المادة
إعداد الطبيب المسلم الداعية وتجربة الكنيسة في تخريج الأطباء الدعاة للنصرانية
نبذة:
إن الدور الذي ننتظره من المؤسسة العلاجية الإسلامية المطلوب إنشاؤها في الولايات المتحدة هو تهيئة البيئة الصالحة، واتخاذ ما يلزم نحو إعداد الطبيب المسلم الداعية الذي يتلمس المعرفة في الحتمية الإلهية الكبرى، وهو بفضل إيمانه يصبح رسول الرحمة الإلهية التي تمتد إلى الإنسانية جمعاء،باهتمامه بالإنسان في مجموعه، جسد آ وعثتلأ، وروحآ، ولكونه طبيبأ، ولما لهذه المهنة من مكانة خاصة في المجتمع الإنساني، فهو يحمل على عاتقه مسئولية هداية الناس وإرشادهم إلى ما يحقق لهم السعادة والصحة. ولقد خطا أتباع الديانات الأخرى خطوات واسعة فتم لهم السبق علينا في هذا المضمار.
ويستعرض هذا المقال التجربة الناجحة التي قامت بها جامعة لومالندا لإعداد الطبيب المسيحي الداعية، وقد بيت هذه التجربة على ما يأتي:
ا- تحديد الغرض الديني الأساسي من إنشاء المؤسسة التعليمية.
2- جعل التعليم الديني جزءاً لا يتجزأ من التعليم الطبي.
3- إثراء البحث العلمي الطبي ودفعه في اتجاهات تتعلق بالعقيدة، وتتوافق معها. وبالرغم مما للإسلام من ملامح فريدة تستوجب اتباع أسلوب خاص في تنفيذ هذا المشروع، إلا أن دراسة الخبرات المختلفة من شأنها أن توضح من خلال المقارنة صعوبة المهمة الملقاة على عاتق الرواد المسلمين في هذا المجال.
مقدمة:
من الأدوار التي ينتظر أن تؤديها المؤسسة العلاجية الإسلامية في الولايات المتحدة:
ا- اتخاذ الخطوات اللازمة، وتهيئة البيئة الصالحة لاعداد الطبيب المسلم الداعية.
2- أن تكون وسيلة فعالة لنشر الدعوة الإسلامية.
إن الطبيب المسلم هو شخص تلاقى تربية خاصة، وأعد إعداداً خاصاً لتلمس أسباب المعرفة في الحقيقة الإلهية الكبرى، وليكون رسولاً للرحمة الإلهية التي يسبغها الله على البشرية جمعاء. ومن هذا المنطلق وفي غمار عنايته بالإنسان في مجموعه. جسداً، وعقلاً، وروحاً، فإنه يستطيع أن يقود مريضه إلى اكتشاف الحقائق الكبرى، وأن يؤثر عليه بما من شأنه أن يقربه إلى ربه " ولما لمهنة الطب من مكانة خاصة في المجتمع الإنساني، وبفضل الاتصال الوثيق بين الطبيب ومريضه، تتاح للطبيب في. صة فريدة في نوعها لمواصلة الدعوة إلى الإسلام ، ويتحمل مسئولية القيام بهذه الدعوة. يرشد بها مرضاه إلى طريق الصحة الروحية، كما يرشدهم بها إلى طريق الصحة الجسمانية.
ولأنه لا غنى عن الطب، ولأن المرض و الصحة هما مبعث اهتمام كل إنسان في كل مكان، فإن الطبيب في موقع يمكنه من الاتصال بالناس، وبالتالي التأثير عليهم أيما وجدوا في أي مكان بالعالم.
وفي ديننا الإسلامي تعني إتاحة فرصة كهذه تحمل عبء مسئوليتها.
ولكي أوضح لكم قصور جهودنا في هذا المجال سأشير قي إيجاز إلى التجربة الناجحة التي قامت بها كنيسة اليوم السابع التابعة لطائفة الأدفنتست في مجال الطب والدعوة الدينية.
وكنت أتمنى بالطبع أن يكون نجاحنا نحن هو المثال الذي أورده هنا، خاصة وأننا أمة كرمها الله بخلافته على أرضه، وشرفها بقرآنه المنزل، وبريادة نبيه المرسل محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن حيث إننا نفتقر تماماً لتجربة إسلامية معاصرة من هذا الطراز، أجدني مضطراً لأن أبرز المثل الذي ضربته طائفة دينية يقل تعدادها عن ثلاثة ملايين من البشر، استطاعوا بحسن تنظيمهم وقوة عزيمتهم أن ينجزوا ما كان يجب أن ننجزه نحن منذ زمن طويل.
تاريخ التجربة ومسار تطورها:
تكونت هذه الجماعة التي يقل تعداد أفرادها عن ثلاثة ملايين حوالي عام 1850، وكان مصدر إلهامهم سيدة تدعى " الين هوايت "، قالت هذه السيدة: إنها شاهدت رؤ يا أخذتها على أنها وحي من الله، تأمرها بأن تهدي الناس إلى المسيحية الحقة القائمة على الكتب المقدسة الأصلية، وكانت تتعبد أيام الآحاد، وتعظ الناس بأن الجسد ما هو إلا معبد الروح، وبأن الروح ما هي إلا نفخ من روح الله. وأنت عندما تعنى بجسدك فكأنك تمجد الله، والعناية بالجسد تقتضي ما يأتي:
ا- إجراءات وقائية تشمل الامتناع عما يضر من الأطعمة والأشربة كاللحم والخمر والتدخين، الخ...
2- علاج المرض بالوسائل الطبيعية قبل اللجوء إلى العقاقير الصناعية.
3- الصحة العقلية.
4- الصحة النفسية بهداية الروح إلى خالقها.
وسرعان ما نشط رجاله الكنيسة في تعزيز هذه الأفكار، ونشرها عن طريق كتاباتهم وخطبهم، ومع ذلك فقد شعروا بأنه ما لم تبذل جهود منظمة لتوعية الناس بهذه الأفكار، فسوف تذهب سدى. لذلك انصبت جهود الكنيسة على إنشاء نظام تعليمي خاص بها يتم تنفيذه في وحدات ومؤسسات تعليمية تبنى لهذا الغرض. ولماذا إنشاء المدارس؟ ذلك لأن التربية الحقة تعني أكثر من مجرد الانخراط في سلك دراسة معينة، إنها لا تعني أكثر من مجرد إعداد للحياة المستقبلة في هذه الدنيا، فالتربية الحقة هي تطوير متناغم متناسق لجوانب الإنسان الجسمانية والعقلية والروحية (التقوى وعمل كل ما يرضي الله هو الهدف الأسمى) (1).
ولم تمض إحدى عشرة سنة على هذه البداية، حتى افتتحت الكنيسة أول كلية دراسية لما في عام 1874، وفي عام 6 0 9 1 افتتحت مدرسة لوما لندا لجماعة المبشرين بالإنجيل Evangelists وكان مقرر الطب الذي يدرس بهذه المدرسة يشمل المقرر المعتاد للعلوم الطبية، بالإضافة إلى محاضرات عن الإنجيل. فقد أشارت الين هوايت " بأن يسير إعداد الطالب لمهنة الطب جنباً إلى جنب مع إعداده لتولي مسئوليات رجل الدين " (2).
وكان لزاماً أن تتطور هذه المدرسة تدريجياً إلى جامعة رسمية معترف بها، تمثل نفس الفلسفة التربوية التي بدأت بها. ومع ذلك فقد اعتبر العمل في هذا المجال ناقصأ، إلى أن " أصبح في الإمكان أن يلتحق الطفل بمدارس " اليوم السابع للأدفنتست "، في تفرغ كامل للتعليم لمدة تربو على ستة وعشرين عاماً، بدءاً من رياض الأطفال الى أن يتخصص في جراحة الأعصاب " (3) وفي عام 1976 كانت كنيسة اليوم السابع للأدفنتست تستوعب 0 0 0 442 طالب في مدارسها وكلياتها وجامعاتها التي بلغ عددها 3762 مدرسة للمرحلة الأولى (ابتدائية ومتوسطة) و 447 مدرسة ثانوية، ومدرسة واحدة للمراسلة، 82 كلية جامعية وثلاث جامعات في كاليفورنيا وميشيجان والمكسيك تمتلك وتدير 394 مستشفى. ويوجه هذا الصرح التعليمى الضخم نشاطاته في اتجاهين: (3)
ا- أبحاث علمية تستهدف تدعيم العقيدة وتجسيدها .
أمثلة على ذلك: دراسات في الحياة المعمرة.
أخطار التدخين والإدمان على شرب الخمر.
فوائد الغذاء النباتي، الخ...
وأكبر شاهد على القيمة العملية لهذه الأبحاث نجده في مؤسسة كيلوج المتعددة الجنسيات. وكان الرجل الذي يقف على رأس هذه المؤسسة وهو الدكتور " جون هارفي كيلوج " جراحاً وعضواً مخلصاً من أعضاء الكنيسة. ولقد نشر ما يقرب من خمسين مؤلفاً من بينها كتاب شامل جعل عنوانه " علم الغذائيات الجديد " (4)،" The new Dietetics" وأدى به حماسه وأسلوبه العملي إلى اكتشاف زبدة الفول السوداني الشهيرة والتوصل إلى رقائق الذرة Cornflakes بالإضافة إلى ثمانية وثمانين نوعاً من أطعمة الحبوب cereals نستمتع بأكلها اليوم وتدر على الكنيسة أرباحاً طائلة.
2- نشاط واسع في الدعوة إلى الديانة المسيحية يمتد إلى مناطق كثيرة في العالم من بينها منطقة الخليج والسعودية والباكستان وأندونيسيا ويكفي أن نقول: إنه بحلول عام 1960 كانت كلية الطب قد خرجت من الأطباء الدعاة أكثر مما خرجته أي كلية أخرى في العالم (5).
وما زالت الكلية تنمو حتى يومنا هذا، وتعمل بكامل طاقتها بهيئة تدريس أساسية يبلغ عدد أعضائها ما يقرب من تسعمائة مدرس، وبإضافة المدرسين الذين يعملون لنصف الوقت، وآخرين متطوعين، خاصة أساتذة الدراسة العملية الإكلينيكية يبلغ إجمالي عدد الأساتذة 1685 أستاذاً من الجنسين ينتمون إلى ثمانين جنسية، ويتولون التدريس لأكثر من 5300 طالب يلتحقون بالكلية سنوياً والأهداف الرئيسية لجامعة لوما لندا كما جاء بشعارها هي :
ا- "جعل الإنسان كلا متكاملاً ".
2- تضجيع الأساتذة والطلاب على أن يكونوا أعضاء يتميزون بالمهارات الخلاقة والبناءة في كنيسة اليوم السابع وفي جماعة،ا لأدفنتست (6).
ويتضح من هذا الوصف أن أي مقارنة نعقدها بين هذا النموذج وبين المؤسسات الإسلامية سوف تبعث على الشعور بالحرج. فإذا أخذنا مثلا أكبر معهد إسلامي للعلوم الطبية، وهو كلية الطب بجامعة الأزهر سوف نلاحظ أنها تعانى من المعوقات البيروقراطية، وتقبل طلاباً لم يسبق لهم أي إعداد لنشر الدعوة الإسلامية، ولا يلاقون إليها بالاً، كما أن منهج الدراسة الدينية الذي تقدمه هذه الكلية لطلابها يتسم بالضحالة ويكاد يخلو تماماً من أي نشاط في سبل الدعوة إلى الإسلام.
ويجعلنا هذا الفراغ نشعر بالحاجة الملحة لإنشاء مؤسسة علاجية إسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية. تسهم في نشر الدعوة، وليست هذه بالمهمة السهلة، ولكنها واجبة وممكنة التنفيذ من الناحية العملية، وينبغي البدء من الآ ن في وضيع خطة بمراحل العمل في هذا المشروع كالآتي:
ا- يتم حشد المواهب من بيت المسلمين العاملين في مجال الطب وينظم استغلال هذه المواهب تحت لواء كيان موحد. أو مؤ سسة متحدة، ويتم تحديد الموارد والخبرات والمدة الزمنية والأموال التي يجب إعدادها لأداء الرسالة الإسلامية.
2- شراء مستشفى يقدم أنواعاً متعددة من الخدمات العلاجية، ويدر دخلاً، ويقوم بإجراء العديد من الأبحاث العلمية، وإعداد الشباب من بين الأطباء المسلمين من داخل الولايات المتحدة ومن بلدان العالم الإسلامي.
3- يمكن لهذا لمستشفى أن يتطور ليصبح كلية للطب، بحسن إدارتها، وبالدعم المالي على غرار ما يمنحه اليهود في جميع أنحاء العالم للمركز الطبي بجبل سيناء.
ومن المخجل أن من يريدون التدريب من أطباء الدول الإسلامية لا يكادون يمدون مكاناً يقبلهم في إحدى المستشفيات الأمريكية إلا بشق الأنفس. وبداية من عام 1981 فالأعلى هؤلاء أن يدفعوا مقابل عملهم كأطباء مقيمين بهذه المستشفيات، أو نظير تخصصهم في أحد فروع الطب، بدلاً من أن يتسلموا مرتبات عن هذا العمل كما جرت العادة، أو كما يجب أن يكون عليه الأمر. وأعتقد أنه بنفس المبالغ التي تصرف على الطلبة المسلمين، وخريجي طلبت الطب الذي يرسلون للتدريب في المستشفيات الأمريكية، وعلى المرضى الذين يسعون للعلاج في العيادات والمؤسسات الصحية الأمريكية يصبح ما ذكرته الآن قابلا للتنفيذ، وليس حلما صعب التحقيق. وتستطيع بذلك المؤسسة العلاجية الإسلامية ألن تعمل في الاتجاهات المتوازية الآتية:-
ا- إنشاء مؤسسات تعليمية تخاط بها مهمة إعداد الطبيب المسلم الذي لديه من العلم بطبه وبدينه ما يمكنه من علاج الجسد والروح معاً، وينشر في أثناء ذلك كلمة الله.
2- تشجيع البحث العلمي للكشف عن الحاقة والحكمة الكامنة في أوامر الدين الإسلامي وشريعته.
3- الإسهام في تدعيم قوة المنظمات الإسلامية في أمريكا وفي استقرارها المالي، وتمكينها بذلك من استملاك المدارس الإسلامية، وبناء صرح مؤسسة تعليمية إسلامية شاملة.
4- تدريب الطبيب المسلم، وإرشاده الى الدور الذي يجب أن يلعبه في المجتمع، والتركيز عليه باعتباره نموذجاً يحتذى لقيم الإسلام السماوية، وتزويده برأي الإسلام فيما يعن له من مشاكل مختلفة أثناء عمله.
5- تبادل المعلومات وإقامة الحوار مع المنظمات الطبية الأخرى بما يؤدي إلى عرض وجهات النظر الإسلامية فيما يتعلق بمختلف القضايا الطبية، ولفت الانتباه إلى ما يشتمل عليه الإسلام من حقائق وفيرة، وهو دليل آخر على أن الإسلام هو كلمة الله الأبدية. والواقع أنه ليس لنا أي عذر في التقاعس عن طرح أي مقترحات، أو المبادرة بأي مناقشات ودراسات عن قضايا طبية معاصرة مثل الأمراض الجنسية والسلامة الوراثية، والشذوذ الجنسي ، وأطفال الأنابيب، إلى آخر هذه القضايا.
6- تقديم التفسيرات والشروح لرجال الدين المسلمين، لكي يستعينوا بها في معالجة الموضوعات والقضايا التي يتناولونها في خطبهم ومواعظهم، بحيث تكون هذه التفسيرات وثيقة الصلة بالعلوم الطبية.
7- وأخيراً، وليس آخراً البدء منذ الآن في العمل على نشر الدعوة الإسلامية وهو ما تأخرنا كثيراً في القيام به، وهذا هو واجب كل فرد مسلم على قدر طاقته وفي حدود مجاله.
والعمل من أجل الدعوة الإسلامية يجب أن يبدأ في البيت بأن يستعيد دارسو الطب من المسلمين ثقتهم بأنفسهم، واعتدادهم بشخصياتهم، وإيمانهم بدينهم... ويجب أن تمتد هذه الدعوة إلى المسلمين في الشرق الذين أسكرتهم الحضارة الغربية حتى باتوا يعتقدون أن شمس العلم والمعرفة لا تشرق إلا من الغرب، كما يجب أن تمتد إلا الشعب الأمريكي المتعطش إلى بديل لتقدمه المادي، يشبع به حاجاته الروحية، ثم تمتد كذلك إلى كل ركن في هذا العالم حيث الحاجة دائما إلى الشفاء والدواء، ومع تقديمهما للمحتاجين إليهما نقدم معهما كلمة الله.
وفي النهاية، لا أجد ما أختم به هذا المقال خيراً من أمر الله الذي أصدره إلينا في قرآنه الكريم: " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون. وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".
المصدر
تعليق :
المضحك المبكي والله المستعان.. الدكتور يصف الحال في أمريكا و يطالب بعلاجه هناك.. ويضع التصورات والخطط المقترحة.. ويعرض نماذج الكنيسة ..
ونحن.. نعم نحن.. هنا.. في ديار الإسلام.. ماذا قدمنا..؟!!!!!!!!!! بل هل حاولنا أن نقدم شيء..؟!!!!!!!!! أو هل فكرنا في حمل لواء الدعوة في مجال ظل وسيلة للتنصير تمكنت لفترة من اقتحام حتى الجزيرة العربية والله المستعان..؟!!!!!!!!
مضى عهد النوم يا طلبة الطب..!
إن لم تكونوا للدعوة إلى الإسلام أنتم فمن يكن..؟!!!!!!!! الناس في محراب لذات الدنايا عاكفون......!!!!!!!!!
الطبيبة الداعية