لا نصيب له
وقال الإمام أحمد في حديث: "آخر ما تفقدون من دينكم الصلاة". قال: "كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه". وقال بن حزم: "وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرضٍ واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد، ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفاً"، وزاد المنذري: "عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبا الدرداء، وهذا المذكور في هذا الحديث كفر مخرج عن الإسلام"، وقال ابن رجب في شرح الأربعين: "وأما إقام الصلاة فقد وردت أحاديث متعددة تدل على أن من تركها فقد خرج من الإسلام"
قلت: ولهذا لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء الذين نعرف منهم وننكر، قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: "لا ما صلوا"، فجعل الصلاة مانعة من قتالهم، فإذا لم يصلوا جاز قتالهم، ولا يجوز قتالهم إلا إذا كفروا كما في حديث عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان"
وإذا تبين كفر تارك الصلاة فإنه لا يُقبل منه عمل، وتنفسخ منه زوجته فلا تحل له، لقول الله تعالى في المهاجرات المؤمنات: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنّ} [سورة الممتحنة، الآية: 10]، وإذا مات لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلي عليه، ولا يدفن مع المسلمين بل يحفر له في مكان ويدفن، ولا يدعى له بالرحمة والمغفرة، ولا يورث ماله بل يصرف إلى بيت المال فيجب الحذر كل الحذر من ترك الصلاة والتهاون بها، لأن الأمر عظيم والخطب جسيم، نسأل الله السلامة والهداية