المادة
دخل المسجد فلم يجد مكاناً في الصف؟ هل يصلي وحده؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
هذه المسألة لها ثلاثة أوجه: إذا جاء الإنسان ووجد أن الصف قد تم.
.. فإما أن يصلي وحده خلف الصف.
.. وإما أن يجذب أحداً من الصف فيصلي معه.
.. وإما أن يتقدم فيصلي إلى جانب الإمام الأيمن.
وهذه الصفات الثلاث إذا دخل في الصلاة.
. وإما أن يدع الصلاة مع هذه الجماعة، فما المختار من هذه الأمور الأربعة؟
نقول: المختار من هذه الأمور الأربعة: أن يصف وحده خلف الصف ويصلي مع الإمام، وذلك لأن الواجب الصلاة مع الجماعة، وفي الصف، فهذان واجبان، فإذا تعذر أحدهما وهو المقام في الصف، بقي الآخر واجباً، وهو صلاة الجماعة، فحينئذ نقول: صل مع الجماعة خلف الصف لتدرك فضيلة الجماعة، والوقوف في الصف في هذه الحال لا يجب عليك للعجز عنه، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: من الآية16]، ويشهد لهذا أن المرأة تقف خلف الصف وحدها إذا لم يكن معها نساء، وذلك لأنه ليس لها مكان شرعاً في صف الرجال، فلما تعذر مكانها الشرعي في صف الرجال صلت وحدها.
فهذا الرجل الذي أتى المسجد والصف قد تم ولم يكن له مكان حسي في الصف سقطت عنه حينئذ المصافة، ووجبت عليه الجماعة.
فليصل خلف الصف، وأما أن يجذب أحداً ليصلي معه، فهذا لا ينبغي، لأنه يترتب عليه ثلاثة محاذير:
- المحذور الأول: فتح فرجة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في الرص وسد الخلل بين الصفوف.
- الثاني: نقل هذا المجذوب من المكان الفاضل إلى المكان المفضول، وهو نوع من الجناية عليه.
- والثالث: تشويش صلاته عليه، فإن هذا المصلي إذا جذب لابد أن يكون في قلبه حركة، وهذا أيضاً من الجناية عليه.
.. والوجه الثالث أن يقف مع الإمام: فلا ينبغي له، لأن الإمام لابد أن يكون متميزاً عن المأمومين بالمكان، كما أنه متميز عنهم بالسبق بالأقوال والأفعال، فيكبر قبلهم، ويركع قبلهم، ويسجد قبلهم، فينبغي أن يكون متميزاً عنهم في المكان.
وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن الإمام يتقدم المأمومين، وهذه مناسبة ظاهرة لكونه متميزاً عنهم منفرداً بمكانه، فإذا وقف معه بعض المأمومين زالت هذه الخاصية التي لا ينبغي أن ينفرد بها إلا الإمام في الصلاة.
.. أما الوجه الرابع وهو أن يدع الجماعة، فهذا لا وجه له أيضاً، لأن الجماعة واجبة، والمصافة واجبة، فإذا عجز عم إحداهما لم تسقط الأخرى عن الأولى