المواد
صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم - الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد
فهذه نبذة في صفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم، وما فيها من واجبات وآداب وأدعية، وفي حكم الصيام وأقسام الناس فيه، والمفطرات، وفوائد أخرى على وجه الإيجاز. ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لتطبيق سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، والله الموفق.
تعريف الصيام
هو التعبد لله تعالى بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
صيام رمضان:
أحد أركان الإسلام العظيمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم « بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام » متفق عليه.
الناس في الصيام
* الصوم واجب على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مقيم.
* الكافر لا يصوم، ولا يجب عليه قضاء الصوم إذا أسلم.
* الصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه الصوم، لكن يؤمر به ليعتاده.
* المريض مرضاً طارئاً ينتظر برؤه يفطر إن شق عليه الصوم، ويقضى بعد برئه.
* المجنون لا يجب عليه الصوم ولا الإطعام عنه وإن كان كبيراً، ومثله المعتوه الذي لا تمييز له، والكبير المخرف الذي لا تمييز له.
* العاجز عن الصوم لسبب دائم كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه - يطعم عن كل يوم مسكيناً.
* الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصوم من أجل الحمل أو الرضاع، أو خافتا على ولديهما، تفطران وتقضيان الصوم إذا سهل عليهما وزال الخوف.
* الحائض والنفساء لا تصومان حال الحيض والنفاس، وتقضيان ما فاتهما.
* المضطر للفطر لإنقاذ معصوم من غرق أو حريق يفطر لينقذه ويقضي.
* المسافر إن شاء صام وإن شاء أفطر وقضى ما أفطره، سواءً كان سفره طارئاً كسفر العمرة أم دائماً كأصحاب سيارات الأجرة فيفطرون إن شاءوا ما داموا في غير بلدهم.
أحكام الصيام
1- النية:
وجوب تبييت النية في صوم الفريضة قبل طلوع الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من لم يُجمِع الصيام قبل الفجر فلا صيام له » صحيح أبي داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: « من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له » صحيح النسائي. والنية محلها القلب، والتلفظ بها لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم.
2- وقت الصوم:
قال تعالى: { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة: 187]. والفجر فجران:
* الفجر الكاذب: وهو لا يُحِلُ صلاة الصبح، ولا يُحرِمُ الطعام على الصائم، وهو البياض المستطيل الساطع المُصعَّد كذنب السرحان.
* الفجر الصادق: وهو الذي يحرم الطعام على الصائم، ويحل صلاة الفجر، وهو الأحمر المستطيل المعترض على رؤوس الشعاب والجبال.
فإذا أقبل الليل من جهة الشرق وأدبر من جهة الغرب وغربت الشمس فليفطر، قال صلى الله عليه وسلم: « إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم » متفق عليه. وهذا أمر يتحقق بعد غروب قرص الشمس مباشرة وإن كان ضوءها ظاهراً.
3- السحور:
قال صلى الله عليه وسلم: « فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر » رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: « البركة في ثلاثة: الجماعة، والثريد، والسحور » صحيح رواه الطبراني في الكبير.
وكون السحور بركة ظاهرة لا ينبغي تركه، لأنه اتباع للسنة، ويقوي على الصيام. وهو الغذاء المبارك كما سمّاه الرسول صلى الله عليه وسلم: « هلمّ إلى الغذاء المبارك » صحيح أبي داود، وقال صلى الله عليه وسلم: « السحور أكلة بركة فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين » حسن رواه الإمام أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: « نِعم سحور المؤمن التمور » صحيح أبي داود. وكان من هديه تأخير السحور إلى قبيل الفجر.
4- ما يجب على الصائم تركه:
* قول الزور: قال صلى الله عليه وسلم: « من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله عز وجل حاجة أن يدع طعامه وشرابه » رواه البخاري.
* اللغو والرفث: قال صلى الله عليه وسلم: « ليس الصيام من الأكل والشراب، وإنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جَهِل عليك فقل: إني صائم » صحيح ابن خزيمة.
5- ما يباح للصائم:
* الصائم يصبح جنباً: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم، متفق عليه.
* السواك للصائم: قال صلى الله عليه وسلم: « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء » متفق عليه. فلم يخص الرسول صلى الله عليه وسلم الصائم من غيره، ففي هذا دلالة على أن السواك للصائم ولغيره عند كل وضوء وكل صلاة عام، وفي كل الأوقات قبل الزوال أو بعده.
* المضمضة والاستنشاق: كان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم، لكنه منع الصائم من المبالغة فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: « وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً » صحيح أبي داود.
* المباشرة والقبلة للصائم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه. متفق عليه. ويكره ذلك للشباب دون الشيخ، قال صلى الله عليه وسلم: « إن الشيخ يملك نفسه » صحيح رواه أحمد.
* تحليل الدم وضرب الإبر التي لا يقصد بها التغذية: فإنها ليست من المفطرات، لأنها ليست مغذية ولا تصل إلى الجوف.
* قلع السن: لا يفطر الصائم.
* ذوق الطعام: وهذا مقيد بعدم دخوله الحلق، وكذلك الأمر بمعجون الأسنان، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: "لا باس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم" رواه البخاري.
* الكحل والقطرة ونحوهما مما يدخل العين: هذه الأمور لا تفطر سواء وجد طعمه في حلقه أم لم يجده، وقال الإمام البخاري في صحيحه: "ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأساً ".
6- الإفطار:
* تعجيل الفطر من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه مخالفة اليهود والنصارى، فإنهم يؤخرون، وتأخيرهم له أمد، وهو ظهور النجم. قال صلى الله عليه وسلم: « لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر » متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: « لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم » صحيح ابن حبان.
* الفطر قبل صلاة المغرب: عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي". حسن رواه أبو داود.
* على ماذا يفطر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء"، صحيح أبي داود.
* ماذا يقول عند الإفطار: قال صلى الله عليه وسلم: « للصائم عند فطره دعوة لا ترد » صحيح ابن ماجه. وكان يدعو صلى الله عليه وسلم عند إفطاره: « ذهب الظمأ وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله » صحيح أبي داود.
7- مفسدات الصوم:
* الأكل والشرب متعمداً: « إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه »، متفق عليه.
* تعمّد القيء: وهو إخراج ما في المعدة عن طريق الفم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: « من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض » صحيح أبي داود، فإن قاء من غير قصد لم يفطر.
* الجماع: وإذا وقع في نهار رمضان من صائم يجب عليه الصوم فعليه مع القضاء كفارة مغلّظة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
* الحقن الغذائية: وهي إيصال بعض المواد الغذائية إلى الأمعاء أو إلى الدم بقصد تغذية المريض، فهذا النوع يفطر الصائم، لأنه إدخال إلى الجوف.
* الحيض والنفاس: خروج دم من المرأة في جزء من النهار، سواء وجد في أوله أو آخره أفطرت وقضت.
* إنزال المنيّ: يقظة باستمناء أو مباشرة أو تقبيل أو ضم أو نحو ذلك، وأما الإنزال بالاحتلام فلا يفطر لأنه بغير اختيار الصائم.
* حقن الدم: مثل أن يحصل للصائم نزيف فيحقن به دمه تعويضاً عما نزف منه.
8- القضاء:
* يستحب المبادرة إلى القضاء وعدم التأخير، ولا يجب التتابع في القضاء. أجمع أهل العلم أن من مات وعليه صلوات فاتته فلا يقضى عنه، وكذلك من عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد في حياته، بل يطعم عن كل يوم مسكيناً. ولكن من مات وعليه صوم صام عنه وليّه، لقوله صلى الله عليه وسلم: « من مات وعليه صوم صام عنه وليّه » متفق عليه.
9- الصوم مع تركه الصلاة:
* من صام وترك الصلاة فقد ترك الركن الأهم من أركان الإسلام بعد التوحيد، ولا يفيده صومه شيئاً ما دام تاركاً للصلاة، لأن الصلاة عماد الدين الذي يقوم عليه، وتارك الصلاة محكوم بكفره، والكافر لا يقبل منه عمل لقوله صلى الله عليه وسلم: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» صحيح رواه الإمام أحمد.
10- قيام الليل (التراويح) :
* لقد سن الرسول صلى الله عليه وسلم قيام رمضان جماعة، ثم تركه مخافة أن يفرض على الأمة فلا تستطيع القيام بهذه الفريضة. وعدد ركعاتها ثمان ركعات دون الوتر لحديث عائشة رضي الله عنها: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" متفق عليه.
ولما أحيا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذه السنة جمع إحدى عشرة ركعة، وصلّوا في زمانه ثلاثة وعشرين، وصلّوا بعده تسعاً وثلاثين ركعة، والعمل على ثلاثة وعشرين كما في صلاة الحرمين الشريفين، وهو قول الأئمة الثلاثة وغيرهم.
ومما ابتلي به المسلمون اليوم في صلاة التراويح السرعة في القراءة وفي الركوع والسجود وغير ذلك، وهذا مخل بالصلاة، مذهب لخشوعها، وقد يبطلها في بعض الحالات... والله المستعان.
11- زكاة الفطر:
وهي فرض لحديث ابن عمر رضي الله عنه: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس" متفق عليه. وتجب زكاة الفطر على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين، ومقدارها صاع من غالب قوت البلد، إذا كان فاضلاً عن قوت يومه وليلته وقوت عياله، والأفضل فيها الأنفع للفقراء.
ووقت إخراجها: يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز قبله بيوم أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد.
فضل قيام ليالي رمضان - الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: « من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه » فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ـ أي على ترك الجماعة في التراويح ـ ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وصدرٍ من خلافة عمر رضي الله عنه. المصدر: كتاب قيام رمضان
وعن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله! أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء ».
ليلة القدر وتحديدها:
2- وأفضل لياليه ليلة القدر، لقوله صلى الله عليه وسلم: « من قام ليلة القدر - ثم وُفّقت له -، إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه ».
3- وهي ليلة سابع وعشرين من رمضان على الأرجح، وعليه أكثر الأحاديث منها حديث زر بن حبيش قال: سمعت أبي ابن كعب يقول - وقيل له: إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر! - فقال أُبيّ رضي الله عنه: رحمه الله، أراد أن لا يتكل الناس، والذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - ووالله إني لأعلم أي ليلة هي؟ هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
ورفع ذلك في رواية إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه مسلم وغيره.
مشروعية الجماعة في القيام:
4- وتشرع الجماعة في قيام رمضان، بل هي أفضل من الانفراد، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه، وبيانه لفضلها بقوله، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله! لو نفّلتنا قيام هذه الليلة، فقال: « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة » فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر" حديث صحيح، أخرجه أصحاب السنن.
السبب في عدم استمرار النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة فيه:
5- وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تُفرض عليهم صلاة الليل في رمضان، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما، وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة، وبذلك زال المعلول، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان، وبقي الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة، ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في صحيح البخاري وغيره.
مشروعية الجماعة للنساء:
6- ويشرع للنساء حضورها كما في حديث أبي ذر السابق بل يجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة، فعن عرفجة الثقفي قال: "كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء" قلت: وهذا محله عندي إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر.
عدد ركعات القيام:
7- وركعاتها إحدى عشرة ركعة، ونختار أن لا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاته في رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاُ فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً" أخرجه الشيخان وغيرهما.
8- وله أن ينقص منها، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله.
أما الفعل، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها: بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: "كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة" رواه ابو داود وأحمد وغيرهما.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو: " الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة ".
القراءة في القيام:
9- وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره، فلم يحُد فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر (يا أيها المزمل) وهي عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: « من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين »، وفي حديث آخر: «.. بمائتي آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين ».
وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال، وهي سورة (البقرة) و (آل عمران) و (النساء) و (المائدة) و (الأنعام) و (الأعراف) و (التوبة).
وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران)، وكان يقرؤها مترسلا متمهلاً.
وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أبيّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، كان أبيّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين، حتى كان الذين خلفه يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر.
وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القراء في رمضان، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية، والوسط خمساً وعشرين آية، والبطيء عشرين آية.
وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يحيي الليل كله إلا نادراً، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل: « وخير الهدي هدي محمد »، وأما إذا صلى إماماً، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف، والمريض، وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليُطل صلاته ما شاء ».
وقت القيام:
10- ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: « إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر ».
11- والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: « من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل ».
12- وإذا دار الأمر بين الصلاة أول الليل مع الجماعة، وبين الصلاة آخر الليل منفرداً، فالصلاة مع الجماعة أفضل، لأنه يحسب له قيام ليلة تامة.
وعلى ذلك جرى عمل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، فقال عبد الرحمن بن عبد القاري: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرّهط، فقال: والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم، فجمعهم على أبيّ بن كعب، قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى، والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال: عمر، نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله ". وقال زيد بن وهب: "كان عبد الله يصلي بنا في شهر رمضان فينصرف بليل".
13- لما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإيتار بثلاث، وعلل ذلك بقوله: « ولا تشبهوا بصلاة المغرب » فحينئذ لابد لمن صلى الوتر ثلاثاً من الخروج من هذه المشابهة، وذلك يكون بوجهين:
أحدهما: التسليم بين الشفع والوتر، وهو الأقوى والأفضل.
والآخر: أن لا يقعد بين الشفع والوتر، والله تعالى أعلم.
القراءة في ثلاث الوتر:
14- ومن السنة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر: (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الثانية: (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة: (قل هو الله أحد) ويضيف إليها أحياناُ: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس).
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ مرة في ركعة الوتر بمائة آية من سورة (النساء).
دعاء القنوت:
15- و يقنت بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو: « اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك » ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتي بعده. (ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح).
16- ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع، ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه، فقد جاء في آخر حديث عبد الرحمن بن عبيد القاري المتقدم: "وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك، وخالف بين كلمتهم، وألق في قلوبهم الرعب، وألق عليهم رجزك وعذابك، إله الحق" ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير، ثم يستغفر للمؤمنين.
قال: وكان يقول إذا فرغ من لعنة الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنات ومسألته: "اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، ونرجو رحمتك ربنا، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك لمن عاديت ملحق " ثم يكبر ويهوي ساجداً.
ما يقول في آخر الوتر:
17- ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده): « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما اثنيت على نفسك ».
18- وإذا سلم من الوتر، قال: "سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس" (ثلاثاً) ويمد بها صوته، ويرفع في الثالثة.
الركعتان بعده:
19- وله أن يصلي ركعتين (بعد الوتر إن شاء)، لثبوتهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً بل قال: « إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم، فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له ».
20- والسنة أن يقرأ فيهما: (إذا زلزلت الأرض) و (قل يا أيها الكافرون).
من كتاب قيام رمضان للألباني.
-----------------
متابعة الإمام حتى ينصرف:
السؤال: إذا كان الأرجح في عدد ركعات التراويح هو أحد عشر ركعة وصليت في مسجد تقام فيه التراويح بإحدى وعشرين ركعة، فهل لي أن أغادر المسجد بعد الركعة العاشرة أم من الأحسن إكمال الإحدى وعشرين ركعة معهم؟
الجواب: الأفضل إتمام الصلاة مع الإمام حتى ينصرف ولو زاد على إحدى عشرة ركعة لأنّ الزيادة جائزة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ » رواه النسائي وغيره. ولقوله صلى الله عليه وسلم: « صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ ». رواه السبعة وهذا لفظ النسائي.
ولا شكّ أنّ التقيّد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والأكثر أجرا مع إطالتها وتحسينها، ولكن إذا دار الأمر بين مفارقة الإمام لأجل العدد وبين موافقته إذا زاد فالأفضل أن يوافقه المصلي للأحاديث المتقدّمة، هذا مع مناصحة الإمام بالحرص على السنّة.
-------------------
إذا زاد ركعة على وتر الإمام ليكمل بعد ذلك:
السؤال: بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل فما حكم هذا العمل؟ وهل يعتبر انصراف مع الإمام؟.
الجواب: الحمد لله:
لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً.
من كتاب الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح. ص 41
للشيخ عبد العزيز بن باز
لماذا نخسر رمضان ؟؟ - الشيخ إبراهيم بن عبد الله الدويش
بالأمس القريب ذرفت عيون الصالحين دموع الحزن على فراق رمضان وهاهي اليوم تستقبله بدموع الفرح نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل رمضان وممن امتن الله عليهم بقيامه وصيامه وأن يوفقنا للخير والصلاح والفلاح فيه . كل هذا الشوق وكل هذا الحنين ومع ذلك فهناك من يخسر رمضان ويخسر فضله وأجره والعياذ بالله، وربما لم يشعر ذلك الخاسر بلذة الصيام والقيام ولا يعرف من رمضان إلا الجوع والعطش فأي حرمان بعد هذا الحرمان نعوذ بالله من الخسران. المصدر: تلخيص لشريط "لماذا نخسر رمضان؟" للشيخ إبراهيم الدويش - من الأخ أبو ربى - منتديات مشكاة
وعلى فمي طعم أحس به *** من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا بأنك قادم فتهللت *** بالبشر أوجهنا وبالخيلاء
لماذا إذاً نخسر رمضان ؟؟ سؤال يحتاج إلى إجابة. أليس الله يقول: { فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }، لكني أذكرك وأحذرك من أمور ربما كانت سبباً لخسارة رمضان دون أن تشعر، فإياك إياك أن تخسر رمضان .
ويعلم الله ما أردت إلا الإصلاح فلعل هذه الوقفات تكون لبنة أولى لكل من قرأ هذا الموضوع ليعيد بناء نفسه في هذا الشهر فحرام أن يمن الله علينا بهذا الفضل وهو إدراك رمضان فنكفر هذه النعمة بالإسراف والتبذير في لياليه.
وأسباب خسارته كبيرة فمنها ما يخص الرجال ومنها ما يخص النساء وربما اشتركا في بعض الأسباب.. وهنا وقفة مع بعض الأرباح في رمضان يبشرك بها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: « من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه »، « من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه »، « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه »، استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطر، شهر العتق من النيران، رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهم.
فلماذا يخسر البعض كل هذه الأرباح. وما هي أسباب خسارتنا لرمضان؟؟
أولاً عشرون سبباً أخاطب بها المرأة وربما شارك الرجل في بعضها:
1ـ الغفلة عن النية وعدم احتساب الأجر وأنكِ تركت الطعام والشراب وابتعدت عن الشهوات لله وحده «إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» كما في حديث أبي هريرة وهو متفق عليه.
2ـ إهمال الصلوات الخمس وتأخيره عن وقتها وأدائها بكسل وخمول.
3ـ السهر فهو من أعظم أسباب خسارة رمضان فأكثر النساء يسهرن مع الأخوات على أحاديث القيل والقال وربما حتى وقت السحر خمس ساعات أو أكثر على شيء غير مفيد.
4ـ كثرة الخمول والنوم والكسل ولو نامت الليل لساعات لجلست بعد الفجر في مصلاها تذكر الله ولأصبحت نهارها طيبة النفس نشيطة.
5ـ ضياع الوقت في التفنن في المأكولات والمرأة مشكورة مأجورة لقيامها على الصائمين ولكن يمكنها اختصار الوقت في مطبخها.
6ـ سماع الغناء فالإذن تصوم أيضاً وكيف تتلذذ بسماع القرآن وهي تسمع قرآن الشيطان ومنبت النفاق ورقية الزنا.
7ـ مشاهدة التلفاز و المسلسلات وسهر ليالي رمضان عليها.
8ـ قراءة المجلات والروايات والجرائد وما شابهها وكان السلف يتركون طلب الحديث والعلم في رمضان للتفرغ للقرآن.
9ـ التسويف وقد قطع هذا المرض أعمارنا في أفضل الشهور حتى ليلة القدر لم تسلم من التسويف. فمثلاً تريد المرأة أن تقرأ القرآن بعد الفجر لكنها متعبة من السهر وبعد الظهر ولكنها مرهقة وبعد العصر ولكنها مشغولة في المطبخ وربما في الليل ولكنها مع القريبات و الجلسات ملتزمة.
10ـ الخروج للأسواق وفيه فتن عظيمة وقد تضيع فيه الحسنات التي جمعتها المرأة في رمضان.
11ـ التبرج والسفور فالعباءة ناعمة مزركشة و النقاب واسع والعين كحيلتان والروائح زكية فما رأيك في قبول صومها.
12ـ الهاتف: إذ تقضي بعض الأخوات أوقات طويلة في استخدامها للهاتف في أحاديث تافهة.
13ـ الغيبة والقيل والقال فاحذري اللسان لا يفسد صيامك أخية.. فهل صامت من أكلت لحوم الناس وأعراضهم؟؟
14ـ إهمال العمل الوظيفي بحجة التعب.
15ـ إهمال تربية الأولاد فالليل سهر ولعب والنهار نوم وضياع للصلاة.
16ـ سوء خلق بعض الأخوات فتراها سريعة الغضب والسب والشتم فضيعت صيامها وحرمت أجره.
17ـ الطمع والجشع وعدم الإنفاق في رمضان وللصدقة في رمضان خصائص منها شرف الزمان، إعانة الصائمين على طاعاتهم، الجمع بين الصيام والصدقة موجبة للجنة.
18ـ صلاة التراويح فلا تعجبين أن تكون صلاة التراويح سبباً في خسارة رمضان ألخصها في أسباب:
• خروج بعض النساء وهن متبرجات.
• خروجهن وهن متعطرات.
• الخلوة بالسائق الأجنبي الذي جاء بها إلى المسجد.
• اصطحابها الرضع والأطفال مما يشوش على المصلين.
• الجلوس بين الركعات للتحدث في أمور الدنيا حتى إذا قرب الركوع قامت فركعت.
• صفوف النساء وعدم إتمامها والتراص فيها.
• اختلاط الرجال بالنساء عند الخروج.
19ـ الحيض والنفاس ولاشك المرأة تؤجر عليها فلا تغفلي عن ذكر الله والصدقة والقيام على الصائمين وخدمتهم.
20- الإعجاب بالنفس وأنها أفضل من غيرها وأحسن.
أما الأسباب الخاصة بالرجل:
1- عدم أداء الصلاة مع الجماعة والتساهل فيها.« رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ».
2- الرياضة فإذا كان لابد فلتكن الرياضة ساعة أو ساعتين ثم تنظم المسابقة في تلاوة القرآن وحفظه .
3- الاستراحات والجلسات والملاحق أصبحت للأسف من أسباب خسارة رمضان.
4- التسكع في الشوارع والأسواق وإيذاء الناس والجلوس على الأرصفة.
5- المعاكسات سواءً في الأسواق أو الهواتف .
6- جلساء السوء وأصحاب الهمم الدنيئة.
7- الدخان والشيشة وهي من الأشياء المحرمة التي استمرأها الناس.
8- أكل الحرام ومنه الربا والغش والسرقة .
9- التزييف والخداع والنجش والحلف الكاذب.
10- الانسياق واللهثان وراء التجارة وكسب المال إلى حد التفريط في الواجبات.
11- الإهمال في العمل الوظيفي والتأخر عنه والخروج قبل وقته.
12- التهاون ببعض الذنوب والتعود عليها كحلق اللحية وإسبال الثوب وهو المسكين لايعدها ذنباً وهي محسوبة عليه.
13- آفات اللسان كالسباب والشتائم والغيبة وبذاءة اللسان والكذب { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }.
14- التساهل وعدم الجدية ويتضح هذا في كثرة الضحك والتعليق وربما السخرية والاستهزاء.
15- الظلم فمهما كان لك أعمال صالحة ومهما حرمت في رمضان فمادمت ظالماً أخذت منك هذه الحسنات على قدر مظلمتك.
16- التفريط في النوافل عامة: صدقات - قراءة قران- العمرة- السواك - وركعتي الضحى - وقيام الليل والتراويح - وتفطير صائم.
17- الغفلة عن الغنيمة الباردة: الذكر- الدعاء- الاستغفار. فقد حُرم منه كثير من المسلمين.
18- التقصير في حق الوالدين والزوجة والأولاد وعدم القيام بحقهم ومن أهم الأسباب التي يخسر بها المسلم رمضان.
19- الجهل أو التجاهل بفضائل رمضان وعظمته.
20- الغفلة عن الموت ونسيانه.
هذه بعض أسباب خسارة رمضان ولعلكم تتساءلون ما هو العلاج فأقول انظروا إلى كل سبب من الأسباب السابقة ولتحاول الابتعاد عنه وإذا أردنا أن نعلم عظيم خسارتنا لرمضان فلنجب على هذه الأسلة بصراحة تامة:
• هل تقرأ القرآن بكثرة وهل تختمه بكثرة على الأقل مرة واحدة؟
• هل تحرص على أداء الصلوات في وقتها بطمأنينة وخشوع ومع جماعة المسلمين؟
• هل تحافظ على السنن الرواتب القبلية والبعدية؟
• هل تستحضرين النية في إعدادك للطعام لأهلك وتحتسبين الأجر على الله؟
• هل تصدقت وأطعمت الطعام؟ فإذا قلتِ نعم، فبكم؟ وهل يقارب ما يصرف على الزينة؟
• هل تحرص على أداء صلاة التراويح بآدابها؟، وأنت هل تحرصين على صلاة التراويح في المسجد أو البيت؟
• كم ساعة تنامون في رمضان؟
• كم شريط نافع سمعته في رمضان؟
• كم ساعة تسهر وتسهرين وعلى أي شيء؟
• كم عدد تلك الدقائق التي نقضيها في التسبيح والتهليل والتحميد؟
• هل وقفنا في مكان خالٍ وفي ظلمة ليل ورفعنا أكف الضراعة بالدعاء؟
• هل تستغلين الحلقات بالمناصحة والتفقه والدعوة إلى الله؟
• هل تجتهدين في طاعة زوجك ورعاية أولادك خلال هذا الشهر؟
• هل طهرنا بيوتنا من المنكرات وهل طهرنا أموالنا من الربا والحرام؟
فأصدق مع نفسك مادام في العمر فسحة قبل أن تندم حين لا ينفع الندم؟
عليك بما يـفـيدك في المعادِ *** وما تــنجو به يـــــوم التنادِ
فمالـكَ ليس ينفع فيك واعظ *** ولا زجـر كأنك من جـــمادِ
ستندم إن رحلــتَ بغير زادٍ *** وتشقى إذ يناديك المنــادي
فلا تفرح بمالِ تقــتــنــــــيه *** فإنك في معــــكوس المرادِ
وتب بما جنــيت وأنت حـي *** وكن متنبه من ذا الرقــــادِ
يسرك أن تكون رفيق قــومِِ *** لهم زاد وأنـــــت بغير زاد
هذه أربعون سبباً لخسارة رمضان جمعته تنبيهاً للغافل وإعانة للذاكر وتعليماً للجاهل وأحذر هذه الأسباب فكن من الفائزين في رمضان جعلنا الله وإياك من الفائزين في رمضان وجنبنا الخسران.
خصائص عشر الأواخر من رمضان - الشيخ عبد العزيز بن فوزان الفوزان
تأملْ أيها المسلم في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائماً أو نائماً، عاملاً أو عاطلاً، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك. المصدر: موقع صيد الفوائد
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به - صلى الله عليه وسلم- فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها، لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله.
روى الإمام مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: « كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره » .
وفي الصحيحين عنها قالت: « كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر » .
فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي - صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها -والله- أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت -والله- لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله.
وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد. قال سفيان الثوري: أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيراً من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.
وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر.
ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: ما أعلم - صلى الله عليه وسلم- « قام ليلة حتى الصباح » ولا تنافي بين هذين الحديثين، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط.
ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها: { ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر}.
وقال فيها: { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم }
أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- « وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم » حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه.
قال الإمام النحعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها".
وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه »
وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- « تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان » متفق عليه.
وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: « التمسوها في العشر الأواخر في الوتر » أي في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين.
وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم { ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون }، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات، فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني.
إن الجنة حُفّت بالمكاره، وأنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- « من خاف أدلج - يعني من أول الليل- ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة » .
وقد مثل النبي - صلى الله عليه وسلم- المسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك - بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جاداً في سفره، تاركاً للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
وأما من كان نوّاماً كسلان متبعاً لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200]. ومن خصائص هذه العشر المباركة استحباب الاعتكاف فيها، والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل - وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد }
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده.
وفي صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: « كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً ».
والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله، ويجتهد في تحصيل الثواب والأجر وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والعبادة، ويتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلا بحديث مباح مع أهله أو غيرهم.
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته لقوله تعالى: { ..ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد.. }
وأما خروجه من المسجد فهو على ثلاثة أقسام:
1- الخروج لأمر لا بد منه طبعاً أو شرعاً لقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل من الجنابة، وكذا الأكل والشرب فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد. فإن أمكن فعله في المسجد فلا. مثل أن يكون في المسجد دورات مياه يمكن أن يقضي حاجته فيها، أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب، فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه.
2- الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض، وشهود جنازة ونحو ذلك، فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعوده أو يخشى من موته، فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به.
3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالخروج للبيع والشراء ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه، فإن فعل انقطع اعتكافه ولا حرج عليه.
هل حقاً سندرك رمضان؟! - الشيخ نبيل العوضي
المصدر: طريق الإيمان
لم يبق على رمضان إلا ثلاثة أو أربعة أيام فقط، والكل تقريبا بدأ يرسل التهاني بمناسبة هذا الشهر الفضيل، وأغلب الناس استعدوا وتجهزوا لهذا الشهر، فالمصاحف نشرت وجهزت، والمصليات أعدت وفرشت للمصلين القائمين والطعام المخصص لهذا الشهر ملأ الثلاجات، بل إن بعض الناس رتب جدوله من حيث الزيارات واللقاءات العائلية والاجتماعية وغيرها من الاستعدادات والتجهيزات...
لكن السؤال المهم الذي يجب ألا نغفل عنه... هل حقا سندرك رمضان؟!! وهل نضمن صيامنا لهذا الشهر المبارك؟!!
قد يبدو السؤال غريبا عند البعض لكنه واقعي ومنطقي إذا تأملنا فيه!! ففي هذه الأيام القادمة سيقبض الله أرواحا ربما تبلغ العشرات في مجتمعنا الصغير، فهل ضمنا أننا لن نكون منهم؟!!
لعلي أكون أحدهم ولعل أحد القارئين لمقالي سيكون منهم، ولعل أحد أحبابنا أو أقربائنا سيكون ممن اختاره الرب عز وجل قبل دخول الشهر، وإنما الأعمال بالنيات.
إن تيقننا بإدراكنا للشهر نوع من طول الأمل، ولو فكر الواحد منا أن أكثر الميتين في هذه الأيام كانوا مستعدين للشهر وربما كانوا مستعدين للعيد بعده!! ولكن إذا نزل القدر فلا مفر منه {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [سورة الأعراف: 34].
إن غروب الشمس علينا ليلة رمضان ونحن أحياء موحدون ناوون لصيام رمضان وقيامه يعد نعمة عظيمة من الرب عز وجل، ولهذا يطلب المؤمنون الصادقون من ربهم وبقلوبهم أن يدركوا هذا الشهر، فإذا أدركوه طلبوا من ربهم بصدق وإخلاص أن يعينهم على صيامه وقيامه، ولن يستطيع أحد صيام الشهر وقيامه إلا بالاستعانة بربه عز وجل، والمؤمن يقول من قلبه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة: 5].
شياطين الجن ومردتها ستحبس في هذا الشهر لإعانة المؤمنين على طاعة ربهم، ولكن شياطين الإنس من سيوقفها؟!
إذا كان البعض لا يراعي مشاعر المسلمين ولا يخاف من ربه قبل هذا ولم يبق لديه شيء من الحياء فلابد أن يردعه قانون أو سلطان!!
فأصحاب القنوات الفضائية مطالبة بالتوقف عن المجون والتعري والابتذال خصوصا في هذا الشهر وما بعده مطلوب أيضا.
وأصحاب الجرائد والمجلات مطالبون بالكف عن عرض الصور الخليعة التي لا هدف من ورائها إلا الإثارة الجنسية وللأسف.
وأصحاب الأقلام مطالبون بالالتزام بالأخلاق الشرعية وعدم الخوض في ما لا يجوز الخوض فيه على الأقل في هذا الشهر.
وأصحاب المقاهي مطالبون بعدم عرض شاشات الطرب والغناء والمسلسلات التي تتنافى مع أخلاق الصائمين في هذا الشهر.
ومن يرد أن يروج لبضاعته أو سلعته بصورة يضعها في طريق أو مجمع تجاري أو وسيلة نقل عام فليتق الله ولا يضع من الصور ما يخدش به صيام الصائمين وقيام القائمين.
وأصحاب الفنادق والمنتجعات والمعاهد الصحية مسئولون أمام الله عن نشاطاتهم وبرامجهم وما يحدث في أماكنهم خصوصا في هذا الشهر وغيره من الشهور.
فليتقوا الله في المسلمين وليعلموا أن النعم تزول بالمعاصي والذنوب.
أما إذا لم يستجب هؤلاء وغيرهم ويخافوا من ربهم عز وجل ويحترموا هذا الشهر ومكانته فلابد للدولة أن يكون لها دور وأرجو أن تنبه لجنة الظواهر السلبية (المباركة) الوزارات المعنية لتقوم بدورها في إلزام المستهترين باحترام هذا الشهر واحترام المسلمين وشعائرهم ولعل بعض الناس يردعه السلطان إن لم يرتدع بالقرآن والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
الصوم - الشيخ محمد حسان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}([1]). المصدر: موقع الشيخ محمد حسان
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ([2]).
{يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} ([3]).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أحبتي في الله:
لقد كان موضوع خطبتنا الماضية (وصايا رمضانية)، واليوم بإذن الله وعونه وحوله وطوله وتوفيقه فإن موضوعنا اليوم هو: (من أحكام الصيام).
وسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في العناصر التالية:
أولاً: معنى الصيام وحكمته.
ثانياً: أركان الصيام.
ثالثاً: مبطلات الصيام.
رابعاً: رخص الصيام وآدابه.
وأخيراً: أخطاءٌ في الصيام.
أولاً: معنى الصيام وحكمته
الصيام لغةًّ: هو الإمساك والكفُ عن الشيء كما قال تعالى حكاية عن مريم عليها السلام: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} [سورة مريم: 26]، أي: إمساكاً عن الكلام والصيام.
شرعاً: الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية، أما حكمة مشروعية الصيام: فهي كثيرة ولله الحمد.
فما من عبادة شرعها الله لعبادة إلا لحكمة بالغة عَلِمَها من علمها وجَهِلَها من جهلها وليس جهلُنا بحكمة شيء من العبادات دليلاً على أنه لا حكمة لها بل هو دليلٌ على عجزنا نحن إدراك حكمة الله سبحانه، وتعالى القائل: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [سورة الإسراء: 85].
ومِنْ ثَمَّ فإن من أعظم حكم الصيام أنه سبب للتقوى كما قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ([4]).
والتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين من خلقه، وهي كما عرفها ابن مسعود: "أن يطاع الله فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".
وعرفها طلق بن حبيب بقوله: "التقوى هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخافُ عقابَ الله".
والصومُ من أعظم العبادات التي تهيئ النفوسَ لتقوى الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؛ لأن الصوم أمرٌ موكولٌ إلى نفس الصائمِ، وضميره، إذ لا رقيب عليه إلا الله.
ومن هنا قال الله تعالى في الحديث القدسي: «كلُ عمل ابنِ أدمَ له، إلا الصومِ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يُرْفُثْ، ولا يَصْخَب، فإن شاتمه أَحَدٌ أو قاتله، فليقل: إني صائم، إني صائم، والذي نفس محمدٍ بيده، لخَلُوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فَرِحّ بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» ([5]).
ومن حكمة العظيمة تربيةُ النفس بكفها عن شهواتها والحدَّ من كبريائها حتى تخضع للحقِ وتلين للخلق.
ومن حِكمِه البليغة تذكيرُ الأغنياء الذين يرفلُون في نعم الله جل وعلا بأن لهم إخواناً لا يتضورون جوعاً في نهار رمضان فحسب بل في جميع أيام العام..!! بل ومنهم من يموت جوعاً. ومِنْ ثِمَّ يتحركُ أصحابُ القلوبِ الحيةِ والنفوسِ الأبية للبذل والإنفاق والعطاء.
أما فوائدُ الصيام الصحية فلا يجهلُها أحد، فما أعظمَ حكمةَ اللهِ وأبلغَها وصدق الله إذ يقول: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} ([6]).
ثانياً: أركانَ الصيام
الركن الأول: النية:
وهي ركن في جميع العبادات وهي عمل من أعمال القلب لقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} ([7]).
ولقوله في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لك امرئ ما نوى....» ([8]).
ويرى جمهور الفقهاء تبيت النية ليلاً في صيام الفرض لما رواه أصحاب السنن بسند صحيح عن حفصه رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» ([9]).
وهذا خاص بصيام الفرض أما صيام النوافل فلا يجب في تبييت النية من الليل، بل يجوز بينة من ليل أو نهار، إن لم يكن قد طعم شيئاً للحديث الذي رواه مسلم وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل على النبي ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء»، قلنا: "لا"، قال: «فإني إذاً صائم»، ثم أتانا يوماً آخر فقلنا: "يا رسول الله أهدى لنا حيس" ([10])، فقال: «أرنييه فلقد أصبحت صائماً فأكل» ([11]).
وهنا سؤال: هل تكفى نية واحدة لصيام الشهر كله؟
والجواب أن العلماء قد اختلفوا في ذلك على قولين:
الأول: للمالكية حيث قالوا بأن نية واحدة في أول الشهر تكفي لصيام الشهر كله.
أما القول الثاني وهو الراجح والله تعالى أعلى وأعلم وهو: قول جمهور الفقهاء حيث قالوا لابد من تبييت النية لكل يوم.
ومن رحمة الله تعالى أنه لا يشترط التلفظ بالنية وإنما يكفي أن ينوي بقلبه، فضلاً عن أن سحوره يعتبر نية والحمد لله على تيسيره وفضله هذا هو الركن الأول من أركان الصيام.
الركن الثاني: الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس:
لقوله سبحانه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ([12]).
والمراد بالخيط الأبيض، والمراد بالخيط الأسود سوادُ الليل لما ورد في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم: قال لما نزلت هذا الآية: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى…} عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتها تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبينُ لي، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله فأخبرته فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «إن وسادك إذا لعريض طويل إنما هو سوادُ الليل وبياض النهار» ([13]).
ولا شك أن الركن الثالث هو الصائم نفسُه ويشترط أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً قادراً على الصوم وهذا بَيّن للجميع بإذن الله.
ثالثاً: مبطلات ُ الصيام
ونبدأُ بأشدها وأكبرها إثماً وهو:
أولاً: الجِماع:
فمتى جامع الصائمُ في نهار رمضان بَطل صومُه ووجب عليه القضاءُ والكفارة المغلطة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام ُ شهرين متتابعين لا يُفطر بينهما إلا لعذر شرعي، كأيام العيدين، أو لعذر حسي كالمرض، فإن أفطر لغير عذر ولو يوماً واحداً ألزمه أن يستأنف الصيام من جديد مرة أخرى ليحصل التتابع، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وأختلف الفقهاء في حكم الكفارة هل هي على الترتيب أم على التخيير والراجح أنها على الترتيب وهو ما ذهب إليه الجمهور.
والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي إذا جاءه رجل فقال: "يا رسول الله هلكت!"، وفي رواية في الصحيح أيضاً قال: "يا رسول الله احترقت!"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مالك؟»، فقال: "وقعت على أمراتي وأنا صائم"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تجد رقبة تعتقها؟»، قال: "لا"، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»، قال: "لا"، قال: «فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟»، قال: "لا"، قال: "فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أتى النبي بعرق (أي بمكتل) فيها تمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أين السائل؟»، وفي راوية عائشة أين المحترق آنفاً، فقال: "أنا يا رسول الله"، قال: «خذ هذا فتصدق به»، فقال الرجل: "على أفقر مني يا رسول الله؟! فو الله ما بين لا بينها (أي المدينة) أهل بيت أفقر من أهل بيتي"، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: «أطعمه أهلك»" ([14])
واختلف الفقهاء أيضاً على ثلاثة أقوال في حكم المرأة التي يكرها زوجها على الجماع في نهار رمضان.
والراجح والله اعلم أن عليها القضاء فقط، دون الكفارة إذا أجبرها الزوج، ولم يثبت دليل صحيح يلزمها بالكفارة.
ثانياً: إنزال المنى باختياره بتقبيل أو لمس استمناء باليد أو غير ذلك:
لأن هذا كله من الشهوة التي لا يكون إلا باجتنابها كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري وفيه: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلى» ([15])
* فمن أنزل منياً بشهوة في نهار رمضان بطل صومه، ووجب عليه القضاء فقط إذ لم تثبت الكفارة إلا في الجماع فقط، ولا حجة لمن قال بخلاف ذلك. والله أعلم.
* أما الإنزال بالاحتلام فلا يبطل الصوم لأن الاحتلام بغير اختيار من الصائم، فماذا لو نام الصائم في نهار رمضان ثم استيقظ فرأى أنه قد أحتلم، فليغتسل وليتم صومه وصيامه صحيح ولا شيء عليه.
* أما إن قبل الصائم زوجته أو باشرها بدون إنزال فلا شيء عليه، وصيامه صحيح لما ورد في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه" ([16]).
* ويبقى سؤال هام متعلق بهذا البحث وهو: ما حكم من جامع زوجته في الليل ثم نام ولم يغتسل حتى أذن الفجر الجواب أن صيامه صحيح لما رواه البخاري ومسلم عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم "([17]).
ثالثاً: من مبطلات الصيام الأكل والشرب عمداً:
لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ([18])
أما من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً فلا شيء عليه، وصومه صحيح للحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نسى وهو صائم، فأكل أو شربَ فليتم صومَه، فإنما أطعمه الله و أسقاه» ([19])
رابعاً: من مبطلات الصيام القــيء عمداً:
وهو أن يتعمد الصائم إفراغ ما في معدته فإن فعل ذلك بطل صومه ويجب عليه القضاء، أما من غلبه القيء بدون رغبةٍ منه ولا اختيار فلا شيء عليه وليتم صومه وصيامهُ صحيح. لما ورد في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وصححه الحاكم في المستدرك وصححه أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (حقيقة الصيام) وفيه أنه قال: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاه ومن استقاء فليقض" ([20])
خامساً: من مبطلات الصيام الحيـــضُ والنفـــاس ُ للمرأة:
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس بطل صومها، سواء كان في أول اليوم، أو في آخره، ولو قبل الغروب بلحظات، ويجب عليها بعد الطهر أن تقضى ما فاتها من أيامها.
لما ورد في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله لما سئلت ما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة؟ فقالت: "كان يصـيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" ([21]).
هذه هي اشهر المفطرات بإيجاز شديد.
رابعاً: من عناصر اللقاء رَخص الصيام وآدابـهُ
هناك رخص عديدة أمتن الله بها على عباده دفعاً للحرج ورفعاً للمشقة… ومنها:
1- جواز الفطر في نهار رمضان للمريض وكذا للمسافر الذي يشق عليه الصوم:
لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} ([22]).
2- ومنها جواز استخدام السواك في كل وقت للصائم، قبل الزوال، وبعد الزوال، وهذا هو القول الصحيح إن شاء الله. واستدلال بعض أهل العلم بعدم الجواز بعد الزوال بحديث علي رضي الله عنه مرفوعاً: «إذا صمتم فاستاءوا بالغدة ولا تستاكوا بالعشي» فهو حديث رواه البيهقي والدارقطني وهو حديث ضعيف جداً ([23]).
فالسواك مشروع للصائم في كل وقت وبخاصة في المواضع التي ورد النص بذكرها وهى ستة:
1- الصلاة.
2- وعند الوضوء.
3- وعند دخول المنزل.
4- وعند الاستيقاظ النوم.
5- وعند قراءة القرآن.
6- وعند تغير رائحة الفم.
3- ومن الرخص أيضاً المضمضةُ والاستنشاق بدون مبالغة خشية أن يصل شيء من الماء إلى الحلق فيبَطُلُ صومه بذلك. للحديث الذي رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وأحمد من حديث لقيط بن صبرة أن النبي، قال له: «وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً» ([24]).
4- ومن الرخص أنه يجوز للمرأة أن تتذوق الطعام أثناء الطهي بشرط ألا يصل إلى جوفها.
5- ومن الرخص أن يجوز للصائم أن يخفف عن نفسه شدة الحر والعطش بالاغتسال والتبرد بالماء لما ورد في الحديث الصحيح عن أبى بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت النبي يصبُ الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر" ([25]).
6- ومن الرخص أيضاً أنه يجوز للصائم إن احتاج أن يضع الدواء في أذنه أو عينه، حتى ولو وجد طعمه في حلقه، لأن ذلك ليس بأكل ولا شرب ولا بمعنى الأكل والشرب كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وكذا يرخص للصائم إن كان مريضاً بالربو أن يستخدم البخاخ في حال أزمة في النفس وليتم صومه،
وصيامُه صحيح لأن هذا البخاخ ليس أكلاً ولا شرباً ولا هو بمعنى الأكلِ و الشرب أيضاً ولله الحمد والمنة.
أما آداب الصيام فمنها:
1- السحور لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» ([26]).
ويتحقق السحور بقليل الطعام ولو بجرعة ماء والمستحب تأخيره لما ورد في الصحيحين من حديث أنس عن زيد بن ثابت قال: "تسحرنا مع رسول الله، ثم قمنا إلى الصلاة، قلتُ (أي أنس) كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: "قدر خمسين آية" [27].
2-ومنها تعجيلُ الفطر لحديث سهل بن سعد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزالُ الناسُ بخير ما عَجّلوا الفطر» ([28]).
ومن السنة أن يكون على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى الماء.
3-ومن آدابه الدعاء عند الإفطار فإن الصائم لا ترد ومن أحسن ما ثبت عن النبي ما رواه أبو داود من حديث ابن عمر بسند حسن أنه كان إذا أفطر يقول: «ذهب الظمأ وابتلت العروقُ وثبت الأجرُ إن شاء الله» ([29]).
4-ومن آداب الصيام الواجبة تركُ الغيبة والنميمة وقول الزور فإذا صامت بطنك أيها الحبيب عن الطعام والشراب فلتصم جميعُ جوارحكِ عن جميع المعاصي والآثام.
أسال الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسن.
وأخيراً.. أخطاءٌ في الصيام.
لا ريب أن الصائمين من خير عباد الله تعالى لكنْ هناك بعضُ الأخطاء يقع فيها أيضاً بعضُ الصائمين ومنها:
1- أن منهم من يقبل على العبادة في أول رمضان إقبالاً طيباً فيحافظ على الصلاة مع الجماعة، ويحرص على قراءة القرآن، وإكثار الذكر، والاستغفار، ويحرص على صلاة التراويح، فإذا انقضت الأيام الأولى، تكاسل، وانشغل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فتذكر أيها الحبيب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحبُ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قل» ([30]). واذكر قوله: «إنما الأعمال بالخواتيم» ([31]).
2-ومن الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها بعض الصائمين القسوة والفظاطة والغلطة، وسوءُ التعامل مع الموظفين أو الآخرين، بحجة أنهم صائمون.وهل الصوم يأمرك بالتصرفات المتشنجة؟ أو يحثك على استعمال الألفاظ النابية، أو يحضك على القسوة والفظاظة والغلطة، هيهات... هيهات، إن الصوم مدرسةٌ للتربية على كل فضيلة وخلق.
واذكر دوماً وصية النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: «والصيام جنة فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم.. إني صائم» ([32]).
3-ومن الأخطاء التي يقع فيها بعضُ الصائمين أيضا أنهم يتخذون رمضان فرصة للنوم والكسل والخمول، فترى أحدهم ينام النهار كله وقد يضع الصلاة والعياذ بالله ثم يسهر الليل، وقد يحتج أحدهم بحديث (نوم الصائم عبادة) وهو حديث ضعيف ([33]).
4-ومن الأخطاء الكبيرة التوسعُ الملفت في المآكل والمشارب والتخلص من الكميات الكبيرة الفائضة بإلقائها في سلسلة المهملات وهذا إسراف محرم وهذا بلا شك يناقض الحكمة من مشروعية الصيام أصلاً.
ورحم الله من قال: "إنكم تأكلون الأرطال، وتشربون الأسطال، وتنامون الليل ولو طال، وتزعمون أنكم أبطال؟!".
فالمقصود الاعتدالُ و إلا فنحن لا نحرّمُ طيبات ما أحل اللهُ لعباده.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل الله منا صيامنا وقيامنا وصلاتنا وزكاتنا إنه ولى ذلك ومولاه...
الدعاء.
--------------------------------------------------------------------------------
(*) ألقيت هذه الخطبة بمسجد أم القرى بالسويس
([1]) سورة آل عمران: 102.
([2]) سورة النساء:1.
([3]) سورة الأحزاب: 70، 71.
([4]) سورة البقرة: 183.
([5]) متفق عليه:[ ص.ج 4328]، ] مختصر م: 571]، رواه البخاري (4/88-94) في الصوم، ومسلم رقم (1151) في الصيام، وأبو داود رقم (2363) في الصوم، والترمذي رقم (764) في الصوم، والنسائي (4/162-165) في الصوم.
([6]) سورة الملك : 14.
([7]) سورة البينة: 5.
([8]) متفق عليه: رواه البخاري ( 1/9/1)، (197/1515/3)، أبو داود(2186/284/6) والترمذي(1698/100/3)، وابن ماجة(4227/1413/2)، النسائي(59/1).
([9]) صحيح: (الإرواء: 914) ، رواه أبو داود رقم (2454)، وابن خزيمة رقم (1933) في صحيحه.
([10]) حيس: تمر يخلط بسمن وأقطن فيعجن شديداً / وربما جعل فيه سويق.
([11]) صحيح: (مختصر م: 63)، رواه مسلم رقم (1154) في الصيام، والنسائي (4/193- 195) في الصوم، والترمذي رقم (7333 ، 734) في الصوم، وأبو داود رقم (2455) في الصوم، وابن خزيمة (2141) في صحيحه.
([12]) سورة البقرة: 187.
([13]) متفق عليه: (ص. ج: 2275) مختصر البخاري رقم (930)، ورواه مسلم رقم (1090) في الصوم.
([14]) متفق عليه: (الإرواء: 939)، رواه البخاري (4/141-149و151)، مسلم (3/139)، وأبو داود رقم (2390) وغيرهم.
([15]) صحيح: (ص.ج: 3877)، رواه البخاري في كتاب الصيام، و أبو داود رقم (2363).
([16]) متفق عليه: (الإرواء: 934) ، رواه البخاري (1/480) ، مسلم (3/135)، وأبو داود رقم (2382) ، والترمذي (1/ 141)، وابن ماجه (1687) وغيرهم.
([17]) متفق عليه: (ص. ج: 4938).
([18]) سورة البقرة: 187.
([19]) متفق عليه: (الإرواء: 928)، رواه البخاري (1/481)، مسلم (3/160) ، وأبو داود رقم (2398)، وابن ماجه (1673) وغيرهم.
([20]) صحيح: (ص.ج: 6243، الإرواء: 930)، رواه أحمد (2/498)، وأبو داود (2380) ، وغيرهم.
([21]) متفق عليه: رواه مسلم (335/265/1) وهذا لفظه، والبخاري (321/421/1)، والترمذي (130/87/1) وأبو داود رقم (259/444/1)، وابن ماجه (631/207/1).
([22]) سورة البقرة: 185.
([23]) أنظر السلسلة الضعيفة: 401
([24]) صحيح: [ ص.د: 129، 130]، رواه أبو داود رقم ( 142،143،144) في الطهارة، والترمذي رقم (38) في الطهارة، والنسائي(1/66)، وأحمد في مسنده (4/33)، والحاكم (1/147، 148).
([25]) صحيح: [ ص.د:2072]، رواه أبو داود رقم ( 2348).
([26]) متفق عليه: [ ص.ج: 2943]، [ مختصر م م : 58 ] رواه البخاري (1923/139/4)، ومسلم (1095/77/2).
([27]) متفق عليه: رواه البخاري (1921/138/4)، ومسلم (1097/771/2)، والترمذي (699/104/2)، والنسائي (143/4).
([28]) متفق عليه: رواه البخاري (1957/198/4)، ومسلم (1098/771/2)، والترمذي (695/103/2).
([29]) حسن: [ص.د : 2066]، رواه أبو داود رقم (2357) في الصوم.
([30]) متفق عليه: (ص. ج : 163)، رواه البخاري ومسلم رقم (783) في الصلاة.
([31]) رواه البخاري (11/436)، في القدر، وفي الجهاد، وفي المغازي، وفي الرقاق، ومسلم رقم (112) في الإيمان من حديث سهل بن سعد الساعدي.
([32]) تقدم ص72.
([33]) انظر السلسلة الضعيفة للألباني :4696.
محمد حسان نقلا عن موقعه
http://www.mohamedhassan.org/alkhota...&hAudVidID=563
جوعى الصومال وأثرياء المسلمين في رمضان
المصدر: طريق الإسلام
الحمد لله الذي بلّغنا شهر رمضان، شهر القرآن، شهر الصيام والقيام، والطاعات، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ومن أعظم فضل الله على المسلمين في هذا الشهر الكريم أن سّلسّل الشياطين، وألف بين قلوب المسلمين لذلك كانت الصدقات وإطعام الفقراء من أفضل القربات في هذا الشهر الكريم.
بتاريخ 29 أغسطس أذاعت قناة الجزيرة تقريراً تتضمن مناشدة من مبعوث الأمم المتحدة للعالم لإنقاذ ثلاثة ملايين صومالي مسلم على حافة خطر المجاعة الشديدة، وانتظرت بعد الخبر أن يسارع أثرياء المسلمين لنجدة إخوانهم فلم أسمع همساً من أثرياء المسلمين رغم أنهم يُلقون بكميات كبيرة من الطعام في القمامة وثرائهم بلغ حد السفاهة في الإنفاق، بالطبع ليس كلهم فمنهم المنفقون في سبيل الله الصادقون ولكنهم قلة قليلة جدًا.
ويزداد حزن المسلم وكمده عندما يقرأ تقريراً لمؤسسة ميريل لينش المالية العالمية وهى تحصي عدد المليونيرات في المنطقة العربية ب395 ألف مليونير بمجموع ثروة يقدر بمبلغ 1.7تريليون دولار.
إنه لواقع مُحزن أن نجد ثلاثة مليون مسلم يتعرضون للمجاعة و395 ألف مليونير مسلم يتركونهم ينتظرون الموت جوعاً، أين الرحمة والأخوة؟! أين حق الله في أموالهم؟!
في شهر رمضان الكريم يتسابق البعض في صنع الموائد ويسمونها موائد الرحمن فأين التسابق لسد جوع وحاجة المسلمين...!!؟
والله إن إخواننا في الصومال اليوم يشكون إلى الله ظلم إخوانهم المسلمين لهم وغداً سيقفون بين يدي الله بمظلمتهم وشكواهم.
الصومال دولة عربية إسلامية 95% من سكانها مسلمون والجامعة العربية والدول العربية تركوها فريسة لأنياب العدو الأثيوبي المدعوم من الطغيان الأمريكي، وإذا كانت موازين القوى والضعف العربي هما السبب في عدم التدخل من أجل إنقاذ الصومال من الاحتلال فالحمد لله فقد قيّض الله من الصوماليين من يقاوم المحتل ليرفع عنّا الحرج، ولكن ما العذر لعدم إنقاذ شعب الصومال من الجوع والدول العربية والإسلامية بعض أثرياؤها يتسابقون للتبرع لحدائق الحيوان؟!!
إن المنظمات التنصيرية التي تعمل على ردة المسلمين تتسابق الآن إلى الصومال كما فعلت في النيجر الدولة المسلمة التي تعرضت للجفاف والمجاعة ولم يسارع إلا نجدتهم إلا القلة القليلة من المسلمين في الوقت الذي تسارعت فيه منظمات التنصير الممولة من الفاتيكان إلى النيجر، وهاهو المشهد يتكرر وإنا لله وإنا إليه راجعون...
ومن المحزن أن نقرأ تلك الأخبار- أحد المسلمين يشحن سيارته إلى بريطانيا من أجل تغيير زيت الموتور وتتكلف عملية الشحن 18 ألف جنيه استرلينى في الوقت الذي لا يجد ثلاثة مليون مسلم شربة ماء أو قطعة لحم تلين أمعاءهم التي يبست.
نادي عربي يعرض ملايين الدولارات من أجل شراء لاعب كرة يجرى وراء الكرة ويدخلها الشبكة في الوقت الذي لا يجد ثلاثة مليون مسلم طعام يدخلونه في أفواههم.
مليونيرات العرب أصحاب الفضائيات ينفقون ملايين الجنيهات على الفنانين من أجل عمل مسلسلات تضييع الصيام في شهر رمضان، وثلاثة مليون مسلم يموتون جوعى في مشهد مأساوي لن ينساه التاريخ!!!
وأخيراً إنني أصرخ في ضمير كل مسلم أن يبذل ما يستطيع لنجدة إخوانه المسلمين في الصومال فالسعي لقضاء حاجة المسلمين وحفظهم من الفتنة في دينهم وتأليف قلوبهم أفضل عند الله من صلاة القيام والاعتكاف في البيت الحرام فهلموا إلى الخير في شهر الخير يا من كنتم خير أمة أخرجت للناس.
ممدوح إسماعيل محام وكاتب elsharia5@hotmail.com
فــي رمضان لمــاذا يبكون.. ولا أبكي؟
أخي، أختـــي .. سؤال يجول في داخل كثير من المقصرين ونحن جميعا مقصرون نسأل الله أن يعفو عنا عندما نسمع آيات القرآن تتلى، أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أخبار السلف الصالح نجد كثيرا من الناس ممن رقت قلوبهم يبكون... المصدر: صيد الفوائد
أخي، أخـــتي: إن فضل البكاء من خشية الله عظيم فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله»، وذكر منهم: «رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه» [رواه البخاري ومسلم].
أخي، أختـــي .. سؤال يجول في داخل كثير من المقصرين ونحن جميعا مقصرون نسأل الله أن يعفو عنا عندما نسمع آيات القرآن تتلى، أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أخبار السلف الصالح نجد كثيرا من الناس ممن رقت قلوبهم يبكون...
فلماذا هم يبكون ولا أبكي؟!
أحاول أن أخشع وأبكي فلا أستطيع!!
من بجانبي وأمامي وخلفي يبكون، فما السبب؟!
السبب أخي، أختي... بينه الله تعالى في قوله تعالى: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14].
أي بسبب أعمالهم حجبت قلوبهم عن الخير وازدادت في الغفلة.
فهذا هو السبب الحقيقي في قلة البكاء من خشية الله تعالى.
يحيون ليلهم بطاعة ربهم *** بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال
لمـــــــــاذا يبكـــــون؟؟؟
ما الذي جعل هولاء يخشعون ويبكون بل ويتلذذون بذلك ونحن لا نبكي؟!
إنهم ابتعدوا عن المعاصي وجعلوا الآخرة نصب أعينهم في حال سرهم وجهرهم، عندها صلحت قلوبهم وذرفت دموعهم.
أما نحن فعندما فقدنا هذه الأمور فسدت قلوبنا وجفت عيوننا.
أخي أختي..
اعلم أن الخشية من الله تعالى التي يعقبها البكاء لا تأتي ولا تستمر إلا بلزوم ما يلي والاستمرار عليه:
1- التوبة إلى الله والاستغفار بالقلب واللسان, حيث يتجه إلى الله تائبا خائفا قد امتلأ قلبه حياء من ربه العظيم الحليم الذي أمهله وأنعم عليه ووفقه للتوبة..
ما أحلم الله عني حين أملهني***وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمر ساعات أيامي بلا ندم ***ولا بكاء ولا خوف ولا حزن
يا زلة كتبت في غفلة ذهبت***يا حسرة بقيت في القلب تحرقني
دعني أسح دموعا لا انقطاع لها***فهل عسى عبرة منها تخلصني
وهذا الطريق يتطلب وقفه صادقة قوية مع النفس ومحاسبتها.
2- ترك المعاصي والحذر كل الحذر منها، صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها فهي الداء العضال الذي يحجب القلب عن القرب من الله, وهي التي تظلم القلب وتأتي بالضيق.
3- التقرب الله بالطاعات من صوم وصلاة وحج وصدقات وأذكار وخيرات.
4- تذكر الآخرة, والعجب كل العجب أخي وأختي أننا نعلم أن الدنيا ستنتهي وأن المستقبل الحقيقي هو الآخرة ولكننا مع هذا لا نعمل لهذا المستقبل الحقيقي الدائم.
قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴿١٨﴾ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} [سورة الإسراء: 18-19].
5- العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وشرعه, وكما قال تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سورة فاطر: 28].
وكما قيل: من كان بالله أعرف كان لله أخوف.
6- ثم أوصيك بالإكثار من القراءة عن أحوال الصالحين والاقتداء بهم.
أخي وأختي...إن في أيام رمضان أيام الخير والبركة لفرص عظيمة يرجع فيها العبد إلى ربه حين تصفد الشياطين وتفتح أبواب الخير وتكثر الطاعة فعُد إلى ربك وتقرب منه وتوجه إليه، وتخلص من قيود المعاصي، وأسوار الخطايا، وعندها ستجد العين تدمع والقلب يخشع.
دار الوطن
رسالة في قضاء الصوم عن الميت
من محمد الصالح العثيمين إلى الشيخ المكرم ... حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتابكم وصل وفهمت إشكالكم من جهة من أفطر رمضان لمرض ثم مات قبل التمكن من القضاء، والمسألة ليس فيها بحمد الله إشكال: لا من جهة النصوص والاۤثار، ولا من جهة كلام أهل العلم.
أما النصوص فقد قال الله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فجعل الله تعالى الواجب عليه عدة من أيام أخر، فإذا مات قبل إدراكها فقد مات قبل زمن الوجوب، فكان كمن مات قبل دخول شهر رمضان، لا يجب أن يطعم عنه لرمضان المقبل ولو مات قبله بيسير.
وأيضاً فإن هذا المريض ما دام في مرضه لا يجب عليه أن يصوم، فإذا مات قبل برئه فقد مات قبل أن يجب عليه الصوم، فلا يجب أن يطعم عنه، لأن الإطعام بدل عن الصيام، فإذا لم يجب الصيام لم يجب بدله، هذا تقرير دلالة القرآن على أنه إذا لم يتمكن من الصيام فلا شيء عليه.
وأما السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه" (متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها)، فمنطوق الحديث ظاهر، ومفهومه أن من مات ولا صيام عليه لم يصم عنه، وقد علمت مما سبق أن المريض إذا استمر به المرض لم يجب عليه الصوم أداء ولا قضاء في حال استمرار مرضه.
وأما الاۤثار فقد روى أبو داود (ص 065 ج 1 ط الحلبي) عن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه. وفيه عنعنة سفيان، وعلى تقدير سلامته فإن قوله: "ولم يصم" يدل على أنه كان يتمكن من الصوم وإلا لم يكن في ذكره فائدة، لأن من أفطر لمرض قد علم أنه لم يصم. هذا وفي نسخة: (ولم يصح) لكن ذكر صاحب بذل المجهود أنها غير صحيحة، وعلى هذا فيكون المراد من أثر ابن عباس هذا بيان الفرق بين صيام رمضان وصيام النذر، بأن الثاني يقضى عنه دون الأول.
وروى الترمذي (ص 142 ج 3 ط المصرية التي عليها شرح ابن العربي)، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً، وقال: الصحيح عن ابن عمر موقوفاً قوله: "من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً"، فيقال في قوله: "وعليه صيام شهر". ما قيل في حديث عائشة المرفوع، على أن في سند حديث ابن عمر هذا أشعث بن سوار، قال عنه في التقريب: ضعيف.
وأما أثر أبي هريرة رضي الله عنه في هذا فلم أجده في أبي داود والترمذي، ولعله عند البيهقي، وليس عندي سنن البيهقي.
وأما كلام أهل العلم فقال في المغني (ص 241 ج 3 ط دار المنار): وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين: أحدهما أن يموت قبل إمكان الصيام: إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض، أو سفر، أو عجز عن الصوم. فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكى عن طاوس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها ثم قال (ص 341): الحال الثاني أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين. وهذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن عائشة وابن عباس. وذكر من قال به ثم قال: وقال أبو ثور: يصام عنه، وهو قول الشافعي، ثم استدل له بحديث عائشة الذي ذكرناه أولاً.
وقال في شرح المهذب (ص 343 ج 6 نشر مكتبة الإرشاد): فرع في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض، أو سفر، أو غيرهما من الأعذار، ولم يتمكن من قضائه حتى مات، ذكرنا أن مذهبنا لا شيء عليه، ولا يصام عنه، ولا يطعم عنه، بلا خلاف عندنا، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والجمهور، قال العبدري: وهو قول العلماء كافة إلا طاوساً وقتادة، فقالا: يجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها، قال: واحتج البيهقي وغيره من أصحابنا لمذهبنا بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (رواه البخاري ومسلم).
ثم ذكر حال من تمكن من قضائه وذكر الخلاف هل يصام عنه أو يطعم، وقال: قال ابن عباس وابن عمر وعائشة ومالك وأبو حنيفة والثوري يطعم عنه، ولا يجوز الصيام عنه، وذكر عن ابن عباس أيضاً التفريق بين النذر وصيام رمضان فيصام عن الأول ويطعم عن الثاني.
وقال في الفروع (ص 39 ج 3 ط آل ثاني): وإن أخر القضاء حتى مات فإن كان لعذر فلا شيء عليه، نص عليه وفاقاً للأئمة الثلاثة لعدم الدليل.
وفي المنتهى وشرحه (ص 581 ج 1 ط مقبل): ولا شيء عليه -أي من أخر القضاء لعذر- إن مات نصًّا، لأنه حق لله تعالى وجب بالشرع، مات قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل كالحج. ونحو ذلك في الإقناع وشرحه ص 325 من الجزء المذكور.
وبهذا تبين أنه لا إشكال في المسألة، وأن الصوم لا يقضى عمن استمر عذره حتى مات، وكذلك لا يطعم عنه إلا أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى زواله فيكون حينئذ كالكبير الذي لا يستطيع الصوم، فيطعم عنه؛ لأن هذا وجب عليه الإطعام في حال حياته بدلاً عن الصيام.
وليس في النفس مما قرره أهل العلم في هذا شيء، وقد علمت مما كتبنا أنه يكاد يكون إجماعاً لولا ما روي عن طاوس وقتادة، وأما مسألة طواف الوداع فالكلام عليها في ورقة أخرى، هذا والله يحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين - المجلد التاسع عشر - باب ما يكره وما يستحب.
فتاوى رمضانية للعلامة بن عثيمين رحمه الله
أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ الرسالة وأداء الأمانة ونصح الأمة وجهاد في سبيل الله حق جهاده حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وسلم :
س 1- هل لقيام رمضان عدد معين أم لا ؟
ج 1 - ليس لقيام رمضان عدد معين على سبيل الوجوب,فلو أن الإنسان قام الليل كله فلا حرج , ولو قام بعشرين ركعة أو خمسين ركعة فلا حرج ,ولكن العدد الأفضل ما كان النبي ,صلى الله عليه وسلم ,يفعله وهو إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة , فإن أم المؤمنين ، عائشة سُئلت :كيف كان النبي يصلي في رمضان ؟ فقالت : لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة , ولكن يجب أن تكون هذه الركعات على الوجه المشروع , وينبغي أن يطيل فيها القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين , خلاف ما يفعله الناس اليوم , يصليها بسرعة تمنع المأمومين أن يفعلوا ما ينبغي أن يفعلوه , والإمامة ولاية , والوالي يجب عليه أن يفعل ما هو أنفع وأصلح . وكون الأمام لا يهتم إلا أن يخرج مبكراً هذا خطأ , بل الذي ينبغي أن يفعل ما كان النبي , صلى الله عليه وسلم يفعله , من إطالة القيام والركوع و السجود و القعود حسب الوارد, ونكثر من الدعاء والقراءة و التسبيح وغير ذلك .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 2 - بعض الأشخاص يأكلون والأذان الثاني يؤذن في الفجر لشهر رمضان , فما هي صحة صومهم ؟
ج 2 - إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل أو يشرب .
أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظناً لا يقيناً ,فإن له أن يأكل و يشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 3 - ما هو السفر المبيح للفطر ؟
ج 3 - السفر المبيح للفطر وقصر الصلاة هو (83) كيلو ونصف تقريبا ومن العلماء من لم يحدد مسافة للسفر بل كل ما هو في عرف الناس سفر فهو سفر , ورسول الله كان إذا سافر ثلاثة فراسخ قصر الصلاة والسفر المحرم ليس مبيحا للقصر والفطر لأن سفر المعصية لا تناسبه الرخصة ,وبعض أهل العلم لا يفرق بين سفر المعصية وسفر الطاعة لعموم الأدلة والعلم عند الله .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 4 - خروج الدم من الصائم هل يفطر ؟
ج 4 - النزيف الذي يحصل على الأسنان لا يؤثر على الصوم ما دام يحترز من ابتلاعه ما أمكن , لأن خروج الدم بغير إرادة الإنسان لا يعد مفطرا ولا يلزم من أصابه ذلك أن يقضي , وكذلك لو رعف أنفه واحترز ما يمكنه عن ابتلاعه فإنه ليس عليه في شيء ولا يلزمه قضاء .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 5- ما حكم استعمال الصائم الروائح العطرية في نهار رمضان ؟
ج 5- لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه لأن له جرما يصل إلى المعدة وهو الدخان .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 6 - هل يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويداعبها في الفراش وهو في رمضان ؟
ج 6 - نعم يجوز للصائم أن يقبل زوجته ويداعبها وهو صائم ,سواء في رمضان أو في غير رمضان , ولكنه إن أمنى من ذلك فإن صومه يفسد ,فإن كان في نهار رمضان لزمه إمساك بقية اليوم ولزمه قضاء ذلك اليوم , وإن كان في غير رمضان فقد فسد صومه ولا يلزمه الإمساك لكن إذا كان صومه واجبا وجب عليه قضاء ذلك اليوم وإن كان صومه تطوعا فلا قضاء عليه .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 7 - يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : « تسحروا فإن في السحور بركة » . فما المقصود ببركة السحور ؟
ج 7- بركة السحور المراد بها البركة الشرعية و البركة البدنية , أما البركة الشرعية منها امتثال أمر الرسول والاقتداء به وأما البركة البدنية فمنها تغذية البدن وتقويته على الصوم .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 8- ما حكم المسلم الذي مضى عليه أشهر من رمضان يعني سنوات عديدة بدون صيام مع إقامة بقية الفرائض وهو بدون عائق عن الصوم أيلزمه القضاء إن تاب ؟
ج 8 - الصحيح أن القضاء لا يلزمه إن تاب لأن كل عبادة مؤقتة بوقت إذا تعمد الإنسان تأخيرها عن وقتها بدون عذر فإن الله لا يقبلها منه ,وعلى هذا فلا فائدة من قضائه ولكن عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويكثر من العمل الصالح ومن تاب تاب الله عليه .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س9- المريض مرضا مستمرا ماذا يفعل ؟
ج 9 - إذا كان المريض بمرض يرجى برؤه فإنه يقضي ما فاته أثناء مرضه , وأما إذا كان مريضا لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا ربع صاع من البر أو نصف صاع من غيره أما إذا قال له الطبيب إن صومك يضرك في أيام الصيف فنقول له يصوم ذلك في أيام الشتاء , وهذا تختلف حاله عن الذي يضره الصوم دائما والله أعلم .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 10 - ما حكم من جامع امرأته في نهار رمضان ؟
ج 10 - إن كان ممن يباح له الفطر ولها كما لو كان مسافرين فلا بأس في ذلك حتى وإن كانا صائمين ,أما إذا كان مما لا يحل له الفطر فإنه حرام عليه وهو آثم وعليه مع القضاء عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا وزوجته مثله إن كانت مطاوعة أما إن كانت مكرهة فلا شيء عليها .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س 11 - من عجز عن الصوم لكبر أو به مرض مزمن قد يصعب علاجه فماذا عليه ؟
ج 11 - من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى زواله لم يجب عليه الصوم ووجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا مما يطعم الناس من البُر أو غيره .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س12 - إذا احتلم الصائم في نهار الصوم من رمضان فما حكم صومه ؟
ج12 - إذا احتلم الصائم في نهار الصوم لم يضره لأنه بغير اختياره .والنائم مرفوع عنه القلم .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
س13- النظر إلى النساء والأولاد المُرد هل يؤثر على الصيام ؟
ج13- نعم كل معصية فإنها تؤثر على الصيام ، لأن الله تعالى إنما فرض علينا الصيام للتقوى : { يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } وقال النبي صلى الله عليه وسلم « من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه » وهذا الرجل الذي ابتلى هذه البلية نسأل الله أن يعافيه منها هذا لاشك أنه يفعل المحرم فإن النظر سهم من سهام إبليس والعياذ بالله ، كم من نظرة أوقعت صاحبها البلايا فصار والعياذ بالله أسيراً لها كم من نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور ، ولهذا يجب على الإنسان إذا ابتلى بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن يعافيه منه ، وأن يعرض عن هذا ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المرد وهو مع الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله تعالى .
[الشيخ محمد بن عثيمين]
تصميم وتطويركنون