المادة

ببغائية الليبرالية

363 | 25-09-2014

بسم الله الرحمن الرحيم


من يراقب مرئيات وأفكار من يدَّعون الليبرالية في السعودية .. يجد إنهم لا يخرجون عن محاربة الحدود الدينية الربانية .. وليست أي حدود .. بل الحدود التي تعيق حركاتهم العاطفية والجسدية مع المرأة .

كنت أتوقع ممن يدعون انهم يدافعون عن حقوقي كامرأة انهم سيدافعون عن حق الخصوصية الإنساني والشرعي لي .. فالخصوصية اليوم تعتبر من أهم حقوق الإنسان لأنها القيمة الاساسية التي ترتكز عليها الكرامة والحرية ، فمن حقي أن أختار بنفسي نوعية وكيفية مشاركتي مع الآخرين .. من حقي أن أتميز عن غيري وأن أحتفظ بكل ممتلكاتي ومعلوماتي لي .. فعندما طلبت النساء من رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يخصص لهن يوم ومكان فقال (موعدكن بيت فلان) .. لم يكن السبب انهن يردن التعلم فقط .. فقد قلن ( ما نقدر عليك من الرجال ) أي لا نريد مزاحمة الرجال ، فعند وجود الرغبة في الخصوصية وعدم مزاحمة الرجال الأجانب ،عندها تصبح الخصوصية حق شرعي قبل أن تكون حق إنساني . ففي الخصوصية كرامة وحرية لي ، انزع حجابي واتزين وأتعطر واتكلم كما يحلو لي بعيداً عن الرجال ونظراتهم وطمعهم ... ولا أجد مدَّعي الليبرالية إلا محاربين لهذا الحق لي !!

فضلاً عن كسر القيود المخالفة لشريعتنا الكاملة ، كنت اعتقد أن الليبرالية ستسعى لكسر القيود في بعض المؤسسات .. كقيد منع الكتابة في الصحف لنقد بعض الجهات الحكومية .. فنتخلص من بعض القيود الحكومية الغير متناسبة مع فكرنا وثقافتنا.. ولكنهم فهموا الليبرالية بأن نتخلص من الحدود الدينية الغير متناسبة مع فكر الغرب وثقافته !! فأصبحت ليبراليتهم ممقوتة .. بل اصبح شكل الليبرالية عورة .. اتقزز من النظر لملامحه.. خصوصاً بعد توالي الأحداث التي كشفتهم ( بهو الماريوت –كاشغري – وداد خالد – وائل الكذاب –تواصلهم مع الشيعة والمؤتمرات الغربية ....) .

الليبرالية في أرض منشأها ( الغرب ) من أصولها أن تتمرد على الدين والعلماء .. ويحق لهم هناك في الغرب ان يتمردوا على أديان وضعية أو مُحرَّفة وعلماء ورجال دين متسلطون يحكمون بأهوائهم ويمنعون العلم والتفكر، لكن ان يأتي ابناء جلدتنا بكل ببغائية يرددون افكار متمردي الغرب عند دين صحيح صافي إسلامي عدل كامل ..فهذه قمة الجهل والهوى ..وربما يصل عند بعضهم قمة الإلحاد..
شعارهم ( الإنسان اولاً (اي الانسان وحريته قبل الدين ..او بمعنى اصح .. الإنسان وهواه قبل الدين ..فمتى ما هوت نفسه ترك الصلاة .. او الصوم برمضان .. فهو اولا وقبل الدين ..!! وقد يتساهل في أداء فرائض الإسلام حتى الصلاة.
هؤلاء هم الليبراليون .. يحاربون الدين والعلماء باسم الحرية وليس باسمها الحقيقي(الببغائية) ..وهذه من أصول الليبرالية الغربية .. حيث انها لن تناسب إلا البيئة التي نشأت فيها .

والببغائية في المعجم الغني كلمة تقال لمن يردد ويكرر ما يسمعه دون أن يفهم معناه.. فمع ببغائيتهم لأفكار الغرب إلا أنهم أيضاً يستنسخون آراء بعضهم البعض ، فعند أي قضية اجتماعية لا أجد لأحدهم رأيا مستقلا ، بل الأفكار والرؤى في مقال هذا الكاتب هي نفسها في مقال تلك الكاتبة لأجد كل الصحيفة وربما الصحف مُملة .. تحمل نفس الرؤى والأفكار لكن بأصوات مختلفة !! وهذه ببغائية من نوع أخر.

الغريب ان نجدهم يرددون نفس كلمات المجتمع المحافظ تجاه قضية ما! .. ففي قضية الشيخ يوسف الأحمد وعند صدور الحكم عليه ردد مُدعَّي الليبرالية ما يردده المجتمع مع ان تاريخهم مع الشيخ كان سيئاً!! .. تألمنا وتمنينا أن يخرج بعفو ملكي ..وكثير من المجتمع تشنج عاطفيا لدرجة الدعاء على القاضي وعدم التصديق بأن الشيخ بشر يخطئ ويصيب .. فالشيخ الأحمد نصح الولاة بالإشهار وخالف السنة ونهج السلف فقد قال أسامة بن زيد (لا أحب أن أكون اول من يفتحه)يقصد النصح العلني لولاة الأمر ، والشيخ الأحمد نصح عبر اليوتيوب .. ولو تُرك الأمرفسيفتح مجال للناس ينصحون عبر اليوتيوب وستكون فوضى .. هذا غير أن القضية التي ناقشها كانت قضية أمنية حساسة وكانت النفوس متهيجة من ذلك الظلم ،وفي الحقيقة انني شخصياً لم أكن أعلم أن هناك معتقلين لم يُحاكموا إلا من المقاطع التي وجدتها له ، مع العلم أن المعتقلين الذين تحدث عنهم مشتبه بهم فكرياً والاشتباه الفكري لا تتوفر أدلته بسهوله كالاشتباه الجنائي .. ومن حفظ الله للشيخ أن المجتمع كان وفيّاَ ولم يثر بعد المقاطع التي نشرت ... ومع هذا وذاك إلا أن الحكم لم يكن نهائيا و سمح القاضي للاعتراض على الحكم ومناقشتها في جلسات قادمة .. ولذلك لم أستطع تفسير تشنج المجتمع غير الطبيعي مع حكم ليس بنهائي ويقبل الإعتراض .. تشنج لدرجة التشكيك في الحُكام وفي القضاء !! ..

ولكني هنا عرفت سبب ببغائية الليبراليين في هذه القضية.. فهم يرحبون بالتشكيك في القضاء والحُكَّام الحاكمين بشرع الله .. بمعنى (ليست لحرية الشيخ الذي هاجموه بكل السبل وكان عدوهم الأول قبل فترة ) بل للتشكيك في القضاء والحُكام ..

إذاً .. ببغائية الليبراليين لم تكن مع أفكار التمرد الغربي فقط ، بل حتى في القضايا الاجتماعية يكررون رؤى وأفكار بعضهم البعض في مقالاتهم ، وسنجدهم يكررون ما يقوله المجتمع حتى لو ناقضوا مواقفهم السابقة لهدف التمرد على الدين وأهله(ببغائيتهم الأساس) .

أيها الببغائي مُدَّعي الليبرالية..

قد احيي عندك رغبتك في الحرية ..لكن انصحك بأن تكون عقليتك حره فعلاً لا تستسلم الا لخالقها.. لا تسلم عقلك لمواقع التمرد والإلحاد والببغائية ..
لانهم فسقه وفي مواقعهم يبثون شبهات لابد ان تتبين قبل ان تصدقها بجهالة .. (يأيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )
فإن حاولوا بكل ببغائية في مواقعهم التشكيك في العلماء وعند عرضهم لأخطاء العلماء وفتاواهم التي تراجعوا عنها.. تبين من الحقيقة .. ابحث .. هل العالم أتى بالحكم من هواه .. ام أجتهد وبحث في المقاصد وبنى فتواه على قواعد واصول فقهية.. خصوصاً .. ان اغلب الأمور التي حرموها قديماً .. كانت فعلا تستحق التحريم وقتها لعدم وجود احتواء اسلامي لها .. فكان اجتهاد العلماء في محله وتغييرهم للحكم بعد زمن مبني على قواعد ومقاصد ..
بعد التثبت انصحك بإرجاع الأمر لأهل الاختصاص .. ما الذي يمنع من ان تتواصل مع العلماء وتسألهم عن أي شبهه يعرضها الفاسقون بتلك المواقع.

ثم من حقك ان تتفكر بمحتوى الشبهة .. وتكتشف بنفسك جوانب الخلل فيها..
والأهم هو ان تتفكر في العاقبة او الفائدة او الغرض من الشبهات هناك.. هل ستندم في آخرتك بسبب تصديقهم بجهالة (فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين )

فكر بنفسك وبكل حرية .
والأهم من هذا وذاك ..هو ان تؤمن ان العلماء ليسوا ملائكة ولا شياطين .. هم بشر .. ولكن يرفع الله اللذين آمنوا واوتوا العلم درجات .. فلا نقدسهم تقديس يجعلنا نتخيل انهم لا يخطئون فنصدم عند أي خطأ بشري منهم.. ولا نسمح لأحد يحتقرهم لدرجة إقصائهم بسبب وبدون سبب .. فهم يجتهدون .. ويبنون فتاواهم على قواعد واصول وادلة قد لا نفقهها ..

ايها الببغائي مُدَّعي الليبرالية..
انا أحترمك لذاتك وشخصك وإنسانيتك وعقلك ..ولكنني لا أحترم الفكر الباطل الضال الذي تحمل .. كيف أحترم الضلال والببغائية؟.. مع احترامي لحامليه..

لا أتقبل ولن أسمح أن يكررون ببغائية عبارات (إحترام الفكر) الذي تحول إلى (قبول الفكر) ثم إلى(تعدد الثقافات) .. .. بخلط واضح ومؤلم بين الفكر و حامله. . وعدم تفريق بين الرأي او المعتقد والفكر. . مع تناقضهم في إقصائهم للمتدينين والعلماء. . بتعميم يحاكي الأشخاص اكثر من الافكار!!
لان الصواب من وجهة نظري أن نحترم الإنسان أياً كان. . وكيفما كان معتقده. . أوليست نفساً؟؟؟
ولكن لا نحترم الفكر والمعتقد الباطل. . بل نحتقر الباطل ونُحذر منه. .مع احترامنا لذوات حامليه. .
فاحترام الفكر الباطل في نظري خرافه أو وهم يخلو من الواقعية ..

كن وسطياً .. وحافظ على حريتك ..وأترك طريق الببغائية ..


حصة أحمد الأسمري .
22 /5 / 1433هـ .

تصميم وتطويركنون