المادة

إعلامنا وبيع القيم

141 | 01-12-2016
عناصر الخطبة 1/ آثار فساد وسائل الإعلام على المجتمع 2/ أحقاد وسموم مجموعة الإم بي سي وقناة العربية 3/ جرائم هذه المجموعات الإعلامية في حق الأمة المسلمة 4/ مفاسد الأفلام والدراما الأجنبية 5/ طعن قناة العربية في المجاهدين في فلسطين 6/ لمز الثوار في سوريا ومصر وغيرها 7/ الموقف الشرعي من ثورات الربيع العربي 8/ وجوب مقاطعة المجموعات الإعلامية الفاسدة والحذر من آثارها السيئة.

حينما تتلون مثلاً قناة العربية والشرق الأوسط، وتفعل ما تفعل حينما قام إخوتنا في غزة بتلك المقاومة، وهذا الجهاد العظيم، كان الذي طعن في خاصرتهم قناة العربية والشرق الأوسط، ونحن نبرأ مما كُتب فيها، ومما يُدار الآن عن مصر، مصر التي استخدمت كل الوسائل الديمقراطية للوصول إلى حكم رشيد، واتفق العالم على هذه الوسائل الديمقراطية تحارب اليوم حربًا ضروسًا تكالب عليهم الشرق والغرب؛ لكي يقطفوا الثورة، لكي يعود أنصار إسرائيل إلى مصر إلى سُدة الحكم، يريدون أن يعيدوا مصر إلى سابق عهدها. لا أيها الإخوة، نحن مع الحق والعدل، ونحارب من حاربهم، ونتمنى لهم الخير، ونسأل الله أن يمن عليهم بالاتفاق وصلاح الحال.

الخطبة الأولى:

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه ملء السماء وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما يشاء الله من شيء بعد، اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، ولك الحمد على حمدنا إياك.

وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وأشهد أن نبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمدًا عبدُ الله ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صلّ وسلم وبارك على وعلى أهله ومن سار على أثره واقتفى أثره.

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

أيها الإخوة: لو أراد أحدنا أن يبيع شيئًا ما فإنه يعلن عن ذلك، فلو أردت مثلاً أن تبيع أرضًا؛ فإنك تضع في وسطها لوحة تكتب فيها رقمك تليفونك أو جوالك، أو تذهب إلى مكتب للعقار؛ لا بد من الإعلان.

لو أردت أن تبيع بيتًا كذلك؛ فإنك تفعل نفس الفعل، لو أردت أن تبيع سيارة لذهبت إلى معرض السيارات لكي تُباع هذه السيارة تحت نظر الناس جميعًا، وعلى ملأ ممن هو في تلك المنطقة، لو أردت أن تبيع شركة أو مؤسسة؛ فإنك ربما تعلن في الصحف وتعلن في كل وسائل الإعلام أنك تبيع شيئًا مشروعًا (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) [البقرة: 275].

فلا ضير في ذلك، ولكن لو أراد أحد أن يبيع شرَفه؛ فإنه لن يعلن عن ذلك، سيبيعه في الغرف المظلمة، وخلف الأبواب المغلقة، لو أراد أحد أن يبيع أمانته، أن يبيع مصداقيته، أن يبيع أخلاقه وقيمه، لو أراد أحد أن يبيع دينه، لو أراد أحد أن يبيع وطنه؛ فإنه لن يبيع ذلك أبداً إلا في السر وتحت جنح الظلام؛ لأنه لا يبيع شيئًا مشروعًا، إنه يرتكب حماقة كبرى، إنه يرتكس في فطرته، إنه يبيع القيم والمثل التي تجعل منه إنسانًا صالحًا وحيًّا وقادرًا على أن يسير في هذه الحياة.

هناك من يفعل ذلك والثمن حفنة من الدولارات، أو من الريالات، أو من الدراهم والدنانير، وربما يكون الثمن هو منصب أُغري به، أو وظيفة مرموقة، والبعض ينزل في مطالباته إلى الحضيض، فيكون أعز ما يريده هو أن يكون تابعًا أو جليسًا ذليلاً لكبير من الكبراء.

هذا هو أقصى ما يريده ويطلبه حينما يبيع أولئك القيم والمثُل والدين والشرف، حينما يبيع الإنسان بثمن بخس وطنه الذي كان مِن المفترض أن يرفع قدره، وأن يعلي شأنه.

هؤلاء أيها الإخوة شرذمة فاسدة طالحة، هؤلاء أيها الإخوة يخونون أوطانهم ويخونون الله والرسول، ويخونون أمانتهم، هذه النوعية هي رأس الحربة التي تطعن المجتمع في ظهره، هؤلاء هم رأس الحربة التي تطعن الأمة، وهي تتسنم الصعود من جديد، وهي تريد العودة إلى عزها ورشدها، هؤلاء أيها الإخوة هم الذين يقفون حجر عثرة أمام التغيير والإصلاح الذي ينشده كل عاقل.

هناك أيها الإخوة من يبيعون أوطانهم، ولعلّي أضرب على ذلك مثلاً: هذا الإعلام الفاجر، هذا الإعلام الذي لا يرقب في مؤمن إِلاًّ ولا ذمة، لا يرقب في أخلاقه ولا قيمه ولا دينه ولا محافظته شيئًا.

هذا الإعلام الذي يخالف شرع الله وكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الإعلام المهاجر الذي تمثله بكل قوة ووضوح مجموعة الـ(إم بي سي) وروتانا والأوربت والايه أر تي، هذه المجموعات الإعلامية الأربعة الكبرى يؤسفني أن أقول: إنها سعودية هذه القنوات التي تشوّه كل يوم سمعة المملكة العربية السعودية، هذه القنوات التي تعرض في كل يوم ما يخالف أمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- هذه المجموعات التي تعرض على مدار الساعة ما يناقض دستور المملكة العربية السعودية.

هذه المجموعات الإعلامية التي تعرض الفجور والرقص، والخنا والزنا والفواحش، تعرضه على مدار الساعة عبر برامجها وأفلامها، وتغطيتها، وحلقاتها، وبرامجها الوثائقية تعرض في كل يوم ما يشوّه صورة المملكة العربية السعودية، وكفى بذلك خزيًا وألمًا وندامة لهم.

إن هذه البلد التي قامت على الإسلام عُرفت في أذهان الناس، عُرفت عند العرب والمسلمين، عند إخوتها، عُرفت في العالم أنها بلد المحافظة والدين، أنها بلد القيم والمثل، أنها بلد الحرمين الشريفين، أنها البلد التي تحكم بشرع الله، أنها البلد التي لا تزال تحافظ على العادات والتقاليد الصالحة، أنها البلد المباركة، اليوم هذه البلد في عيون العرب والمسلمين أخرجت قنوات ومجموعات إعلامية تُفسد شبابهم، وتفسد بناتهم، وتفسد القيم والأخلاق، أصبح الناس يقولون لنا: هل هذه المجموعات الإعلامية تمثلكم أيها السعوديون؟ نقول لهم وبملء أفواهنا لا وألف لا، كلا وألف كلا، نبرأ نحن من هذه المجموعات الإعلامية التي تعرض لكم ما ترون، نبرأ لله منها، لا تمثلنا، ولا تمثل بلدنا، ولا تمثل سياسته، ولا تمثل الدستور الذي يحكمه.

هذه المجموعات الإعلامية خرجت من رحم فاسد، هذه المجموعات الإعلامية تدمّر القيم والأخلاق، تحارب الله ورسوله، هذه المجموعات الإعلامية ليست منا ولا نحن منها، والله إنها لوصمة عار في جبين كل سعودي أن تكون هذه المجموعات الإعلامية سعودية وتعرف بأنها سعودية.

كيف يمكن أن يخرج من رحم هذه البلد المباركة المسلمة المحافظة هذه المجموعات الإعلامية وتنسب إلينا؟! إنها تشوّه صورتنا، بل إنها تستجلب العداوات لنا، الكثيرون أصبحوا يكرهوننا؛ لأن هذه القنوات دمّرت قِيَمهم وأخلاقهم، وكانت رأس حرب لأعدائهم عليهم.

ولذلك أيها الإخوة يؤسفني أن أقول: إنها تزداد قوة وتزداد تأثيرًا، وتزداد تغلغلاً في بيوتنا وفي بيوت العرب والمسلمين، ويتتبعها مَن لا يعرف حقيقتها، ولا يعرف آثارها ولا خطورتها، إن ما نراه اليوم في شبابنا وفي بناتنا من تغيرات من مفاهيم جديدة من عادات مستنكرة هي بسبب هذا الغزو الإعلامي الرهيب، إنهم يعرضون لنا كل ما يحدث في بلاد الغرب هناك.

أيها الإخوة: أُجريت دراسات عدة على هذه القنوات والمجموعات الإعلامية، ولا شك أن مجموعة الإم بي سي هي المجموعة الأولى الأكثر تأثيرًا وحضورًا في الساحة، وانظروا إلى قنواته وتابعوها وتفحصوا فيها، وأعوذ بالله أن تتابعوها، ولكني أقول لو أردتم لتعرفوا كيف هذه القنوات تحارب الله ورسوله.

هذه القنوات أيها الإخوة عرضت كل الأديان على أنظار شبابنا وشباتنا، وعلى كل العرب والمسلمين، لا يوجد تعويذة، ولا يوجد دين في الأدغال الإفريقية أو في غابات الأمازون أو في أمريكا الجنوبية، ولا يوجد طلاسم وتعاويذ وأشياء غريبة إلا ورأيناها في الأفلام التي تعرضها، بل ليست القضية هي قضية معرفة، بل إن هذه التعوذيات وهذه الخرافات وهذه الأديان، وهذه الروحانيات العجيبة الغريبة تنفع كما تقول الأفلام تنفع وتضر وتمنع من الموت، وتحقق النصر وتعيد الأمجاد، وهكذا تصور الأفلام ذلك، هذه الأفلام وهذه القنوات تعرض علينا الكنائس، وكل أنواع الديانات المسيحية واليهودية، ورأينا الكنائس الكبار والصغار، ورأينا جمال الكنائس وتنظيمها، وحسن تنسيقها، وجمال بنائها، ورأينا كل ذلك عُرضت علينا صور مريم العذراء، وعُرض علينا صور عيسى ابن مريم -عليهما السلام- رأيناه مصلوبًا، ورأيناه في الكنائس، ورأينا الصليب يُعلق على صدور الممثلين والممثلات، وكم نفع هذا الصليب! وكم حقق من نصر! وكم منع من خطر! وكم حقّق من إنجاز! هكذا تقول الأفلام حينما يلبسه الجندي، أو تلبسه الفتاة بتوصية من أمها أو أبيها أو الراهب؛ فإنه يمنع عنها شرًّا كثيرًا، وفي نهاية الفيلم تقبله وتضعه فوق رأسها.

هذا الغزو العقائدي الرهيب هذا الذي يتأثر بها الكثيرون، ربما أنت لا تتأثر أو هو، لكن يتأثر الشباب مع كثرة هذه الأفلام التي تعرض يوميًّا، إنهم يعرضون لنا البطولات الأمريكية والعلم الأمريكي الذي يعرض في اليوم عشرات المرات، وفي بعض الدراسات أنه عُرض في فترة ما أكثر من49 ألف مرة، واسم أمريكا يعرض كثيرًا، وإنجازات الجيش الأمريكي وقوة الجيش الأمريكي الباهرة ودقة ما عنده من معلومات ومن إمكانيات، ومن طاقات، وأفراده حينما يقدمون الرسالة العظيمة للمجتمعات حينما يسيطر عليها الطيبون الذي تظهر على محياهم والأخلاق الحميدة التي يتمتعون بها وقدرتهم على التغيير حتى الأفلام غير الحربية دائمًا ما تعرض علينا المسلسلات وهذا كله موجود في دراسات، موجود أيها الإخوة ومرصود بالرقم وبالتاريخ.

منظمات الإف بي أي والسي أي إيه التي تظهر في كثير من المسلسلات قوتهم ودقتهم والتقنيات التي يستخدمونها لسيطرتهم على العدو، والفروع المنتشرة لهم في جميع أنحاء العالم والأفراد التي يمثلونها، والهيبة التي يفرضونها في نفوس أبنائنا، تُعرَض الإف بي أي والسي أي في كثير من المسلسلات هيبة، وفي نفس الوقت لبث الخوف والرعب مما يرون.

أما مشاهد الاحتضان والقبلات الحارة، والتعري والملابس الماجنة، والدعوة إلى الزنا والدعوة إلى الفواحش؛ فهي أكثر من أن تُحصَى في كل الأفلام تقريبًا، وبنسبة 99% موجودة في الأفلام التي تعرضها مجموعة الإم بي سي وغيرها من المجموعات، وموجود هذا أيضًا في الأفلام العربية؛ الأحضان والقبلات والملابس الصارخة، والإعلانات التجارية، إعلانات تخص بيبسي، تخص نوعًا من الشيكولاته، إعلانات تخص الشامبو، إعلانات -أكرمكم الله- جنسية فاضحة، هذا موجود في القنوات العربية في القنوات الإعلامية موجود في المجموعات السعودية التي تمثلنا.

فكيف يحصل هذا أيها الإخوة؟ كيف يمكن القبول بهذا؟

أقول: هؤلاء باعوا وطنهم بالثمن البخس، إن هذه المجموعات لو استغلت استغلالاً صحيحًا لجعلت منا نموذجًا للدولة القادرة إعلاميًّا، لقدمت الرسالة العظيمة التي تحملها هذه البلد إلى العالم، لدافعت عن كلمة التوحيد، لنشرت الخير، لنشرت الدعوة ولا أريد أن أقول أن تتحول إلى محاضرات ومواعظ لا، أريدهم أن يستخدموا كل التقنيات الحديثة وأن يستخدموا المسلسلات، وأن يستخدموا الأفلام، ولكن وفق ضوابط مشروعة يتفق عليها العلماء، وليس ضوابط مشروعة لهم هم.

الإعلام اليوم -أيها الإخوة- مؤثر ويغير الأفكار، هؤلاء أيها الإخوة رأس حربة في المجتمع الذي نعيش فيه، غيروا وأفسدوا، وأنا أقول لكم زوروا الكبائن، ادخلوا إلى المراسي والقاعات والاستراحات في نهاية الأسبوع، لتروا كيف أننا أحيانا لا يمكن أن نقول: إننا في المملكة العربية السعودية.

إن هذا البلد العظيم يستحق منا احترامًا، ويستحق منا تقديرًا، ويستحق أن نرفع اسمه عاليًا، ويستحق أن ندافع عن دستوره العظيم الذي يحكمنا ونتحاكم إليه، أما ما تفعله هذه المجموعات في الجانب الأخلاقي والقيمي؛ فإنها تدمر كل القيم والأخلاق.

إنها تدمر الدستور الذي يحكمنا، تخالف شرع الله، تخالف كتاب الله، تخالف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينبغي أن نسكت عن ذلك، ولا ينبغي إطلاقًا أن نتعامل مع هذه القنوات، ولا أن نُوجدها في بيوتنا، ولا أن يكون لها صوت ولا صدى في أفكارنا وفي تغيير سلوكياتنا، منهجنا واضح ومحدد لا نريد أن نستعدي الناس أكثر مما استعديناهم في الفترة الماضية، هذا جانب أيها الإخوة؛ الجانب القيمي والأخلاقي.

هناك جانب آخر؛ جانب العداء الذي قامت به بعض هذه القنوات لبعض إخواننا الذين قاموا بالثورات على حُكامهم، الذين ظلموهم فترة من الزمن عقودًا من الزمن، حتى ظن البعض أننا ضد هذه الثورات، والله يعلم أننا نبرأ من ذلك، بل نحن مع إخوتنا في ليبيا، ومع إخوتنا في تونس، ومع إخوتنا في مصر، ومع إخوتنا في سوريا، ومع إخوتنا في اليمن، ومع إخوتنا في الكويت، نحن مع الحق والعدل.

حينما غيَّر أولئك شرع الله سنوات طويلة، وحكموهم بالقوانين الفرنسية والغربية، حينما حاربوهم في حجاب نسائهم، وحاربوهم في دينهم، حينما غيّروا مفاهيمهم، حينما سرقوا أموالهم، حينما جعلوهم يتغربون في الغرب وفي الشرق، وجاءوا إلينا هنا من كل الجنسيات وبلادهم غنية تمتلئ بالكنوز، حينما فعلوا كل ذلك ثار عليهم أبناء وطنهم ثارت الشعوب تريد الحق والحرية والعدل، تريد أن يحكمها شرع الله، نحن معهم.

لكن حينما تتلون مثلاً قناة العربية والشرق الأوسط، وتفعل ما تفعل حينما قام إخوتنا في غزة بتلك المقاومة، وهذا الجهاد العظيم كان الذي طعن في خاصرتهم العربية والشرق الأوسط، ونحن نبرأ مما كُتب فيها ومما يُدار الآن عن مصر، مصر التي استخدمت كل الوسائل الديمقراطية للوصول إلى حكم رشيد، واتفق العالم على هذه الوسائل الديمقراطية تحارب اليوم حربًا ضروسًا تكالب عليهم الشرق والغرب؛ لكي يقطفوا الثورة، لكي يعود أنصار إسرائيل إلى مصر إلى سُدة الحكم، يريدون أن يعيدوا مصر إلى سابق عهدها.

لا أيها الإخوة، نحن مع الحق والعدل، ونحارب من حاربهم، ونتمنى لهم الخير، ونسأل الله أن يمن عليهم بالاتفاق وصلاح الحال.

أيها الإخوة الإعلام اليوم يضرب ضربات موجوعة يغير المفاهيم والأفكار، يغير العقائد، يعيد تشكيل الولاءات، نحن الذين ينبغي أيها الإخوة أن نقاومه، أن نواجهه، ودائمًا نقول: المواجهة تكون بالوسائل المشروعة بالوسائل الحضارية بالمقاطعة، لا داعي لأن تكون هذه القنوات في بيتك، ولماذا لا تكتب وتعلق على بعض هذه المقالات؟! ولماذا لا تشترك في بعض الاستفتاءات التي تعرضها بعض القنوات لتبين مَن أنت ومَن تكون وما هو شعورك، وما هو ولاؤك؟ ولمن تنتمي؟، تنتمي لأمة عظيمة وأنت مع إخوانك بقلبك.

هذه هي الحقيقة هذا ما يجب أن نعرفه، ولا أن نستسلم لتلك القنوات التي تغيّر أفكارنا وتكذب وتشوّه، وتقلب الحقائق، وتتهم الآخرين ظلمًا وزورًا.

إننا أمام مطالب عظيمة من أجل أن تعود الأمة، لو سقطت مصر فستعود الأمة للوراء سنوات، وستعظم إسرائيل، وستتضخم قوتها، وستعود من جديد، وستحاول قدر الاستطاعة أن تعيد العرب إلى ما كانوا عليه بعد أن تنفسوا السعداء بعد أن بدءوا يعودون من جديد بعد أن بدءوا يقولون كلمتهم.

فالله الله في أمتكم، الله اللهَ في نصرتها، اللهَ الله في الوقوف معها، اللهَ الله في الدعاء لها أن تعود قوية تحكم بشرع الله وبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه..

أيها الإخوة: هذه الشرذمة حينما نناقشها، أو نحاورها، أو نكتب إليها، أو نحاول قدر المستطاع أن نقول لهم: أنتم مخطئون. دائمًا ما يقولون لنا وبالصوت العالي: أنتم لا تفهمون شيئًا، أنتم لا تفقهون في السياسية ولا الاقتصاد، ولا في مصالح الدول، ولا تعرفون كيف يُدَار هذا العالم، لا يريدون أن يستمعوا إلينا، ولا يريدون أن يناقشونا ولا يريدون حتى أن يتيحوا للرأي الآخر أن يقول كلمته (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) [البقرة:11].

هذه صفة المنافقين منذ أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) [البقرة:11]، يقول الله -عز وجل- عن هؤلاء (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) [محمد: 29 - 30].

تابعوهم لتروا لحن القول الذي يكون أوضح ما يكون في مثل هذه الأحداث الأخيرة (وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ..) [محمد:30 - 31]، تأخر النصر في سوريا وبعض الدول في محنة عظيمة، والله لا يقدّر ذلك إلا لسبب، إلا لحكمة إلا لهدف عظيم قال الله -عز وجل-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد:31]، نكشفكم ونعرف على أي شيء تنطوي قلوبكم وسرائركم، والله -عز وجل- يقول في هذه الأزمات وفي هذه المحن العظيمة: (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 179].

يريد الله في هذه الفتن أن يمايز بين الصفوف، أن يمايز بين الصادقين المخلصين والمنافقين الكاذبين، يريد الله أن تعود الأمة قوية مبنية على أرض طاهرة ليس فيها دخن، ولذلك تساقط الكثيرون حتى ممن ادعوا الثورة تكاشفوا اليوم، وتساقطت وظهرت عوراتهم، صدق الله (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران: 179].

هؤلاء أيها الإخوة كما قال -عز وجل- (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ) [محمد:26]، إنني أقول وأحذر كما قال الله -عز وجل-: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) [التوبة: 47].

لا تعطوا أذانكم أبداً أيها الإخوة ولا تصغوا لهم أبداً، أعطوا أذانكم وقلوبكم للحق، طالبوا بالحرية، طالبوا بالعدل لإخوانكم لأنهم يستحقونها، قدموا التضحيات وبذلوا في ذلك جهودًا عظيمة، وقدموا الشهداء، يريدون أن تعود ديارهم وبلادهم قوية عزيزة، لا مكان فيها لفاسد ولا متصهين، فلنكن معهم بقلوبنا وبمشاعرنا وبدعواتنا.

اللهم انصرهم نصرًا عزيزًا..

جديد المواد

تصميم وتطويركنون