المادة

هل تبيع الإسلام؟!

159 | 01-12-2016
عناصر الخطبة 1/ قصة إمام مسجد في بريطانيا كاد يبيع الإسلام بريال 2/ الإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة 3/ أفعال ليست من قيم الإسلام 4/ لماذا رفضته زوجًا بعد إسلامها؟! 5/ هل أنت ممن يتمثل الإسلام يا أخي؟ 6/ لا فائدة من الخطب ولا فائدة من المحاضرات بدون عمل 7/ ورع الإسلام الذي ينبغي أن يراه الناس 8/ الإعلام يمارس هجوما شرسا بشعا على هيئة الأمر بالمعروف.
لا يرى بأسًا في أن يكذب، لا يرى بأسًا في أن يخدع، لا يرى بأسًا في أن يرتشي، لا يرى بأسًا في أن يشهد الزور، لا يرى بأسًا في أن يناقض نفسه بنفسه، أنت واحد من الملايين الذين يقولون لأنفسهم دائمًا إننا صالحون، إننا نصلي ونصوم ونزكي ونصلي التراويح، إننا نقوم الليل، إننا نتصدق، إننا من أهل الخير والديانة، ولكن حياتهم وسلوكهم اليومي تؤكد أنهم سباع ضارية، وأنهم يتنافسون على الدنيا كتنافس الوحوش على فريستها، وأنهم يأكلون الحرام، ويتعاملون بالربا، وأنهم يرتشون ويشهدون الزور، وأنهم يأكلون حقوق الناس وأنهم..وأنهم وأنهم...



الخطبة الأولى:

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد عبد الله ورسوله الأمين، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن صار على دربه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أيها الإخوة: من يبيع الإسلام بريال واحد؟ من يبيعه بمليون؟ بمائة مليون؟ من يبيع الإسلام بمليار؟

إنها النفوس التي تختلف في الإيجاب، إنها العقول التي تتباين في الرد، إنها القلوب التي ستختلف في الموقف من هذا السؤال.

أيها الإخوة: يحكي أحد الدعاة يقول: كنت في بريطانيا في بلدة من بلدانها، ثم انتقلت إلى لندن لكي أعمل إمامًا لأحد مساجدها.

قال: فكنت أنتقل يوميًّا من المسجد إلى البلدة، وأركب في الحافلة، وبعد مدة من الزمن حينما دخلت الحافلة أعطيت السائق المبلغ المعتاد فأرجع إليّ الباقي، قال: فلما جلست في مقعدي، وجدت أنه أعطاني زيادة على ما لدي قرابة العشرين بنسًا، أي قرابة الريال الواحد تقريبًا.

قال: قلت: فأرده لهذا السائق الذي تعودت عليه وتعود عليّ، قال ثم قالت لي نفسي: إنها في النهاية عشرين بنسًا لا تزيد عن ذلك، ولا يضر إن أخذتها، ولا يضر الشركة مثل هذا البنسات المعدودات، إنها شركة كبيرة ولديها رأس مال كبير، وأرباحها كبيرة جدًّا، والمبلغ زهيد جدًّا لا يمكن أن يفكر فيه أحد، ولن يسأل أحد عنه هذا السائق.

قال: ثم انطلقت من محطة إلى محطة، فلما أردت أن أنزل إلى المكان الذي أريده فجأة وبلا أي مقدمات وقفت أمام سائق الحافلة، وأخرجت العشرين بنسا، وأعطيتها له، وقلت: لقد أعطيتني هذه البنسات زيادة عن الذي لي.

قال: فنظر إليَّ وتبسم وقال: لم أعطها لك زيادة، ولكني رجل كنت أقرأ عن الإسلام وأصبحت مترددًا كثيرًا بين أن أقدم رِجلاً أو أؤخرها للدخول إلى الإسلام.

ألست أنت الإمام الجديد؟ قال: قلت: بلى، أنا الإمام الجديد، قال لقد أردت أن أختبر مدى أمانتك ومدى التزامك الأخلاقي بدينك، فالآن سآتيك وأعلن إسلامي.

قال: فدارت بي الأرض، ثم دارت بي الأرض، ونزلت من الحافلة وأنا لا أكاد أستطيع الوقوف، قال: ثم بكيت بكاءً شديدًا، ورفعت وجهي إلى السماء، وقلت: اللهم لك الحمد على أن وفقتني لقد كدت أن أبيع الإسلام بعشرين بنسًا.

فمن يبيع الإسلام بعشرين بنسا؟ ومن يبيع الإسلام بمليون؟ ومن يبيع الإسلام بمائة مليون؟ ومن يبيع الإسلام بمليار؟

إن فينا من يقول: دون ذلك خرط القتاد، ومنا من يقول هذه روحي خذوها إلى دار الإسلام، وفيهم من يقول والله: لو جرت الكلاب بأرجلي ويدي وكل عضو فيّ ما تركت الإسلام ولا بعته، ولا تخليت عنه، إن الإسلام في نفوسنا، إنها قيمته وعظمته حينما يخالج قلوبنا ومشاعرنا لا أحد يفكر أن يبيع الإسلام أبدًا، ولو عرضت عليه مليارات الأرض، الإسلام هو ديني ودينك جزء منا من حياتنا، بل هو حياتنا ولا نستطيع أن نتخلى عنه.

من يبيع الإسلام بفلسات؟!

أيها الإخوة: إنه رجل داعية، ورجل يصلي ويصوم، ويزكي ويحج، ورجل صالح، واختيار ليكون إمامًا لكن نفسه حدثته في لحظات أن يحتفظ بالعشرين بنسًا: ريال واحد.

إنها اللحظات التي نعيشها في يومنا، إنها اللحظات التي يعيشها ملايين المسلمين حينما يفكرون بهذه الطريقة، حينما يقولون لأنفسهم ويقولون لأولادهم في تربية مضطردة حينما يقولون لأقاربهم ومعارفهم: لا تتشددوا ولا تتكلفوا، إنه ريال واحد.

أيها الإخوة: الإسلام قيم ومُثُل وأخلاق، إنك إذا أردت أن تكون مسلمًا حقًّا، فيجب أن تتمسك بالإسلام كله، نصلي ونصوم ونزكي، ونحج ونصلي التراويح، ويعود أحدنا إلى بيته فيضرب زوجته، هذا ليس من قيم الإسلام، يعود أحدنا إلى بيته فيضيّق على أولاده، يعود أحدنا إلى بيته فيسخر من زوجته ومن عملها وشكلها، يسخر من أهلها، يعيشها في جحيم لا يُطاق ثم هو من أهل الصف الأول.

أيّ إسلام هذا؟! إنك تبيع الإسلام الذي تتمسك به أمام أولادك وأمام أهل بيتك، إنك في النهاية مجرد شكل، مجرد طبل خاوٍ، الإسلام ليس صلاة ولا صيام ولا زكاة فقط، الإسلام قيم وسلوك ومُثل وأخلاق يجب أن نتمثل بها وأن نعيشها في كل لحظة.

أيها الإخوة: تناقل المغردون في تويتر حكاية عن شاب تعرف على فتاة مسيحية فأحبها، وأراد أن يتزوجها فأخبر والده بذلك فرفض رفضًا قاطعًا إلا أن تدخل هذه الفتاة في الإسلام، ولأنه يحبها حرص على ذلك حرصًا شديدًا فأهداها كتابًا يتحدث عن الإسلام، ولم يزل بها يحدثها عن الإسلام حتى اقتنعت بالإسلام، ودخلت في الإسلام، وأعلنت الشهادتين، ثم لما أراد أن يتمم الزواج رفضت رفضًا قاطعًا أن تتزوج به لماذا؟

قالت: لأنني حينما فهمت الإسلام عرفت أنك لا تمثل الإسلام ولا تتمثل به، فلا تصلح لي!!

الإسلام الذي في الكتب هو غير الإسلام الذي تعمل به، أنت واحد من ملايين المسلمين الذين يعيشون على ظهر هذه الأرض، لا يرى بأسًا في أن يكذب، لا يرى بأسًا في أن يخدع، لا يرى بأسًا في أن يرتشي، لا يرى بأسًا في أن يشهد الزور، لا يرى بأسًا في أن يناقض نفسه بنفسه، أنت واحد من الملايين الذين يقولون لأنفسهم دائمًا إننا صالحون، إننا نصلي ونصوم ونزكي ونصلي التراويح، إننا نقوم الليل، إننا نتصدق، إننا من أهل الخير والديانة، ولكن حياتهم وسلوكهم اليومي تؤكد أنهم سباع ضارية، وأنهم يتنافسون على الدنيا كتنافس الوحوش على فريستها، وأنهم يأكلون الحرام، ويتعاملون بالربا، وأنهم يرتشون ويشهدون الزور، وأنهم يأكلون حقوق الناس وأنهم.. وأنهم.. وأنهم..

هل أنت ممن يتمثل الإسلام يا أخي؟

انظر إلى نفسك، شاهد نفسك، انظر إلى قيم الإسلام العظيمة ثم ذلك بنفسك، هذه هي الحقيقة التي يجب أن نؤمن بها، وأن نتعرف عليها، وأن نعيد صياغة أنفسنا.

يا أيها الإخوة: لا فائدة من الخطب ولا فائدة من المحاضرات، ولا فائدة من المواعظ إن لم يتبعها عمل وحركة ودأب وإصرار على التغيير، نريد مجتمع صالحاً نريد مجتمعاً صادقاً، نريد مجتمعاً عادلاً، لا نريد أن يكون بيننا الظلم والفساد، لا نريد أن يكون بيننا هذه الأخلاق التي يتحدث عنها الناس، لقد بقي عمر عاماً كاملاً قاضياً لأبي بكر لم يمر عليه مختلفان!!

أيها الإخوة: حينما نتحدث عن مثل هذه العشرين بنسًا في حياتنا نحن كيف نتعامل؟

أيها الإخوة: حينما تعمل في قطاع حكومي كيف تتعامل مع الآخرين، كيف تحافظ على أموال الناس؟ كيف تحافظ على أموال الأمة؟

أين الورع الذي ينبغي أن يكون؟!

مر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين، فرأى تمرة على الأرض، فقال عليه الصلاة والسلام: "لولا أني أخاف أن تكون من تمر الصدقة لأكلتها" تمرة واحدة، أين هذا الورع في حياتنا اليوم؟ أين هذا التعفف؟ أين هذا الحرص؟ أين هذا التوقي عن أموال الناس وحقوقهم؟

تقول عائشة -رضي الله عنها- خرج غلام لأبي بكر كان يأتيه بالخراج ويأتيه بالطعام، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يسأله في كل مرة من أين تأتي بهذا الطعام؟ قالت: فنسي أبو بكر -رضي الله عنه- أن يسأله من أين أتى بهذا الطعام، لقيمات فلما أكله الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- تذكر فسأل غلامه من أين أتيت بهذا الطعام؟ قال: كنت قد لقيت رجل في الجاهلية، فتكهنت له أي: دلّس عليه وخدعه، وادعى له علم الغيب، قال ولم أخذ على ذلك أجراً فرأيته اليوم فأعطاني أجر تكهني له في الجاهلية، فأحضرت الطعام.

فقام أبو بكر -رضي الله عنه وأرضاه- وأدخل أصبعه في فمه إلى آخر حلقه حتى استقاء كل ما أكله، فقالوا له في ذلك: أنت لا تعرف ولست مؤاخذًا، قال: "والله الذي لا إله غيره لو لم يخرج هذا الطعام إلا وأنفاسي معه لأخرجته".

هذا هو الورع، هذا هو الإيمان، هذا هو تمثل الإسلام الذي ينبغي أن يراه الناس.

عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنه وأرضاه- يجلس مع أصحابه يناقش أمور الأمة، ويكتب ويسجل في الدواوين، فإذا انتهى قام وأطفأ المصباح، ثم يضيء مصباحاً آخر، فيسأله أصحابه عن ذلك فيقول: "كنا في شأن الناس، فكان هذا المصباح يسرج بزيت من مال المسلمين، فلما أردت أن أجلس إليكم لنتحدث في شؤوننا ما كان لنا، ولا يجوز ولا ينبغي، أن نجلس تحت ضوء مصباح يسرج من بيت مال المسلمين".

أضاء مصباحه الخاص، وكان عمر -كما ذكر ذلك ابن الجوزي من أهل التاريخ- كان إذا دخل إلى بيت أهل المسلمين فشمَّ الطيب يضع يده على أنفه حتى لا يشم طيبًا لا يجوز له أن يشمه.

ماذا تقولون؟ ورع متطرف؟ متشدد؟ ورع بارد؟ وماذا نفعل في هذه الأيام وما هذه الأفكار وما هذا الدين الذي تريد أن تضيق به علينا!

إن دين الله يسر -أيها الإخوة- لكننا نريد أن نتمثل الإسلام في كل حياتنا، هذه الشركات التي تقدم خدماتها للناس هل تقدم هذه الخدمات بما يرضي الله ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم؟!

حينما تأخذ أموالهم، وتبرم معهم العقود والمواثيق، وتسألهم وتحاسبهم هل هي تقدم كل ذلك وفق العقود ووفق البنود الطويلة العريضة التي لا يستطيع أن يقرأها الطرف الآخر؟ كيف تتعامل مع عملائك؟ هل تقدم لهم بضاعة أصلية أم مغشوشة أم مقلدة؟

كيف تتعامل مع عمالك؟! هل تعطيهم حقوقهم أم تسلب منهم حقوقهم وأموالهم ومشاعرهم، يأتي الناس شرقًا وغربًا من كل مكان إلى بلاد الحرمين، إلى مكة والمدينة، إلى بلاد المسلمين يظنون أنهم سيلتقون بالصحابة والتابعين، فيرون ما لا يسرهم، ويرون ما يعجزهم، ويرون ما يصدمهم صدمات طويلة عريضة.

إننا -أيها الإخوة- بحاجة إلى أن نتمثل الإسلام، إلى أن نغير سلوكنا، إلى أن نرابط مع أنفسنا حتى تتغير، حتى تتغير المفاهيم والأفكار لا نريد هذه الأنانية، ولا نريد هذه الأثرة، ولا نريد هذا التعالي، ولا نريد هذا التكبر، ولا نريد أن يحرص الإنسان على قضاء مصالحه وحوائجه على حساب الآخرين.

أنا معنيّ بهذا الكلام، وأنت معنيّ به، وهو معنيّ به، لا داعي لأن نتصور أننا بلغنا ما بلغنا من الصلاح والهدى والتقى والعفاف والغني.

نريد -أيها الإخوة- أن نعرف أننا مقصرون، وأننا بحاجة إلى تغيير مفاهيمنا.

أيها الإخوة: هذه هي القيم التي ينبغي أن تكون سائدة في كل بيت، في كل شارع، في كل مكان عمل، مع كل إنسان تتعامل معه.

حينما تلقى شابًّا ترى في عينيه القهر والألم والحزن، فتسأله ماذا بك؟ ماذا أصابك؟ فيقول باعني أبي بثمن بخس، باعني بشلة فاسدة، قال: كيف هذا؟ قال: منذ سنوات وهو يحدثنا عن الصحبة الصالحة، ولا تصاحب إلا الطيبين، ولا تصاحب إلا الزملاء الطيبين، ولا تفعل ولا تقل، قال: فلما كبرت ورأيت أصحاب أبي على حقيقتهم وجدت أنهم يمثلون السوء نفسه، وجدت قومًا لا يتوانون عن السبّ والشتم، أحاديثهم أحاديث النساء، وفي جوال أبي صور وأرقام تليفونات لسيدات يتحدث معهن!! أيّ أب بقي لي؟!

باعه أبوه، باعه بثمن بخس، ماذا بقي لهذا الرجل لئن يكون أبًا صالحًا موجهًا معلمًا مربيًّا، لقد فقد ولده الثقة به.

إننا نبيع -أيها الإخوة- ديننا دون أن نعلم، إننا نبيع أماناتنا دون أن نشعر، إننا نبيع أخلاقنا دون أن نحس، إننا نبيع قيمنا دون أن ننتبه؛ لأننا نتساهل في كثير من القضايا، بينما نحن -أيها الإخوة- أولى الناس وأحرص الناس على أن نكون قرآنيين أن نكون قرآن يمشي على الأرض (وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[الأنبياء: 47].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعدُ:

أيها الإخوة: لا أحد فوق القانون، ولا أحد فوق حكم الله، ولا أحد يجرؤ أن يقول أن مَن يخطئ لا يعاقب، ولا يحاسب ولا يحاكم، ولا تطاله يد العدالة.

متفقون على هذا، وهذا هو ديننا، لكن دائما نقول: إن في إعلامنا المحلي أناسًا للأسف الشديد إذا خاصموا فجروا، يدّعون الكذب، ويفترون الافتراءات، ويهرفون بما لا يعرفون.

تناقلت المواقع قبل أيام أن سيارة تتبع لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تسببت في مقتل شابين في مدينة الرياض.

وأنا أقول: إذا ثبت هذا فعلى الجهات المختصة أن تحاكم مَن كان في هذه السيارة، وأن تحاسبه، وأن توقفه تحت طائلة القانون، وأن تعرضه للمحاكمة الشرعية، فلا أحد فوق القانون إطلاقًا، كل من يخطأ يجب أن يُحاسَب.

هذه قضية واضحة، هذا هو الدين، وهذا هو العدل، وهذا هو الحق، وهذا هو المنطق.

لكن حينما نستبق الأحداث، ونذكر التفاصيل، وندخل في نيات الآخرين دون أن تنتهي الجهات الأمنية من تحقيقاتها، لا بد أن ننتظر، وأن نرى ما هي نتيجة هذه التحقيقات؟ فقد يكون هؤلاء ليسوا كذلك، ولم يطاردوا السيارة، ولم يتسببوا في مقتل الشابين، وقد يكون فعلاً قد حصل ذلك منهم، وهنا فمن حقنا أن نطالب بمحاكمتهم.

أيها الإخوة: الإعلام يمارس هجومًا شرسًا بشعًا على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنهم يتقولون عليهم ما لم يقولوا، ويلبسونهم بأفعال لم يفعلوها، ويتحدثون عن جرأة وعن بشاعة في التعامل مع المواقف، ويتحدثون عن غطرسة رجال الهيئة، ويقولون كلامًا ليس صحيحًا ولا حقيقًا، ولا يمكن أن تتصور حدوثه من رجال الهيئة.

يا أيها الإخوة: إذا أخطأ فرد فلا نحمّل الهيئة مثل هذه الأخطاء، الهيئة اليوم هي سياج حصين وسور عالي، الهيئة اليوم -أيها الإخوة- هي الحصن الركيز للمحافظة على قيم وأخلاق ومُثُل المجتمع، يقولون: الهيئة تزداد غطرسة وقوة، وأنا أقول: الهيئة تزداد تميزًا وعظمة، الهيئة في كل يوم تزداد محافظة، تزداد -أيها الإخوة- بصبر رجالها، بثباتها، بقوتها بإصرارهم على محاربة الرذيلة، تزداد كل يوم في عيوننا تألقًا، تزداد في كل يوم شموخًا.

والله -أيها الإخوة- لو تعلمون ما يعلمه رجال الهيئة، لو تعلمون الإنجازات التي يحققونها على مدى اليوم والليلة، والحرب التي يواجهونها مع الذين يريدون نشر الرذيلة في المجتمع ونشر الفساد، وإيقاع الشباب، وإيقاع البنات في الرذيلة لقبلتم رءوس رجال الهيئة ولقبلتم أيديهم.

أيها الإخوة: المجتمع يجب أن يحافظ على قيمه، وعلى مُثُله، وعلى مبادئه، وهؤلاء بسلطة القانون بتعيين ولي الأمر، بتكليفه لهم يمارسون ذلك ويزدادون كل يوم فقهًا ورشدًا وقدرة على التعامل مع كثير من الأحداث، فلا ينبغي -أيها الإخوة- أن نخوض في أعراضهم ولا ينبغي أن نتحدث مع الآخرين، وأن نستعجل في سبهم وشتمهم والقدح فيهم.

هؤلاء -أيها الإخوة- يحمون بيوتنا ونحن ناعمون، يحمون أبناءنا وبناتنا الذين يخرجون إلى كل مكان، يحمونهم ويحافظون عليهم، إنهم عبارة عن ورقة ضغط وردع لكل مفسد، ولكل من يريد أن يوقع أبناءنا وبناتنا في براثنه.

أيها الإخوة: فلنحفظ ألسنتنا عن هؤلاء، ولندعو لهم بظهر الغيب، ولنسأل الله أن يثبتهم وأن يسددهم، وأن يرشدهم، وأن يقويهم، وأن ينصرهم على من عاداهم.

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم، فقال عز من قائل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم..

جديد المواد

تصميم وتطويركنون