المادة

إنني فتاةٌ ملتزمة، وقد هداني الله إلى طريق الحق، وحبب الله في قلبي الإيمان، حتى أصبحت أتقدم إلى كل عملٍ صالحٍ يقربني إلى الله، ولكن هناك أعمالٌ صالحة لم أستطع أن أصل إليها وذلك لأنني امرأة، فمثلاً: عظمت منزلة المجاهد في سبيل الله عند الله، وإنني أحب أن أكون في منزلتهم، والغريب في ذلك أن الأنبياء والصالحين اغتبطوا المجاهدين لعظم منزلتهم عند الله، وهم على منابر من نور، فسؤالي: هل هناك عملٌ للمرأة يعادل منزلة المجاهد سواءً كانت المرأة متزوجةً أو غير متزوجة؟ وهل المرأة إذا تمنت الجهاد وتوفاه الله بعد ذلك كتبت في منزلة الشهداء؟

أرجو لك أيها الأخت في الله الخير العظيم، وأن يكتب لك مثل أجر المجاهدين، لأن العبد إذا نوى الخير ومنعه مانعٌ شرعي أو مانعٌ حسي كالمرض فإنه يكتب له أجر العاملين، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح في غزوة تبوك: (إن في المدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم حبسهم العذر)، قالوا: وهم في المدينة؟ قال: (وهم في المدينة)، وفي اللفظ الآخر: (إلا شركوكم في الأجر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إن العبد إذا مرض أو سافر كتب الله له ما كان من يعمل وهو صحيح مقيم)، هذا من فضل الله -عز وجل-، وقال في الحديث الصحيح: (الدنيا لأربعة ثم ذكر الأول: رجلٌ أعطاه الله مالاً وأعطاه علماً فهو يتقي في ماله ربه ويصل فيه -رحمه الله- ويعمل فيه بمقتضى العلم) هذا في أرفع المنازل، (ورجلٌ أعطاه الله علماً ولم يعطه مالاً فكان يقول: لو كان لي من المال مثل فلان لعملت فيه مثل عمله، قال: هذا بنيته فهما في الأجر سواء)، فأنت قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما قالت عائشة يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد، قال -عليه الصلاة والسلام-: (عليكن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة)، فجهادكن الحج والعمرة، فإذا تيسر لك الحج أو العمرة ووافق زوجك على ذلك، فهذا من الجهاد في حقكن، وعليك الجهاد بالمال إذا كان عندك مال تساعدين بالمال حسب الطاقة، فيكون لك أجر الجهاد بالمال، تسلمين من المال ما تستطيعين من الجهات التي تقبض المال للمجاهدين، ويكون لك نصيب المجاهدين وأنت تجاهدين بالمال، ونرجوا لك أيضاً أجر المجاهدين بأنفسهم لأنه منعك من الجهاد بالنفس العذر الشرعي، وهو أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن عليكن جهادٌ لا قتال فيه الحج والعمرة، وأن الله أسقط عنكن الجهاد بالنفس، وجعل عليكن الجهاد بالحج والعمرة والمال، كما في النصوص الأخرى لقوله -سبحانه-: انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ[التوبة: 41]. وقد اختلف العلماء هل على المرأة جهادٌ بالمال على قولين، والأقرب والأرجح أن عليها جهاد بالمال لأنها داخلة في العموم، إذا كان عندها مالٌ وعندها سعة فإنها تجاهد من مالها مع قيامها بما يسر الله من الحج والعمرة. أختنا سماحة الشيخ تركز على موضوع كونها امرأة، والذي فهمته من سماحتكم أنها وإن كانت امرأة فعندما تحسن النية فإن لها ما للرجال؟ نعم، لأنه منعها العذر الشرعي، فإذا تركت الجهاد من أجل العذر الشرعي، وهي تود ذلك وتريده لولا هذا العذر كتب الله لها أجر المجاهدين، كالشيخ الكبير والمريض إذا كان حبسه العذر وهو يريد الجهاد لولا العذر كتب الله له أجر المجاهدين، والحمد لله، هذا فضله -سبحانه وتعالى-. كأني بالشيخ يقول: إن المرأة إذا أحسنت النية فقد تصل إلى مراتب لا يصل إليها الرجال. نعم، نعم، بنيتها.


عناصر المادة

روابط ذات صلة

المادة السابق
التلفظ بنية الحج والأضحية
المواد المتشابهة المادة التالي
الأضحية عن الرجل وأهل بيته

تصميم وتطويركنون