المادة

تناقض .. أضحك وأبكى

225 | 24-05-2015

على واجهة غير منتدى .. وفي غير موقع .. ترى من الصور والإعلانات ما يُضحك ويُبكي .. ويجعلك ترثي لِحال أولئك ، بل لِحَال أمّة يَنْتَمُون إليها !
وشرّ البلية ما يُضحك !
ترى التناقض الذي ربما لا تَجِد له تفسيرا !
ففي هذه الأيام ونحن في استقبال شهر رمضان وموسم من مواسم الخيرات .. تظهر على واجهة كثير من المواقع والمنتديات على الشبكة : عبارات في استقبال شهر رمضان ، وتهنئة للأعضاء والزوار بِقُرْب هذا الشهر الكريم .. وقبل ذلك إعلان عن مسلسل ساقط ، يدعو إلى الرذيلة ! ويُحارب الفضيلة ! اشْتُقّ له من الضياع اسْمًا ، فَكان له من اسمه أوفر النصيب ! واختِير له من الضلالة رسْمًا ، فضاع وأضاع ، وضَلّ وأضلّ !

يُضيفون إلى ذلك سيئات أخرى تُنادِي بِمثل ذلك .. تُشوّه بها واجهات مواقع ومنتديات تُهنّئ روّادها بِقُرْب شهر رمضان !!

وحَسب الإنسان من الشرّ أن يَفُوق مَرَدة الشياطين ! فإنها تُصفّد وتُسلسل في شهر رمضان ، فلا تصِل إلى ما كانت تَصِل إليه في غير رمضان ! ومن الناس من لا يردعه شيء عن هواه .. فهو لا يُصفّد ! ولا يُسلسَل عن غَـيِّه !
وحسبه من الإثم أن تجري عليه سيئات مثل هذا العمل ، والدعاية لِتِلْك المحرَّمات في شهر تُفتح فيه أبواب الجنان ، وتُغلق فيه أبواب النيران ، ويدعو داعي الحقّ : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقْصِر .

ولا تزال تجري عليه سيئات ذلك الشرّ الذي نَشَره وأعان على إشهاره حتى بعد مماته
.. إن لم يتب منها .. فهي سيئات جارية ، وذنوب مُضاعفة ، فهو يحمِل وِزْره وَوِزْر من تبِعه ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا .. وفي صحيح السنة قوله عليه الصلاة والسلام : مَن سَنّ في الإسلام سُـنَّة سَيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء . رواه مسلم .

وهو مُتوعّد بِعذاب أليم ، إذ كان يُعين على انتشار الفاحشة ، وتهوينها في أعين الناس ..
قال ربّ العِزّة سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ) .
قال أبو حيان : وتعليق الوعيد على محبة الشِّياع دليل على أن إرادة الفِسْق فِسْق . اهـ .

وقال ابن عادل :
لِيُعْلَم أنّ مَن أحبّ ذلك فقد شارَك في هذا ، كما شَارَك فيه مَن فَعَله . اهـ .

وقال القاسمي :
أي : تَنْتَشِر الْخَصْلة الْمُفْرِطَة في القُبْح . اهـ .

وهذا كله داخل في معنى (يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا)

فإلى كل مَن نَشَر إعلانات عن مسلسلات هابطة ، أو أغانٍ ماجِنة .. أو صور خليعة .. أو مقاطع مرئية مُخزية ، أو حتى كلام هابط ساقط .. فهو مُشارِك في إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ، شاء أم أبَى ..
ومن شارَك في إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا فهو مُتوعّد بالعذاب الشديد في الدنيا وفي الآخرة (لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ) .

وباب التوبة مفتوح ، ورمضان شهر الغفران ..

أمَا آن لك أن تنتهي .. وتُجيب داعي الخير ، فتُقبِل على الله بِقلبك ، وتخشع لله جوارحك ، وتخضع لِخالقك .. ؟؟

كأني بك لم تسمع : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) ؟
أمَا طرقت سمعك هذه الآيات البيِّنات ؟
أمَا آن لك أن تقول : بلى يا رب ..

فتقتلع تلك الشرور من جذورها ..
وتقطع على نفسك عهدا أنك لن تُشارك في نشر رذيلة ! ولا الدعوة إلى هدم الفضيلة !


شعبان – 1429 هـ

روابط ذات صلة

المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي

تصميم وتطويركنون