المادة

شرح الحديث الـ 207 في فضل مَن صام يومًا في سبيل الله

339 | 27-04-2013

شرح الحديث الـ 207

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا .

فيه مسائل :


1 = " في سبيل الله " : المراد به عند الأكثر : أنه الجهاد في سبيل الله ، والرِّبَاط تَبَع له .
قال المهلب : هذا الحديث يدل أن الصيام في سائر أعمال البر أفضل إلاّ أن يخشى الصائم ضعفًا عند اللقاء ؛ لأنه قد ثبت عن الرسول أنه قال لأصحابه في بعض المغازي حين قَرب مِن الملاقاة بأيام يسيرة : " تَقَوّوا لعدوكم" فأمرهم بالإفطار ؛ لأن نفس الصائم ضعيفة ، وقد جَبَل الله الأجسام على أنها لا قِوام لها إلاَّ بالغذاء . نقله ابن بطال .
وقال ابن الجوزي : إذا أطلق ذكر سبيل الله فالمراد به الجهاد . نقله ابن حجر .
وقال ابن دقيق العيد : قَوْلُهُ " فِي سَبِيلِ اللَّهِ " الْعُرْفُ الأَكْثَرُ فِيهِ : اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِهَادِ ، فَإِذَا حُمِلَ عَلَيْهِ : كَانَتْ الْفَضِيلَةُ لاجْتِمَاعِ الْعِبَادَتَيْنِ - أَعْنِي عِبَادَةَ الصَّوْمِ وَالْجِهَادِ .
وقال النووي : فيه فضيلة الصيام في سبيل الله ، وهو محمول على مَن لا يتضرر به ، ولا يُفوِّت به حقا ، ولا يَخْتَلّ به قتاله ولا غيره مِن مُهمات غَزْوِه . اهـ .
واستدلّ ابن حجر بروايةٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه بِلفظ : "ما مِن مُرابط يرابط في سبيل الله فيصوم يوما في سبيل الله " على أنه في الجهاد في سبيل الله .

2 = قال النووي : معناه المباعدة عن النار والمعافاة منها . والخريف السنة ، والمراد سبعين سنة . اهـ .
ومُقتضى ذلك : الأمن مِن سَماع حسيسها ، والنجاة منها ومِن دُخولها .

3 = بَعّد :بمعنى " باعَد " ، و" باعَد " رواية مسلم .

4 = ورد في أحاديث أخرى خِلاف هذا .
ففي حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : مَن صَام يومًا في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خَنْدَقًا كما بين السماء والأرض . رواه الترمذي ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، وإسناده حسن . وحسّنه الألباني .
ومعلوم أن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام .
وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : مَن صَام يومًا في سبيل الله عزّ وَجَلّ بَاعَد الله منه جهنم مسيرة مائة عام . رواه النسائي ، وحسّنه الألباني .

والجواب عنه من وجوه :
الأول : أن لفظ السبعين يُراد به التكثير .
والثاني : بحسب الصيام ومشقته وشِدّته ، واختلاف الصيام بين الصيف والشتاء ، وبين البلاد الحارة والباردة .
والثالث : عِظَم الأجر بِإخفاء العَمَل .
الرابع : أن ذِكر السبعين لا يُنافي ذِكر المائة عام ، ولا خمسمائة عام ؛ لأن ذِكْر ما بين المساء والأرض (خمسمائة عام) هو أعظم ما يُباعَد ، والسبعين أقلّ ما يُباعَد .. وذِكْر السبعين والمائة لا يُنافي الخمسمائة ، بل هي داخلة فيه .

5 = التنصيص على الخريف دون غيره :
قال ابن حجر : تخصيص الخريف بالذِّكْر دون بقية الفصول - الصيف والشتاء والربيع - لأن الخريف أزكى الفصول لكونه يجني فيه الثمار . ونقل الفاكهاني أن الخريف يجتمع فيه الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة دون غيره . ورد بأن الربيع كذلك . اهـ .

6 = فيه فضل الصيام في سبيل الله ، ما لم يتعارض مع غيره من المصالح العامة ، مِن قِتال وإعْداد وغير ذلك ، فإن تعارض قُدِّمت المصلحة العامة .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم الفتح : إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم . قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : فكانت رُخْصَة ، فَمِنَّا مَن صام ، ومِنَّا مَن أفطر ، ثم نَزَلْنَا مَنْزِلاً آخر ، فقال : إنكم مُصَبِّحُو عدوكم والفطر أقوى لكم ، فأفطروا ، وكانت عَزْمَة ، فأفطرنا . رواه مسلم .

وبالله تعالى التوفيق .

روابط ذات صلة

المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي

تصميم وتطويركنون