المادة

انهيار الإمبراطورية الأمريكية

407 | 22-06-2014


الشيخ نبيل العوضي



أسباب قيام الدول وأسباب هلاكها وانهيارها يتشابه تقريبا في كل زمان ومكان، فقوم (عاد) الذين تجبروا وبطشوا وكانوا القوة العظمى في الأرض حتى قالوا عن أنفسهم ?من اشد منا قوة? فرد الرب عز وجل عليهم ?أو لم يروا ان الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة? ومرت الايام والسنون فأهلكهم الله جلا وعلا وجعلهم عبرة لغيرهم ولم يبق منهم احدا.



وقوم (فرعون) الذين طغوا في الارض واستكبروا وجعلوا اهلها شيعا واستضعفوا الناس وكفروا بدين الله وحاربوا رسله، دعا عليهم موسى عليه السلام، وكان من دعائه انه قال ?ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم? فاستجاب الله للمظلوم واخذ الظالم بعذابه ?فأخذناهم بالسنين ونقص من الثمرات? ثم لما تمادوا أغرقهم الرب عز وجل.



وكذلك (ثمود) وقوم (لوط) وأصحاب (الأيكة) وغيرهم وغيرهم الكثير ممن جاءتهم عقوبات إلهية بسبب ظلمهم وطغيانهم وفسادهم ?وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد?.



ان ما يشهده العالم اليوم قد يكون مرحلة تاريخية تعتبر منعطفا خطيرا قد تعصف بأنظمة سياسية قائمة وتغير من ميزان القوى في الأرض خلال السنوات القادمة.



فمن كان يعيش على امل بقاء (الإمبراطورية الأمريكية) لدهور طويلة فهو يعيش في حلم كاذب، بل هو كابوس مزعج لا بد ان يفيق منه، فهذه الإمبراطورية التي بطشت في الأرض ردحا من الزمن، وتجبرت وطغت فلم تترك الضعفاء في فلسطين لعشرات السنين، وأهلكت الحرث والنسل في أفغانستان والعراق وغيرهما، وجثمت على صدور الضعفاء ونهبت الخيرات.



بل ان (الإمبراطورية الأمريكية) قطعت موارد الكثير من الجمعيات الخيرية الاغاثية، وجمدت اموالها وحرمت الملايين من الايتام والفقراء والمساكين من المساعدات التي تصل اليهم ،فيا الله كم من طفل مات جوعا، وكم من ضعيف مات بسبب منع المساعدات والاغاثات، فهل تضيع انات الثكالى وصياح الجياع وبكاء اليتامى؟!



ان ما يحصل اليوم للامبراطورية الامريكية، ومن سار في ركبها بسبب جشعهم واكلهم الربا اضعافا مضاعفة هو شيء قليل من حرب الله لهم ?فاذنوا بحرب من الله ورسوله?، وهذه (التريليونات) التي تبخرت هي حقيقة قول الله جل وعلا ?يمحق الله الربا?، والاموال التي انفقوها في حروبهم الخاسرة وفي سبيل سيطرتهم على خيرات الدول ومواردها هذه الاموال اخبر الرب عنها ?فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الى جهنم يحشرون?.



سأقولها بصوت مرتفع مضى عهد الطغيان الامريكي، وانتهى عهد ( الامبراطورية الامريكية)، وهذا ليس حكمى بل حكمهم، فجرائدهم الغربية مليئة بتحليلات تصل لهذه النتيجة، يقول الفيلسوف البريطاني (جون غراي) تعليقا على الازمة الاقتصادية ما نراه اليوم هو تحول تاريخي لا رجعة عنه في موازين القوى العالمية، نتيجته النهائية ان عصر القيادة الامريكية للعالم قد ولى الى غير رجعة.



ان عصر هيمنة القطب الواحد في العالم قد انتهى فأي دولة تنهار اقتصاديا فانه يتبع ذلك انهيار عسكري ثم سياسي، وهناك تقارير كثيرة صدرت هذه الأيام من الأمريكان انفسهم بل من اعضاء في الحزب الحاكم ومن حزب المحافظين الجدد يعترفون بفشلهم في سياساتهم الداخلية والخارجية، وما (ذكته) انتصاراتهم في حروبهم واعلان (رئيسهم) انتهاء الحرب الا تغطية لفشلهم في معاركهم الاخيرة، وما حرب العراق الا (دق) في مسامير نعشهم الأخير.



لقد جرب العالم نظاما اشتراكيا مخالفا لدين الله ولفطرة الإنسان فانهار سريعا، ثم جرب نظاما رأسماليا جشعا وها هو الان ينهار، فمتى سيعي العالم ويعرف الاقتصاديون ان العالم لن يصلحه الا نظام الهي وحكم رباني يقوم على الاقتصاد الإسلامي! ? أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون?.



اما نحن في الدول الإسلامية ان اصابنا ما أصابهم فلأننا نسير في ركابهم ولاننا وقفنا معهم في مشايع كثيرة، وربطنا مصيرنا بمصيرهم، وربطنا اعناقنا بحبالهم، قال تعالى: ?واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).



قد تنهار (الإمبراطورية الأمريكية) سريعا وقد يطول الامر لسنوات فالعلم عند الله وحده، ولكن السؤال المهم ماذا اعددنا للمرحلة القادمة؟! وهل الشعوب الاسلامية متهيئة لما سيأتي؟! وهل لدولنا الاسلامية اي تأثير في صنع الواقع والمستقبل؟!.



قال تعالى: ?أولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، كانوا اشد منهم قوة، وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون?.

تصميم وتطويركنون