المادة
الوجــودية
التعريف :
= الوجودية مذهب (*) فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر مذهب استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين.
= ويركز المذهب على الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة في رأيه، ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
= دخل المذهب الوجودي مجال الأدب على يد فلاسفة فرنسيين: هم جبرييل مارسيل المولود عام 1889م. وقد أوجد ما أسماه الوجودية المسيحية(*)، ثم جان بول سارتر الفيلسوف والأديب الذي ولد 1905م. ويعد رأس الوجوديين الملحدين والذي يقول: إن الله خرافة ضارة. وهو بهذا فاق الملحدين السابقين الذين كانوا يقولون إن الله خرافة نافعة.. – تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيراً – ومن قصصه ومسرحياته : الغثيان، الذباب، الباب المغلق.
= ومن الشخصيات البارزة في الوجودية: سيمون دي بوفوار وهي عشيقة سارتر. التي قضت حياتها كلها معه دون عقد زواج تطبيقاً عمليًّا لمبادىء الوجودية التي تدعو إلى التحرر من كل القيود المتوارثة والقيم الأخلاقية.
الأفكار والمعتقدات:
= الوجود اليقيني للإنسان يكمن في تفكيره الذاتي، ولا يوجد شيء خارج هذا الوجود ولا سابقاً عليه، وبالتالي لا يوجد إله(*) ولا توجد مثل ولا قيم أخلاقية متوارثة لها صفة اليقين، ولكي يحقق الإنسان وجوده بشكل حر فإن عليه أن يتخلص من كل الموروثات العقدية والأخلاقية.
= إن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة.
= الالتزام في موقف ما – نتيجة للحرية(*) المطلقة في الوجودية – من مبادىء الأدب الوجودي الرئيسة.. حتى سميت الوجودية: أدب الالتزام أو أدب المواقف.. أي الأدب الذي يتخذ له هدفاً أساسياً أصحابه هم الذين يختارونه. وبذلك جعلوا القيمة الجمالية والفنية للأدب بعد القيمة الاجتماعية الملتزمة.
= ولقد نتج عن الحرية(*) والالتزام في الوجودية، القلق والهجران واليأس:
- القلق نتيجة للإلحاد(*) وعدم الإيمان بالقضاء والقدر(*).. ونبذ القيم الأخلاقية والسلوكية.
-والهجران الذي هو إحساس الفرد بأنه وحيد لا عون له إلا نفسه.
- واليأس الذي هو نتيجة طبيعية للقلق والهجران، وقد حاول سارتر معالجة اليأس بالعمل، وجعل العمل غياة في ذاته لا وسيلة لغرض آخر، وحسب الوجودي أن يعيش من أجل العمل وأن يجد جزاءه الكامل في العمل ذاته وفي لذة ذلك العمل.
الجذور الفكرية :
= ترجع بذور مذهب(*) الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جورد 1813 – 1855م وقد نمَّى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م، وكارك يسبرز المولود عام 1883م.
وقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات.
= والفكر الوجودي لدى كيركاجورد عميق التدين، ولكنه تحول إلى ملحد إلحالداً صريحاً لدى سارتر.
- ومهما حاول بعض الوجوديين العرب، وغيرهم، تزيين صورة الوجودية، إلا أنها ستبقى مذهباً هداماً للأديان والعقائد والقيم الأخلاقية.
أماكن الانتشار:
= انتشرت الوجودية الملحدة في فرنسا بشكل خاص، وكانت قصص ومسرحيات سارتر من أقوى العوامل التي ساعدت على انتشارها.
ويتضح مما سبق:
أن الوجودية مذهب فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر المذاهب الأدبية التي استقرت في الآداب الغربية في القرن العشرين ويرى أن الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجوديين، بحيث إنه لا يوجد شيء سابق على الوجود الإنساني كما أنه لا يوجد شيء لاحق له، ولذا فإن هدف الإنسان يتمثل في تحقيق الوجود ذاته، ويتم ذلك بممارسة الحياة بحرية مطلقة. وقد أفرز هذا المذهب(*) أموراً عديدة منها القلق واليأس نتيجة للإلحاد وعدم الإيمان وهما من ركائز هذا المذهب. لذا يجب أن يعي الشباب المسلم حقيقة هذا المذهب وهو يتعامل مع إفرازاته.
ولا شك أن الإسلام يرفض الوجودية بجميع أشكالها ويرى فيها تجسيداً للإلحاد(*) كما أن قضايا الحرية(*) والمسؤولية والالتزام التي تدعو إليها الوجودية غير مقيدة بأخلاق(*) أو معتقدات دينية. وهي تنادي بأن الإنسان لا يدري من أين جاء ولا لماذا يعيش وهذه جميعها أمور محسومة في الإسلام وواضحة كل الوضوح في عقل وضمير كل مسلم آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً (*) نبيًّا (*) وقدوة وإماماً.
--------------------------------------------------------------------------------
مراجع التوسع :
- نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا – ط جامعة الإمام 1405هـ.
- الأدب المقارن، للدكتور محمد غنيمي هلال.
- الأدب ومذاهبه، للدكتور محمد مندور – دار نهضة مصر – القاهرة.
- الموسوعة الفلسفية المختصرة، لمجموعة من المؤلفين – دار القلم – بيروت.
- المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، للدكتور نبيل راغب- مكتبة مصر – القاهرة.
المراجع الأجنبية :
Existentialism and Humanism by J.P. Sartre, London, 1955.
Literary and Philosophical Essays by J.P. Sartre, London, 1955.
Histoire de la litterature Francaise Paris 1960.