المادة
منكرات المستشفيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فمن أهم المنكرات الموجودة في المجال الصحي وخاصة في المستشفيات في بلدنا المملكة العربية السعودية ما يلي :
1- وجود الكفار والكافرات للعمل في المستشفيات والمستوصفات :
فقد جاء في الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم قال:" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ". وجاء ايضا في صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما". ومن حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا :"لا ينزل بجزيرة العرب دينان" حديث حسن. يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: والواجب على الحكام أن ينفذوا هذه الوصية ، كما نفذها خليفة المسلمين عمر رضي الله عنه بإخراج اليهود من خيبر وإجلائهم ، فعلى الحكام في السعودية وفي الخليج وفي جميع أجزاء الجزيرة ، عليهم جميعا أن يجتهدوا كثيرا في إخراج النصارى والبوذيين والوثنيين والهندوس وغيرهم من الكفرة ، وألا يستقدموا إلا المسلمين . "فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (3/ 282 ) .وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية أخشى أن يكون من المشاقة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، حيث صح عنه كما في صحيح البخاري أنه قال في مرض موته: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب). "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/41).
_ وحل هذا المنكر يكون بأمرين:
الأول/ وقائي: عن طريق الإحتساب على اللجان المسؤوله عن التعاقد مع العاملين في المجال الصحي سواء في وزارة الصحة أو المستشفيات الأخرى والتواصي معهم وتذكيرهم بخطورة استقدام غير المسلمين الشرعية وأن يكون الأصل استقدام المسلم إلا في الضرورة الملحة.
الثاني/ تفاعلي: عن طريق نشر الإسلام في أوساط غير المسلمين من أطباء وغيرهم عبر المكاتب الدعوية الموجودة في المستشفيات وايضا بالتعاون مع مكاتب الجاليات المنتشرة في بلادنا.
2- اختلاط الرجال بالنساء في أماكن العمل :
وهذا منكر عظيم لأنه يجر إلى ويلات وشرور كبيره من الفواحش ومقدماتها والدليل على ذلك القضايا التي تضبط في أوساط المستشفيات بسبب هذا المنكر وما خفي كثير بل ما ابطنته النفوس وأثر فيها من زنى العين بداية وخطرات الشهوة ومانتج عنها أكثر وأكثر خاصة إذا صاحب هذا المنكر قرينه ولازمه وهو تكشف العاملات في المستشفيات وتبرجهن. وليعلم أن الإختلاط في المستشفيات ليس هو الأصل بل هو أمر حال والدليل على ذلك تاريخ المارستانات (المستشفيات) في البلاد الإسلامية فقد بقيت عقودا من الزمن وهي تفصل بين الرجال والنساء حتى جاء مايسمى ب"الإستعمار" بل "الإحتلال" وتبع ذلك رياح التغريب بل التخريب والتي ألقت ببذرة السوء هذه في بلاد المسلمين وتسلل هذا المنكر إلى بلاد الحرمين بطريقة غريبة مع أن إختلاط الرجال بالنساء كان مستنكرا ومرفوضا في تلك الحقبة من الزمن . أيا كان أنا أظن أن هذه المقدمة المختصرة ضرورية لوضع الحلول المناسبة.
_الحل:
الأول/ المطالبة الملحة من قبل الناس لإيجاد مستشفيات أو أقسام يستقل فيها الرجال عن النساء سواء من ناحية المرضى وكذلك الطاقم الطبي العامل مع إشاعة الوعي عند الناس بضرورة هذا الأمر وتحفيزهم على المطالبة به سواء كان على مستوى مجلس الوزراء أو الشورى أو وزارة الصحة.
الثاني/ قيام الصالحين من الأطباء وغيرهم من العاملين في المجال الصحي مع المتنفذين الغيورين من ملاحظة هذا الأمر واقتراحه والعمل عليه عند توسيع مباني المستشفيات أو إقامة المباني الجديدة.
الثالث/ وضع عدة نماذج هندسية لمباني مستشفيات مختلفة يركز فيها على هذا الأمر (فصل الرجال عن النساء) يحل من خلالها الصعوبات المفتعلة وتكون نموذجا موجودا يسهل تصوره وتعاطيه عند النظر إلى هذه القضية.
الرابع/ العمل على إيجاد لجان أخلاقية داخل المستشفيات تكون مسؤؤلة عن التعديات الأخلاقية لأن وجود مثل هذه اللجان يردع النفوس الضعيفة.
الخامس/ تطبيق هذا المبدأ من قبل الأطباء الغيورين خلا كشفهم على المرضى فالإستشاري يأمر الطبيبة بالكشف على المرأة والطبيب على الرجل ,ايضا خلال تدريس طلاب وطالبات الكليات الصحية وكذلك خلال اقامة المؤتمرات والأنشطة التعليمية.
السادس/ نشر الوعي بين صفوف العاملين في المجال الصحي والعاملات على أن أمر الإختلاط أمر عارض وهو خطير مع الحذر من الإنجراف في توابعه والتأثر بنتائجه والتواصي على ذلك لأن كثرة المزاولة تفقد الإنسان قدرا كبيرا من الحس.
ولقبح هذا المنكر توالد منه وصدر من رحمه عدة منكرات من أهمها :
أ- مباشرة عورات النساء من قبل أطباء رجال خاصة في أقسام النساء والولادة ويزيد الأمر سوء إذا كان من يباشر هذه التخصصات من غير المسلمين مع أن الحل يسير لمن أراده وهو توفير الطبيبات المتخصصات في هذا المجال من الداخل بالمحفزات المختلفة وما ينقص يمكن توفيره عن طريق استقدام المسلمات المتخصصات في هذا المجال. وايضا _ وأقول هذا من قبل معرفة حيث أني طبيب_ لا بد من محافظة المرأة المسلمة على نفسها وألا تقبل بأن يكشف عليها أو يباشرها في حالة الولادة أي رجل وتطلب طبيبة أيا كان الوضع ولتبشر بأن الله سيسهل أمرها وتكاثر النساء في ذلك يحدث أزمة وغالبا الأزمة عندنا تنتج حلا.
ب- التبرج والسفور من قبل العاملات في الوسط الطبي سواء كان ذلك في اللباس أو الوجه أو الحركات من التغنج والقرب من الرجل عند المحادثة بادعاء ضرورة العمل أو عن طريق التبسط مع الرجال في الأحاديث العابرة وما يلف ذلك من المزاح والضحكات وسبب هذا ضبط عدة حالات من الخلوة والعلاقات المشينة في المستشفيات وزاد المنكر سوء وجود أجهزة الإتصالات الحديثة التي يسرت أمور المقابلات وتبادل عبارات الإعجاب في الوسط المختلط.
ت- التساهل في قضية اللباس لدى كثير من العاملات مما يؤجج قضية الفتنة ، وخصصت هذا المنكر بحديث لأنه وللأسف قامت عدد من المستشفيات والكليات بسن قوانين للباس لتفادي التعديات في موضوع اللباس لكنهم هداهم الله قد وقعوا فيما فروا منه وذلك بسن أشياء هي ممنوعة شرعا مثل إلزام العاملات أو الطالبات بزي موحد وهو لباس العمليات أو ما يعرف بلباس "سكرب سوت" المحتوى على البنطال مع أن كثيرا من أهل العلم لايجيز لبس البنطال أمام الرجال وهنا تكمن الخطورة في أننا أحيانا نقنن أشياء (من باب الغفلة أو الجهل ) وهي محرمة شرعا . نعم وجود لباس ساتر والزام العاملات به مطلب وهو من المصالح الشرعية التي لا بد من الحرص عليها لكن بشيء يزيل الفتنة أو يخففها ليس يزيدها. ويمكن في هذا الصدد من الإستفادة من تعميمات وزارة الصحة حيث حملت في طياتها كثيرا من الأمور الإيجابية لو فعلت حقيقة.
3- التخلف عن الصلوات وتأخيرها :
وفي نظري أن هذا الأمر يكثر في المستشفيات لعدة أمور منها :
ا- طبيعة العمل التي تساعد على الغفلة والنسيان للأمور المهمة.
ب- التعذر بحاجة العمل عند تأخير الصلاة.
ث- التعلل بأن أوقات الصلاة واسعة والجماعات متعددة ولا داعي للإرتباط بجماعة معينة خاصة في وجود انتشار المصليات في المستشفيات .
كل هذه العلل ضعيفة إذا علمنا قدر الصلاة وأنها ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين وأن الله تعالى أمرنا بها في أوقاتها ونهانا فقال :( ولا تكن من الغافلين) وفي قوله تعالى: ( وأضاعوا الصلاة ) قال ابن مسعود رضي الله عنه: أخروها عن وقتها. وأيضا ليعلم كل أحد منا أنه مسلم قبل كونه طبيبا أو عاملا، كما أنه عند الـتأمل يتبين أن كثيرا من الأشغال التي يتعذر بها العاملين في المجال الطبي عند تأخيرهم الصلاة سواء في ذلك المرور على المرضى أو مناقشة الحالات أو المحاضرات أو الإجتماعات أو غيرها يمكن ترتيبها أو حتى إيقافها حتى أداء الصلاة بل حتى العمليات الجراحية يمكن تنظيمها بصورة تمكن الجراح من أداء الصلاة في أول وقتها لكن المسألة تدور حول معرفة قدر الصلاة. كما أنه لا بد أن يعرف كما أشار إلى ذلك عدد من أهل العلم أن الجماعة التي ينادى اليها كما أشار الحديث النبوي والجماعة الفاضلة هي الجماعة الأولى وليست القضية بالخيار متى ما أراد الصلاة إذا كان داخل الوقت كما يظنه بعض الناس.
4- الأخطاء التي تقع من قبل المرضى خلال تواجدهم في المستشفى:
سواء كانت هذه الأخطاء متعلقة بالمعتقد _وهي الأقل لكنها الأخطر_ مثل تعليق التمائم أو استعمال الرقى الغير شرعية أو التعلق بغير الله تعالى، أو كانت هذه الأخطاء متعلقة بالجانب الفقهي _وهي الأكثر_ مثل الأخطاء في طهارة المريض وكيفية صلاته وصومه وغير ذلك .
الحل:
ا- العمل على ايجاد منشورات مناسبة لتوعية المرضى حول هذه الأخطاء.
ب- استعمال الوسائل الحديثة في هذا الشأن كتصوير صفة طهارة المريض وصلاته وبثها في قناة المستشفى ، كذلك ايجاد خط ساخن ولو بشكل متقطع للإجابة على استفسارات واستفتاءاتهم الى غير ذلك.
ج- العمل على تثقيف المزاولين للعمل في المجال الطبي في المسائل التي يحتاجها المريض بل ربما يتوجب عليهم هذا الأمر ، وإذا كان عمر رضي الله عنه ينهى من يجهل أحكام البيوع أن يأتي للسوق فكذلك نقول أن المزاول الطبي الذي لا يفقه المسائل الفقهية المتعلقة بالمرض قد أخطأ في حق نفسه وفي حق مرضاه.
• اقتراحات عامة يستفاد منها في حل كثير من المنكرات الموجودة في القطاع الصحي:
1- الإحتساب على القيادات الصحية لأن لهم أثرا في التغيير وكما قال عثمان رضي الله عنه :"إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقران". و القيادات الصحية على نوعين :
النوع الأول: أناس كان لهم سابقة خير وهم في تكاثرولله الحمد سواء مدراء مستشفيات أو رؤساء أقسام أو غيرهم وهؤلاء يحتاجون الى تذكير ويكفي المدكر منهم قوله تعالى:( وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ) الايه
النوع الثاني: أناس بعيدين عن الخير فيحتسب عليهم بطرق منها:
ا- إهداؤهم هدايا رمزية في المناسبات من قبل مكتب التوعية في المستشفى.
ب- عرض بعض انجازات المكتب الدعوي عليهم وياحبذا لو كان هذا الأمر بصورة مغلقة معهم وبضيافة المكتب بين حين واخر.
ح- اشراكهم في الأمر الدعوي كأن يطلب منهم تعليم المسلمين الجدد _في جلسة لطيفة_ أركان الإسلام.
2- العمل على جمع الذين عندهم الحرص والإحتساب من العاملين في المستشفى من جميع الشرائح سواء من الممرضات أو الطبيبات أو العاملات أو غيرهم وتشجيعهم وعمل لقاءات ودورات لهم بين حين واخر وقد رأينا من بعض العاملات من الهم والعمل ما يفوق ما عند بعض العاملين الرجال أو الذين لهم منصب.
3- استخدام وسائل الإتصال في المستشفى كالإيميل لإرسال رسائل دعوية للعاملين في المستشفى وياحبذا لو كانت عن طريق أطباء أخيار ويحرص أن تكون باللغة الإنجليزية وأن تكون غير متكررة بكثرة وأيضاتكون غير مباشرة وتحمل رسالة مهمة كموضوع الصلاة أو الحجاب وهكذا.
4- الدوران الإحتسابي من قبل الأطباء الأخيار في المستشفى سواء كان بصورة منظمة أو بالحرص العام خلال مرور الطبيب في ممرات المستشفى فلا يرى منكرا إلا أنكره بحكمة وبصورة لبقة ومع الوقت سيشيع الخير ويقل الشر في هذه الأوساط
5- عمل لقاءات متكررة _ولو كانت بصورة شهرية _ يقوم بها مكتب الدعوة في المستشفى يجمع فيها الأخيار المحتسبين في المستشفى من الأطباء وغيرهم لمناقشة بعض المنكرات الموجودة مع وضع الأهداف والخطط المناسبة.
هذا ما تيسر طرحه في هذه العجالة وقد حرصت قدر الإمكان على الإشارة والإختصار وإلا فالمقام يحتمل التطويل والبيان. أسأل الله العلي القدير أن ينفع الكاتب والقارئ بما طرح وأن يوفقنا جميعا لرمرضاة ربنا وأن يبارك في الجهود وينفع بالمجهود وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
كتبه/ د . طارق بن صالح الفواز
استشاري أطفال
مدينة الملك فهد الطبية بالرياض
26/5/1433 هجريه