المادة
هل تصح إمامة شارب الدخان؟ وما الدليل؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
جواب هذا السؤال يتوقف على شيئين
.. الأول: هل شرب الدخان محرم؟
.. والثاني: هل الإصرار عليه يخرج من العدالة إلى الفسق؟
.. ويتفرع على هذا هل تصح إمامة الفاسق؟
* فأما الشيء الأول: فإن الناس مختلفون في شربه هل يحرم، أم يكره، أم يختلف الحكم فيه؟ والذي يقتضيه ظاهر الأدلة التحريم لما فيه من التعرض للأضرار البدنية، وإضاعة المال بلا فائدة، وملازمة الرائحة الخبيثة، وثقل كثير من العبادات على صاحبه وخصوصاً الصيام والتعرض لبذل ماء الوجه، وهذا الدخان إلى الخبيث أقرب منه إلى الطيب، كما معترف به عند الجميع، وقد حرم الله علينا الخبائث
* وأما الشيء الثاني: وهو هل الإصرار عليه يعد فسقاً؟
فإنه متى تقرر تحريمه، فإنه ليس من الكبائر، ولكن من الصغائر، وقد نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، لما في ذلك من الدلالة على أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها، وحينئذ فالمصر على الصغيرة يحكم بفسقه، وإمامة الفاسق فيها خلاف بين العلماء
فالمشهور من المذهب أنها لا تصح إلا في الجمعة والعيد، إذا تعذر فعلهما خلف غيره
والصواب جواز ذلك، لأنه لا دليل صحيح على المنع من الصلاة خلف الفاسق، والأصل عدم اشتراط العدالة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم"
والصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون، كما كان ابن عمر وأنس يصليان خلف الحجاج بن يوسف، وكذلك عبد الله بن مسعود كان يصلي خلف الوليد بن عتبة بن أبي معيط، وهو يشرب الخمر.
وعلى هذا فالصلاة خلف شارب الدخان صحيحة على القول الذي رجحناه
ولكن لا ريب أن غيره أولى منه إذا كان يقيم واجبات الصلاة القولية والفعلية