المادة

قولهم (عرض جبريل على إبراهيم أن يغيثه، فلو كان ذلك شركاً لما فعله)

113 | 27-05-2015

قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه (كشف الشبهات):

وَلَهُمْ شُبْهَةٌ أُخْرَى، وَهِي: قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ في النَّارِ اعْتَرَضَ لَهُ جِبْرِيلُ فِي الْهَوَاء؛ِ فَقَالَ لَهُ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلاَ.
قَالُوا: فَلَوْ كَانَتِ الاسْتِغَاثَةُ بِجِبْرِيلَ شِرْكاً لَمْ يَعْرِضْهَا عَلَى إِبْرَاهِيم؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الشُّبهَةِ الأُولَى؛ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْفَعَهُ بِأَمْرٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ (شَدِيدُ اَلْقُوَى) [النجم 5] فَلَوْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَارَ إِبْرَاهيمَ وَمَا حَوْلَهَا مِن الأَرْضِ وَالْجِبَالِ، وَيُلْقِيَهَا في الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لَفَعَلَ، وَلَوْ أمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُغَيِّبَ إِبْرَاهِيمَ فِي مَكَانٍ بَعيْدٍ عَنُم لَفَعَلَ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَن يَرْفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ لَفَعَلَ.

وَهَذَا كَرَجُلٍ غَنِيٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، يَرَى رَجُلاً مُحْتَاجا؛ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ أَن يُقْرِضَهُ أَوْ أنْ يَهَبَهُ شَيْئاً يَقْضِي بِهِ حَاجَتَهُ، فَيَأْبَى ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُحتَاجُ أَنْ يَأْخُذَ، وَيَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ اللَّهُ بِرِزْقٍ لاَ مِنَّةَ فِيهِ لأَحَدٍ.

فَأَيْنَ هَذَا مِنْ اسْتِغَاثَةِ الْعِبَادَةِ وَالشِّرْكِ؛ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ؟.

تصميم وتطويركنون