المادة
كلمة للعاملين في المجال الصحي حول موضوع " الإختلاط"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن وآلاه وبعد:-
فلقد ساءنا كثيرا ما تناقلته عدد من الصحف في الفترة الأخيرة من دعوة صريحة للإختلاط بين الرجال والنساء سواء في التعليم أو أماكن العمل، وذلك بأقلام كتاب وأهل فكر مؤيدين قولهم بحجج عقلية وشواهد واقعية وأدلة شرعية يظنون بها أنهم أوصلو فكرتهم الى شرائح المجتمع المختلفة، وأنهم قد أثروا بها في قناعاتهم؛ وما علموا أن تلك الحجج والشواهد والأدلة لم تعد عقولهم وأن حراكها وأثرها لم يعد حراك أقلامهم. لقد وصل تلبيسهم واستغفالهم للناس أن صوروا من يناهض فكرة الاختلاط ب (الزمرة من أهل التطرف الديني)، غير أنهم لم يفهموا أن الفطرة السليمة والعقل الراجح يأبى فكرة الإختلاط ويرفضها ناهيك عن صاحب الدين القويم والمنهج الصحيح.
نعم لقد ساءنا كأطباء وعاملين في المجال الصحي ما تردد في تلك المقالات وبخاصة الاشارة الى المستشفيات مستدلين بها على واقعية الإختلاط بل على صحته؛ وهذا مجانب للصواب وبعيد عن السداد لعدة أمور :-
أولا: الاستدلال بوقوع الشيء على صحته قاعدة باطلة عقلا، لأن كثيرا من الأشياء الضارة بل ووالممنوعة نظاما هي واقعة وموجودة ومع ذلك لا يقال بصحتها لأجل وقوعها، ونحن إذا قبلنا بهذا الأمر(وقوع الشيء دليل على صحته) نكون قد فتحنا على أنفسنا باب شر كبير.
ثانيا: المستشفيات أو ما كان يسمى ب(المارستانات) في القديم لم يكن فيها اختلاط بل كانت تقسم قسمين: قسم للرجال وقسم للنساء. (انظرتاريخ المارستانات في الإسلام، لأحمد عيسى بك) ، وإنما بدأ الإختلاط في أماكن العمل ومنها المستشفيات يتسرب إلى بلاد المسلمين مع حلول الاستعمار وهبوب رياح التغريب، والتاريخ شاهد!
ثالثا: أن المجتمعات التي تفشى فيها الإختلاط سواء في ذلك المسلمة أو غير المسلمة ما زالت تتجرع غصص هذا الأمر وتذوق ويلاته. وقد سمعنا هذا من عقلاء الغرب سواء من الأطباء أو غيرهم خلال دراستنا في تلك الديار أو قرائتنا لما كتبه أهل الرأي والفكر فيهم. فمن ذلك مقالة الفيلسوف" برتراندرس" :إن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة. اه مجلة (أمتي) عدد سبتمبر2004. وكذلك مقالة الكاتبة "آني رورد" : لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل – الى أن قالت- نعم انه لعار على بلاد الانجليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل، بكثرة مخالطة الرجال.اه- جريدة (الأسترن ميل) عدد 10 مايو 1901م. هذا كتبته عام 1901م فكيف سيكون قولها لو رأت واقعهم اليوم؟ وأخيرا ما قاله "غاري نيلر" المفكر الأمريكي خلال خطابه الذي أرسله للشعب السعودي يحيي فيه خادم الحرمين والرجل السعودي ويصفه بأنه آخر الرجال وقوفا في العالم في وجه دعوات الإختلاط وإقحام المرأة في الأعمال العامة.- صحيفة (الحياة) مايو 2008-.
أولئك وغيرهم كثير قالوا مثل هذا الكلام لأجل الواقع المريرالذي يعيشونه ووتتحدث عنه مراكز الإحصاء عندهم ومن ذلك:
- 3500 حالة اجهاض كل يوم في أمريكا.
- حالة اغتصاب كل 19 ثانيه في أمريكا.
- نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية في أمريكا بلغت في إحدى المدن48%.
- واحده من كل 10 طالبات في جامعة (كمبريدج) تتعرض لتحرشات غير مقبولة من أساتذة الجامعة.
والأرقام في هذا الباب كثيرة ومحزنة لكن هذا نزر يسير منها. "انظر (العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) د. فؤاد العبد الكريم _ وأيضا مجلة (أمتي) عدد سبتمبر2004".
رابعا: وجود حراك قوي في المجتمع الغربي عن طريق مؤسسات ومنظمات لتصحيح الوضع يدل على سوء وخطورة الواقع الذي يعيشونه، ومن الأمثلة على هذا الحراك: الدعوة الى مايسمى ب:
(Single sex education يعني التعليم المنفصل وذلك لفوائد تعليمية واجتماعية معا،وللمزيد راجع--www.singlesexschools.org ، وكذلك الدعوة إلى ما يسمى ب : (single sex hospitals ) يعني المستشفيات التي يفصل فيها الرجال عن النساء، لإضفاء الخصوصية وتجنب المضايقات المترتبة على جمع الرجال مع النساء .
والآن في أمريكا أكثر من 180 كلية خاصة بالبنات، وفي بريطانيا بدأت مستشفيات كبيرة بفصل المرضى الرجال عن النساء، إلى غير ذلك من الأعمال المناهضة لفكرة الإختلاط . أفلا نعتبر من ذلك ؟. لكن يظهر أن بعض بني جلدتنا يريدون أن ندخل النفق المظلم الذي دخله أولئك القوم وأن نعاني ما وجدوه.
خامسا: الاختلاط في المستشفيات وفي غيرها يترتب عليه مفاسد كثيرة كالنظر المحرم وكسر الحواجز بين الرجل والمرأة في أماكن العمل ونشوء العلاقات المشبوهة خاصة إذا صاحب ذلك تساهل المرأة في سترها وحجابها. الى غيرذلك من المفاسد التي تؤثر على سير العمل الصحي سلبا لا إيجابا كما يظنه بعض الناس، وهذا نتحدث به من واقع نعرفه و نعايشه ولا ينكر هذا الا مكابر.
كل هذا فضلا على أن علماء الشريعة قديما وحديثا قد بينوا حرمة الإختلاط بين الجنسين ومفاسده الكثيرة بما يتفق مع ما قدمناه وخلصنا اليه في مقالتنا هذه ، وهذا مما نحمد الله عليه.
بقي أن يقال أن كثيرا من العاملين المخلصين في المجال الطبي رجالا ونساء قد أمضوا زمنا يعملون ويأملون في تصحيح الواقع الموجود في المستشفيات ، وتخفيف آثار ومفاسد الإختلاط المشينه، واليوم يفاجأون بتهوين أمر الإختلاط بل والدعوة الصريحة لتوسيع نطاقه. وإنا من منطلق عملنا في المجال الطبي ومحبتنا لهذا الوطن ووفائنا لقادته ننصح الجميع بتقوى الله وإعمال العقل الراشد والعمل على تخفيف النار وليس السعي لتأجيجها، قال تعالى (إن الله لا يصلح عمل المفسدين).
نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا من الشرور والمخاطر والفتن وأن يوفق قادتنا وولاة أمرنا للسداد والصواب والرشاد. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الموقعون:
د.طارق بن صالح الفواز
استشاري اطفال- امراض معديه
د.معاذ حيدر الغدير
استشاري جراحة عظام
د.احمد بن عبدالرحمن العمر
استشاري اطفال_امراض معديه
د.عبدالمحسن بن محمد الاحمد
وحدة التنفس الحرجه
د. علي الوادعي
استشاري مشارك مخ واعصاب اطفال
د. خالد بن محمد الدوسري
اخصائي اصلاح اسنان
د.عبدالحميد حسن السعيد
استشاري تخدير وعنايه مركزه
د. حسام عبدالله المسعري
استشاري مشارك – طب الاطفال
د. محمد احمد الجحلان
استشاري باطنه وروماتيزم
د.محمد بن سعيد آل عائض
استشاري اطفال- امراض معديه
د.عبدالله بن حسن الوادعي
استشاري قلب وعنايه مركزه
د.سعيد بن علي السريعي
جراحه عامه
د.أحمد شندل العنزي
استشاري اطفال
د.سامي عبدالرحمن الحيدر
استشاري الطب التنفسي للاطفال
د.سليمان المحيميد
استشاري اطفال-امراض كلى
د.ابراهيم عباس
استشاري أطفال
د.يوسف صالح عزو
جراحه عامه
د.جمال الجارالله
استشاري طب الأسره والمجتمع