المادة

آه يا شام العز والكرامة!

130 | 20-10-2016

عناصر الخطبة

1/ الأحداث المأساوية في سورية 2/ الصمت التام للعرب والجزئي للعالم 3/ فضل الشام 4/ دور الشعوب والحكام في نصرة إخوانهم بسوريا 4/ تحية الجنود الشهداء الشرفاء الذين رفضوا قتل شعبهم

****

الحمد لله قاصم الجبابرة قهراً، وكاسر الأكاسرة كسراً، وواعد المؤمنين من لدنه نصراً، يكشف كربًا، ويغفر ذنبًا، ويُغيث ملهوفًا، ويجبر كسيراً، ويجير خائفاً، ويرسل بالآيات تخويفًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أرجوها عنده ذخراً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العَيْلَة، وجمع به بعد الفُرقة، فعلتْ به أمته ذكراً، وشرفتْ به قدراً، صلى الله وبارك عليه، وعلى صحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


وبعد:


معاشر المؤمنين: لقد كنت عازمًا على الحديث عن الإجازة وشجونها وأفراحها وأتراحها، ولكن هل يطيب الحديث عن الإجازة وصرخات أهلنا في سوريا تزداد، وجراحاتهم ومآسيهم تتشعب؟ هل يسوغ السكوت ونحن نشاهد على الشاشات آلاف اللاجئين السوريين يهربون إلى تركيا خوفًا من البطش والتنكيل، حتى لا يحصل لهم ما حصل لأهل درعا وجسر الشغور وغيرهما من المدن والقرى؟ هربوا مشيًا على الأقدام، وحينًا بالعربات والسيارات إذا اطمأنوا أن الطريق آمن.


وتزداد المأساة حينما نعلم أن الشِّبِّيحة لهم بالمرصاد، يمنعونهم حتى من الفرار، بل يصطادونهم كما يصطادون العصافير والغزلان، كيف يسوغ السكوت ونحن نرى الأطفال والنساء والطاعنين في السن في عيونهم الخوف والهلع مما شاهدوا وعانوا؟! أي قلب حر غيور يحتمل مشاهد القتل والدم والإهانة بالأقدام والركل وآثار التعذيب والبطش؟ أي نفس عزيزة تصمت وهي ترى الأسى والخوف والرعب على وجوه الهاربين واللاجئين، ترى في عيونهم الذهول، خائفين، هاربين، لاجئين، ولكن إلى متى؟ لا يعلمون!.


مآسٍ إنسانيةٌ، وأوضاع نفسية سيئة، ويزداد حزنُكَ وألمكَ، وتشعر بالغبن والقهر عندما تتحرك تركيا وتتكلم، مع صمت العرب قاطبة، وكأن الأمر يجري في بلاد الواق واق! أو وراء المحيطات! لقد تحدث المئات من اللاجئين عن مقتل أفراد من أسرهم أو اختفائهم أو تواريهم، كما تحدثوا عن حالات اغتيال وتعذيب وإذلال على يد النظام البعثي، كما أوضح الناطق باسم المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة: إن أغلب اللاجئين فقدوا عمليًّا كل ممتلكاتهم، حتى إن البعض تحدثوا عن إطلاق النار على مواشيهم وإحراق منازلهم وحقولهم، وتدمير مصالحهم أومصادرتها. فهل بعد هذا كله نصم الآذان؟! أو نتجاهل الأحداث حتى الآن؟!.

فَهَلْ يَجُوزُ السُّكُوتُ؟ *** أَوْ يُسْتَسَاغُ النَّمِيرُ؟!
الْخَطْبُ خَطْبٌ عظيمٌ *** والأمْرُ أمرٌ خطيرُ!


أيها المسلمون: إن الشعوب العربية تهب فيها رياح التغيير، وإذا أراد الله شيئاً قال له كن فيكون، "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، ومهما طال ليل الظلم فسينجلي، حقائق لم تعد للتنظير، بل نعيشها ونراها يقيناً على الساحة العربية، المتغيرات العربية هل هي ربيع قادم أم دوامة دامية ليس لها نهاية؟! ثورات متنوعة ومتعددة هنا وهناك، وفي كل الجهات الأنفس تزهق، والدماء تسيل؛ فثمن الحرية والكرامة غالٍ ونفيسٌ.


وإن كان الشرق في ليبيا مَلاذًا آمِنًا للشعب تدعمه قوة عسكرية، والإيمان في اليمن يمان وأمان، والحكمة يمانية، حيث التعقل والصبر، تدعمه قوة القبيلة الركن الركين هناك، وأما التجربتان التونسية والمصرية فقد نجاهما الله وحماهما من حمامات الدم والقتل، وإن لم تنج حتى الآن من مستنقعات الأهواء والمصالح، وتبقى الحالة في بلاد الشام مأساوية دامية، فلا ناصر ولا مُعين، ولا ملاذات آمنة يهرب إليها الشعب المضطهد المسكين.


يا الله! حشود بشرية في سجن كبير مغلق من كل اتجاه، كل جهة تنتظر دورها للقتل أو الإعتقال أو الإهانة، فهم يُذبحون ويهانون ويداسون بالأقدام منذ نحو أربعة أشهر أو تزيد، وعلى مرأى من العالم كله مما استطاعت عدسات الجوالات أن تسرقه وتسربه بشق الأنفس، شعب عربي عزيز يُهان ويُداس ويٌقتل، دون أن يتحرك العرب، أو حتى يستنكروا أو يُندِّدُوا!.

أُمّتِي!كم غُصّةٍ داميةٍ *** خَنَقَتْ نَجوى عُلاكِ في فَمِي؟
أيُّ جُرحٍ في إبائي راعِفٌ *** فاتَه الآسِي، فلم يَلتئمِ
ويكادُ الدمعُ يهمي عابثًا *** ببقايا كبرياء الألمِ
كيف أغضيتِ على الذلِّ ولم *** تَنْفُضِي عنك غُبَارَ التُّهَمِ
أوَما كنتِ إذا البغيُ اعتدَى *** موجةً من لهبٍ أو من دمِ؟
اسمعي نَوْحَ الحَزَانَى واطربي *** وانظُري دمَّ اليتامَى وابسِمي
رُبَّ وامعتصماه انْطَلَقَتْ *** مِلْءَ أفواهِ الصَّبَايَا اليُتَّم
لامَسَتْ أسماعَهُمْ لكنَّها *** لَمْ تُلامِسْ نَخْوَةَ المُعْتَصِمِ
أُمَّتِي! كم صَنَمٍ مَجّدتِه *** لَمْ يَكن يَحمِلُ طُهْرَ الصَّنَمِ!
لا يلامُ الذِّئْبُ في عُدْوَانِهِ *** إنْ يَكُ الرَّاعِي عَدُوَّ الغَنَمِ


إيهٍ وربي! الراعي في سوريا يقتل الرعية، ويوغل في الكذب والدجل والتلبيس، ففي عشية وضحاها وفجأة تكدست الجماعات الإرهابية وملأت أرض الشام، وامتلكت السلاح لتواجه جيش الدولة العرمرم، (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) [آل عمران:54].

إِنَّهُ مَكْرٌ كُبَّارٌ يَا بَشَّارْ! *** عارٌ يا ويلَكَ نارٌ ودمارْ
أمَلَكْتَ الدَّارَ وفيها أحْرَارْ *** وعقولٌ تأبَى الذُّلَّ وأفْكَارْ
مهْما طبَّلَ أو غَنَّى لَكَ غَدَّارْ ** ومهما طال زمانُكَ أو دارْ


فستنهار إي والله ستنهار، (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ) [إبراهيم:42].


أيها المؤمنون بالله: صِفوا لي حال قلوبكم، بل حال ضمائركم الإنسانية، فضلاً عن عاطفة الأخوة الإيمانية، والوشائج الدينية، وعلائق القربى والرحم، كيف هي؟ وبأي حال هي؟ وهي ترى وتشاهد وبالصوت والصورة وعلى شاشات القنوات الفضائية، ومئات المواقع على اليوتيوب والفيس بوك والتويتر، وعلى صفحات آلاف المواقع للشبكة العنكبوتية، ويوميًّا صباح مساء، تلك الفظائع والفجائع، والمجازر والجرائم، وشلالات الدم وحماماته في حق شعب عربي أعزل، جريمته فقط أنه يريد العيش بحرية وكرامة؟!.


ألا تعتصر القلوب ألَمًا؟ بل حق لها أن تنزف دمًا وهي تشاهد وترى أن الحرمات تُنتهك، والكرامة تُداس، والحقوق تُصادر، والحرية تُسلب، والأرواح والأعراض تُستباح؛ مدن وقرى وبيوت تُدك وتحاصر بالدبابات والمجنزرات، وبراجمات الصواريخ والمدافع، حتى بيوت الله ومحاريب المساجد لم تسلم، فقد انتهكت قداستها في بلد مسلم وارتكبت فيها أبشع الجرائم، فالمحاريب التي تتلى فيها آيات الله آناء الليل وأطراف النهار هي اليوم جريحة تنزف دمًا.


سلوا ميادين درعا ومساجدها، سلوا المسجد العمري فيها، بل سلوا شوارعها وطرقاتها، وأزقتها وبيوتاتها، وساحاتها ومنتزهاتها، سلوا كل شبر من ترابها، وكل شجر من أشجارها، فعندها وعند أهلها الخبر اليقين، بل سلوا الشام بأكملها: ماذا دهاها من ظلم ومآسٍ، وجرائم وفظائع، سلوا حواضرها وأريافها، ومدنها وقراها، سلوا دمشقها وحماها، وحلبها وبانياسها، ومعرة النعمان واللاذقية والقامشلي ودير الزور فيها، كلها تشكو ظلم الظالمين، وعربدة الفاسدين المفسدين، آهٍ لو كان لها لسان لأخرَسَتْ كل بليغ، ولفضحت كل فصيح، ولكشفت كل خيانة وجريمة، منعوا الإعلام، فأراد العليم سبحانه أن يعلم العالم أجمع!.

يا شَامَنا يا أرضَ أسلافٍ مَضَواْ *** مَنْ مُسْمِعٌ في العالمين لَبيْبا
منْ مُبْصرٌ قهْرَ الطًّغاةِ ومُبْلِغٌ *** عنَّا شُجاعاً للنداءِ مُجيْبا
يا منْ قتلتُمْ دونَ قلبٍ أمَّةً *** وذبحتموا صِبيانهمْ وشَبيْبا
يا مَنْ أدرْتمْ لِلْيهُودِ ظُهورَكُمْ *** ورَمَيتُمُوْا بالقاتلاتِ حَبيبا
قدْ كُنْتمُوْا صَوبَ العدوِّ نَعامةً *** وَعَوَيْتمُوْا نحوَ الأقاربِ ذِيْبا
يا مَنْ قتلْتمْ بالْخِيانةِ حمْزةً *** نَجْلَ الْخطِيبِ مُعَذَّباً ومَعِيْبا
إنا نُبشِّرُكمْ بِشَرِّ عقوبةٍ *** ولسَوفَ تلْقَونَ الْغداةَ نَصِيبَا
فاللهُ يُمْلِيْ لِلظَّلوْمِ زيادةً *** في الإثمِ كَيْ يصْلَى بذاكَ لَهِيْبا
لكِنَّها الأيامُ خيرُ شوَاهدٍ *** مَنْ كانَ رَمْزَ الْقتلِ مَاتَ صَلِيْبا

إن بلدة جسر الشغور والقرى المحيطة بها بدت خاوية وشبه مهجورة بعد أن اقتحمها الجيش النصيري قبل أيام عندما قام بمجازر وإعدام للمئات، نعم بدت خاوية وشبه مهجورة، هكذا قال ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عندما شارك في زيارة نظامها النظام النصيري البعثي إلى المنطقة، بعد جهود مضنية.


ولم يكتفوا بتدميرها، بل أحرقوا الأراضي، وقتلوا الحيوانات والمواشي؛ وإمعانًا في التنكيل والإفساد أتلفوا المحاصيل التي هي زاد وطعام المساكين هناك، وحتى جثمان الموتى والشهداء -والتي لها الحرمة في كل الشرائع- لم تسلم من التنكيل وبتر الأعضاء والتمثيل، فكيف بالأحياء؟ بل حتى الأطفال القُصَّر لم يسلموا من التعذيب والقتل، وبأبشع صورة، كما رأى الجميع بعض المشاهد ومقاطع اليوتيوب التي تم تسريبها ونشرها رغم التعتيم الإعلامي الكامل، مما يدل على أن هناك مئات الحالات والمشاهد لا تصورها عدسات الكاميرات، تُرتكب بخفاء وتُمحى آثارها.


يا الله! هكذا هو الإجرام، عندما تُحول مدنٌ عامرة إلى مدن أشباح وخراب ودمار، وعندما يُهان الإنسان في بلده ومن أهله، الجميع يتساءل وبدهشة: بأي جريمة وبأي ذنب ترتكب هذه الفظائع والمجازر في حق شعبنا الأبي السوري منذ أربعة أشهر أو تزيد؟! وعلى مرأى ومسمع من دول العالم كلها دون أن يتحرك أحدٌ؛ لتفرض على استحياء تلك العقوبات المالية على أباطرة النظام، تمخَّضَ الجبَلُ فَوَلَد فأراً!.


آهٍ يا عصر التمدن والتحضر! آهٍ يا عصر القانون والمنظمات الحقوقية، والمحاكم الدولية! آهٍ يا عصر الحرية وحقوق الإنسان وكرامته! منذ أكثر من أربعة أشهر نسمع جعجعة ولم نر طحْنًا! ولا أظن أننا سنرى، فالشعب فقير لم ينم على آبار النفط! والنظام البعثي هو الحامي للعم سام؛ أما الإنسان الذي يريد الإصلاح والحرية، ويريد العزة والكرامة، فليس كل إنسان، فقط هو صاحب البشرة الصفراء والعيون الزرقاء وكل من له مصالح معه، فالحرية غربية وليست شرقية، فليس لشرقي أن يُطالب بها حتى وإن صرخ بملء فيه: سلمية سلمية؟!.


يا الله! متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ فالْحُريَّة مِنحةٌ إلهية، اتفقت عليها وكفلتها جميع الشرائع السماوية، وضمنتها جميع القوانين الوضعية، وهي فوق كل هذا ضرورةٌ أخلاقية، ومنظومةٌ حياتيَّة، هي طريق التقدُّم والازْدِهار، وسبيلُ العِزَّة والفَخار، ومصدر العِلم والابْتِكار؛ ألم يقل عمر بن الخطاب: متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!.

نَشَازٌ أنْ تَكُونَ الشَّامُ دَارَاً *** لِطَائِفَةٍ سَجَيَّتُهَا انْتِقَامُ
يُبَاعِدُها عَنِ الإِسْلامِ وَهْمٌ *** وَيَنْخَرُ في عقيدتها السَّقامُ
وفي محرابِ "درْعَا" ما يُرينا *** شواهِدَ مِنْ جرائمها تُقامُ
أَيَا أكنافَ بيتِ القُدْسِ إنّي *** أرَى غَيْثَاً يجودُ بِهِ الغَمَامُ
لقد آنَ الآوانُ لِكَسْرِ قَيْدٍ *** فهُبِّي مِنْ قيودِك يا شآمُ
لقد كان اختطافُكِ بابَ ذُلٍّ *** وَمِثْلُكِ بالمذَلَّةِ لا يُسَامُ


آه يا دمشق العزة والكرامة! آه يا قلعة الإسلام ومهد العروبة! آه يا عاصمة القوة والفتوة والشهامة! آهٍ يا حاضنة الخلافة الأموية! ويا دمشق خالد ومعاوية وأبي عبيدة، وعبد الملك والوليد وعمر بن عبد العزيز، ونور الدين زنكي وعماد الدين زنكي والبطل الشهم صلاح الدين الأيوبي، ويا دمشق ابن تيمية والذهبي، ويا دمشق ابن القيم والمزي، ويا دمشق ابن أبي العز وابن كثير، ويا دمشق ابن عساكر والنووي، وغيرهم من آلاف الأعلام، أبشِري يا شام فسينجلي ليلُكِ، وينبلج نهارك قريباً، أبشروا يا أهلنا في سوريا فالنصر قريب! فلن تذهب هذه الدماء، فقريباً تتنفس الشام الصُّعَداء، قريباً تصبح الشام حرة أبيّة.


أيتها الشام الحبيبة: أنت عزيزة في قلوب كل المسلمين، فقد ثبت في الأحاديث والآثار فضلُك وفضائلُك،كما دوّنها علماء الإسلام في مصنفاتهم كابن عساكر في تاريخ دمشق، وأبي الحسن الربعي في كتابه فضائل الشام ودمشق، وغيرهما من دواوين الإسلام، ففي مسند أحمد وجامع الترمذي وغيره وحسنه الترمذي وصححه الحاكم والذهبي والمنذري والألباني عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا حِينَ قَالَ: "طُوبَى لِلشَّامِ! طُوبَى لِلشَّامِ!" قُلْتُ: مَا بَالُ الشَّامِ؟ قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَجْنِحَتِهَا عَلَى الشَّامِ".


وأخرج أحمد وغيره عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "سَيَكُونُ جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ"، فَقَالَ رَجُلٌ: فَخِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "عَلَيْكَ بِالشَّامِ! عَلَيْكَ بِالشَّامِ! عَلَيْكَ بِالشَّامِ! فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْقِ مِنْ غُدُرِهِ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ". فهنيئاً لنا بالشام! وهنيئاً لأهل الشام بشامهم! فقد بذلوا الكثير وصبروا، نسأل رب الأرض والسماء أن يفرج كربتهم، وأن يؤنس وحشتهم وغربتهم.


كما بقي الكثير على العرب شعوباً وحكومات لنصرة إخوانهم، كُلٌّ بما يستطيع، ومن خلال الثغر المؤتمن عليه، السياسي عبر قنواته، والإعلامي عبر الإعلام، والغنيّ بالدعم والمال، كلنا -معاشر الإخوة والأخوات- قادرون على نصرة المظلومين المضطهدين في الشام، فقد رأينا كيف فعلت عدسات الجوالات لنقل الصورة وكشف الحقائق رغم المنع والمكر والدهاء، ورأينا أثر السوريين في الخارج بالضغط والمؤتمرات.


كما لا ننسى دور الجنود الأحرار الأوفياء الذين رفضوا تنفيذ قتل أهلهم وشعبهم فكان جزاؤهم الشهادة برصاص على الرأس فورًا، كما حصل في جسر الشغور، فلكَ الله يا شعب سورية! لك الله أيها الشعب الطيب الأعزل!

بئسَ القريبُ إذا أهانَ قريْبا *** وأذاقهُ الَّتنكيلَ والتَّعذيْبا


وإلى الله نشكو وهو القادر أن يرفع الظلم عن سوريا عاجلاً غير آجل: اللهم عليك بالظالمين المعتدين من النصيرين البعثيين ومَن آزَرَهُم، اللهم خالف بين رأيهم وكلمتهم، اللهم شتِّتْ شملهم، وفرِّق صفَّهم، اللهم إنهم طغوا وبغوا وضيقوا البلاد على أهلها، فاللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم.


اللهم انصر المستضعفين، وفرج هَمَّ المهمومين، وفُكَّ أسرى المأسورين، واشفِ المرضى، وارحم الموتى، ورُدَّ اللاجئين لبيوتهم معززين مكرمين؛ اللهم فرَجَكَ ونصرك لأهل الشام! برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم رحماك رحماك بالضعفاء واليتامى وبالصغار والنساء الثكالى وذي الشيبة الكبير!.


اللهم احقن دماء المسلمين في سوريا وليبيا واليمن، وفي تونس ومصر، وفي كل مكان يا رب العالمين، اللهم وَوَلِّ عليهم خيارهم؛ اللهم انصر جندك ودينك وسنة نبيك، وأَعْلِ كلمة الحق، وصَلِّ اللهم وسلم على النبيِّ الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولعامة المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

جديد المواد

تصميم وتطويركنون