المادة
إمام مسجد يكسّر في القراءة القرآن، وزيادة على ذلك فهو حالق للحيته، ما حكم الصلاة خلفه؟
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الصواب من أقوال أهل العلم: أن الصلاة خلف العاصي صلاة صحيحة، إذا كانت الصلاة التي يصليها لم يفعل فيها ما يبطلها، فإن كان قد فعل فيها ما يبطلها فإن الصلاة خلفه لا تصح، مثل أن يكون هذا الإمام يصلي صلاة يسرع فيها، لا يطمئن فيها، ولا يدع من خلفه أن يطمئن، فهاهنا لا تجوز الصلاة خلفه، ويجب على من خلفه أن يفارقه ويتم الصلاة وحده، لأنه إذا كان تطويل الإمام إطالة مخالفة للسنة تبيح للمأموم أن يدع إمامه ويتم الصلاة وحده، إن ترك الإمام الطمأنينة يبيح الإنفراد، فإذا كان الإمام يسرع إسراعاً لا يتمكن المأموم فيه من القيام بواجب الطمأنينة فإنه يجب على المأموم في هذه الحال أن يفارق الإمام وأن يصلي وحده، لأن المحافظة على الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، والمحافظة على الإمامة واجب للصلاة ولا تعارض بين الركن والواجب.
وأما إذا كان الإمام قد عصى معصية تتعلق بذاته ولا تؤثر على صلاته فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاته خلفه صحيحة، وقد صلى الصحابة رضي الله عنهم خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وقد علم أنه كان ظالماً مهدراً لدماء المسلمين.
ولكننا نقول: إذا كنت تتمكن من الصلاة خلف إنسان مستقيم فإنه لا ينبغي لك أن تصلي خلف إمام غير مستقيم، فالمسألة من باب الأولوية، وليست من باب المحرم هذا القول الذي نراه أرجح الأقوال، والعلم عند الله.
وأما مسألة تكسير القرآن: فإنه لا يجوز لإنسان أن يقرأ القرآن على غير الصواب، والقرآن ولله الحمد موجود بين أيدينا معرباً مصححاً واضحاً، فعلى الإنسان أن يقرأ القرآن سليماً حتى لو وقف عند الكلمة خمس دقائق، أو ربع ساعة وهو يتهجاها حتى يخريجها على الوجه الصحيح فإن هذا أولى من أن يقرأها على الوجه الخطأ هذا هو الواجب، لأن القرآن ليس كلام بشر، بل هو كلام الله عز وجل فأنت إذا نطقت به على غير ما صح، وعلى غير ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعنى ذلك أنك حرفت كلام الله، وتحريف كلام الله محرم هذا ليس كلام بشر ينقله ومعناه، ويجب على الإنسان أن يتأتى ويتأمل حتى لو ردد الكلمة عدة مرات ليأتي بها مستقيمة كان هذا هو الواجب عليه.
ومثل هذا الإمام الذي أشار إليه السائل إن كان إماماً راتباً في المسجد فإن عليه أن يبلغ المسؤولين عن حال هذا الرجل ليبدلوه بغيره، وإن كان غير إمام راتب فإنه لا يجوز لأهل المسجد أن يمكنوه من الصلاة فيهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سوء فأعلمهم بالسنة..." الحديث.