المادة

جمعة شكر وعبر

131 | 22-11-2016
عناصر الخطبة 1/ نعمة الأمن والاستقرار في هذه البلاد تستوجب الشكر 2/ الأحداث الراهنة بيَّنت التلاحم الوثيق بين الراعي والرعية 3/ ملامسة القرارات الإصلاحية الأخيرة حاجة المواطنين 4/ منهاج التربية النبوية وتوجيهاتها في التعامل مع الفتن والأحداث

وهناك حقيقة ربما تغيب عن البعض، ألا وهي أنَّ بناء الأوطان وعمارتها لا تتأتى إلا عبر بناء الإنسان، الذي هو الثروة الحقيقية للأوطان؛ وهو الدِّرع المنيع، والعين الساهرة للبلدان. إن الإنسان محور النهضة، وأساس الرقيّ، ومولِّد الطاقة والصناعة؛ فكل ما في الوطن جمادٌ عدا هذه السواعد البشرية التي قد تكون مُعيناً على بِنائه، وقد تكون سبباً لدماره! ..

الحمد لله المحمود على كل حال، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله كريم المزايا وشريف الخصال، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل.


أما بعد: عباد الله! اتقوا الله حقيقة التقوى، وكونوا مع الله يكن الله معكم، واحفظوا الله يحفظكم، واعلموا أن مع العسر يسرا، نسأل الله أن يلطف بنا وبالمسلمين أجمعين، فإن الأمة الإسلامية تمر هذه الأيام بمرحلة عصيبة، وبفترة مخاض قد تنقلها إلى عهد جديد، وخاصة بعض الأقطار الإسلامية والعربية التي تعاني وتنزف دما صباح مساء، وتموج بها فتن ترقق بعضها بعضا.


وإن قلوبنا لتتألم بما يحصل لإخواننا في كثير من البلاد الإسلامية كليبيا والعراق وأفغانستان وفلسطين، وغيرها من بلاد المسلمين، نسأل الله أن يلطف بهم وأن يفرج عنهم كربهم، وأن تنتهي هذه المحنة قريبا، وأن يعم الأمن والأمان والاستقرار جميع بلاد المسلمين، وأن يُجنبها الفتن، ما ظهر منها وما بطن.


كما نسأله -سبحانه- أن يُجنب بلادنا خاصة من كل سوء ومكروه؛ وإن ما نعيشه في هذه البلاد من نعمة الأمن والإيمان والاستقرار لهو نعمة عظيمة، لا يَقدرها حق قدرها إلا من حُرم هذه النعمة، فهي كالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلا المرضى، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافىً فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمٍ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِها".


وإن هذه النعمة تستوجب علينا شكر المولى -سبحانه وتعالى- الذي وعد بالمزيد للشاكرين، فقال: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7].


وما تشهده بلادنا من تلاحم ووحدة صف ووعي كبير يتمتع به المجتمع هو رد عملي على كل من راهن على الفوضى والتخريب، لقد أثبت أهل هذه البلاد أن وحدتهم وتماسك صفهم هي أولاً وقبل كل شي، وأن لبنتهم -بفضل الله- قوية في وجه كل التحديات والعواصف، مادام اعتصامنا بالكتاب والسنة، بل إن الكثير أصبح يُدرك أن الوعي بأهمية الأمن ووحدة الصف زاد لدى المواطنين أكثر من أي وقت مضى، حيث إننا نعيش في هذه الأيام زخمًا من المشاعر الوطنية الفياضة، فقد تجلى ذلك أكثر ما تجلى في التلاحم الوثيق بين الراعي والرعية، وبين المواطنين بكل أطياف المجتمع، فالكل وقف صفًّا واحدًا وقالوا بصوت واحد: "لا" للفتنة، "لا" للإنجرار وراء مظاهرات لا هوية ولا طعم لها، "لا" للفوضى والنَّيل من مكتسبات الوطن وأمنه واستقراره؛ وقالوا: "نعم" للحفاظ على الوطن ووحدته وتماسكه، و"نعم" للمطالبة بالإصلاح الإيجابي، و"نعم" لوضع حد للفساد والأخذ بقوة على يد الفاسدين، ومحاربة الرشاوى والمحسوبيات بكل أشكالها وصورها.


أيها المؤمنون: إن الإصلاح بحاجة إلى المصارحة والمكاشفة، ولجهود حثيثة متواصلة، وإن القرارات الأخيرة لولي أمرنا -حفظه الله-، والخطط التنموية التي أعلنها، جاءت كالماء الزلال، ودليل ذلك ما نشاهده من الابتهاج والفرح والسرور على وجوه الناس، إنها قرارات إصلاحية لامست حاجات المواطنين ومطالبهم، وبقي الحمل الأكبر والأثقل على الجهات المسؤولة التي ستتولى تنفيذ هذه القرارات، وعلى الجهات الرقابية التي تتولى مهمة الرقابة والمتابعة لتنفيذ هذه القرارات، دون غش أو تدليس، ودون محسوبيات أو تخصيص، لترفع بحق الكثير من مشكلات المواطن.


وإننا إذ نشيد بهذه القرارات نأمل أن يتبعها المزيد والمزيد من الخير الذي أفاء الله به على هذه البلاد، ففي السنن، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ"، فشكر الله لولاة أمرنا ولعلمائنا ولجميع المسئولين، ونسأل الله لهم العون على حمل هذه الأمانات.


عباد الله! إن عملية الإصلاح عملية مشتركة يتقاسمها أطراف عدة، بدءا من الراعي ومرورا بالرعية ومؤسسات المجتمع، ووسائل الإعلام، ومنابر التعليم والتعلم كالجوامع والمدارس والجامعات؛ وإذا تقاعست جهة ما عن أداء دورها فلن تكتمل عملية الإصلاح بصورتها المرجوة، فإن كانت البداية تنطلق من السلطان؛ لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن، فهاهي أولى خطوات الإصلاح قد بدأت بهذه الأوامر والقرارات، ثم تأتي المرحلة الثانية مرحلة التطبيق والتنفيذ الجاد، والذي تتولاه الجهات التنفيذية ومؤسسات الدولة، والتي هي بحاجة إلى المراقبة من جهات عدة لضمان الجودة، وعدم التلاعب والاستغلال، وهنا يمكن للجميع المشاركة بعملية المراقبة فنكون عيناً وعوناً للسلطان، فلا يسكت أحد على الخطأ، فالإنكار المجتمعي مطلب رئيس ومهم للإصلاح، فالقاعدة الشرعية المجتمعية: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ". "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ"، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة:71].


إنها نصوص يصفو بها المجتمع، وتعالج الأخطاء، وتُرد المظالم، ويندرس الفساد والمفسدون؛ ومتى ساهم الجميع حقاً في دفع عجلة العملية الإصلاحية والتنموية إلى الأمام، فيقوم كلٌّ بما يستطيع، ومن خلال الموقع الذي هو فيه، والمهمة المنوطة إليه، مع التناصح والتكاتف لأجل أهلنا وأجيالنا، ولأجل هذا البلد المعطاء، فلنكن عند حسن ظن ولاتنا في تنفيذ هذه القرارات للمعنيين بها، فلا يحتال أو يطمع أحد في طلب ماليس له، فلن تكون القرارات ولو صدرت بعشرات أو مئات كافية للإصلاح الحقيقي إن لم تكن الرغبة الداخلية للتغيير للأفضل منا، والقيام بأسبابه، كما قال الحق مؤكدًا هذه الحقيقة:(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11]. وما أجمل ما قاله عبد الملك بن مروان مخاطبًا الناس في زمانه: "أيها الناس! أنصفوا منا؛ تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر، ولا تقومون فينا بسيرة رعيتهما!.


إخوة الإيمان: إننا بفضل الله وكرمه نعيش في وطنٍ له خصائص عديدة مهما قيل، ومهما أرجف المرجفون؛ ولا شك أن هذا يتطلب أن نكون على قدر المسؤولية، فمن المعلوم أنه على قدر النعمة والجاه يكون حسد الحُساد، وعداوة الأعداء، وهناك حقيقة ربما تغيب عن البعض، ألا وهي أنَّ بناء الأوطان وعمارتها لا تتأتى إلا عبر بناء الإنسان، الذي هو الثروة الحقيقية للأوطان؛ وهو الدِّرع المنيع والعين الساهرة للبلدان. إن الإنسان محور النهضة، وأساس الرقيّ، ومولِّد الطاقة والصناعة، فكل ما في الوطن جمادٌ عدا هذه السواعد البشرية التي قد تكون مُعيناً على بِنائه، وقد تكون سبباً لدماره!.


وأعظم تربية للإنسان هي التي تُتلقى من مدرسة النبوة، ومن مشكاة الوحي المعصوم، فالتمسك بالمنهج المحمدي هو الطريق الأسلم والأسهل لعمارة القلوب والأوطان معا، بل والفوز بسعادة الدارين، وهو حبل النجاة من كل فتنة وبلاء، فحبيبنا وقدوتنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تركنا على المحجة البيضاء، والطريقة السواء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك اتبع هواه. فلم ينتقل -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه إلا بعد أن قام بالأمانة خير قيام، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وأتم به علينا النعمة، وميز الله به طريق الرشد والهداية عن طريق الضلال والغواية، حتى قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة:3]، فلن يبلغ أحدٌ -مهما كانت حرقته وغيرته- مبلغ الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في النصح للأمة، والشفقة عليها، فلنلزمْ نهجه، ولْنعضَّ على سنته بالنواجذ.


وإن مما أخبرنا به وقوع الفتن، حتى نكون على علم بها قبل وقوعها، وقد رسم -صلى الله عليه وسلم- لنا المنهج الصحيح، والطريق السليم للتعامل معها، فمن الفوائد المهمة من إخباره -صلى الله عليه وسلم- بما هو كائن من الفتن إلى يوم القيامة، وبتفاصيل دقيقة؛ لكي يأخذ الناس حذرهم منها، ويتأهبوا ويكونوا على أتم الاستعداد للأخذ بأسباب النجاة منها؛ ولذا أخبرنا -صلى الله عليه وسلم- بدقائق الفتن وأنواعها، وكيفية مواجهتها، وأن حدوثها سنة الله في خلقه، وقضاؤه الكوني الذي لا يُرد إلا بقدر مثله؛ وأنه لا بد من توطين النفس على وقوع الفتن، والاستعداد لها، ومعرفة أسبابها ودواعيها، وطرق النجاة منها؛ كما في حديث أَبي زَيْدٍ عَمْرو بْن أَخْطَبَ –رضي الله عنه- قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ؛ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ؛ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا.


وكما في حديث حُذَيْفَة بْن الْيَمَان –رضي الله عنه- حيث قال: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي، وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسا أَنَا فِيهِ عَنْ الْفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم -وَهُوَ يَعُدُّ الْفِتَنَ-: "مِنْهُنَّ ثَلَاثٌ لَا يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، مِنْهَا صِغَارٌ،وَمِنْهَا كِبَارٌ،قَالَ حُذَيْفَةُ:فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا. وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ! فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ. وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ؛ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ".


فهذه الأحاديث، وغيرها كثير، هي منهج واضح لمواجهة الفتن وكيفية التعامل معها، فمن توجيهاته صلى الله عليه وسلم أثناء الفتن إلى أمته نصحًا وشفقةً: معاملة الآخرين بمثل ما تحب أن يعاملوك به، فقال -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عنه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"، وعندما نتأمل في واقع الناس في الفتن، وننظر إلى تصرفاتهم، نجد الْبُعد عن هذا الهدي النبوي الكريم، حيث يظلم بعضهم بعضًا، ونجد التجني على الأعراض، والكذب والافتراء، واتهام المقاصد والنيات، نسأل الله العافية.


ثانياً: من توجيهاته -صلى الله عليه وسلم- التشبث بحبل الإيمان بالله واليوم الآخر، وأنه هو الذي يُدخل المؤمن الجنة، ويزحزحه عن النار؛ ويتجلى ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ".


ثالثاً: من توجيهاته -صلى الله عليه وسلم- صلاحُ هذه الأمة بما صلح به أولها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنها ستكُونُ فتنةٌ" "فقالُوا: فكيفَ لنَا يا رسولَ اللهِ! وكيفَ نصنعُ؟ فقالَ: "ترجعُونَ إلى أمرِكُم الأولِ".


رابعاً: من توجيهاته -صلى الله عليه وسلم-: الافتراق فتنة وزيغ وعذاب، ولزوم الجماعة اعتصام ورحمة وصواب، فقال -صلى الله عليه وسلم- :"أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ". وفي رواية: قَالُوا: وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي". وفي حديث العرباض بن سارية –رضي الله عنه- وصف -صلى الله عليه وسلم- الدواء فقال:"... فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ. وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ! فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"، فمن أراد النجاة فليلزم السير على منهج الحبيب وإرشاداته -صلى الله عليه وسلم-، فإن الفتنة ظلماء، تحتاج إلى بصر وبصيرة وفق بيان المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، إن أردنا السلامة والعافية.


تَمُوتُ المَبَادئُ فِي مَهْدِهَا *** وَيَبْقَى لنا المَبْدَأُ الخـالِدُ
مَرَاكِبُ أَهْلِ الهَوَى أُتْخِمَتْ *** نُزُولاً ومَرْكَبُنا صاعِدُ
سـِوانَا يلُـوذُ بعَرَّافَةٍ *** وأسطورةٍ أصلُها فاسِـدُ
إذا عدَّدَ الناسُ أربابَـهُم *** فنحنُ لنا رَبُنا الواحِـدُ


نسأل الله أن يُثبتنا على الدين، وأن يلطف بنا وبالمسلمين أجمعين.


أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

جديد المواد

تصميم وتطويركنون