المادة
رمضان والصفوة
454 |
24-04-2013
كلما أقبل شهر رمضان أقبلت الخواطر في محاسبة النفس ومراجعتها، والرغبة والأماني في التزود الإيماني وشحن القلب وتزكية النفس وتحليتها، وبالأخص في جانب تقوية العلاقة بالله، وليس هذا بمستغرب؛ فالكل يشهد لرمضان كمحطة وقود للتزود .
ومع التصحر الإيماني الذي أصاب ويصيب النفوس بسبب المتغيرات والمستجدات على كل الأصعدة، أصبحت النفس العاقلة تشعر بل وتتألم لجوعتها الإيمانية في وقت مجاعة يكاد يصيب الكثير إن لم يكن الجميع، لكنها لا تدري كيف تكسر حدة هذه الجوعة ولو بجرعة يسيرة رغم أن الزاد بين يديها!!
عجيب..! نفس تحمل الزاد بكل صنوفه، ولا تستطيع أن تسد رمقها؟! آهٍ وآهٍ من هذا الزمن وبُنياته؟! فإذا كان الأطباء يشكون الداء فمن سيصف الدواء؟!
سبحان الله هم يعرفون الدواء ويحملونه بل ويصرفونه، لكن الكثير منهم لا يستطيع تناوله؟! لست أتحدث عن الصفوة ممن أعجزه الكسل، أو أصابه الخوف والهلع، أو أغرقه الطمع والجشع، بل عمن يسعى وينفع، ويُعطي ويرفع، ينفع الناس بكلماته، ويرفع هممهم بعظاته، فأشغلوه وأشغلته همته وحب الخير للناس، أتحدث عن الصفوة ودُلال الخير، والنجوم التي يهتدي بها الناس، حيث لا يكاد بال أحدهم يهدأ، أو يستجم، وإن استجم الجسد فالفكر والعقل كالرحى لا يستقر...فهؤلاء فرحهم برمضان كفرح من قال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح، فقد وجدوا ضالتهم برمضان حيث لذة العبادة، ولحظات التدبر والترتيل للقرآن، وروحانية الصيام والقيام، وروعة الخلوة والاعتكاف،و..و..و، لكن هيهات فهم دُلال للخير ومحركو القلوب، وماذا يفعل الواحد منهم وقلبه يعتلج ويحترق في حب الخير وتوجيه الناس، ويعلم أن رمضان فرصة، فهو شهر التوبة والمحاسبة، وشهر إقبال القلوب وصقلها..، لكنه أيضًا يعلم أن نفسه كغيرها من النفوس بل أشد حاجة للتوبة، والمحاسبة، والتزود بالوقود، فإن فاتت هذه المحطة فقد لا يجد غيرها بسهولة، فهو في صحراء مترامية الأطراف شديدة الغليان والذوبان!!.
عجيب..! نفس تحمل الزاد بكل صنوفه، ولا تستطيع أن تسد رمقها؟! آهٍ وآهٍ من هذا الزمن وبُنياته؟! فإذا كان الأطباء يشكون الداء فمن سيصف الدواء؟!
سبحان الله هم يعرفون الدواء ويحملونه بل ويصرفونه، لكن الكثير منهم لا يستطيع تناوله؟! لست أتحدث عن الصفوة ممن أعجزه الكسل، أو أصابه الخوف والهلع، أو أغرقه الطمع والجشع، بل عمن يسعى وينفع، ويُعطي ويرفع، ينفع الناس بكلماته، ويرفع هممهم بعظاته، فأشغلوه وأشغلته همته وحب الخير للناس، أتحدث عن الصفوة ودُلال الخير، والنجوم التي يهتدي بها الناس، حيث لا يكاد بال أحدهم يهدأ، أو يستجم، وإن استجم الجسد فالفكر والعقل كالرحى لا يستقر...فهؤلاء فرحهم برمضان كفرح من قال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح، فقد وجدوا ضالتهم برمضان حيث لذة العبادة، ولحظات التدبر والترتيل للقرآن، وروحانية الصيام والقيام، وروعة الخلوة والاعتكاف،و..و..و، لكن هيهات فهم دُلال للخير ومحركو القلوب، وماذا يفعل الواحد منهم وقلبه يعتلج ويحترق في حب الخير وتوجيه الناس، ويعلم أن رمضان فرصة، فهو شهر التوبة والمحاسبة، وشهر إقبال القلوب وصقلها..، لكنه أيضًا يعلم أن نفسه كغيرها من النفوس بل أشد حاجة للتوبة، والمحاسبة، والتزود بالوقود، فإن فاتت هذه المحطة فقد لا يجد غيرها بسهولة، فهو في صحراء مترامية الأطراف شديدة الغليان والذوبان!!.
إنها دوامة يصعب على كل أحد - وإن كان من الصفوة- أن يضبط توازنه في إعصار كهذا، خاصة عندما يشتكي القلب تفرقه وشعثه، وبُعده وقسوته، فكلنا يروح ويغدو في أعمال وأشغال، تطول معها الأحلام والآمال، فتنبه أخي، وقف، واحذر؛ فالنفس تحتاج لوقفات وخلوات، لزيادة رصيد الإيمان وسكب العبرات، خاصة في زمن الفتن والشهوات، الذي ننسى فيه كثيرًا حاجة النفس والذات لصفاء القلب، وبقدر ما في القلب من النور سيكون قوة إشعاعه، لأن تفاضل الأعمال بتفاضل ما في القلوب من حقيقة الإيمان ولذته، ولذا قال أبو بكر المزني: "ما فاق أبو بكر رضي الله تعالى عنه أصحاب رسول الله بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه". ومن تأمل في هذه المرحلة حال الصفوة - وهم ليسوا كغيرهم- وجد ضعفًا وفتورًا وكسلاً في جوانب العبادة والسلوك، ليس إهمالاً بل انشغالاً، وأعلم أن الكثير منهم يشكو ويتألم ويتحسر لمثل هذا، لكنها الشواغل الدعوية، والدخول مع الناس وللناس، ونسيان النفس وحاجاتها، فإن كان فلا يجب أن يكون في رمضان .
إنه صراع المشاعر في نفوس الصفوة الأخيار عند إقبال رمضان، ولذا كان صلى الله عليه وسلم يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور، ويؤثر عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس -رحمه الله- أنه كان يترك حلق التدريس في رمضان، ويتفرغ للعبادة وقراءة القرآن، هكذا هم الصفوة، فتعالوا يا نجوم الزمان لانتهاز الفرص، واستثمار هذا الموسم؛ لتقوية العلاقة بالله، وتصفية القلب مما علق عليه من الرين، فرمضان جُنة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقربين، يعيد للقلب والجوارح صحتها التي سلبتها أيدي الشواغل والصوارف حتى وإن كانت خيرًا، فالعاقل يعلم يقينًا أن أول ما عليه النجاة بنفسه، وأنه إن لم يأخذ لن يعطي، وبحسب كمية الوقود يكون طول المسير، وأعلم أن الأمر صعب، وأن التسديد والمقاربة أصعب، لكني أهمس في أذنك همسة محب: إن لم تسطع أن تملأ خزان الوقود أو أن تخفف من تلك الشواغل المباركة كل رمضان، فلا أقل من استثمار عشره الأخيرة، وخاصة بالاعتكاف، فلا بد من خلوة للعاقل يخلو فيها بنفسه للذكر والفكر والمحاسبة لتزكية النفس، يقول عمررضي الله تعالى عنه: "خذوا حظكم من العزلة".
وقال مسروق: "إن المرء لَحقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها، فيذكر فيها ذنوبه، فيستغفر منها"، فالخلوة بين الفينة والفينة مع النفس ضرورة جدًّا لكي يتفرغ القلب وليس لها مثيل في سنة الاعتكاف، وقد اعتكف خير الصفوة رغم كثرة شغله نبي الله صلى الله عليه وسلم، واعتكف أصحابه معه وبعده، فهم يعلمون أن في القلب شعثًا لا يلمُّهُ إلا الإقبال على الله، وجمع كليته عليه تعالى، بحيث يصير ذكره سبحانه وحبه، والإقبال عليه زاده بل وحلاوته، فتنبه أخي لهذه المعاني، واستعن بالله ولا تعجز، واحذر يا دليل الخير التسويف، ومداخل إبليس، فهو حاذق في مداخله على الصفوة، والله المستعان.
جديد المواد
روابط ذات صلة
المادة السابق
| المواد المتشابهة | المادة التالي
|
تصميم وتطويركنون