المادة
الولايات المتحدة الإسلامية
تخيلت يوما أن الدول الإسلامية من المشرق إلى المغرب اجتمعت على خلافة واحدة عادلة، من باكستان والهند إلى المغرب العربي، ودخلت في هذه الدولة العظمى بعض دول الاتحاد السوفيتي السابق، ذات الأغلبية المسلمة، بل وتسارعت كوسوفو للانضمام لها وكذلك بعض الدول الإفريقية، دولة عظمى واتحاد لا يُخترق بقيادة قوية عادلة.
هذه الدولة الإسلامية العظمى فيها كل مقومات الاكتفاء الذاتي؛ فالبترول والغاز ومصادر الوقود الأخرى تغطي حاجة هذه الدول، والأراضي الخصبة التي تنتج المحاصيل الزراعية في مساحات واسعة تكفي جميع القاطنين في هذه الدولة بل ويتعدى إلى التصدير لخارجها، الصناعة في مشرق هذه الدولة والتكنولوجيا الحديثة تفوقت على الصين واليابان، صناعة الأسلحة في باكستان وإيران ومصر وغيرها تفوقت على الصناعة الأمريكية والفرنسية، المفاعلات النووية السلمية والدفاعية توزعت في أرجاء هذه الدولة وجعلت باقي الدول تهابها، خطوط المواصلات تربط هذه الدولة العظمى برحلات جوية وسكك لقطارات حديثة تجعلك تنتقل بينها بكل سهولة ويسر ولا تحتاج لقطع أي حدود فأنت في بلادك تفتخر.
تريليونات الدولارات سحبت من أمريكا وأوروبا لتستثمر في أراضي المسلمين، فأحدث الجامعات بُنيت وأفضل المستشفيات وأرقى الأسواق، وأفضل الماركات والصناعات لا تجدها إلا في هذه الدولة العظمى: مستوى دخل الفرد في هذه الدولة لا يصل إليه أي فرد في أي دولة أخرى في العالم، رفاهية وحضارة وعمران وتكنولوجيا من أقصى البلاد إلى أدناها.
تُرسل أوروبا وأمريكا أبناءها ليتعلموا في جامعات هذه الدولة الإسلامية، وترسل مرضاها للعلاج في مستشفياتها وتطلب أمريكا وأوروبا وروسيا قروضا من هذه الدولة العظمى، وربما طلبت حمايتها من بعض أعدائها.
في هذه الدولة العظمى تجد كل وسائل الترفيه والراحة إلا ما حرم الله عز وجل، المنتجعات والفنادق والألعاب الترفيهية والمناطق السياحية الطبيعية ينتقل فيها المسافر بين الأجواء الباردة والدافئة والممطرة، في صحارى وجبال وغابات وشواطئ وأنهار، وكل ما يحتاج إليه من أراد الاستمتاع؛ فسهولة الانتقال والأمن وتوفر البضائع وغيرها تجعل السائح الأوروبي لا يفكر بقضاء إجازته إلا في هذه الدولة وملتزما بضوابطها وآدابها.
الألفة والمحبة بين شعوب هذه الدولة وقبائلها؛ فهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائرها لإعانته، لا فقير بينهم ولا سائل إلا وأعطوه حتى يكف عن السؤال.. دماؤهم غالية، والدنيا كلها لا تجرؤ على الاعتداء على أي مسلم ولو كان في غير بلاده، ومن قتل منهم نفسا فكأنما قتل الناس جميعا.
القضاء في هذه الدولة أعدل قضاء، تلجأ إليه نزاعات العالم، القضايا التي ينظر فيها القضاء قليلة؛ فالأمانة منتشرة والصدق مبدأ عندهم، ولا يجرؤ ضعيفو النفوس على ارتكاب أي جريمة؛ فشرع الله قائم ويطبق على الشريف والوضيع، ولا شفاعة فيه؛ فالحياة كل الحياة بالقصاص.
دولة عظمى تجد الناس فيها يبدأون يومهم بصلاة الفجر، المساجد ممتلئة بالمصلين، الأخلاق الإسلامية هي صبغة الناس، فلا أحد يعتدي على أحد، الكل يسلم على الكل ويبتسم في وجهه، صلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الجيران عادة وعبادة مستحكمة، إذا رأى احدهم أذى في الطريق أماطه، واذا رأى حيوانا رحمه، يعيش غير المسلمين مع المسلمين في أمن وسلام، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين إلا أنهم لا يطالبون بالقتال معهم بل يعيشون ويتمتعون بكل حقوقهم.
خليفة المسلمين ينتخب كل فترة من خلال المسلمين في مشارق الدولة إلى مغاربها، له شروط محددة لا يحق له تجاوزها، ويحق لكل فرد في هذه الدولة انتقاده والإنكار عليه؛ فحرية النقد والنصح مكفولة.
هذا الحلم تحقق ما يشبهه بعد بضعة عقود من قول أبي لهب لرسول الله "تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟!"، ولكن تحقق الحلم وكانت الدولة القوية، ولست بصدد ذكر الوسائل التي يجب أن تُسلك لتحقيق هذا الحلم، لأنها تحتاج إلى مقالات عديدة سأفرقها في أعداد لاحقة غير متتابعة، أسأل الله أن يعيد للمسلمين أمجادهم.