المادة

ماذا تعرف عن «الليبرالية»؟!

388 | 21-06-2014

- كيف يجرؤ ليبرالي باتهامي بأنني وصفته بارتكاب زنا المحارم؟


«الليبراليون» أجلبوا عليَّ بخيلهم ورجلهم، وها هم يستخدمون جميع اسلحتهم في معركتهم التي يبدو ان لها اهدافا اخرى، الليبراليون الذين يدعون حرية التعبير وقبول الرأي الآخر ولو كان فيه إلحاد أو شتم للاديان والرسول أو طعن بالقرآن ووصفه بانه نتاج بشري، بل واعتبار من يقول ذلك من المفكرين والمبدعين، ها هم يفترون عليَّ امرا ما اردته ولا خطر على ذهني اصلا، بل كيف يجرؤ ليبرالي باتهامي بأنني وصفته بارتكاب زنا المحارم، وكلهم يعلمون من سياق مقالي انني اردت عدم استطاعة الليبرالي ان يمنع المنحرفين سلوكيا من انحرافهم لان الليبرالي يؤمن بالحرية المطلقة، وكان يفترض على اقطاب الليبرالية ان يوضحوا للناس على أي اساس ينكر الليبرالي على أي منحرف او شاذ، سواء كان مثليا او يزني بأحد محارمه، اما اسلوب الليبراليين المعتاد من السب والشتم واللعن والاستهزاء والسخرية و«التحريض» فهذا يدل على مدى تمسكهم بالليبرالية التي يزعمون!!

ثم وضحت مقصدي ومعنى عبارتي في مقال آخر وقلت ان المقال المذكور عن الليبرالية يوضح ان الليبراليين لا يستطيعون منع المنحرفين من البشر سواء كانوا ممن يشربون الخمر او يمارسون الشذوذ او زنا المحارم لان الانكار عليهم سيصطدم مع مبادئهم، فلماذا تم تحويل الكلام الى ما يريدون وجعلوني كأنني أتهمهم هم بهذه الافعال؟! وكأنهم ارادوا جنازة ليلطموا فيها!!

انا بفضل الله أعرف نفسي والناس تعرفني اكثر من عشرين عاما في الدعوة الى الله وأشرطتي وخطبي ودروسي ومحاضراتي بالمئات وهي موجودة على شبكة الانترنت ولا احتاج منكم ان تقولوا كلمة الحق ولا اظنكم ستكونون منصفين معي ولا مع غيري ومنهجكم النظري يخالفه واقعكم العملي.
المشكلة الاخرى التي وجدتها خلال الايام الماضي ان بعض اخواننا وابنائنا الطلاب ممن ينتسبون الى التيار «الليبرالي» يحسبون ان الاحكام الشرعية التي تطلق على «الليبرالية» ومبادئها فانها تنزل عليهم، وهذا الامر غير صحيح على اطلاقه، فان اسم «الليبرالية» ليس من الاسماء الشرعية، ويحكم على من ينتسب اليه بحسب ما يحمل من افكار ويمارس من سلوك، اما مجرد التسمية بهذا الاسم من غير فهم لمعناه الحقيقي ولا اعتناق لمبادئه فان صاحبه ليبرالي الاسم فقط، ولا تستغرب اخي القارئ عندما تقرأ فتاوى لكبار علماء المسلمين مثل الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء والشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ محمد المنجد والشيخ ناصر العمر وغيرهم الكثير من علمائنا الاجلاء في حكم من يحمل الفكر الليبرالي ويعتقد بمبادئه، ومن احب الرجوع لفتاواهم وفتاوى غيرهم من علمائنا فان الفتاوى منشورة وعلماؤنا لا يداهنون او يجاملون على حساب دينهم.

وحتى ننضج في النقاش ارجو من الليبراليين الذين شتموا وسبوا ولعنوا ان يعرضوا على الناس رأيهم فيما سأقوله عن مبادئ الليبرالية وافكارها واطروحاتها، وان كنت مخطئا في حكمي على الليبرالية، وكان علماؤنا مخطئين فاننا سنرجع عن الخطأ ونعترف به و(إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين).

ما هي «الليبرالية» وما حقيقتها، وكيف ومتى نشأت؟! وتحت أي ظروف؟ وهل هناك ما يسمى بالاسلام الليبرالي؟! وهل يستطيع المسلم ان يقول انا مسلم ليبرالي؟! هذه الاسئلة وغيرها صارت حديث المجالس هذه الايام، بل اتصل عليَّ الكثيرون ممن ينتمون للتيار الليبرالي لكنهم يصلون والحمد لله معنا وبعضهم يحضر ندواتنا ودروسنا يسألوني عن بعض ما اشكل عليهم في هذا الباب، حتى ان احد الطلاب في امريكا سألني عن بعض المراجع فأحلته عليها ولكن لا مانع ان نعرض ما عندنا من مقالات مختصرة أسأل الله ان يهدينا فيها الى الحق والصواب.

الليبرالية مصطلح اجنبي مأخو من (Liberalism) في الانجليزية، وهي تعني «التحررية» وهو مذهب فكري يركز على الحرية الفردية، وله عدة تعريفات اصطلاحية ويطلق على عدة امور، ويختلف الليبراليون انفسهم في تفسيرها، تقول الموسوعة الامريكية الاكاديمية «ان النظام الليبرالي الجديد الذي ارتسم في فكر عصر التنوير بدأ يضع الانسان بدلا من الاله في وسط الاشياء، فالناس بعقولهم المفكرة يمكنهم ان يفهموا كل شيء، ويمكنهم ان يطوروا انفسهم ومجتمعاتهم عبر فعل نظامي وعقلاني» ومع هذا قد يختلف الكثيرون معي في تفسير مفهوم «الليبرالية» لانه يبقى مفهوماً غامضاً وغير واضح يستخدم حسب الحاجة من اصحابه، يقول دونالد سترومبرج: «والحق ان كلمة ليبرالية مصطلح عريض وغامض، شأنه في ذلك شأن مصطلح الرومانسية، ولايزال حتى يومنا هذا على حالة من الغموض والابهام»، ولعل سبب غموض معنى «الليبرالية» هو الغموض في مفهوم الحرية اصلا!! ومع وضوح معنى الحرية الا انها لا يمكن تحديدها ولا وضع ضوابط لها لانها ستتناقض مع الحرية نفسها!! ولهذا صارت الليبرالية غامضة وغير واضحة، تقول الموسوعة البريطانية «وحيث ان كلمة (Liberty) (الحرية) هي كلمة يكتنفها الغموض فكذلك هو الحال مع كلمة ليبرالي»، فالليبرالي قديؤمن بان الحرية مسألة خاصة بالفرد دون غيره، وان دور الدولة يجب ان يكون محددا، او قد يؤمن ان الحرية هي شأن خاص بالدولة، وان الدولة باستطاعتها او يمكن استخدامها بمنزلة اداة لتعزيز الحرية.
سنكمل في مقالنا القادم في كيفية نشأة الليبرالية وبعض اسسها ومجالاتها، أسأل الله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وان يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.


تصميم وتطويركنون