المادة
الحرب المفتوحة !!
المجزرة الإسرائيلية التي تمت بالأمس أمام العام كله وضد مدنيين عزل لم يتعرضوا لإسرائيل ولا الصهاينة بسوء هي أكبر دليل وأوضح برهان على أن الصهاينة لا يعترفون بأي قانون دولي ولا مبادئ ولا قيم بل هي تفعل ما تشاء ولا تبالي بالعالم كله!!
بضعة ملايين من شرذمة مبتورة لقيطة تتحدى العالم كله في بطشها وطغيانها ولا تستطيع لا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا غيرها من المنظمات العالمية أن تقف في وجهها.
ماذا يحدث للعالم؟! أين الحكام المسلمون؟!! هل سيكتفون ببيانات إدانة وشجب فإننا وأقصد الشعوب الإسلامية الحرة والموالية لله ورسوله نقول لجميع القيادات الإسلامية احفظوا إداناتكم لكم فهي لم تعد تفيد الأمة بشيء، وأن العالم غير المسلم ليستغرب من جمودكم وعدم حراككم أمام سفك الصهاينة لدماء أي معارض لها ولو كان مدنياً ولو كان في مياه دولية أو في فندق في بلد مسلم خليجي!!
فالحرب مفتوحة أمام العدو الصهيوني يستخدم أي سلاح يريده ضد من يشاء في أي مكان في العالم كله، أما الدول الإسلامية فهي لا تستطيع إطلاق رصاصة واحدة ضد هذا العدو!!
إن أسطول الحرية الذي تم اعتقال أفراده وفيه أطفال وشيوخ وعجائز ما كان يتعرض لما تعرض له لو أن النظام المصري كان قد سمح لجمعيات المساعدات الإنسانية بالمرور عبر حدوده، ولكن النظام المصري بعكس الشعب المصري المجاهد والمناصر لجميع قضايا المسلمين هو أحد المتسببين لهذه المجزرة الصهيونية ويتحمل جزءاً من المسؤولية، وكذلك باقي الأنظمة الإسلامية التي لم تعمل بصدق لكسر الحصار على شعب غزة المضطهد.
أمريكا والغرب مشاركان أيضاً بهذه المجزرة حيث أنهما مؤيدان للحصار على شعب غزة، بل ومشاركان بهذا الحصار ومساهمان فيه، وعلى الرغم من وجود الكثير من الشعوب الأمريكية والأوروبية المناهضة والرافضة للحصار الظالم إلا أن الحكومات الغربية أغلبها يحسب لليهود ألف حساب والصهاينة متحالفون معهم ضد المسلمين في العالم كله.
إن أسطول الحرية على الرغم من استشهاد وإصابة العشرات من أفراده واعتقال الباقين إلا أنه قد انتصر بالمعنى السياسي والإعلامي وجعل الكثير من القيادات السياسية العربية في حرج شديد من استمرار المفاوضات مع العدو الصهيوني أو السير نحو التطبيع معه، ووضعت القيادة الصهيونية في حال حرجة أمام أصدقائها الأوروبيين ونجح الأسطول في جعل قضية الحصار الظالم على غزة في رأس قائمة الاهتمام الدولي وأن هذه القضية لابد أن تحل عاجلاً غير آجل وإلا فستتفجر الأوضاع داخل إسرائيل وخارجها!!
العدو الإسرائيلي يبدو أنه يعيش حالة تخبط أشبه ما تكون بحالة يأس، وإلا ما الفائدة التي ستجنيها هذه القيادة الموتورة بفعلها الهمجي؟! إن المسلمين الذين خرجوا في هذا الأسطول لا يبالون بقتلهم فهم يؤمنون بشرف الشهادة في سبيل الله، وباقي الشعوب الإسلامية سيتكالبون لمد يد العون لإخوانهم في غزة، بل كل المؤشرات تدل على خطأ كبير ارتكبته القيادة الإسرائيلية بفتح النار على عزل لم يريدوا إلا إيصال مساعدات إنسانية لشعب جائع، وليعلم الجميع في أي مكان في الأرض أن الصهاينة لا يستحقون البقاء في الأرض لحظة واحدة وبإذن الله نهايتهم قد اقتربت.
أنا أعلم أن الصهاينة لن يقف بجانبهم إلا صنفان من البشر أولهما الصهاينة أنفسهم وثانيهما المنافقون العرب ممن سيشحذون أقلامهم النتنة وسيقولون كما قال أسلافهم عندما قُتل مَن قُتل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقالوا: { لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ۗ قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:168]، وسيصور المنافقون والزنادقة أن إسرائيل مظلومة مسكينة وأن المسلمين هم المعتدون وهم الذين بدؤوا العداء وهم المتسببون بقتلهم، وسيكتبون بكل وقاحة ضد أي مبدأ أو حق إنساني، لأن قلوبهم واحدة وهم واليهود هدفهم واحد ولهذا سيكون مصيرهم واحداً { إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } [النساء:140].
يجب على علماء المسلمين ومفكريهم ومصلحيهم أن ينظموا صفوفهم أمام هذه الهجمة الصهيونية الصليبية ضد الإسلام والمسلمين في العالم كله، ويجب أن يكون لهم دور حقيقي فيما يحصل، ويجب أن يعلموا أن استهداف الشيخ (رائد صلاح) ومحاولة اغتياله هي محاولة لاغتيال كل عالم ورجل دين في العالم الإسلامي فماذا ينتظرون؟! لماذا لا يجتمع العلماء في تركيا أو غيرها من بلاد المسلمين ليتباحثوا في طريقة لإعلان الجهاد المسلح ضد العدو الصهيوني، فهل هناك واجب اليوم أعظم من الجهاد الإسلامي المسلح؟! وهل هناك إثم أعظم من التخلي عن مقدسات المسلمين ودمائهم وأعراضهم التي تنتهك كل يوم على يد أشد الناس عدواة لنا، وهل للعلماء اليوم عذر إن لم يفعلوا شيئاً ينقذ الأمة الجريحة ؟!
إن تركيا اليوم لها دور عظيم في العالم الإسلامي، وولاء الشعوب المسلمة لها يزداد يوماً بعد يوم، ومع تقديرنا لموقف تركيا الشجاع إلا أننا نطالب تركيا بطرد السفير الإسرائيلي من أراضيها وسحب سفيرها من تل أبيب، ووقف جميع العلاقات التركية الإسرائيلية، بل ونطالبها بموقف أكثر شجاعة وتنفيذ تهديدها لإسرائيل إن هي تعرضت للأسطول، فها هي إسرائيل نفذت تهديداتها ولم تبال بأي تهديد، ولتعلم القيادة التركية أن أي رد فعل قوي منها تجاه إسرائيل فهو يحرك مشاعر مليار ونصف مليار مسلم معها وفي اتجاه زيادة الولاء للقيادة التركية، فلتصنع تركيا التاريخ الحديث ولتعد إلى قيادة حقيقية فاعلة للأمة الإسلامية فإن الشعوب تبحث عن قائد صادق ومخلص لقضاياها.
لا يحسب المتألمون أن ألمنا هو الوحيد بل { إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء:104]. وأنا أبشر كل قارئ بأن العاقبة دوماً للمتقين، والنصر مع أهل الإيمان ولو كانوا قلة بشرط الإيمان والصبر، وقد يطول الليل ولكن الفجر قادم، وأدعو جميع المسلمين للتحرك إعلامياً عبر الصحف والفضائيات والإنترنت ضد العدو الصهيوني، والتحرك القانوني عبر المؤسسات، والتحرك السياسي عبر البرلمانات الحرة، والتحرك الشعبي عبر التجمعات والاعتصامات للضغط على حكوماتها لتقوم بأي دور مشرف مع الشعب المقاوم في فلسطين، والدعاء للشهداء أن يرحمهم الله ويتقبلهم في الشهداء والجرحى أن يحفظهم الله ويشفيهم وأن يحفظ جميع مَن على الأسطول وأن يرجعهم سالمين غانمين { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:40].
التاريخ: 1/6/2010 م